الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نشيد الإنشاد السومري ..

عبد العظيم فنجان

2011 / 8 / 30
الادب والفن


1

عندما كفرتُ بحبكِ صرتُ أكثر تدينا .
صرتُ معصية من العطر ، تركعُ خاشعة لكل وردة .
لم أتوقع أن أكونَ مؤمنا يبشر برسالة يتلعثمُ حائرا ، فيطارده الناس بالحجارة : يسقط مغشيا عليه ، كلما شاهدكِ خلف نافذة ترتلين آية من اليأس ، أو تغسلين الصباح بموجة من الرحمة .
لم أحلم بكرامة أن أمشي في الهواء ، أو أن اكتبَ شعرا يجعلني جميلا ، ويبعثكِ امرأة خارجة من النار بوجهٍ تنحي لجماله الشعلة .
كفرتُ لأكفرَ في ساعة كفر ، ولم أتوقع أن تكوني القربان ، لأنجو من خطيئة أن لا أحبكِ بالطاعة وأن لا أعبدكِ إلا بالمعصية .


2

من أقصى الماضي أتيتُ لأقول : احبكِ ،
وإلى أقصى الماضي مضيتُ لأقول : احبكِ

في ذلك الذهاب ، وفي تلك العودة ، كنتُ البستان الذي يطوفُ الأزمنة بحثا عن شجرة ، هي خلاصته ، ساعة يتصحّرُ العالم ، فلا يعود العاشق من رحلته إلا بالغبار على القدمين ، أو بحفنة من الرمل ينفجر ، من داخلها ، مثل واحة ، قلبه ..

3

جاء في أخباركِ أن شاعرا كتب اغنية عن امرأة رآها في منامه ، وأن الاغنية عندما وصلتْ اليكِ رأيتِ الشاعر في المنام ، فخرجتِ باحثة عنه بين المدن ، حتى تفرقتِ في البلدان والقصائد والأغاني .
كنتِ تسألين عنه الحيارى والمجانين والغرباء والسكارى والانبياء والصعاليك والفلاسفة ، وما كنتِ تعرفين أنكِ كنتِ تسألينه ، هو الذي تفرّق في هؤلاء ، وتشعّبتْ روحه بين أجسادهم ، بحثا عنكِ في البلدان والقصائد والأغاني ..

4

أيتها العارية كالهواء ، البسيطة كقلم الرصاص ، والمضطربة كعصفور يطير من هنا إلى هناك ، ومن هناك إلى هنا ، بحثا عن جناحيه .
أيتها الحافية كالندى .
أيتها البعيدة كيدي .
أيتها الدافئة ، كموسم من القُبل .
أيتها الشفاه التي تعطفُ على الكلام .

5

أفتقدُ صوتكِ الذي يأخذني إلى النبع الذي بحثَ عن الشعراء في الشعر ، ومنقبو الآثار في الخرائط : ذلك النبع المسحور ، الذي قطرة منه تجعلُ الأبد في متناول اليد ، والحياة طويلة ، كشَعركِ الذي يسيل في النبع ، ويسيل معه صوتكِ والشعراء والرحالة والأبد .

أفتقدُ صوتكِ المخضّب بالأبد .

6

كان يحبكِ لأنكِ عاصفة تخجل من أن توقظ الشجرة من غفوتها ، ويحبكِ كان لأن الأرض مستطيلة وأنتِ أضلاعها ، ولأنكِ كنتِ تخيطين الشقَّ في ثياب العالم بضحكتكِ كان يحبكِ : كان يحبكِ وكان يحبكِ وكان .. يحبكِ لأنه يحبكِ : وكان يعرفُ أن ليس بإمكانكِ أن تحبينه لأن أحزانه عصية الفهم مثل لغز ، ولأنه ما كان يملك أكثر من أن ينظر إليكِ بصمت ، مكتفيا بمعجزة وجهكِ الذي تنفجر منه رغبات مبهمة يملكُ أن يحققها لكِ ، سوى أنه يفضل أن لا يكون دخيلا على حياتك ، فيقلبها عليكِ ، كما قارب في اعصار..



7

احبكِ وأنا منشقٌ عن عشاقكِ ، رغم أنني في المقدمة دائما : لا اريد فرحا سهل الكسر كالزجاج ، ولا أعتني بتربية الغفران الذي يلجمُ الصفح : احبُّ العفو العاثر الحظ ، الذي يمنح الكائن حرية وعرة ، يجرفها الحب مع سيوله إلى حيث المخبوء من الدر في الباطن : هكذا احبكِ . وهكذا أسلكُ إلى قلبك طرقا وعرة ، رغم معرفتي أن طرقا اخرى توصلني إليكِ بدون مشقة . كأسي الفارغة على طاولة الحياة لن أتنازل عنها : إنها مأهولة بعطش جوهره أنتِ .


8

و من أخباركَ أنكَ كنتَ ثملا ، فرأيتني أمشي فوق المياه : القيتَ بنفسكَ عاريا ، فأحببتك فورا ، لأن لا أحد رآني ومشي فوق المياه قبلك ، كما أنني لم أكن ماشية فوق الماء حين رأيتني ، لأنني في الأصل ، كنتُ قطرة تفرُّ منها المياه ، كل المياه ، حتى أحببتك .
حولني حبك إلى سمكة ، آه سمكة :
انظرني .. أنا السمكة ، تلك السمكة التي يصعب الامساك بخيط خواطرها ، وهي تسبح عارية في بحيرات جنونك الشاسعة الزرقة ..


9
جاء في الفرح أنكِ العيد ، وجاء في العيد أنك صبية ، وجاء في الصبية أنكِ عاشقة ، وجاء في العاشقة أنكِ القلب ، وجاء في القلب أنكِ الحنان ، وجاء في الحنان أنكِ الربيع ، وجاء في الربيع أنكِ الوردة ، و جاء في الوردة أنكِ الفراشة ، وجاء في الفراشة أنكِ الرحيق ..

ما جاء في الرحيق لن يصدقه أحد ، لأنه وجهكِ ، ولأن ما جاء في وجهكِ هو الصباح : ذلك الصباح الذي يخلع فيه العالم جلباب كآبته ، ويبتسم ُ لأنكِ صبية عاشقة ، صبية عاشقة ، وحدها ، تعرفُ أين المفتاح ، المفتاح المسحور ، الذي يفتح جميع الأبواب ليدخل ، بكامل قيافته ، العيدُ ..

..........................................................


يتبع ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج