الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذائقة العراقية بألف خيّر.!

شيروان شاهين

2011 / 8 / 29
المجتمع المدني




في إستبيان أجرته إحدى الفضائيات العراقية مؤخرا, والذي شمل 1200 مشاهد ومشاهدة, وقد كانت نتائجه,(35 بالمئة مدمنين على مشاهدة الأفلام الهندية –والنسبة نفسها لبرامج الشعر الشعبي وحوارات الشعراء الشعبيين مع بعضهم و5بالمئة فقط للبرامج الثقافية والتاريخية), وقد أعتبر بعض الكتاب والمراقبين نتائج الإستبيان كارثية ومؤشراً على تخريب وموت الذائقة العراقية ومن خلفها الوعي العام لدى أبناء وطنهم. مقارنة مع استبيان أجري من قبل مجلة الإذاعة و التلفزيون قبل 38 سنة ( 40% ثقافيات و30% لبرامج الموسيقى والغناء العراقي الأصيل وبقية النسب موزعة على أعمال الدراما العراقية..), ولكني اختلف مع المراقبين كل الاختلاف وأقول بان الذائقة لم تُخرب, وإنما الذائقة العراقية بدأت بالانطلاق والتذوق بحرية..! حيث إن الاستبيان المذكور هو إستبيان اجري على عينة عشوائية من الناس, ولم تتم على شرائح واسعة تمثل المجتمع كله( جامعات نقابات دوائر حكومية...) وثانيا إلى أي مدى يصبح هذا الإستبيان حقيقة ويمثل رأي المجتمع كله, يلفت انتباهي دائما عبارة جميلة على شاشة -البي بي سي- العربية في برامجها الحوارية التفاعلية, -الآراء الواردة تعبر عن رأي المشتركين ولا تعبر بالضرورة عن الرأي العام- وأنا أتساءل هل هذا الاستبيان يعبر عن رأي مشتركيه فقط وإنما يعبر عن الرأي العام! وإذا كان موضوعنا هو التذوق في المشاهدة التلفزيونية, فقد علل المراقبين الهبوط في الذوق مستشهدين من خلال المقارنة باستبيان مجلة الإذاعة والتلفزيون الذي أجري قبل 38 سنة, وما كان يعرضه تلفزيون بغداد وقتها من برامج منوعة وثقافية وسينما عالمية, فهناك حقيقة مفادها أن التلفزيون هو النافذة التي نرى من خلالها العالم ونبصره, والعالم أيضا يرانا من خلاله ويبصرنا, ويشكل المؤثر الأول في أراء وثقافة الناس, وان أذواقنا كبشر في المشاهدة التلفزيونية واختيارنا للبرامج هو ليس إلا نتيجة مكونات ثقافية وفكرية وبيئية, فالعراق الذي أنجب السياب والجواهري ونازك الملائكة وغائب طعمة فرمان وهادي العلوي...هو أليس ذلك المجتمع ذو الذائقة الأدبية و الشعرية والتيارات الفكرية...وكلها بالنهاية أسهمت بتشكيل وصقل الوعي لدى الإنسان العراقي الذي هو نتيجة كل ذلك يملك وعيا عاليا وذوق رفيع, وأقول أن هذا الاستبيان هو فاتحة خير..! لأن الاستبيانات التي كانت تجري قبل 38 سنة, أعتقد بأنها أشبه في مضمونها باستفتاءات حكام تلك الحقبة, كل شيء منظم والكل راضي والكل واعي..., وكان المشاهد العراقي وقتها يتابع البرامج الثقافية ويسمع بتهوفن وذلك من باب المتلقي ضمن ثقافة تلفزيون (غصبن عنك) وكان مضطرا لأن يشاهد تلك البرامج ليملأ وقته بها, وكان التلفزيون يعتمد وقتها أسلوب الفكر المعلب..أو البث المعلب لأبناء جدار الكهف لتعليب وعي المشاهدين..! وهناك سؤال يطرح نفسه هل كان المشاهد وقتها يستطيع أن يعترض وينتقد مواد وبرامج تلفزيون بغداد! الذي كان ينظر إلى نفسه وقتها بأنه إعلام منزل...! وإما اليوم ورغم كل الكم الهائل من الفضائيات العراقية, أصبح المشاهد العراقي أمام حرية كاملة في اختيار البرامج والمواضيع..فالمحطة التي لا تعجبه تراه يبدلها فورا إلى محطة أخرى, وليس كما قبل 38سنة تراه يستسلم لسلطة مشاهدة –بغداد- الوحيدة أو يرقد للنوم..! وكما إن كثرة هذه القنوات الآن بدأت تلعب دور الرقيب في ما بينها على أداء بعضها البعض, ومنافسة بعضها في الموضوعات الجدية والمتميزة, وظهور مثل هكذا إستبيان لتقيم مستوى التذوق هو لبداية شجاعة في الشعور بمستوى الوعي والإحساس بالمسئولية.
فبين الانتقال من تلفزيون -الغصبن عنك- إلى حقيقة وواقع تلفزيونات كلنا ع الهوا يا شباب..! قد تحدث فوضى هي أشبه بمثيلتها في الوسط السياسي, مثلما ظهرت عقب السقوط أحزاب كثيرة ذات اتجاهات مختلفة, ولكن عندما تذوق العراقيون طعم كلمة الحرية..مرة أولى وثانية..تقلص ذلك الكم وتحسنت الصورة لصالح ظهور الوجه الوطني التقدمي على حساب الطائفي..! فانا أعتقد بأنه أذا صدرَ اليوم استبيانّ لتقييم مستوى ذائقة المشاهدين, فغدا سيصدر إستبيان آخر لتقيّم أداء عمل الفضائيات وبعدها إستبيان لتحديد أفضل برنامج أو مذيع..وهكذا.., وضمن ثورة الاستبيانات سوف تتسابق الفضائيات لسد فجوات الفراغ وكسب أكبر عدد من المشاهدين, ولا ننسى بأنه ضمن هذا الكم الهائل للفضائيات العراقية هناك فضائيات ذات مشاريع هادفة وطنية.. ولكنها بحاجة إلى بعض من الوقت لكي تفعل دورها وتعبر عن نفسها, ألم تحقق قناتي الجزيرة القطرية ودراما السورية قفزة نوعية في سماء الإعلام والدراما العربيين, فالمستقبل القريب سيشهد وضمن تلك الكثرة من الفضائيات سقوط بعض منها على حساب صعود بعضها الأخر, ولا ننسى بإن الواقع اليومي المزري في العراق من مناظر دموية وأنفجارات, واحتلال ترك أثرا بالغا في نفسية الفرد العراقي, فكيف للإنسان العراقي أن يشاهد أمسية باليه أو يسمع بتهوفن.. وجارهُ معتقلُ وأخوه مقتول وأخته ترملت, وانفجرت في حيه للتو سيارة مفخخة..بالإضافة للتراجع الاقتصادي, فكيف له أن يشاهد برنامجاً علميا, كل ذلك دفع بالمواطن العراقي بالبحث عن العزلة والخلاص من مشاهدة المناظر الدموية والمأساوية, ليتخيل نفسه بأنه بطلا هنديا ينتصر في نهاية الفلم متمنيا أن يكون الفلم حقيقة ليجد وطنه مستقرا آمنا..
ولكني اجزم بان الإنسان العراقي سيصل لحالة إشباع من تلك الأفلام ويتحرر منها وينطلق نحو رؤية جديدة مادام يملك حرية الاختيار والمشاهدة والنقد, وليس إجبارية المشاهدة..أو النوم في زمن أصبح فيه النوم لغة الضعفاء...!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال طلاب مؤيدين لفلسطين تظاهروا في جامعة جنوب كاليفورنيا


.. -الأونروا- بالتعاون مع -اليونسيف- تعلن إيصال مساعدات إلى مخي




.. عنف خلال اعتقال الشرطة الأميركية لطلاب الجامعة في تكساس


.. تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني




.. برنامج الأغذية العالمي يحذر من خطر حدوث مجاعة شاملة في غزة