الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يضمن معاهدات السلام، الشعوب أم الأنظمة؟

علي الأمين السويد

2011 / 9 / 11
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


في البحث المتأني عن أسباب صمت العالم عن جرائم بشار الأسد التي تخطت كل حدود الإنسانية و المعقولية في سورية، نكتشف و بشكل سريع أن هنالك حقيقتين أساسيتين وراء ذلك التهاون، الأولى هي أن الصمت العالمي الغريب تقف خلفه إسرائيل التي تخاف من سقوط النظام السوري الذي باعها الجولان يوماً لقاء استلامه السلطة، والحقيقة الثانية هي أن إسرائيل ككيان أثبت أنه أحمق، بل و أحمق من روسيا كونه لا يدري موضع مصلحته إن كان جاداً في البحث عنها.
مالأدلة التي تؤكد أن إسرائيل ترفض إسقاط النظام السوري؟
لقد اثبت النظامين السوري و الإسرائيلي أنهما نِعْمَ الأصدقاء الأوفياء لبعضهما البعض بالرغم من المناوشات الهوليودية بين ما كان يسمى الجيش السوري سابقاً و الكيان الصهيوني. فقد كانت حرب تشرين / أكتوبر معركة تورط فيها النظام السوري مكرهاً لا بطل تحت ضغط الظروف الإقليمية التي اضطرت حافظ الأسد لأن يضرب الحبيب – إسرائيل- وهو آسف - بالزبيب.
ولن أعود إلى تفاصيل تمثيلية المعركة من الجانب السوري على الأقل، ولكنني سأذكر إحدى الحقائق متحفظاً على المصادر لسلامتها، فقد استطاع جنودنا الشرفاء من استعادة مرصد جبل الشيخ بملحمة بطولية وكان تعدادهم 500 شخص، ولكنهم لم بدل أن يتلقوا الإمدادات العسكرية و الغذائية، جاءهم الأمر بالانسحاب و ترك الموقع بعد صمود أسطوري مما اضطرهم لانسحاب قاتل والعودة إلى ارض الوطن ولكن بعدد لا يتجاوز المئة.
ما معنى أن يسيطر جيشٌ على نقطة إستراتجية و لا يُمَدَّ باحتياجاته؟ المعنى الوحيد هو أن صاحب القرار لم يتوقع أبداً أن جنوداً بأسلحةٍ خفيفة وهامش مناورةٍ معدوم سيتمكنون من السيطرة على أنفسهم فضلاً عن السيطرة على أي شيء، و لكن بسالة وصدق و إخلاص الجندي السوري آنذاك فاجأت النظام الخائن، تماما كما فاجأت العصابة الصهيونية.
وفي 1982 أكل جيش الاحتلال السوري للبنان "علقة على قفاه" هزت هيبته أمام اللبنانيون أكثر من ذي قبل، إلا أن تلك "العلقة" كانت خارج الساحة التي قد تؤثر على النظام السوري كونها في أرض لبنان، وما لبنان للنظام السوري ؟ لبنان لا شيء سوى مسرح للسرقة و النهب تحت صخب نقيقه بشعار الوحدة العربية التي استخدمه مطية لتمرير المخططات الصهيونية ليس إلا.

وفي 2011 صرخ طفل درعاوي سوري بأن النظام السوري الذي يتباهى بأثواب المقاومة و الممانعة هو نظامٌ عارٍ و لا يلبس أية ثياب مقاومة، فتلفَّت الشعب السوري يضرب أخماسه في أسداسه بسبب عِظَم هذه الخديعة التي نسجها النظام منذ أربعين عاماً، فكان الطفل الدرعاوي تماماً مثلما الطفل الذي فضح مليكه العاري. وتماما مثلما أصر الملك العاري على مواصلة استعراض ثيابه الوهمية، تابع بشار الأسد استعراضه للباس المقاومة و الممانعة الوهمي و قتله للسوريين العزّل بدم بارد ووجه كالح و صوت شبيح يمتدح القتلة بقوله: "وحش حقيقي يا بو صالح"
وفي 2011 صرخ رامي مخلوف تماماً مثلما صرخ عميد الحكام العرب معمر القذافي المخلوع بأن أمن سورية من أمن إسرائيل مذكراً زبائن الماضي باستمرار مفعول الصفقة، ولكن بمعايير مصيرية تتلخص بنودها ببساطة قول النظام السوري لإسرائيل:" وجودنا في السلطة مقابل أمن حدودكم، ومعاذ الله أن يعني أنه إذا لم نوجد في السلطة فإننا سنؤذي حدودكم أو دولتكم، بل يعني أنه ما من سوري يقبل بأن يحميكم مثلما نحميكم، فنحن نحميكم بالروح و بالدم"
أين يكمن حمق إسرائيل؟
ربما لم يلحظ هذا الكيان بحكم سيطرة الأدرنالين على أدمغة قادته أن النظام السوري لن يستمر للأبد، و هم يعلمون علم اليقين أن أي اتفاق مع النظام السوري ساقط و محكوم عليه بالموت قبل الولادة فقط لأنه جاء على شكل طوق نجاة للنظام السوري المكروه من عموم الشعب السوري مما يجعل صمود اتفاق السلام مرتبط بصمود النظام السوري، و لهم، أي قادة الصهاينة، في اتفاق كامب ديفيد مثلاً.
كيف لا و قد حنق الشعب السوري على الاتفاق الخفي بين الصهاينة وبين النظام السوري الانقلابي الذي كان سببا في استيلاء حافظ الأسد على السلطة منذ ما قبل 1970 إلى هذه اللحظة، وسيستمر حنق الشعب على الصهاينة بعد سقوط بشار الأسد ليس ولعاً و حباً باستعادة ارض سورية مسلوبة فحسب و إنما انتقاماً لوقوف الصهاينة و دعمهم لنظام بشار الأسد المجرم.
فإن كانت إسرائيل جادة في السلام حقاً مع سورية، فهل يكون تحقيق ذلك السلام منطقياً مع نظام زائل في القريب العاجل لا محالة، أم يكون تحقيقه مع المزيل – أي الشعب السوري؟
وهنا يكمن حمق و بله إسرائيل في البحث عن مصالحها وهي بهذا لا تخرج عن خطها الإجرامي لأنها لا تعرف غير سفك الدم و التدمير كونها بنيت عليهما، وهي تعتقد مثلما يعتقد بشار أن سفك الدم السوري سيركِّع الشعب وسيعيد الأمور إلى مجراها السابق ذو الشكل المبسط المتمثل بمعادلة "حدود شمالية هادئة ورئيس مغتصب للسلطة تتراقص الـ ( F 16 ) فوق قصوره الرئاسية في حلب و دمشق حمايةً له"، هكذا و ببساطة !!! ولكن هيهات، ثم هيهات من الشعب السوري الذلة فقد حزم أمره لاقتلاع آل الأسد من كل شبر في سورية ولو بلغو بروجا مشيدة.
و كما النظام السوري، بنيت إسرائيل على القتل و التدمير و لذلك لا تؤمن إسرائيل بغير القتل و التدمير. أما روسيا فيبدو أن دبها تحول إلى حمار أبله لا يتعلم من إعادة الدروس له الدرس تلو الدرس. فقد وقفت روسيا مع صدام حسين و تركت ثروات العراق لغيرها و لا أدري ما تفعل بصدام حسين الآن.
أما الدرس الثاني فهو ماثل أمام أعين الصغير قبل الكبير و ، فهاهي روسيا تقف كالعادة ضد الجرذان و تناصر ملوك ملوك إفريقيا و تركت ليبيا للذين يستحقون استثمارها بعد أن حرروها من نجاسة الطغيان، و لا يعرف ما ستفعل روسيا بالمجاهد "معمر ابن القذافي" إلا إذا كان قد شرب نفط ليبيا و استقر في كرشه قبل أن يجد له جُحراً.
أما الدرس الثالث، فيبدو أن الدب الروسي قد تحول إلى حمار بعد أن قصّ أذنيه الطويلتين و صمّ أذنيه و صار هذا الحمار يركل الهواء، و الحقيقة هذه "العنفصة" ستعود لروسيا بغنائم تتكون من كدمات مصنوعة في سورية بعد سقوط المقاوم الممانع ملك ملوك سورية الذي يعتقد أنه لا إله إلا هو بشار الأسد فاعبدوه.
و على كل حال فقد فات أوان أي تغيير على الموقف الروسي الذي لا قيمة له على الإطلاق إلا كونه الحجة التي تتذرع بها أمريكا لتؤجل فرضها عقوبات رادعة للنظام المجرم في سورية، وتكون بذلك تلعب دور المسكين الذي يريد أن يقدم للإنسانية شيئاً و لكنه لا يستطيع لأنه لا حول ولا قوة له طالما أن روسيا تلوِّح بعصا النقض في مجلس الأمن... يا الله كم أمريكا مسكينة؟ أو ربما تعتقد أمريكا بأن الشعب السوري غبي لا يفهم ألاعيبها المثيرة للقرف كرمى لعيون إسرائيل.
هل تعلمت إسرائيل الدرس؟ أليست إسرائيل أشد حمقاً من روسيا؟
ألم يقم الكيان الصهيوني بحياكة اتفاق سلام مع سلطة مصر الدكتاتورية، و ما إن استقر فرعون مصر في مزبلة سجن أبو طرة حتى تبعته اتفاقية "كامب ديفيد" تتهاوى وهي قد تتبخر بين الفينة و الأخرى لأنها لم تكن مطلباً شعبيا مصرياً بقدر ما كانت مطلباً رئاسياً لصناعة مجد السادات كي يقال " السادات بطل السلام، و مبارك رجل السلام والذي لا رئيس إلا هو".
ألم يقم الكيان الصهيوني بالضحك على ذقون بعض الشخصيات الفلسطينية، فزيِّن لهم اتفاق أوسلو المرفوض شعبيا، فذهب الاتفاق وبقيت "الذقون" لإسرائيل. وكذالك كان اتفاق وادي عربة الذي لم يبق من العربة غير "اللجام" الذي يقودون به الحمار، و لا يُعرف ماذا يفعلون بـهذا "اللجام" بعد موت الحمار.
وهكذا فإن أي اتفاق صهيوني مع النظام السوري، كما يفهمه أي إنسان ذو لبّ بصيرة زائل حتماً بزوال النظام السوري المجرم، فهل تتفوق إسرائيل على طبيعتها و على قرينتها روسيا في الحمق و الإجرام و تتخلى عن النظام السوري الأسدي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل