الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(الإفرنج) يُعيدون إنتاج (العثمانية) بعد قرن من إسقاطها..لتجويف تطلعات الشعوب!!؟

محمود حمد

2011 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ان مايميز هذه المرحلة في تاريخ عالمنا هو:
1. تعفن الأنظمة (المستبدة) الدائرة في فلك النظام الرأسمالي العالمي (بغض النظر عن الأقنعة التي تَخَّفت وراءها طيلة فترة إستبدادها)..الى الدرجة التي أصبحت فيها تلك الانظمة عاجزة عن حماية نفسها وتبرير وجودها!
2. تفاقم أزمة النظام الرأسمالي العالمي العامة ، وإنزلاقه الى أزمات اقتصادية مستعصية ومتعاقبة دفعته للتورط في هزائم عسكرية وسياسية ومالية متتالية!
3. صعود الصين كقوة عالمية منافسة لإقتصاديات الدول الرأسمالية مجتمعة ( تؤكد معظم الدراسات الامريكية والاوربية ومنها (مركز الامن القومي الامريكي ـ اعلى سلطة استراتيجية في امريكا) على ان عام 2025 سيشهد صعود الصين كأكبر قوة اقتصادية في العالم وينهي عصر الهيمنة الامريكية على الاقتصاد العالمي!
4. يقظة الشعوب للخلاص من (النظم المستبدة) سعياً للحرية والتمدن والرخاء.. مع غياب قيادات فيها ، ذات برامج تنموية واضحة وكفوءة وعاقلة ومؤثرة بالجماهير!
5. تفاقم دور (الاعلام العقائدي) في صناعة وتوجيه الأحداث ، الى جانب ( سقوط جدار الممنوعات الاعلامية ) نتيجة التطور التقني الهائل في ميدان الاتصال!
6. بحث الاستراتيجيين الامريكيين والغربيين الحثيث منذ وقت مبكر عن إستراتيجية لإدارة أزمات هذا المنعطف التاريخي ، وإعادة اقتسام الثروات والنفوذ والمصالح في العالم فيما بينهم..وخلق وعاء مُستَحكَم قادر على إحتواء تداعيات:
• إنهيار الأنظمة المستبدة الحليفة لها!
• نهوض التنين الصيني!
• إستفاقة الإرادة المستقلة للشعوب!
(صدر عن مجلس الأمن القومي الأمريكي عام 2009 تقريرا لمجموعة من أكثر من ألف باحث تابعين للمجلس عن توقعاتهم للعالم عام 2020 جاء فيه : أربعة سيناريوهات محتملة للنظام العالمي في عام 2020، ومنها: قيام خلافة جديدة، حيث ستجتاح العالم الإسلامي محاولة صهره في دولة واحدة ، بعد أن تنجح في إسقاط العديد من أنظمته ـ وخاصة في الشرق الأوسط)!!!!.*
وهنا نتساءل:
هل الأمريكان (مُبَشِِّرين).. أم (مُحَضِّرين) لهذه (الخلافة الجديدة)؟!!
إن من يتابع الإنتفاضات في منطقتنا منذ ديسمبر 2010 الى يومنا هذا لابد ان يتساءل :
لماذا (الإصطخاب) الرسمي التركي (العضو في حلف الناتو) بشأن الإنتفاضة السورية..دون غيرها من إنتفاضات شعوب المنطقة؟!!
هل لأن (الغزو العثماني) للبلدان العربية جاء عبر البوابة الشامية عام 1517؟
أم لأنها دولة جارة تتعرض لـ(الاستبداد) المحلي الدموي فحسب؟!!
وهم الذين عقدوا حلفاً استراتيجياً بالأمس القريب مع نفس (النظام المستبد!) عندما كان مستعدا لمشاركتهم في ذر الرماد بذاكرة الشعب السوري المُطالب بإستعادة اراضيه التي تحتلها تركيا!
في ذات الوقت الذي يتعرض فيه مواطني تركيا من الكرد والأرمن وغيرهم للإضطهاد والملاحقة والتهميش والإستبداد داخل تركيا وخارجها!!!!!
وفيما كان الموقف الرسمي التركي من ليبيا (مُحبِِطا) للمنتفضين في أوج أزمتهم..و(خاذِلاً) للمصريين والتونسيين أيام محنتهم..و(مُتغافلاً) ثورة اليمنيين ..ومتجاهلاً معارضة البحرينيين..على الدوام؟!
أم ان الهدف هو:
تصنيع حكومة فاشلة في الورش العثمانية ، تُذعن للإحتلال التركي للأراضي السورية..وتكون جزءا من ( الشرق الاوسط الكبير بجلباب عثماني)؟!
مما يتطلب إعادة قراءة التاريخ المعاصر بعقول وطنية مفتوحة..لأن ملامح المرحلة الجديدة التي يراد تشكيلها لمنطقتنا ملغومة بإرث الماضي الإستبدادي..وإن ظهرت لافتاتها على مسرح الإعلام المُوَجَّه..بألوان (ديمقراطية مهلهلة)!
لقد احتل العثمانيون العالم العربي أربعة قرون(1517-1918). و قهروا خلالها العباد والبلاد بـ(إسم الدين).. و قمعوا وطاردوا وسجنوا وقتلوا دعاة الاستقلال والخبز والسلام والحرية. وكان آخر تلك المجازر جريمة جمال السفاح الذي علق زعماء الاستقلال العربي على أعواد المشانق بساحة الشهداء في بيروت عام 1915 ، وأعدم فيها 21 من الزعماء السوريين واللبنانيين!
ولم نسمع مسؤولا تركيا يوماً يعتذر لشعوبنا وشعوب العالم الاخرى عن (جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية ) التي إرتكبها العثمانيون طيلة القرون المريرة التي إغتصبوا فيها تلك البلدان ومسخوا هوياتها الوطنية!!!
وترك (الاستبداد العثماني) وراءه تخلفا مُزرياً وخراباً عميقاً..ليتوارثه المستعمرون الاوربيون كبيئة مَوبوءة مُساعدة لهم في تحقيق المزيد من النهب للثروات وهدر حقوق الانسان وإغتصاب مصالح الأوطان وتمزيق الجغرافيا والتفريط بها!.
ان الكارثة التاريخية التي حلت بشعوبنا التي كانت ترزح تحت نير (الاستبداد العثماني) بإسم الدين هي وقوعها تحت نير (الإستبداد الاوربي الاستعماري) بدعوى التحضر!..والذي تكرس بإتفاقيات سايكس بيكو ومابعدها بين الانجليز والفرنسيين اللذين تقاسما الاراضي العربية كغنائم لهم بعد الحرب العالمية الاولى!
ونعيد الى الإذهان ذلك (الخلاف الفرنسي التركي) بشأن ليبيا في الاشهر الاولى للانتفاضة الحالية ( بسبب خلافهما داخل حلف الناتو حول شؤون لاتمت بصلة لمصير الشعب الليبي) ..وعند عَقدِهم صفقة سرية بينهما فيما بعد (سوف تنفضح قريباً!)..تَغيَّر إثرها الموقف التركي من الانتفاضة ، وتحول فجأة من ـ المساواة بين القاتل والقتيل الى زيارة إستعراضية إعلامية لوزير الخارجية التركي الى بنغازي ـ!!!!!
بل ان ساركوزي وحليفه كاميرون حرصا على الإحتفال بطرابلس كـ( محررين!!!) في 15/سبتمبر للوقوف الى جانب قادة المجلس الانتقالي الداعين لـ(الدولة المدنية) بغياب قادة طرابلس العسكريين القادمين من افغانستان!
قبل ان يصلها أوردغان (فاتحاً!!!) في 16/سبتمبر للوقوف الى جانب قادة المجلس العسكري لطرابلس الداعين لـ(دولة الخلافة) بغياب قادة المجلس الوطني الانتقالي!!!
ان من يضطهد شعبه في الداخل..لايمكن أن يكون نصيراً للشعوب الاخرى ( في الخارج)!
إنها (أدخنة مضلِّلة) لتمرير الحصان العثماني الى المضامير العربية المهجورة!
ولن تبدد ذلك الموقف الشوفيني الإقصائي لافتة (لرفع الحصار عن غزة!) هنا وجملة (ديمقراطية!) رنانة هناك و ـ أزمة!ـ مع اسرائيل بين الحين والآخر..نسمعها من (العثمانيين الجدد!) أمام كاميرات الإعلام الصاخب المشارك في التمهيد لفتح الاسواق القديمة (للامبراطورية العثمانية القديمة !) لقبول المشاريع (الامريكية) المُستَبيحة لبلداننا بإسم نشر الديمقراطية!
ان حقائق التأريخ المستمر في الحاضر ، وخصائص الواقع المُعاش تؤكد ..بأن الإحتلال التركي للاراضي العربية ، مثلما الإحتلال الإسرائيلي هو أحد الاسباب الموضوعية لتحالفهما الاستراتيجي الذي لايمكن ان ينفصم (ان لم يكن في العلن فـ ـ بالسر ـ!!) ..وما الزوابع المفتعلة بينهما بين الحين والآخر في زمن حكومة (العثمانيين الجدد!) إلاّ تضليل إعلامي لما يجري من بناء في الخفاء لمرحلة جديدة أكثر خطورة من الحاضر ، إنفضحت بعض ملامحها في المواقف التركية المُتَبنية للاستراتيجية الامريكية بشأن (الربيع العربي!) الذي تعصف به رمال التخلف الموبوءة ..وفي : خطة نشر شبكة صواريخ الناتو على الاراضي التركية لحماية اسرائيل في هذه المرحلة التي تنتفض فيها الشعوب حول اسرائيل ويتململ الشارع الاسرائيلي فيها!!!
مثلما كانت التوسعية الايرانية وإحتلال الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى ، وطنب الصغرى ، وابو موسى) أحد العوامل الموضوعية لتحالف نظام الشاه مع اسرائيل..وبقاء ـ خطوط المصالح الاستراتيجية نائمة ـ بعد سقوطه ..لإستخدامها في الأزمنة الحرجة المتعلقة بوجود كل منهما.. رغم التَشاتم والوعيد الإعلامي العلني!!
ولو كان الكواكبي حاضراً بيننا اليوم لإختار الوقوف الى جانب شعبه بمواجهة (إستبداد حزب البعث!)..ولفَضَح نوايا (الحصان العثماني!) المُدَربِك على الحدود..والمُتَغلغل في بعض العقول العربية السََكرى بالطائفية..اوالمَغشي على بصيرتها بقشرة التأريخ المُدوَّن في بلاط السلاطين!
لأنه المُفَكِّر ـ المُستقل العقل ـ الحاد البصيرة..المُدرك لحقيقة..ان: (الحكومة المستبدة تكون طبعاً مستبدة في كل فروعها، من المستبد الأعظم إلى الشرطي، إلى الفراش، إلى كنّاس الشوارع، ولا يكون كل صنف إلاّ من أسفل أهل طبقته أخلاقاً، لأن السفلة لا يهمهم طبعاً الكرامة وحسن السمعة، إنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدومهم بأنهم على شاكلته، وأنصار لدولته، وشَرهون لأكل السقطات من أيٍ كانت ولو بشراً أم خنازير، آبائهم أم أعدائهم، وبهذا يأمنهم المستبد ويأمنونه، فيشاركهم ويشاركونه. وهذه الفئة المستخدمة يكثر عددها ويقل حسب شدة الاستبداد وخفته؛ فكلما كان المستبد حريصاً على العسف إحتاج إلى مزيد الدقة في إتخاذهم من أسفل المجرمين الذين لا أثر عندهم لدين أو ذمة، وإحتاج لحفظ النسبة بينهم في المراتب بالطريقة المعكوسة، وهي أن يكون أسفلهم طباعاً وخصالاً أعلاهم وظيفة وقرباً. ومن ثم فالمستبد، وهو من لا يجهل أن الناس أعداؤه لظلمه، لا يأمن على بابه إلا من يثق به أنه أظلم منه للناس، وأبعد منه عن أعدائه .)ـ الكواكبي/ طبائع الاستبداد.
ومن يقرأ هذه ـ السوآت ـ يجد انها (التوصيف الوظيفي) الواقعي ـ وشروط التوظيف المُلْزِمة!! ـ لجميع الأفراد والزُمر المحيطة بالمستبدين في بلداننا!!
• واليوم يتشكل (نموذج) لـ(إستبداد) جديد هو حصيلة (زواج مسيار!) او (زواج متعة!) بين (الإستبداد العثماني او القاجاري والإستبداد الانجلوسكسوني الاستعماري) لإستيلاد نمط جديد من (الإستبداد) هو (الإستبداد الإسلاموي بثوب إفرنجي لخدمة مصالح الاستعمار الجديد!).. بهدف إحتواء عناصر (النهضة الشعبية العقلانية التنموية المدنية) الهادفة الى تحرر الأفراد والشعوب الحقيقي وضمان سيادة الاوطان التي تحترم مواطنيها ..وإستعادة اراضيها التي أُغتصبت بالصفقات السرية بين الدول الاستعمارية!
• وهي نهضة ليست مقطوعة الجذور عن تأريخ الكفاح ضد الإستبداد في بلداننا ومنها بلاد الشام التي تنزف دما بسلاح (الإستبداد البعثي!) و(رصاص ـ المستبدين ـ المتطرفين المحليين اوالمتسليين من الخارج للانتفاضة الشعبية ..الذين ينخرون الانتفاضة من داخلها بمعاول التخلف والكراهية للآخر!)..
• قبل مايقرب من ثلاثة قرون كتب الشيخ أبو المواهب الحنبلي الدمشقي المتوفى سنة 1773م الى والي دمشق رافضا أوامره التي أراد بموجبها فرض ضرائب باهظة على سكانها.. مايلي:
(إن الرعية لا تحتمل فإما أن ترفع هذه المَظلمة، وإما أن تهجر البلد والجمعة لا تنعقد عندكم)!
وهذا يشير الى أن يوم الجمعة هو مناسبة دينية تختص بتجديد البيعة للحاكم او خَلعها (إرحل!)!!!!
• وبناء على ذلك وغيره.. نتساءل:
لماذا لجأت امريكا لـ(حصان طروادة العثماني ) بديلا لـ(مجنزرات) المارينز..لإستراتيجية تمددها في عقول وجغرافيات منطقتنا؟!!!
يأتينا الجواب من صليل الواقع..للأسباب التالية:
(1) فشل الغزو العسكري الامريكي المباشر للعراق ، وعجز(حكومة المحاصصة) التي جاء بها الإحتلال الى العراق عن تبرير وجودها كـ(نموذج) لنظام الديمقراطية المستوردة للشرق الاوسط !
بعد ان أشاعت تلك التجربة المتخلفة والدموية ، الموت في العباد ، والخراب بالبلاد!.. وأقامت (لانظاماً) من رمال المنافع الفئوية البدائية على شاطئ بحر المصالح الشعبية الهائج!
وبَثَّتْ فيروسات الدكتاتورية (القبلية) الشرهة المطامع في قحفة رأس الدولة وجسد المجتمع ، في بيئة أدمَنَت تأريخياً عبادة الفرد الصنم!..
وإن لم يتدارك العراقيون أمرهم قبل فوات الآوان..فإن دكتاتورية وحشية مظلمة (مستبدة!) تتشكل لهم خلف قناع الدين..وستتأبد أكثر مما كانت عليها سابقتها!!
(2) تبدد أثر الإتفاقيات وتفاهمات الانظمة العربية مع اسرائيل في المجتمعين العربي والإقليمي ( وحتى الاسرائيلي!)، نتيجة ثلاثة عوامل رئيسية:السياسة العدوانية الاسرائيلية اليمينية المتطرفة، وتنامي اليقظات الوطنية لشعوب المنطقة الرافضة للتمرد الاسرائيلي على القانون الدولي ، وانفضاح دور الانظمة العربية الدائرة في الفلك الامريكي ، مما كرس الموقف من إسرائيل كلاعب منبوذ في الإقليم!
(3) إزالة حسني مبارك كحاكم (مأجور) في مصر لحماية المصالح الامريكية والاسرائيلية بالمنطقة ، وغموض مصير النظام وإنشغاله بالحرائق الداخلية من بعده!
في زمن استيقاظ شبيبة مصر المنتمية لحقوق الانسان الحر والوطن السيد!
(4) هروب زين العابدين بن علي كـ(مندوب) مُذْعِن لحماية المصالح الاستعمارية الأجنبية في شمال افريقيا ، وإلتباس الوضع من خلفه!..دون ان يهدأ هدير أجيال متعاقبة من التونسيين المتطلعين للحرية والعيش الكريم!
(5) تهاوي نظام علي عبد الله صالح كـ( مرتزق) ضمن القوة الامريكية في المنطقة لمحاربة خصومها وحماية مصالحها، وبروز القوى غير الموالية لامريكا في صنع التاريخ الحديث لليمن ، رغم إستماتة الولايات المتحدة للإبقاء على تماسك نظام صالح كأول نظام يقيم قاعدة رسمية لـ(السي أي أي) في المنطقة لملاحقة مواطني اليمن والدول الاخرى بدعوى الارهاب! .
(رسم قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال جيمس ماتيس، صورة قاتمة للوضع في اليمن في ردّ مكتوب قبل مثوله أمام لجنة القوات المسلحة يوم 27 يوليو/ تموز الماضي ، إلى أن مجموعة من العقبات المختلفة ـ يمكن أن تستنفد موارد صنعاء العسكرية والأمنية ودفع الوضع نحو نقطة الانهيارـ)!!!
حيث يفاجئ أهل اليمن (المسالمين رغم إختزانهم لسبعين مليون بندقية!) شعوب العالم بصواب القول السائد (الحكمة يمنية!) و(الإستبداد وحش مجنون!).
(6) إنتهاء الصلاحية التأريخية لدور الانظمة الحليفة لامريكا في المنطقة كقوى اقليمية مؤثرة ، وبقائها مرتكزة الى قوة المال فحسب، التي تعصف بها الأزمات العالمية والإقليمية والمحلية..إضافة الى جثومها على أزمات داخلية مُكبَّلة بالكبت ، وإشتعال المحيط الاقليمي برفض العسف من حولها!
مع الادراك العميق للقوى العاقلة في تلك المجتمعات لدورها التأريخي في بناء أوطانها ومجتمعاتها بعيدا عن الهيمنة!
(7) إفلاس النظام الاردني اقتصادياً وشعبياً وسياسيا ً، وإنشغاله وغرقه بأزماته الداخلية ، وفشل محاولات إنعاشه وإعادة إنتاج دوره الاقليمي!
في الوقت الذي تتصاعد فيه الحركة الشعبية الداعية للاصلاح الجذري ولتطهير مؤسسة الدولة من الفساد، التي امتد أزيزها الى مؤسسة الحكم!
(8) إتساع نطاق التمدد الايراني (المشاكس للسياسة الامريكية !) في المنطقة ، مما إستدعى توظيف (الصخب الطائفي!) الايراني وتأجيجه للإبقاء على ساحة الصراع ساخنة على الدوام..لتمرير المشاريع المريبة!
على إيقاع أجيج التنور الفائر في أحشاء الشعب الايراني..للخلاص من الإستبداد الديني المُغَلَّفِ بالإستبداد السياسي!
(9) استنزاف طاقة الكويت خلال غزوها وكذلك بسبب دورها في غزو العراق ، وتفشي الفساد في بنية الدولة ..حتى أمست نظاما خاويا ينتظر تداعيات أفعاله ونويا المحيطين به ( نشر موقع ويكيلكس بتاريخ 30/8/2011 عن السفيرة الامريكية في الكويت ديبورا جونز قولها: الكويت لن تبقى لسنة 2020 ، لأن القائمين عليها وأعيان البلد مشغولين بنهب ثرواتها كإنها دولة مؤقتة)!
وهذا ما دعا القوى الشعبية الواعية والنخب الكويتية (العاقلة) لإعلاء صوتها بوجه الفساد الذي يهدد وجود الوطن ومصالح المواطن!
(10) نجاح حكومة اوردغان (العثمانيون الجدد) إنتخابيا كمؤشر قياسي على مدى شعبيتها داخليا ، بغض النظر عن مدى تعبير ذلك عن الواقع المدني للمجتمع التركي..وكنموذج (اسلاموي) خرج من رحم الناتو وترعرع في كنفه..يرفع شعار (الديمقراطية!) ويلتزم (الدستور العلماني الذي وضعه اتاتورك!)..على الرغم من الإضطهاد القومي والطائفي الموروث والذي يمارسه نظام (العثمانيين الجدد) ضد شعوب الدولة التركية من غير الترك ومن غير مِلَّة النظام!..وهم يدركون ان أحد أركان (الديمقراطية) هو ضمان حق الأقليات في الحصانة من كل اشكال الاستبداد!
مع ميل متحمس من إستراتيجيي امريكا ـ في هذا المنعطف التاريخي ـ لتسويق هذه التجربة كبديل لـ(ديمقراطية المُفخخات!) في العراق التي جاء بها الغزو!
وتعبيرا عن حاجة اولئك (الإستراتيجيين) الى الإستنجاد بالموروث السياسي الاستبدادي لمرحلة ماقبل الاستعمار الحديث ، وإستعارة منهجياته وأدواته ، لإدارة عقول الشعوب (الجامحة!) للحرية في المنطقة ، وإخضاعها على أيدي (نُخَبٍ رخيصة!) منها ، بسيوف الطائفية والعرقية..بعد فشل جميع تجارب إخضاع الشعوب بقوة الإحتلال العسكري المباشر! ..
وتشبث هؤلاء(الاستراتيجيون المُحبَطون) بتشكيل (الشرق الأوسط ـ الامريكي ـ الجديد ) الحارس للمصالح الامريكية ولإسرائيل على حساب دماء وحرية ومصالح شعوبنا..بجلباب (عثماني) مغاير لـ(بدلة المهرج ) الفاضحة ، التي جاء بها شمعون بيريز عام 1991 في مدريد كـ(رداء للشرق الاوسط الجديد)!
حتى طغى صوت (العثمانيون الجدد) على ضجيج الدول الاوربية من اعضاء الناتو ، وعلى صتيت مندوبي أنظمة العرب ـ المغلوبة على أمرها ـ في الجامعة العربية ..فصاروا يستمعون لـ (تحذيراته!!) من على منبر الجامعة..بأدب جَمٍّ ، لايعقبها سوى الجلوس بصمت على التل..متوهمين تأمين السلامة!!
ويختفي المُضَلِّلون العرب خلف ـ العنتريات ـ الإعلامية عن (الخلاف التركي الإسرائيلي) لفك الحصار عن (المسلمين) في غزة!..
في وقت يقتل النظام التركي (بشكل منهجي!) أهل العراق وسوريا (المسلمين) عطشا!..
ويقصف الفلاحين (المسلمين) الكرد بالطائرات والمدفعية في تركيا وفي شمال العراق!..
ويَستَخفّ بمأساة ملايين الأرمن ووجودهم في تركيا وخارجها على مدى أكثر من قرن!..
وترفرف رايتهم (الاسلاموية) في سماء تل ابيب..التي تُبيد أهل غزة!!!
(11) مع التأكيد على تعلق النظام التركي التأريخي ( على اختلاف شعارات حكوماته) لما يزيد عن قرن بعشق من طرف واحد للنظام الاوربي!
• لقد بدأ الحلم التركي لدخول بيت الطاعة الاوربي مع ظهور الأتارتوركية (الدستورية) القومية المتطرفة ذات المضمون (الاسلاموي) في مطلع القرن الماضي..بديلا للدولة العثمانية الاسلاموية الطائفية(المستبدة) ذات المضمون القومي العنصري المتطرف!
• في نفس الوقت الذي ظهرت فيه الحركة (الدستورية الشاهنشاهية) في ايران في اعقاب (الاستبداد )القاجاري الاسلاموي الطائفي في ايران مطلع القرن الماضي!
• ويواصل (العثمانيون الجدد)..بقيادة اوردجان ومهندس سياسة ـ العمق الاستراتيجي ـ ( احمد داوود اوغلو) السعي.. للإنظمام للاتحاد الاوربي وفتح ثغرة في جدار الرفض الفرنسي..حيث يعتبر الرئيس ساركوزي: أن تركيا ليست دولة أوروبية وإنما احدى دول آسيا الصغرى!
• الى ذلك فإن الانضمام الى الاتحاد الاوربي يشترط تجميل صورة النظام التركي من جهة ، (وتخفيف صورته كحصان امريكا في مضمار الناتو ) ، والقيام بمبادرة فائقة تعبر عن الإخلاص للمصالح الاوربية ، وتظهر قدراته على الوصول الى مواقع إستراتيجية يعجز غيره من أعضاء الإتحاد الوصول اليها، وممارسة سياسة تؤكد إنتماءه لأهداف وسياسات الاتحاد الاوربي الإقليمية والدولية..(دون تعريض ولائه الأساسي لامريكا..الى اية شبهة!!) والأهم : مقايضة الحصول على عضوية الإتحاد بخدمة إستراتيجية تقدمها تركيا لامريكا ولأعضاء الناتو والإتحاد الاوربي على حد سواء!
• ان العقلية العثمانية الإستحواذية هي التي اقتطعت عام 1939 اهم الموانئ السورية على البحر المتوسط لتكون اليوم أهم الموانئ والمراكز التجارية في تركيا ..ونعني (لواء الاسكندرونة) ضمن صفقة عقدها المستعمرون الفرنسيون مع الاتراك لقاء تحالفهم معهم استعدادا للحرب العالمية الثانية..وكأحد تداعيات اتفاقية سايكس بيكو (السرية) التي أُبرمت عام 1916 بين دولتي الإحتلال (بريطانيا وفرنسا) وبمباركة القيصرية الروسية لتقسيم سوريا الكبرى!..
تلك الاتفاقية التي فضح ـ البلاشفة ـ بنودها بعد سقوط القيصرية في روسيا عام 1917.
• لهذا تأتي سياسة (الاحتواء العثماني!) المُكَفَّن بجلباب ملتبس لـ(ديمقراطية من القِشْ!) لاحلام شعوب المنطقة في التحرر من الاستبداد..مقايضة تأريخية لإسترضاء الدول الاوربية وفتح كوة في جدار الرفض الذي يحول بينها وبين الانظمام للاتحاد الاوربي ..!
• في ظروف موضوعية ملتبسة وشديدة الحراك..تتميز بالإندفاع التركي المتعدد الجبهات ..والتدخلات الايرانية المتنوعة الساحات..والاستسلام العربي المتداعي الأزمات..واللعب الامريكي على حبل التناقضات!
• وفي هذه البيئة المتخمة بالظروف الموضوعية السريعة الاشتعال ..يستعد الناتو لنشر شبكة الصواريخ المضادة في تركيا..مما يدعوا للتساؤل ..
نشر الصواريخ لمصلحة من ؟!!!!
وضد من؟!!!!!
في ظل رياح التغيير العاتية في منطقتنا..التي سوف تمتد بدون شك الى ايران وتركيا..ولو بعد حين!!
• اليس في ذلك تأجيج لوقود (الفوضى الخلاّقة) التي تحمل في جوفها :الاسلام العثماني المُهَجَّن..وإسلام القاعدة المُفَخِخْ..والاسلام الايراني الإستفزازي..وإسلامات الانظمة العربية المُذعنة..ونوايا أمريكا وممارساتها الصلفة!
• تلك (الفوضى الهدّامة) التي بدأت تداعياتها ورموزها تطفو على سطح الانتفاضات في منطقتنا بمباركة امريكية ورعاية (العثمانيين الجدد).. لتفجير تلك الانتفاضات من الداخل ، وإحالة (الربيع العربي) الى (الجحيم العربي)!
(12) قبل قرن ونيف كتب عبد الرحمن الكواكبي (الحلبي).. في كتابه( طبائع الاستبداد ) :(أن الإستبداد السياسي متولد عن الإستبداد الديني ) ذلك الكتاب الذي كتبه تحليلاً لـ (الإستبداد العثماني)،..
الكواكبي..الذي هرب الى القاهرة بحثا عن ملاذ آمن من بطش العثمانيين ، فتعقبه عملاؤهم إلى القاهرة ودسّوا له السم ، ليقضي نحبه مساء الخميس ١٤ حزيران عام ١٩٠٢.
وفي عقله وضميره جميع الافراد والامم والحواضر التي عانت من (الاستبداد العثماني) ..ومن تلك الحواضر المُستلَبة.. مدينته (حلب) العريقة..التي نشأت قبل اكثر من اربعة آلاف سنة ، وعاصمة الدولة الحمدانية ، وثالث اكبر مدينة في الامبراطورية العثمانية بعد الاستانة والقاهرة، وإحدى ضحايا الإطماع التركية التي إقتطع منها كمال اتاتورك مدن عينتاب ومرعش وأضنة ومرسين، وضمها إلى تركيا في مطلع العشرينات!
ورغم ذلك..هي اليوم اكبر مدن بلاد الشام من حيث عدد السكان ، والعاصمة الاقتصادية لسوريا..وأكثر المدن السورية توجساً من النوايا (العثمانية)!!
لأن ذاكرة التاريخ لاتُمحى بالتضليل الإعلامي..لأنها حقائق مُجسَّدة ومتفاقمة على الارض!
مما يستوجب اليقظة من صفقة كارثية ، لإعادة إقتسام المنطقة بين (الدول الاستعمارية القديمة) و(العثمانيون الجدد) من خلال إستيلاد الإستبداد السياسي المعاصر من الإستبداد الديني الموروث ..وإختطاف حلم الشعوب المنتفضة للخلاص من كل اشكال (الاستبداد)!!!
-----------------------------------------
* من المعلوم ان المجلس المذكور.الذي يعرف اختصارا بـ NSC ، وهو مجلس تابع للرئاسة الأمريكية يختص بقضايا الأمن القومي والأمور المتعلقة بالسياسة الخارجية مع مستشار الأمن القومي ومجلس وزراء الولايات المتحدة وهو جزء من المكتب التنفيذي للولايات المتحدة ومديره التنفيذي الرئيس اوباما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر