الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هجرة الخائبين
حميد الموسوي
2011 / 8 / 22الادب والفن
احد اصدقاء ابني البكر طلب مقابلتي والتعرف علي، رحبت به كثيرا وجلسنا كثلاثة اصدقاء التقوا بعد فراق طويل، على مائدة الغداء انطلق سامر في حديث شائق عن السفر والطمأنينة والراحة ورغد العيش التي حصل عليها المهاجرون العراقيون الى بلاد اوربا واميركا خاصة، كان يتحدث بحماس وكانه مندوب دعاية واعلانات يشجع ويغري الزبائن ليكسب اكبر عدد منهم في اسلوب ترويجي شفاف، لم اقاطعه وتركته يفرغ كل ما في جعبته حتى انه لم يأكل الاّ القليل بسبب الاسترسال في الحديث الذي حال دون بلع الكثير من الطعام. ولعدم اكتراث ابني او اهتمامه وحتى تعليقه عرفت انه متخوم من هذا الحديث فحوله الى اذني بالحاح من صديقه ليعرف رأيي في هذا الموضوع.
ونحن نشرب الشاي سألت سامر -الشاب العشريني المفتون بالهجرة-:
- هل سبق ان هاجرت؟
* قال: لم اصل الحدود العراقية لكن بعض اصدقائي هاجروا وحدثوني، احدهم يعمل الان في معمل دواجن "يعبئ الدجاج في الاكياس"!.
- اي شهادة دراسية تحمل؟
* معهد.. وبالدفعات!
- اية لغة تجيد؟
* سيد يا لغة هي العربية ونصها غلط!
- هل تجيد مهنة او حرفة زراعية، صناعية، صحية، تجارية..؟
* لاشايل كرك، ولا فاتح برغي، ولا ساحب واير!
- هل لديك رصيد معتبر في مصارف خارجية او مصارفنا؟
* ضحك قائلا لو عندي ارصدة شكو امهاجر خوب اصير تاجر وارتاح!.
بعد تلك الاسئلة التي فطن الى مراميها اطرق هاربا من نظرتي عبر زجاج العوينات فواصلت حديثي معه بنبرة حزينة:
اعرف استاذا موسوعيا في كل الثقافات، ومهندسا ميكانيكيا بارعا، ومحاسبا كفوءاً كان جواب كل واحد منهم حين اسأله لماذا لاتفكر في العمل خارج العراق؟
- سيدنا بالخارج اضيع.. انتهي.. المرحلة التي وصلت اليها اوربا واميركا تجاوزتنا بقرون وهم ينظرون الى معلوماتنا بشفقة، اما العالم العربي ففيه ما يكفيه ناهيك عن الذل والمهانة التي يتعرض لها العراقيون حتى من سائق التكسي هناك. مع ان هؤلاء الاساتذة يحملون شهادة الدكتوراه ويجيدون اللغة الانكليزية وبعضهم الفرنسية!.
واعرف نجارين، وحدادين، وكهربائيين، وخياطين، وميكانيكيين، وغيرهم لم يخطر ببال احدهم مغادرة العراق، والكل منهم يحمد الله على رزقه الحلال الذي يمسي به على عائلته، ويقضي اوقاته بينهم ويشارك اهله وناسه واصدقاءه السراء والضراء، وحين تذكره بالاحداث اليومية وتخوفه بالتفجيرات يقول: "شدة وتزول"، مع ان الملاكات الوسطية العراقية تمثل اجود الاداء في العالم العربي وهي مطلوبة ومرحب بها.
كان سامر وحيدر ينصتان وكأن على رأسيهما طير، وحين توقفت عن الكلام قال سامر: عمو اصدقائي ماعدهم اي مؤهلات وحصلوا شغل بالخارج. فصاحت به الحجية: "خالة فدو لعينك ياشغل اكو غير المسح والكنس والدواجن ام فلاونزا الطيور؟ جوز من سالفت السفر بين ما ربك يفرجها مو حتى اصدقاءك نفرو منك".
وحين هم سامر بالخروج قبلته وقلت له ابني فكر زين ماكو احن عليك من وطنك واهلك وناسك. قال ان شاء الله عمو.
خرج حيدر مع صديقه وحين عاد مساءا سألته: هل بدل سامر رأيه؟
ضحك قائلا "يابه هذا قافل يقول مع احترامي للسيد هاي سوالف وامثلة الصحفيين لا توكل ولا تشرب" وسلم لي على الحجية عودين من يجي الفرج ارجع. وفي اليوم الثاني بعد لقائي بسامر المهاجر ومن غريب الصدف كانت احدى الصحف البغدادية تحمل عنوانا كبيرا على صفحتها الاولى:
المهندسون والاطباء والصيادلة العراقيون يعملون في اميركا بغسل الصحون وتقليب الهامبركر ومهن حقيرة!.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح