الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا واسرائيل - لجنة -بالمر- وشرعية الحصار والقرصنة

محمد بركة

2011 / 9 / 10
القضية الفلسطينية


تبقى الحقيقة الواضحة انه رغم هذه المكانة الاستثنائية لتركيا إلا أن أمريكا وحلفاءها تفضّل كلب الحراسة الإسرائيلي، الذي يدين بجبروته وغطرسته للدعم الغربي، ولذلك لا تشعر إسرائيل الرسمية بأي حرج عندما تؤكّد أنها لا تنوي الاعتذار، لان ذلك سيشكل سابقة إستراتيجية، لا اقل ولا أكثر
// تقرير بالمر ينتهي إلى أن "على إسرائيل وتركيا أن تجددا العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل بينهما وإصلاح منظومة العلاقات في صالح الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط". وباعتقادي أن هذه الفقرة هي الفقرة المركزيّة في التقرير، بمعنى ترتيب أوراق أمريكا في المنطقة وإعطاء مظلة حماية لعدوانية إسرائيل والحفاظ على الدور التركي لأهميته الاستثنائية بالنسبة لمنظومة المصالح الامبريالية في المنطقة

موقف الحكومة التركية الحازم بعد تقرير لجنة "بالمر" المعنية بأسطول الحرية هو رد حقيقيّ وشرعيّ على تقرير مشوّه للجنة مشوّهة وكتاب تعيين مشوّه، وهو تعبير عن رفض التسليم بالغطرسة الإسرائيلية التي استكثرت الاعتذار على قتل مواطنين أتراك، وتعبير عن مصالح الجمهورية التركية فيما يتعلق بمكانتها السياسية والاقتصادية في المنطقة وبأمنها القومي.
لا شك أن موقف الحكومة التركية يتناقض في هذه الجزئية مع حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، التي أمالت الميزان بالكامل ضد تركيا وفي صالح إسرائيل. ورغم ذلك فإننا نستمع، صباح مساء، إلى قلق الولايات المتحدة وقلق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وحتى أوساط سياسية واقتصادية في إسرائيل من تدهور العلاقات الإسرائيلية التركية وتأثيرها على التبادل التجاري والعسكري بين الدولتين، وعلى ما يسمونه "الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط". بمعنى صيانة مصالح الولايات المتحدة والغرب عموما في المنطقة، خاصة في ظل الحراك الشعبي الذي يعمّ العالم العربي.
عليه ثمة حاجة لإجراء قراءة سريعة لتقرير لجنة بالمر.



تركيب اللجنة وكتاب تعيينها
قراءة سريعة لملابسات تشكيل لجنة بالمر ولتركيبتها وكتاب تعيينها تفضي بالضرورة الى وجود هوة سحيقة بين اللجنة وبين النزاهة والموضوعية. فقد أقيمت لجنة بالمر بناء على إعلان من الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" في شهر آب من العام الماضي.
جرى إقرار اللجنة بعد مداولات عديدة على المستوى الدولي عموما ومع الحكومتين التركية والإسرائيلية، لكن الذي حسم تركيبة اللجنة وكتاب تعيينها كان اللقاء الذي جمع اوباما بنتنياهو في مطلع تمّوز من العام الماضي، والزيارات المكوكية التي قام بها مستشار نتنياهو "اسحق مولخو" للولايات المتحدة بعد ذلك، "والتي بدونها لم يكن بمستطاعنا أن نحصل على كتاب تعيين كهذا" حسب ما أدلى به مصدر سياسي اسرائيلي كبير ( هآرتس 11.8.2010).
اللجنة مؤلفة من أربعة أعضاء هم: جفري بالمر، رئيس وزراء نيوزيلندا الأسبق، وهو خبير بالقانون البحري وموالٍ للولايات المتحدة (رئيس اللجنة)، والفارو اوريبا، وهو رئيس سابق لجمهورية كولومبيا وقد قدمته وسائل الإعلام الإسرائيلية كصديق حميم لإسرائيل ولأمريكا (هآرتس 11.8.2010)، وهو نائب رئيس اللجنة بالإضافة إلى دبلوماسيين سابقين، واحد إسرائيلي والآخر تركي (يوسي تشاخانوفر واودم سنبراك).
اما القرارات فتتخذ في اللجنة بالتوافق بين رئيسها ونائبه.
التسمية الرسمية للجنة ليست لجنة تحقيق، إنما طاقم فحص يدرس تقريري لجنة التحقيق الإسرائيلية (لجنة تيركل) ولجنة التحقيق التركية، والهدف من إقامة هذا الطاقم هو تقديم توصيات كي لا يتكرر ما حدث في أسطول الحرية!!
كتاب التعيين لم يشمل الاستماع إلى شهادات حيّة ولم يشمل التحقيق مع جنود أو ضباط ولم تشتمل صلاحيات اللجنة (الطاقم) التخويل بإلقاء مسؤولية جنائية لا شخصية ولا مؤسساتية، بمعنى أن تبرئة إسرائيل العمليّة تمت قبل أن تبدأ اللجنة عملها.



مضمون تقرير اللجنة
يتألف تقرير لجنة بالمر واوريبا المؤيدين لإسرائيل ولأمريكا من 104 صفحات.
التقرير يفيد بان حصار غزّة يعتبر "وسيلة أمنية شرعية لمنع إدخال وسائل قتالية إلى قطاع غزّة عن طريق البحر"، وتجاهل التقرير في قراره هذا ما يلي:
1- قطاع غزّة ليس منطقة سيادية إسرائيلية وفق قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية ولذلك فان قطاع غزة والشعب الفلسطيني غير مكلفان بأمن اسرائيل ولذلك لا حق لإسرائيل من هذا الباب بحصاره.
2- الحصار شمل ولا يزال يشمل مواد ومستلزمات الحياة المدنية الطبيعية لأي مجتمع ولا يحمل أي طابع امني على الإطلاق ولذلك ايضا فهو غير شرعي.
3- إسرائيل تدّعي أنها انسحبت من قطاع غزّة ولذلك يفترض أن لا يكون لإسرائيل أي علاقة بالمياه الإقليمية التابعة للقطاع ويمكنها وفق القانون الدولي أن تتخذ إجراءات على حدودها المعترف بها.
4- العالم بأسره يعرف أن أسطول الحرية لم يحمل على متنه "وسائل قتالية" بل إغاثة إنسانية لشعب ولبشر يعيشون تحت حصار إجرامي.
5- إسرائيل تعرّضت للأسطول خارج مياهها الإقليمية أو بالأحرى في المياه الدوليّة.
حصار غزة هو جريمة ضد الإنسانية ترتكبها إسرائيل وتقرير لجنة بالمر باسم الأمم المتحدة أعطى الشرعية لهذه الجريمة.
تقرير بالمر يفيد بان إسرائيل استعملت قوّة مفرطة وغير منطقيّة ويتجاهل أن اسرائيل ارتكبت جريمة قرصنة وقتل من خلال استعمال وحدات عسكرية مختلفة ضد مدنيين ونشيطي منظمات حقوق إنسان.
تقرير بالمر يفيد بأن ركّاب سفينة المرمرة "ابدوا مقاومة عنيفة ومنظمة الأمر الذي ألزم جنود الكوماندو باستعمال القوة دفاعا عن النفس"، مما يشير إلى "استبسال" اللجنة في ليّ عنق الحقائق لتبرئة إسرائيل. فوفق هذا القرار:
1- يصبح الكوماندو الاسرائيلي مجرد سوّاح وصلوا بالصدفة إلى سطح المرمر أو ضحايا مساكين.
2- يصبح المعتدى عليهم - أصحاب وركّاب السفينة الذين جرى انتهاك سفينتهم- فاقدين للحق في التصدي (بوسائل بدائية) لجنود مدججين بأحدث الأسلحة والتقنيات.
3- يصبح استعمال القوّة والقتل من قبل الكوماندو الاسرائيلي أمرا مشروعا وشكل من أشكال الدفاع عن النفس.
تقرير بالمر طالب إسرائيل أن "تبدي أسفها لما حدث خاصة على ضوء النتائج"، الأمر الذي يعني:
1- أن إسرائيل لا تتحمّل أي مسؤولية عن القتل وكأنه جاء نتيجة كارثة طبيعية يأسف لوقوعها.
2- إبداء الأسف يأتي على "ضوء النتائج"، بمعنى انه لو كانت النتائج غير ما كانت عليه لأصبحت القرصنة الإسرائيلية أمرا لا يستدعي حتى لإبداء الأسف.
تقرير بالمر ينتهي إلى أن "على إسرائيل وتركيا أن تجددا العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل بينهما وإصلاح منظومة العلاقات في صالح الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط".
وباعتقادي أن هذه الفقرة هي الفقرة المركزيّة في تقرير بالمر واوريبا، بمعنى أن الهدف من إقامة اللجنة لم يكن معاقبة الجناة ولا إدانة الحصار على شعب كامل ولا التصدي للقرصنة، إنما من اجل ترتيب أوراق أمريكا في المنطقة وإعطاء مظلة حماية لعدوانية إسرائيل والحفاظ على الدور التركي لأهميته الاستثنائية بالنسبة لمنظومة المصالح الامبريالية في المنطقة.
لا شك أن قوّة تركيا العسكرية ومكانتها الإستراتيجية بين الشرق والغرب ومكانتها الثقافية والتاريخية بين الدول العربية والإسلامية وبين أوروبا، إضافة إلى مكانتها الاقتصادية الصاعدة كصاحبة اكبر ناتج قومي في المنطقة (أكثر من 700 مليار دولار) وأعلى نسبة نمو اقتصادي في العالم (10-11% سنويا)، كل هذا يشكّل ثقلا استراتيجيا لا يستطيع الغرب أن يتجاوزه خاصة في ظل الحكومة التركية الحالية التي تمثّل نظاما إسلاميا "معتدلا" والتي تسعى للانضمام للاتحاد الأوروبي وتبقى ضمن علاقات متميزة مع الولايات المتحدة وبذلك تطرح نموذجا معقولا من ناحية الغرب للحالة العربية في ظل الحراكات الشعبية.
تبقى الحقيقة الواضحة انه رغم هذه المكانة الاستثنائية لتركيا إلا أن أمريكا وحلفاءها تفضّل كلب الحراسة الإسرائيلي، الذي يدين بجبروته وغطرسته للدعم الغربي، ولذلك لا تشعر إسرائيل الرسمية بأي حرج عندما تؤكّد أنها لا تنوي الاعتذار لان ذلك سيشكل سابقة إستراتيجية، لا اقل ولا أكثر.
من هنا فان لجنة بالمر ليست لجنة بان كي مون إنما هي لجنة اوباما ونتنياهو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي