الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع الروائية المصريه سلوي بكر

عبدالنبي فرج

2011 / 8 / 26
مقابلات و حوارات


حوار مع الروائية المصريه سلوي بكر
عبد النبي فرج
أصدرت الكاتبة المصرية سلوى بكر لحد الآن أربع مجموعات قصصية منها «زينات في جنازة الرئيس» و«ايقاعات متعاكسة»، وسبع روايات منها «البشموري» و«وصف البلبل» و«سواقي الوقت»، اضافة الى مسرحية بعنوان «حلم السنين»، كما ترجم عدد من اعمالها الى الانجليزية والفرنسية والالمانية والهولندية والكورية.
هنا حوار معها عن تجربتها القصصية والروائية:

* هل تتفقين مع الرأي الذي يقول: ان الرواية هي الفن الاكثر ملاءمة للقرن الحالي خاصة وانت تمارسين كتابة القصة القصيرة والمسرح والرواية؟

ـ القرن المنصرم والقرن الحالي هما بالفعل القرنان الاكثر تعقيدا رغم أننا مازلنا في مفتتح القرن الحالي. فلقد بلغت هذه التعقيدات الانسانية ذروتها بسبب الاقتصاد والسياسة، اضافة الى الصراع الاستعماري وهيمنة القطب الواحد، والرواية ساحة ابداعية أوسع وتستطيع بالفعل ان تستوعب هذه التعقيدات التي تمور داخل المجتمع وتفاصيله المتشعبة. كما يجب الانتباه الى شيء مهم هو أن فضاء الرواية متسع لتعدد الأصوات الانسانية وتناقصها، ومن هنا ربما كانت الرواية بما تتضمنه من امكانيات العزف على الانواع الادبية الاخرى، هي الاكثر ملاءمة لروح القرن الحالي.

* هل كونك روائية هو الذي جعل الحوار في مسرحية «حلم السنين» يتميز بالاسهاب حتى يتحول في كثير من المسرحية الى مونولوج داخلي طويل. كيف تفسرين ذلك؟

ـ في «حلم السنين» هناك بالتأكيد بعض المونولوجات المسرحية الطويلة والتي قد يظن البعض أنها أقرب الى الرواية منها الى المسرح، لكن هذا التكنيك الذي لجأت اليه في هذه المسرحية لا يبتعد كثيرا عن فن المسرح. فتلك المونولوجات تتضمن حكايات تتسق مع الجو العام للمسرحية، وهي يمكن ان تؤدى من قبل الممثلين على طريقة الحكواتي، أو المسرح داخل المسرح فمثلا، المشاهد التي تصور العلاقة بين الوزير وطائر الرخ الخرافي لا يمكن تجسيدها في مشاهد حية على المسرح. ولكن يمكن التغلب على تلك المشكلة على هذا النحو مثل استخدام خيال الظل الحكواتي، السينوغرافيا وغيرها من الاستخدامات والتجهيزات الحديثة في المسرح.

* لماذا العودة الى التراث في رواية «البشموري»، أعني لماذا العودة إلى هذه الفترة الملتبسة من تاريخ مصر؟

ـ من حق أي كاتب ان يعود الى التراث فلا يوجد مانع اطلاقا في العودة الى التراث، أما عن هذه الفترة فلأسباب كثيرة يمكن ايجازها في أن هذه الفترة أعادت تشكيل المشهد الثقافي الحضاري لمصر والمنطقة العربية كلها، وربما لان إغواء الكتابة عنها كان كبيرا ومن هنا فإن «البشموري» كانت نوعا من الابداع المجذوب الى التاريخ.

* لكنك صدرت هذه الرواية بوصفها بـ«رواية الروايات»؟

ـ تقوم بنية «البشموري» على تلاحم فسيفساء تاريخية كثيرة على خلفية من السرد الروائي لتشكل ضمن هذه الخلفية محصلة وقائع ورؤى روائية لفترة غامضة، يبدو التاريخ فيها وكأنه لا نهاية له، ومن هنا فان نص الروائي ما هو الا جملة نصوص كتبت في فترات تاريخية مختلفة، اضافة الى هذا النص، وكأن الرواية تعيد تنسيق وتنظيم الروايات التاريخية هذه ضمن لوحة مشكلة للمشهد الثقافي الحضاري لتلك الفترة بالغة الأهمية، فهي تحتفي بالهامش التاريخي وتعتبره متنا داخل الرواية، كما انها تحتفي بالمسكوت عنه خصوصا اليومي والمعتاد وتضمه ضمن متطلبات ذلك الهامشي المبتعد، وتنقض في الوقت نفسه المتون التاريخية المزمنة والمنحازة الى كل الأيديولوجيات المسبقة والتي تلوي عنق الحقائق والوقائع الانسانية باتجاهه وتفقدها مضامينها النبيلة.

* في الوقت الذي تدينين هذه الايديولوجيا تتكئين في عملك عليها من حيث احتفاؤك بالهامش الذي هو بالطبع ايديولوجيا؟

ـ كل انسان في العالم يرتكز على ايديولوجيا بشكل من الاشكال، حتى وإن لم يع ذلك تماما. وانا بالطبع منحازة لكل ايديولوجيا تحتفي بالفقراء والمهمشين وتلك الكتل البشرية المنسية التي لا يعبر عنها في الأدب أو التاريخ. ولكن الحقيقة ان الذي اردت معارضته في هذه الروايات وما حاولت اثباته هو تجيير الحقيقة لصالح الايديولوجيا والعصف بها ضمن حسابات المصالح الايديولوجية، واعتمدت تكنيك رواية الروايات انطلاقا من مقولة «من قلمك أدينك» وأظن ان هذا جنوح موضوعي تقصدته في العمل على امتداده.

* الاتكاء على كل هذه المراجع المثبتة بنهاية الرواية ألم يحد من طاقة الخيال لديك؟

ـ لا افهم ما علاقة الخيال باستخدام هذه المراجع العديدة. فالمخيلة الروائية هي التي افترضت هذا النص وشكلت ملامحه ووضعت شخوصه وصورتها منذ البداية الى النهاية، وروايات المؤرخين على اختلاف انواعها هي التي دعمت هذا النص وجسدته. لقد وضعت على سبيل المثال شخصية البشموري ضمن اطارها التاريخي المروي في كتابات المؤرخين، بمعنى ان المتخيل الروائي وضع في اطاره الزماني المكاني، كما ان المعرفي ساعد بالفعل على إثارة المخيلة، وطرق اماكن وجغرافيا كثيرة لا يمكن بأي حال ولا أستطيع أن اصل اليها نتيجة عفوية الخيال. اذن هذه الروايات التاريخية كانت فعلا سندا حقيقيا ودعامة لجنوح الخيال.

* الاسهاب في وصف المكان من حيث الملابس والطقوس والعادات والتفاصيل.. وغيرها لماذا برأيك؟

ـ التفاصيل في هذه الرواية بالغة الاهمية فالبورتريه المطلوب لهذه الفترة يستلزم تفاصيل هائلة، ولكن هذه وظيفة أولية لها. هناك وظائف اخرى مثل تبيان التداخلات الثقافية الحضارية على مستوى المنطقة خلال تلك الفترة، فمثلا هناك نص يتضمن ما يزيد على عشرين اسما للطيور أو الاسماك. هذه النصوص المأخوذة عن القزويني في «عجائب المخلوقات» مكتوبة في عدة لغات مثل المصرية القديمة والقبطية والسريالية واليونانية والفارسية والعربية وربما لغات اخرى لا أعرفها باعتباري غير متخصصة، وايضا من هذه الوظائف ابراز وضع اللغة العربية باعتبارها لغة جديدة في مصر وطبيعة تراكيبها وابراز الانتقال اللغوي وعملية الاحلال والاضمحلال للغة خلال هذه الفترة، كما افادت التفاصيل في ابراز الاشارات والرموز القديمة المتداولة والمستخدمة خلال تلك الفترة، فمثلا عندما يقوم القيم أو خادم الكنيسة بوصف تفاصيل الادوات الكنسية باسهاب فانه ايضا يقدم ما وراء هذه الادوات من فلسفة ودورها في العقيدة. أن هذا التفصيل المكثف انما هو تفصيل يغني «البشموري» لكونه فسيفسائية لعالم قديم ضاعت في ذاكرتنا المعاصرة الكثير من ملامحه بفعل احادية التاريخ وبفعل أغراض اخرى اهدرت المعرفة، وشوهت يقينها ودورها الحقيقي.

* اصبحت السيرة الذاتية مصدرا اساسيا لمعظم التجارب الروائية الجديدة، كيف تقيمين هذا التيار في ضوء تجربتك؟

ـ السيرة الذاتية ان لم تأت كمحصلة لتجربة حياتية غنية وتتماس مع حيوات بشر آخرين، فإنها تظل محدودة وعقيما مهما كتبت بفنية وحرفية عالية. فالسيرة هي نوع من قول شيء للعالم عن هذا العالم وربما تكون هي نوع من العجز أو قصور المخيلة الروائية، وعموما انا لا أصدق الكثير من السير الذاتية المكتوبة، فهي مليئة بالكذب والمبالغات واضفاء ملامح غير حقيقية للشخص موضوع السيرة.

* تتميز شخوصك في معظم اعمالك بأنها شخوص مقاومة، لكن الملاحظ ان شخوصك في «سواقي الوقت» تسقط امام أول اختبار لماذا برأيك؟

ـ حجم المتغيرات الهائل الذي تم بالنسبة للمجتمعات الانسانية الذي يعيش فيها ناس من أمثال «حسن» لا تسمح بالمقاومة، فهي اشبه بالطوفان الكاسح الذي لا يترك للمرء أية فرصة للمواجهة أو المقاومة.

* لماذا تبدو صورة المرأة قي «سواقي الوقت» اما هامشية أو سلبية «سلعية»؟

ـ ان امرأة مثل امرأة حسن لا بد ان تكون على هذه الشاكلة، وفقا للمنطق والعلاقات الداخلية للرواية. والمرأة وان بدت هامشية في هذه الرواية الا أنها تفضل اختبار الحرية في حدود فهمها للحرية، وأن تنحاز الى قناعتها الخاصة بالعشق حتى النهاية، فهذه المرأة «البدوية» ترفض الحساب في علاقات الحب وترفض ان تكون اسيرة لأسباب لا تتعلق بموجبات العاطفة، ولذلك فهي نموذج رافض لعالم «حسن» المنسلب وفي الوقت نفسه هي قوية بشكل أو بآخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم