الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الحق الفلسطيني المطلق في عدل نسبي!

مرزوق الحلبي

2011 / 9 / 14
القضية الفلسطينية


كلما اقتربنا من الحدث الفلسطيني في هيئة المم المتحدة كلما ارتفع منسوب العصبية لدى إسرائيل الرسمية والشعبية. وهو ما يُعبر عنه يوميا في الخطاب الإسرائيلي المتداول وفي مداخلات المسؤولين. وليس صدفة أن يحدث. فالحدث، إذا ما تم وفق التصور الفلسطيني في حده الأقصى ـ قرار في مجلس الأمن وليس في الجمعية العمومية ـ فإنه سيحمل في طياته ومفاعيله دلالات هامة في مساحة الصراع وبالنسبة للجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي.
لقد استثمرت إسرائيل حتى النخاع ذاك الضعف الفلسطيني المتفاوت على مدار عقود، واستفادت من تفوق على الأرض، ومن كونها صاحبة السيادة والقادرة على فرض حقائق ناجزة أهمها إلغاء الخط الأخضر كخط تفاوضي يشير إلى التسوية الممكنة القائمة على تقاسم الأرض بين الشعبين. وعليه، فإن عصبية إسرائيل تنبع، فيما تنبع، من كون قرار أممي مسنود بشرعية دولية على مدار الكرة الأرضية سيحدث "توازنا" ما في القوى ويُعيد للفلسطيني ورقة تفاوضه انطلاقا من الخط الأخضر وليس من الحقائق الناجزة على الأرض ـ أي من بؤر استيطانية وتقطيع أوصال جغرافيا الدولة الفلسطينية المتخيلة. إن اكتساب الفلسطينيين لشرعية دولية في هذه الجزئية من الصراع/التفاوض يعني إضعاف الرواية الإسرائيلية بشأن هذه الجزئية وإرباك الإجماع الإسرائيلي شبه التام عليها.
مركّب آخر يضغط على أطراف الإسرائيليين هو البُعد الرمزي المعنوي لحدث كهذا. فقرار أممي ـ مهما تكن الجهة التي يصدر عنها وعدد الدول المؤيدة له ـ سيشكّل بداية لمرحلة جديدة في الصراع المستمرّ وانطلاقا لمفاعيل وأحداث متلاحقة مغاير في اتجاه سيرها وانعكاساتها للمرحلة السابقة. وأمكننا أن نتلمس وجهة التطورات اللاحقة من موقف مصر وتركيا حيال السياسات الإسرائيلية. بمعنى، أن اعترافا دوليا يقوي القضية الفلسطينية في صيغتها الراهنة من شأنه أن يفتح أبواب واسعة لتعامل دولي مغاير مع إسرائيل لجهة وضعها أمام استحقاق سيصعب عليها الهروب منه. فإما أن تقتنع وتذهب في مسار التفاوض وصولا إلى قيام دولة فلسطينية ضمن غطاء الشرعية الدولية، أو التعرّض لضغوط الحظر والمقاطعة التي سيندفع محدثوها بهمة في تطويرها مستندين إلى اللغة الدولية وتسمياتها ومقتضياتها، كما سيعبّر عنها في القرار المأمول.
إن إضفاء الشرعية مجددا على فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة يعني الانتصار العالمي المعنوي والعملي للقضية الفلسطينية والحق الفلسطيني النسبي المطروح للتفاوض. وهذا في شقه الأوّل تزكية لمطلب سياسي حق وعادل. وفي شقه الثاني انتقاص واضح من شرعية سياسات إسرائيل وانتقاص مضمر من شرعية وجودها بصيغتها الراهنة. وهو أحد النقاط الحساسة في التجربة الإسرائيلية. فإسرائيل، بسبب من تاريخ نشوئها وملابساته، لا تزال تتوجّس خيفة في سؤال الشرعية. فهي، وإن اكتسبتها بالقوة فلا تزال جادة في تحصيلها بالسياسة دون أن تكون مستعدة ـ حتى الآن لدفع الثمن الكامل للفلسطينيين تحديدا وللعرب وللأسرة الدولية. في الحدّ الأدنى، سيفهم الإسرائيليون منح شرعية دولية متجددة لمشروع الدولة الفلسطينية على أنه ضعضعة ما لمشروعها هي على ملفاته.
من المهمّ، أيضا، أن نلتفت إلى التمثيل/الصورة التي سينتجها قرار أممي يعترف بفلسطين دولة. قرار كهذا، في رأينا، سيرسم صورة الصراع من جديد على نحو مغاير لما ارتسمت عليه بفعل فلسطيني أو إسرائيلي أو بفعل مشترك أو بأثر التحولات في العالم ـ الإرهاب العالمي مثلا. فقرار كهذا يعرّف من جديد وبقوة الغبن والمغبون ومُحدث الغبن. سيحدّد هوية الضحية وحقها ويشير إلى الفاعل وواجباته. وهذا أمر في منتهى الأهمية بعد سنوات اختلطت فيها الأوراق لصالح الجانب الإسرائيلي الذي بدا لردح غير قصير "ضحية العرب والفلسطينيين". إنه حدث هام في لتطوير "تسويق" القضية الفلسطينية وإقناع العالم الجديد والأجيال الجدية بها وباستحقاقاتها.
ستتضاعف الفائدة الفلسطينية من هذا الحدث طالما التزم الفلسطينيون على اختلاف مذاهبهم السياسية باعتماد الدبلوماسية ـ لغة العالم المتشكّل واستراتيجيات لا عنفية كخيار ممانع. وهو ما يستدعي المزيد من الجهد الفلسطيني خروجا من أنساق متقادمة تكرس العنف والعمل العسكري نوعا من "المقدسات" أو "الثوابت" بينما الثابت هو الحق الفلسطيني المطلق في عدل نسبي! فاستدامة اللا عنف نهجا فلسطينيا سيساعد دولا وقوى عالمية في السعي إلى تطبيق القرار الأممي على ألأرض بما يتفق مع المشروع الفلسطيني السياسي الراهن.

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254