الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ثورة الاقتصاد:الفريضة الغائبة (2)
سعد هجرس
2011 / 9 / 10مواضيع وابحاث سياسية
لماذا تحول »الانقلاب العسكري« في 23 يوليو 1952 إلي »ثورة« وكسب تأييدًا شعبيا كاسحًا في غضون فترة قصيرة جدًا.
الإجابة هي أن ذلك لأن الضباط الأحرار قاموا بعد أقل من شهرين علي قيام »الحركة المباشرة« بإصدار قانون الإصلاح الزراعي الذي وجه ضربة موجعة للإقطاع الذي كان إحدي دعائم النظام الملكي القديم، وبالتالي وجه ضربة قاصمة للثورة المضادة التي كان يمكن أن تعرقل النظام الجديد الصاعد أو تقضي عليه في مهده. وبالتوازي مع ذلك تكفل الإصلاح الزراعي بكسب قاعدة اجتماعية واسعة أصبحت مستفيدة فعليا من النظام الجديد، وأصبحت لها »مصلحة« عضوية في استمراره.
ولم يكن الإصلاح الزراعي حدثًا منعزلاً وإنما كان مصاحباً له حزمة من الإجراءات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تركت بصماتها وتأثيراتها علي الحياة اليومية لملايين المصريين. وبالنتيجة شعرت هذه الطبقات الشعبية، والمتوسطة، المنتشرة بطول البلاد وعرضها بأن حياتها أصبحت أفضل بعد الثورة عما كانت عليه في العصر الملكي، وأصبح بمقدورهم تعليم أبنائهم في المدارس والجامعات بالمجان وهو ما كان شبه مستحيل في ظل مجتمع النصف في المائة.. وأصبح بإمكان »الحفاة« أن يلبسوا أحذية لأول مرة في حياتهم.. إلي غير ذلك من التفاصيل الصغيرة والكبيرة التي غيرت وجه الحياة ـ فعليا وماديا ـ وليس فقط بالشعارات واللافتات.
***
فإذا انتقلنا تسعة وخمسين عاماً إلي الأمام وقمنا بمقارنة ذلك بثورة 25 يناير.. سنجد أن رغم أن الثورة قد أطلق الشعب شرارتها واقتصر دور الجيش علي تأييدها، فإن أوضاع الغالبية الساحقة المسحوقة من المصريين لم تتغير علي الإطلاق.. و إذا تغيرت فإنما إلي الأسوأ.
ويكفي أن ننظر إلي الأسعار ـ مثلاً ـ لنري أنها ارتفعت خلال الستة أشهر التالية للثورة بنسبة تصل إلي 40% للسلع الأساسية بينما الدخول لم يطرأ عليها تغيير يذكر. كما أصيبت كثير من المجالات الاقتصادية بأضرار جسيمة، لعل في مقدمتها قطاع السياحة الذي ترتبط به أرزاق أكثر من أربعة ملايين مصري بصورة مباشرة أو غير مباشرة. هؤلاء أصبح معظمهم علي قارعة الطريق بلا عمل وبلا دخل. وينطبق الشيء نفسه علي قطاعات أخري مثل الإنشاءات وعمال اليومية و غيرهم.
ومن المحزن جدًا أن نري، بعد ثورة يشهد الجميع في الداخل والخارج بأنها واحدة من أعظم الثورات التي شهدتها البشرية، تلك الأعداد المخيفة من المتسولين في الشوارع ومنتظري الصدقة والاحسان وموائد الرحمن و»شنط« رمضان.
هذه ليست مناظر مسيئة فقط، لكنها شاهد علي فشل الثورة حتي الآن في التعامل مع الملفات الاقتصادية والاجتماعية.
ونتيجة لهذا الفشل نلمس يوميا تزايد أعداد المنقلبين علي الثورة والناقمين عليها، وكثير من هؤلاء كانوا من المؤيدين المتحمسين لها في بداية الأمر.
***
وغني عن البيان أن هؤلاء »المتحولين« يمثلون خصماً من رصيد الثورة، ورصيدًا مضافاً إلي الثورة المضادة.
وليس العيب في الثورة بطبيعة الحال، كما أن الثورة ليست هي المسئولة عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.
هي بالأحري تركة موروثة عن تحالف الاستبداد والفساد المترنح الذي خلف وراءه أكثر من أربعين في المائة من المصريين تحت خط الفقر وأربعين في المائة يرسفون في أغلال الأمية، وترك لنا أسوأ نظام تعليمي في العالم، وأكثر نظام صحي فاسد وطبقي ومتوحش، فضلا عن نظام اقتصادي قائم علي ركيزتين أساسيتين هما الفساد والاحتكار.
كل هذه التركة المشئومة مازالت هي لم يتغير فيها شيء يذكر، وأضيفت لها تحديات جديدة بعد ثورة 25 يناير نتيجة لـ »خيانة« داخلية حبيب العادلي وهروبها من الميدان تاركة البلاد مكشوفة دون أي غطاء أمني، بكل ما ترتب علي ذلك من كوارث، من بينها الكوارث التي حلت بالاقتصاد وعجلة الإنتاج نتيجة للانفلات الأمني.
لكن الانفلات الأمني ليس هو المسئول الوحيد عن التحديات الجديدة التي فاقمت أزمة الاقتصاد، بل إن هناك مسئولية أكبر تقع علي عاتق حكومات ما بعد الثورة التي تركت بقية النظام الموروث عن عصر مبارك كما هي دون تغيير.. لا في السياسات ولا في الأشخاص.. الأمر الذي أدي ـ ويؤدي ـ إلي إعادة إنتاج الأزمات.
فما السبيل إلي الخروج من هذه الحلقة المفرغة؟!
للحديث بقية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. آلاف الوجبات تدخل القطاع يوميا.. هل تكفي؟ | الأخبار
.. أكثر 10 إعلانات ما سوت شغلها ???? | TOP 10 مع بدر صالح - الح
.. الرئيس عباس يصادق على تشكيلة الحكومة الفلسطينية الجديدة برئا
.. البيت الأبيض: عودة الهدوء إلى الحدود بين لبنان وإسرائيل -أول
.. صور جوية حصرية لسكاي نيوز عربية لقطاع #غزة #سوشال_سكاي