الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والسياسة.. للمرة الألف!

سعد هجرس

2011 / 9 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


قبلت لجنة الأحزاب السياسية الأخطار المقدم من الدكتور حسام بدراوى وعماد سلامه بصفتهما وكيل مؤسسى "حزب الاتحاد". كما قبلت الأخطار المقدم من المهندس محمود طاهر وشادى الغزالى حرب بصفتهما وكيل مؤسسى "حزب الوعى".
لكن اللجنة رفضت تأسيس حزب "البناء والتنمية"، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية.
وكان مبرر رفض اللجنة هو ان برنامج هذا الحزب ينص على تطبيق "الحدود" الإسلامية، وبذلك أصبح الحزب يقوم على أساس دينى.
وهو المبرر الذى رفضه طارق الزمر المتحدث الرسمى باسم الجماعة الإسلامية، قائلا ان "القرار ليس بعيداً عن الخلفيات السياسية، وأنه لابد من إعادة النظر فيه لأنه لا يقوم – حسب رأيه- على رفض قانونى محض، وان الجماعة ترى ان النص الذى اعترضت عليه لجنة شئون الاحزاب له – من وجهة نظره – أساس دستورى، لان المادة الثانية من الدستور تنص على ان مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع".
***
وفى الحقيقة فإن هذا القرار يبين ان جميع الأطراف فى ورطة.
فلجنة الأحزاب السياسية استندت الى قاعدة منطقية وكانت محل إجماع كل الفصائل والقوى ذات الصلة، وهى عدم جواز قيام الأحزاب على أساس دينى.
والبرنامج الذى قدمه حزب "البناء والتنمية" يؤكد هذا الأساس الدينى، الأمر الذى يسوغ للجنة الأحزاب السياسية رفض قيامه.
لكن المشكلة هنا هى أن نفس اللجنة سمحت بقيام عدد كبير من الأحزاب رغم أنها قامت على الأساس الدينى ذاته. ولم تقل لنا اللجنة الموقرة لماذا سمحت بقيام هذا ورفضت قيام ذاك، وما هى المعايير التى استندت إليها فى هذه الانتقائية، علماً بأن أحزاب السلفيين التى وافقت عليها لجنة الأحزاب تجاهر بعزمها على تطبيق "الحدود" وغيرها من الإجراءات التى تراها جزءا لا يتجزأ من الشريعة الإسلامية.
فلماذا الكيل بمكيالين؟!
ولماذا تم السماح أصلا بانتهاك القاعدة الذهبية التى لا تجيز قيام الأحزاب على أساس دينى؟!
***
والجماعة الإسلامية وضعت نفسها فى ورطة هى الأخرى، أولا بتفسيرها الخاص للمادة الثانية من الدستور (الذى لم يعد له وجود أصلا)، فهذا تفسير متعسف للغاية ويخالفها فيه معظم القوى والتيارات السياسية، بما فى ذلك فصائل تنتمى إلى تيار الإسلام السياسى. فضلا أن قصر مبادئ الشريعة الإسلامية على أمور مثل تطبيق "الحدود" مسألة خلافية أيضا حتى فى الدوائر الإسلامية، ناهيك عن رفض كل القوى الحديثة، ليبرالية كانت أو يسارية، أو إسلامية معتدلة، لمثل هذه التوجهات التى تحتفى بـ "الوسائل" والأدوات والإجراءات أكثر من احتفائها بـ "الجوهر" و"الغايات" السامية لكل الأديان.
وإصرار بعض فصائل الإسلام السياسى على الدوران فى الحلقة المغلقة لهذه الجزئيات والشكليات يعكس مشكلة فى قراءة العناوين الرئيسية لخريطة طريق مصر للخروج من التخلف والبؤس والتبعية والاستبداد إلى إرساء دعائم دولة الحق والقانون، والنموذج الحى للحزب الاسلامى العصرى رأيناه متجسداً فى التجربة التركية بقيادة طيب رجب أردوغان، الذى استطاع ان يحول بلاده إلى قوة إقليمية عظمى بسبب اهتمامه بـ "الجوهر" وعدم انزلاقه إلى تفاصيل وشكليات سخيفة من قبيل: هل يمكن ارتداء المايوه البكينى على شواطئ دولة إسلامية أم لا، أو هل يجب قطع يد السارق أم تقديمه إلى ساحة العدالة ومحاكمته بالقوانين الوضعية؟!
ونتيجة لهذا الأفق الواسع لحزب أردوغان الاسلامى أصبحت تركيا على ما هى عليه من تقدم بينما جمود وانغلاق كثير من أحزابنا الإسلامية، وعجزها عن التواؤم مع تطورات العصر فى الألفية الثالثة وثورة المعلومات، يجرنا إلى الخلف.
وليست كثير من القوى الليبرالية واليسارية بعيدة عن الورطة بل هى جزء منها، على الأقل زاوية انسياقها أو استدراجها لهذا الاستقطاب الوهمى بين العلمانية والدولة الدينية، والغرق فى مناظرات - أو بالأحرى مستنقعات – الجدل العقيم حول تفاصيل هذا الاستقطاب، بينما القضايا الكبرى والأسئلة الجوهرية لخطاب النهضة منسية أو مسكوت عنها.. ونرجو ألا يطول السكوت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال