الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقعة الألتراس.. دروس وعبر لتلميذ لا يفهم

أحمد أبودوح

2011 / 9 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لم تكن المعركة العنيفة التى وقعة فى مدرجات إستاد القاهرة ومن بعدها فى شارع صلاح سالم، وما نتج عنها من إصابات وتلفيات ودمار بالشىء الغير متوقع، وخصوصا بعد إطمئنان الألتراس الأهلاوى إلى نتيجة مباراة فريقهم مع كيما أسوان، وإنصرافهم إلى الهتاف ضد مبارك والعادلى والتنديد بقمع ووحشية جهاز الشرطة على مدار الثلاثة عقود المنصرمة .

هؤلاء الشباب الذين جمعهم عشقهم وتيمهم بالساحرة المستديرة ليجدوا فيها حرية الإستمتاع بأغلى وأنقى مراحل الحياة التى يعيشها المرء منذ ولادته وحتى مفارقته لها.. فى الوقت الذى كان يعيش الشباب المصرى فيه مرحلة من العذاب والتشتت والإنجراف خلف البحث عن لقمة العيش، بل وأحيانا الموت من أجلها .

ورغم صب إهتمامهم على متابعة كرة القدم وتفريغ كل ما يمتلكونه من طاقات بدنية وذهنية فى اللهث وراء أنديتهم التى ينتسبون إليها، إلا أنهم لم يكونوا فى يوم من الأيام بمنأى عما يدور فى وطنهم الكبير من أحداث، وما يتبعه النظام الساقط من سياسات كانوا هم ومن فى أعمارهم أول من تضرر منها.. حين كانوا يجتذبون إنتباهنا عن الوقائع السياسية المتسارعة إلى مدرجات الدرجة الثالثة بهتافاتهم التى كانوا يطلقونها بين الحين والأخر للتعبير عن رفضهم لواقع الحال الذى كنا نعيشه فى عصر الظلام البائد .

وقد تجلى هذا الكبت الناتج عن ملاحقة أجهزة المخلوع الأمنية لهذه المجموعات من الشباب يوم الثلاثاء الماضى حين هتفت ضد مبارك وداخليته ووزير داخليته، فى مشهد يحمل دلالات عميقة حول البطش الذى عانت منه كل أطياف المجتمع من دون أية إستثناءات، والذى وصل إلى تعكير صفو جماهير الكرة أيضا .

ولكن العجيب فى الأمر هو نجاح هذه الجماهير التى لا تملك أكثر من أصواتها لتهتف بها فى إستفزاز قيادات كبيرة وضباط بشنبات ذهبوا إلى المباراة لتأمينها، فتحولوا فى لحظات إلى المسبب الرئيسى فى ترويع الجماهير، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، بل وصل الأمر إلى إراقة الدماء .

صحيح أن هتاف هؤلاء الشباب لم يقف عند مبارك والعادلى فقط، وأنه طال وزارة الداخلية وضباطها وأفرادها أيضا.. ولكن، ألا يملك هؤلاء الضباط ولو قدرا ضئيلا من الثبات الإنفعالى وضبط النفس ؟.. أهذه هى الطريقة التى سوف يتعامل بها هذا الجهاز مع المواطنين بعد إستعادة عافيته من جديد ؟.. ألم يتخلص هؤلاء الضباط من الأمراض النفسية التى نجحت قياداتهم الفاسدة – للأسف – فى تغذية أرواحهم بها بعد ؟.. أليس من الأجدر بمن تواجد فى الإستاد من قيادات تحمل رتبا كبيرة، والذين تعودنا أن نراهم إما منهمكين فى إصدار الأوامر بقمع الإحتجاجات وضرب المتظاهرين أو نراهم منجعصين على كرسى بجوار أحد اللجان أو الأكمنة المرورية وقد وضعوا أرجلهم عاليا فى وجوه المارة.. ألم يكن الأجدر بهؤلاء النظر إلى هذه الهتافات على أنها هتافات تصدر من شباب كانوا جزءا لا يتجزأ من الثورة ضد نظام ترنح وسقط بفعل مثل هذه الهتافات ؟، أم أنهم مازالوا لا يؤمنون بهذا المصطلح – ثورة – من الأساس ؟!

أما عن وزارة الداخلية فحدث ولا تخجل.. أليست هذه هى وزارة الداخلية التى قمعت جماهير الألتراس وضيقت عليهم ومنعتهم من حضور المباريات أحيانا ؟.. أليست هذه هى عقلية الداخلية التى أسالت دماء المتظاهرين فى التحرير قبل الثورة، وأسالت دماء الألتراس فى إستاد القاهرة بعد الثورة ؟.. أليسوا هؤلاء هم قادة الداخلية أنفسهم الذين كانوا يعطون التحية لحبيب العادلى قبل الثورة، ولا يتوانوا فى إعطاءها له أيضا من بعد الثورة ؟.. ألم تكن وزارة الداخلية هى التى فرمت ومحت أدلة إتهام رموز النظام الفاسد ولم تبد أى تعاون مع هيئة النيابة العامة، بل ومازالت تضغط على الشهود لتغيير أقوالهم أمام المحكمة ؟!

رغم هذه الصورة القاتمة والمشهد الدراماتيكى الذى شاهناه جميعا بعد إنتهاء المباراة، إلا أننا نعود ونؤكد أن هذه الأحداث وما صاحبها من دمار وتخريب وإنتكاسات فى المشهد الأمنى تعتبر نقطة تحول إيجابية فى المسار العام للثورة ودعما كبيرا للثوار، حيث نتج عنها إنضمام عامل ضغط جديد متمثل فى جماهير الألتراس إلى القوى الثورية وأسر الشهداء، كما أنه يمكن النظر إليها على أنها ترجمة واضحة أيضا للعقلية المرضية التى مازالت تتمتع بها وزارة الداخلية، والتى على ما يبدوا لن تتغير أبدا.. !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق