الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كان للناس دولة تطبق شريعة الإسلام ؟

عباس منصور

2011 / 8 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المتأسلمون : دولة المسلميين ليست دينية



قائد السلفية في مصر و من قبله المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين وصفا مصر و حضارتها بأنها عفنة بل إن المرشد سب مصر سباً صريحاً هي و أهلها في معرض حديثه عن الدولة الإسلامية الشاملة التي ما فتئت تداعب خيالهم و يقترفون من أجلها العنف و الدماء؛ ألا يعلم مثل هؤلاء ان هذه الحضارة العفنة ومن بعدها حضارة كنعان و آرام و بابل هي التي آوت بني اسرائيل وجعلت منهم شعبا له انبياء وملوك قامت عليه الكنيسة فيما بعد ثم تبعهم دين العرب في يثرب ، وإذا كانت حضارة المصريين عفنة فماذا يقول عن حضارة البدو التي تبيح نكاح الصغار دون سن الحيض ( الآية 4 سورة الطلاق ) وتجيز إرضاع الكبير لإباحة الخلوة كما تجيز تجارة الرقيق وإكراه الناس في المعتقد وإلا سلبت أموالهم واستحيت نساءهم؟ ماذا يقول في حضارة قام دعاتها ومؤسسوها بقتل بعضهم بعضا عقب وفاة قائدهم وما زال القتل فاشيا بينهم حتى الآن .


و في ظل هذه الدعوة المحمومة لاستئصال و محو بقايا الحضارات القديمة في نطاق دول الإسلام العربي نجد حرصا شديدا على التنصل من أن المسلمين و منذ عهد الرسول قد أقاموا دولة دينية و ذلك في سياق الحراك الشعبي و الوطني التي تشهده المنطقة و هي على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخها , فكيف لا تكون دولة الرسول والراشدين فى الفترة من بداية الهجرة النبوية وحتى مقتل الخليفة على بن ابى طالب دولة دينية ؟ أما كانت هذه الدولة فى اعتقاد المؤمنين والمسلمين مطبقة لشريعة الإسلام التى جاء بها الوحى السماوى ؟ واذا كان الجواب بنعم؟فكيف لاتسمى دولة دينية؟ وما هى الدولة الدينية اذا؟ اليست هى التى تطبق مايعتقده الغالبية بانه تعاليم الاله الذى هو فى السماء ؟ و لماذا كل هذا الصخب الآن لنفي صفة الدينية عن دولة المسلمين ؟ و هل لهذا علاقة بطمأنة أمريكا و الغرب على طبيعة الدول القادمة على أشلاء دول العسكر و عظام الشعوب المطحونة ؟ ! و هل ما زالت تكتلات التيارات الإسلامية تمارس نفس الدور الانتهازي مع السلطة في الداخل و الخارج ؟


و في مصر و في أعقاب سقوط نظام مبارك , و استجابة للغزل العسكري من السلطة الجديدة نهضت جماعات الإسام السياسي للتحالف مع ما ظنت أنها الفرصة التاريخية للإمساك بالسلطة و لو من وراء حجاب ! و تقاطر الفصيل كله بمن فيهم السلفيون الذين رفعوا رايات البداوة في ميادين مصر و طالبوا بتطبيق الشريعة الإسلامية و اتخاذها مرجعا لصياغة الدستور و القوانين و المؤسسات الحاكمة للدولة في مرحلتها الجديدة و كأن هذه الشريعة التي يزعمون و جودها كانت مطبقة و معمولا بها في عصور الدولة الإسلامية التي حكمها العجم في أكثر فتراتها مع العلم بأن تاريخ المسلمين ينطق بغير ذلك .


ففي عصر الوحي وفي يثرب وفي معركة بدر أسر المسلمون العباس بن عبد المطلب عم الرسول وعقيل بن ابي طالب ابن عم الرسول والربيع بن العاص زوج بنت الرسول وعقبة بن ابي معيط والنضر ابن الحارث وآخرين فأمر الرسول بقتل عقبة والنضر وأفرج عن الباقين بفدية ، فأي حكم نعمله في الأسرى الان لو أقيمت الدولة الإسلامية التي يزعمون ؟ وفي عصر الصحابة شارك بعضهم في قتل الخليفة عثمان وفيما بعده من عصور قتل الصحابة بعضهم بعضا وقتل عبيد الله بن عمر الهرمزان وابنته و صديقه النصراني جفينة وهرب الى معاوية في الشام و ظل معه حتى قتل في صفين سنة 37 هـ , واستباح جيش يزيد نساء المدينة في وقعة الحرة فحملت اكثر من الف امرأة سفاحا ، وتركت جثة عبد الله بن الزبير يأكل منها الطير ولم تقم فيهم شريعة الله . وكلما أوغلنا في العصور بعيدا عن زمن الوحي ازداد التناقض ، فلم تطبق شريعة الجزية على نصارى العرب من قبيلة تغلب فقط لأنهم عرب ليسوا من العجم واسقط ابن الخطاب سهم المؤلفة قلوبهم من اموال الزكاة ، ولو تتبعنا الامر ما وجدنا شرعا قد استقام فيما عرف بالدول الاسلامية ، فعن اي شريعة يتحدثون!؟


و كذلك عندما غزا الرسول مكة وفتحها بلا قتال أمر بقتل مجموعة من الناس و إن تعلقوا بأستار الكعبة و منهم عبد الله بن خطل وجاريتيه و الحويرث بن نقيذ و مقيس بن صبابة و عبد الله بن سعد الذي لم يقتل لتدخل عثمان بن عفان الذي انصرف وترك الرسول صامتا مع صحابته و بينهم ابن سعد فقال الرسول لهم ( لقد صمت ليقوم بعضكم فيضرب عنقه) فقال رجل من الأنصار فهلا أومأت يا رسول الله فقال الرسول ( إن النبي لا يقتل بالإشارة ) . فعلى أي أساس قتل هؤلاء و نجا بن سعد أخو الخليفة عثمان في الرضاعة , و بعد فتح مكة انصرف جنود الإسلام إلى الطائف فقتلوا أهلها وسبوا نساءهم و نهبوا أموالهم و وزع الرسول قسما كبيرا منها على المشركين و الكفار في مكة ( المؤلفة قلوبهم ) ومنهم أبو سفيان بن حرب و حكيم بن حزام و الحارث بن هشام و سهيل بن عمرو و غيرهم أعطى كلا منهم مئة بعير و هم كفار مع العلم أن فبهم من حاول قتله في وقعة أحد وبعضهم ساهم في قتل عمه حمزة وذلك من أموال ثقيف وهوازن , ونزل فيهم تشريع أوقفه الخليفة عمر فيما بعد ! فلأي شريعة يمتثل الناس الآن لو أرادوا ! ؟


وجاء في فتوح البلدان للبلاذري و البداية و النهاية لا بن كثير و غيرهما من المصادر أن الخليفة أبا بكر الصديق و في السنة الحادية عشرة للهجرة أتى بإياس بن عبد الله السلمي الملقب بالفجاءة فجمعت يداه إلى قفاه و أوقد الصديق نارا في فناء المسجد بالبقيع و ألقاه فيها و يداه مجموعتان مع رجليه بحبل فأحرقه حيا و ذلك لأنه طلب من الصديق أن يحارب أهل الردة فجهز جيشا و أخذ يقتل في المرتدين و المسلمين معا فكانت عقوبته أن يلقى في النار حيا فما جريمته ؟ لو قلنا أنها محاربة الله ورسوله فحدها في القرآن أن يصلب في جذوع النخل وقطع الأرجل و الأيدي من خلاف . فمن أين جاء الصديق بشريعة حرق الأحياء ! ؟


كما جاء في ابن هشام أن الرسول عندما أجمع على غزو مكة في السنة الثامنة للهجرة و خطط مع أصحابه لذلك حاول أحد أصحابه و هو حاطب بن أبي بلتعة إعلام القرشيين في مكة بخطة الرسول و أصحابه فأرسل إليهم بالخبر مع احدى النساء و علم الرسول بذلك فأرسل الزبير و علي فأدركا هذه المرأة و جاء بحاطب فقام عمر قائلا يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه فإن الرجل قد نافق فمنعه الرسول مع العلم أن كثيرا من المنافقين تمت عقوبتهم من قبل الرسول و أصحابه على أهون من ذلك فأي شريعة لو أردنا أن نعمل في المنافقين ؟ و
حاطب بن أبي بلتعة لمن لا يعلم كان يجيد اللغة القبطية و أرسله الرسول فيما بعد إلى بطريرك الإسكندرية قيرس المسمى لديهم بالمقوقس لقبول الإسلام وهو الذي سلم الإسكندرية إلى عمرو بن العاص فيما بعد . و المقوقس هذا أتى به الرومان من كنيسة للأكراد في أفسوس و عينوه بطريركا لكنيسة الإسكندرية مكان بنيامين .


وفى السنة الرابعة عشرة او السابعة عشرة للهجرة - على خلاف بين المؤرخين - وفى زمن الخليفة عمر مات سعد بن عبادة زعيم الخزرج قبل الاسلام والذي كان قد جلس في سقيفة بني ساعدة عقب وفاة الرسول لاخذ البيعة بالخلافة ولما جاءت خلافة عمر ترك يثرب وذهب إلى الشام فقتل بالقرب من منطقة حوران ، الغريب ان كل المؤرخين يؤكدون ان الجن قتلوا سعد بن عبادة وبعضهم يورد شعرا على لسان الجن في قتله : نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة / ورميناه بسهمين فلم نخط فؤاده ، المهم قتل سعد ولم يقدم احد للقصاص وفقا لما يزعمون أنه شريعة الاسلام التي يطبقها عمر الحريص على الامن والبغلة التي لو تعثرت . الآن اي شريعة تطبقها السلطات لو قتل شخص بنفس الملابسات ؟ وما الفرق في تقييد الجريمة ضد الجن في عصر عمر وضد مجهول في زماننا الحالي ؟


واستطرادا في الوقائع التي يستقى منها التشريع قال ابن هشام في واقعة دفن الرسول: ( و قد كان المسلمون اختلفوا في دفنه . و قال قائل: ندفنه في مسجده . وقال قائل : بل ندفنه مع أصحابه . و قال أبو بكر : إني سمعت رسول الله يقول : "ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض " فرفع فراش الرسول الذي توفى عليه و حفر له تحته . . . ثم دفن رسول الله ) ومن المعروف أن الرسول قد توفي في غرفة عائشة بنت أبي بكر , و لما مات الخليفة أبو بكر بعد سنتين و ثلاثة أشهر دفن بجوار الرسول في غرفة عائشة . ولما مات الخليفة عمر بعد ذلك بعشر سنوات دفن بجوار الرسول و أبي بكر في الغرفة نفسها فتركت عائشة الغرفة . فهل كان من شريعة الناس قبل الإسلام أن يدفنوا موتاهم في غرف نومهم ؟ و هل كانوا يدفنون موتاهم بنفس الطريقة في شريعة الإسلام ؟ وإذا كان الرسول حالة خاصة كما قال أبو بكر فكيف يدفن الصديق و الفاروق في غرفة النوم ذاتها وهما ليسا بنبيين ؟

و جاء فى اسدالغابة لابن الاثير وطبقات ابن سعد وغيرهما ان ابابكر طلب فاطمة بنت الرسول للزواج فلم يجبه وكذلك طلبها عمر ولم يجبه .ولما طلبها على بن ابى طالب اجابه ولم يكن معه مهر سوى درعه.وذلك بعد بدر فى السنة الثانية للهجرة وللعلم كان على وفاطمة فى العقد الثانى من عمريهما بينما كان ابو بكر فى العقد السادس و ابن الخطاب فى الخامس، والرسول كما روى شيوخ الحديث قال : اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة فى الارض وفساد كبير.فاذا كانت معايير الخلق والتدين فى الزواج سابقة على معايير الكفاءة فلماذا فضل الرسول عليا على الصديق والفاروق؟ام أن زمن الرسول فى التاريخ الاسلامى كان يدار بوحى السماء ولايقاس عليه؟ وماذا يختار المطالبون بتطبيق مايسمونه الشريعة الان اذا خيروا بين التدين والكفاءة؟ مع العلم أن عمر بن الخطاب تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب من زوجه فاطمة .

و في سنة 35 للهجرة قتل الخليفة عثمان بايدي مسلمي الامصار الثائرين ، وقيل فتنة ولم تقم شريعة على قاتل او قاطع طريق لدرجة ان اهل الخليفة المقتول لم يتمكنوا من دفنه في مقابر المسلمين ، وبعدها بعام واحد كان الخليفة على قد بويع وغادر المدينة الى الكوفة ولم يكد يستقر حتى جهز الصحابيان الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله جيشا وذهبا الى البصرة ومعهما ام المؤمنين عائشة على جمل لها والتقى جيش علي بجيش الزبير وطلحة وعائشة بالقرب من البصرة ودارت معركة قتل فيها كثير من الصحابة من بينهم طلحة والزبير ولم يقم على احد حد او شريعة وهكذا ظلت الامور حتى قتل علي واتسع نطاق القتل بعدما تسلم بنو امية الخلافة ومن بعدهم ابناء عمومتهم بنو هاشم وظل الحال هكذا حتى يومنا هذا صراعات طائفية وقبلية وعرقية يسيل فيها الدم وتضيع فيها الحقوق ، فعن اي شريعة يتحدثون ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذه هي الشريعة التي يريدون تطبيقها!!
فهد لعنزي السعودية ( 2011 / 8 / 29 - 03:33 )
انهم يريدون تطبيق شريعة طالبان في افغانستان او بالاحري شريعة آل سعود والتي هي نسخة من شريعة آل امية الشريعة التي تتخذ مال الله دولا بين الامراء وعباده خولا وعبيدا ( لا يجوز الخروج على الحاكم وان كان ظالم).
يا احرارر مصر كونوا على يقضة ولا تغرينكم المقلات المنمقة من قبل الاخوان المسلمين او السلفيين لان مقالاتهم الى وسيلة الى الوصول للحكم وبعدها لكل حادث حديث ولكم في حكومة حماس عبرة لمن اعتبر.واعلاموا جيدا:
اان الافاعي وان لانت ملامسها *** عن التغلب في انيابها العطب
عاشت مصر حرة ابية وعصية على الطامعين والمخربين وكل عام وانت بخير.

اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53