الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصيحة الى القيادة التركية

عصمت المنلا

2011 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



يتعرّض الدور التركي في المنطقة الى هجمة مسعورة، ومُبَرْمَجَة، ومُمَوّلَة بملايين الدولارات من خلال فضائيات وصحف، وأقلام كتاب مأجورين، اعتادوا خوْض حروب إعلامية كمرتزقة في أي إتجاه تأمر به الجهات المُموّلة، صاحبة المصلحة في هذه الحروب..!
التقى الأشرار المعروفين في المنطقة بتطلّعاتهم للإنفراد في الهيمنة، والسيطرة على إرادة الأمة وقراراتها.. من آل سعود الذين سَطَوْ على القرار والإرادة معاً، بإصدارهم المبادرة الإنهزامية الإستسلامية التي أسموها "مبادرة السلام العربية" في قمة بيروت، فآل سعود يُزاحمون مصر، وسوريا، وقطر، وإيران.. الى أن جاءت تركيا بعنفوان محسود، لتخترق "التابو" الشرير المحظور.. فرأينا العجب في مواجهتها، بمختلف الوسائل المتاحة:تلفزيون، صحافة، محاضرات، ندوات، وشعارات ترفع في أيدي متظاهرين في الشوارع والميادين.
مصر .. بعد الثورة، خبا بريق هيمنتها في المنطقة، وتعاملت مع الدور التركي بنصف إنفتاح، وباب موارب.
قطر.. الصاعدة في السلّم السياسي الإقليمي بالوكالة الحصرية من الموساد الإسرائيلي.. ذهل حكامها من سرعة الإختراق التركي للنسيج العربي المحظور على أنقرة منذ حوالي القرن من الزمن.. وما تأمر به تل أبيب يُنفذه الجواسيس، وهكذا بات من الطبيعي أن تضع قطر كل ثقلها المالي في تمويل الهجمة ضد تركيا، تماماً كما تموّل السعودية.. بل أكثر..!
سوريا.. تمترست بمبدأ رفض التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية.. في حين كان الرئيس الطيب أردوغان يُحاول إسداء النصح والمشورة الى الرئيس السوري، مُعتبراً نفسه بمثابة الأخ الأكبر للرئيس بشار، وأنه الأكثر خبرة وتجربة سياسية.. مع حُسبانه أن مُستقبل تركيا مُرتهن الى حدّ بعيد بمستقبل ومصير سوريا، لذلك رأينا أن الدور التركي – هنا - كان مُزدوج الأهداف:
أولاً – تقديم العون لحل الأزمة المتفجّرة دموياً في سوريا، الجارة، الشقيقة، والمُشابهة في مكوّناتها البشرية للواقع التركي.
ثانياً – إعتبار حلّ الأزمة السورية.. يُجنب تركيا السقوط في فخ الفوضى الهدّامة التي لابدّ أن تنتقل اليها في حال سقوط النظام السوري وتمزيق سوريا الى كانتونات مُتحاربة في ما بينها، وبالعنف الذي يُوفر لإسرائيل مستقبلاً آمناً ومستقراً لمئة عام..!
لكن العامل الإيراني المُتضخم دوره في توجّهات القيادة السورية، كان بالمرصاد للإختراق التركي الإيجابي، سواء حيال سوريا.. أو في اتجاه العرب الآخرين، ما حتم على طهران الإنضمام الى مُحاربي الدور التركي، وبشكل أقوى بكثير من شراسة الآخرين، نظراً الى أن تركيا تمثل منافساً خطيراً لإيران في مختلف الصُعُد: العقائدية، والإجتماعية، والتجارية، والسياسية.. إذ يكفي الدور التركي وقوفه منفرداً في مواجهة إسرائيل بشأن قطاع غزة وأهلها المظلومين جرّاء الحصار العنصري الإرهابي الإسرائيلي.. ولم تكن المحاولة التركية لكسر هذا الحصار بحراً عبر أسطولها مُجرّد شعار، أو كلمات عبثية تقال في خطاب، أو تصريح لاستمالة الجماهير كما تفعل القيادة الإيرانية غالباً، التي تبالغ في الأقوال النارية ضد إسرائيل، وتتوارى في الأفعال.. وهذا التسعير في الخطاب الإيراني، يُؤدي بدوره الى مٌغالاة الكيان العبري في إستقوائه بمزيد من أحدث الأسلحة والمساعدات الضخمة في كل الميادين يبتزها من دول الغرب، ومن أميركا يوجه خاص.. إضافة الى قيامه بالمناورات والتدريبات العسكرية المتواصلة باستمرار لضمان سدّ أية ثغرة في قواته المسلحة، وليبقى – كعادته – في أعلى جهوزية لأية مفاجأة غير محسوبة.
إضافة الى استراتيجية إيران المُعادية لتركيا، فإن استراتيجيتها المعادية للعرب جميعاً بكافة ديارهم، تبدو أكثر وضوحاً من خلال إنخراط القيادة الإيرانية في تغطية حروب الفوضى الهدّامة على الأمة العربية.. عَبْرالمشاركة في التحريض والتجييش، وتحشيد المجتمعات العربية، وتمويل الكثيرين مالياً لدعم الإحتجاجات والمظاهرات.. تماماً كما يفعل حكام قطر "جواسيس إسرائيل".. ويكاد صوت المرشد الأعلى في طهران، (وصوت تابعه في لبنان) يتردد صداه في مسامعنا وهو يُحرّض الأمة العربية ضد حكامها وأنظمتها ( وهذا أمر حق.. يُراد به باطل – للأسف).. والباطل هنا، أن تغرق الأمة في أتون نيران الفوضى الهدّامة الدموية الي لاتبقي ولا تذر.. وأن تتحول كل دولة عربية الى عراق آخر، مُهدّم، مُحطّم، فاقد الفاعلية تماماً.. ومُقسّم، كما تحوّل الجنوب العراقي الى "إيراني".. وحكومته موالية لطهران (عقائدياً وسياسياً واقتصادياً)..!
اليوم.. بتنا نعتقد أن الرئيس الطيب أردوغان (كونه يُمثل أعلى سلطة تنفيذية تركية)، هو في أمسّ الحاجة الى النصح والمشورة.. فليس من إنسان مهما أوتي من الحكمة والخبرة والتجربة أن يكون في غنى عن النصح الصادق.. وأتمنى ألاّ يُواحه الرئيس التركي الغيورين، النزيهين، الذين قد يعتقدون بأن إسداءه النصح يساعدون الدور التركي على استعادة وهجه وبريقه في منطقة شاسعة، وأمة كثيفة العدد تتطلّع الى قائد حقيقي مُخلص ونزيه، لترفعه الى مجد الزعامة.. طالما أنه يصدق في سعيه الى مجد هذه الأمة، بإعادة إحيائها.. وتفعيل طاقاتها.. كيف؟
تركيا التي ارتفعت أسهمها بشكل خيالي لدى الأمة جمعاء بمحاولاتها الدؤوب فك الحصار عن غزة وعن أهلها المسحوقين.. ودفعت الشهداء في أسطول الحرية المسالم بمواجهة أسلحة إسرائيل الفتاكة، كان عليها.. إضافة الى طرد السفير الإسرائيلي مؤخراً، قطع العلاقات تماماً مع الكيان العبري العنصري.. لكنها لم تفعل.
تركيا، العضو النشيط في حلف "الناتو" الإستعماري الصليبي، الشرس في قتاله وحروبه الظالمة ضد العرب والمسلمين.. حيث لتركيا أكبر جيش مُدرّب بعد أميركا في هذا الحلف، كان عليها أن تنسحب من عضوية "الناتو" لأكثر من سبب، فالعنصرية الأوروبية مُمانعة تماماً لعضوية تركيا في الإتحاد الأوروبي.. رغم محاولات دائمة ومتواصلة من أنقرة البائسة في هذا الإتجاه الخاطىء، فكان على الرئيس أردوغان أن يفهم جيداً مضمون هذه الرسالة الأوروبية العنصرية.. لا أن يلتقطها – فحسب – ويُواصل طلب الإنضمام (كما يتسوّل الآن محمود عباس الإنضمام الى الأمم المتحدة).. فالثابت، إنه ليس بالتسوّل، وبالتنازل عن الثوابت يُمكن لتركيا الحصول على مقعد في القطار الأوروبي (أو على مقعد في جمعية الأمم المتحدة كما يطمح بعض الفلسطينيين.. وعفا الله عن التنازل عن كل فلسطين، وتأكيد "إسرائيليتها " وتهويدها..الخ).
كان على تركيا أن تنسحب من "الناتو" عندما صدرت القرارات الشيطانية بتدمير ليبيا وتحطيمها على النحو الذي لازلنا نراه مُسلسلاً يومياً من التقتيل والتدمير على أيدي طيّاري أسلحة الجو للدول المشاركة في الحرب الصليبية الواضحة ضد ليبيا، ولا تغيّر نظرتنا الى عنصرية "الناتو" مشاركة حكام قطر(عملاء الموساد) في هذه الحرب الرعناء، ولا تورّط وزير خارجية الإمارات – تحديداً – في قرار دولة الإمارات في هذه الحرب (نظراً لارتباط هذا الوزير مع حكام قطر في فرع "الموساد" الخليجي).. كما رأينا الطيب أردوغان يزور ليبيا في وقت متزامن مع زيارة كبار الإستعماريين الفرنسيين والإنجليز لليبيا، وفي اعتقاد أردوغان أن "براغماتيته" هذه تخدم الشعب التركي إقتصادياً بالعلاقة مع النظام المستجد في ليبيا.. حتى لو أتى هذا النظام على ظهر صواريخ "الناتو".. وعلى ظهر دبابات الدول المحاربة (كما كشفت أخيراً التسريبات عن تواجد قوات برية للناتو تحارب على الأرض مع المتمردين ضد النظام)..!
الآن.. بات متعذراً علينا تصديق أطروحات القيادة التركية كالتي صدرت في مناسبات عدّة، أخيرا.! فهل تسوّل مقعد في الإتحاد الأوروبي، وإهدار كرامة الأتراك، وطعن دينهم في الصميم (هذا، إذا لم نتعرّض بالإنتقاد والرفض لرفع صورة الماسوني الأكبر، إبن يهود "الضولما"، المارق على الخلافة، العسكري كمال أتاتورك.. وصورته في صدر مؤسسات الدولة، وهذا أكبر تحدّي للمشاعر الشعبية التركية ولأحفاد بني عثمان.. الذين أسمعنا السيد أردوغان مؤخراً أكثر من مُوشح في إنتمائه لهم، وتفاخره بأنه حفيد العثمانيين..!).. كيف يتأتى ذلك وصورة أتاتورك العسكري الذي شارك العنصريين الأوروبيين في ضرب وتقويض سلطنة آل عثمان، وفي تمزيق الخلافة، وفي تغريب الأتراك.. لغة، ومضموناً، ومظهراً..!
الآن بات متعذراً علينا تصديق أطروحات الرئيس أردوغان الموجّهة الى القيادة السورية بالإبتعاد عن الحلّ الأمني في معالجة الأزمة الدموية في الشارع السوري.. لأن الجيش التركي يُلاحق الأكراد المظلومين أينما وُجدوا، حتى أنه يجتاز الحدود العراقية في ملاحقتهم لقتلهم..! أليس من واجب القيادة التركية أن تنصح نفسها – أولاً – قبل نصح الجار السوري.. إنسجاماً وقول الشاعر:
لاتنه عن خلُق وتأتي مثله عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
الآن، نعتذر للقيادة التركية العتيدة عن قبول أطروحاتها القومية والوطنية.. بينما جيشها المنضوي تحت عَلَم "الناتو" غبّ الطلب لتنفيذ أيةأوامر عُلْيا.. في أي إتجاه مُحتمَل..!
نقول للطيب أردوغان، وهذه نصيحة من أخ أكبر، صاحب خبرات وتجارب (ربما أكثر): إقطع العلاقات مع إسرائيل حالاً، كل العلاقات: الدبلوماسية، والعسكرية، والإقتصادية.. وأنت حفيد العثمانيين، ولتتطهّر تركيا من "نجاسة" هذه العلاقات بالعودة الى الشأن الفلسطيني النظيف.. دعماً كاملاً غير منقوص، ولا مُستغل – 2 – إنسحب من حلف "الناتو" حالاً، قبل أن تأتيك الأوامر بتدمير بلاد عربية أخرى، كما دمّروا ليبيا – 3 – أوقف حالاً "السفاري" العسكري الشرير القاتل للأكراد.. ولتجلس القيادة التركية الى طاولة الحوار مع وجوه الأكراد الموثوقين من شعبهم.. من أجل التوصّل الى إتفاق حكم ذاتي على غرار إتفاق الرئيس الراحل صدام حسين معهم في ماسُمِّيَ في حينه ب"إتفاق الجزائر" الذي أعطى الأكراد بموجبه حكماً ذاتياً في شمال العراق، بالطبع، فقد تحوّل هذا الحكم الآن الى "دويلة" كردية، بعد أن قسّم الإحتلال الأميركي العراق الى ثلاثة قطع.. وألغى العراق الحقيقي الذي عرفه العالم من الوجود.. وطالما أن كل بلد تتمزق وتقسّم.. فإنها تصبح مُلغاة، وينتفي وجودها بقيام الكانتونات الصغيرة التي غالباً ما تسهّل على الإسرائيليين الإمعان في السيطرة على كامل المنطقة، وإحكام حكمها من تل أبيب..!
لإبطال مفعول ألغام الهجمة الشرسة الإعلامية والسياسية على الدور التركي، لابد للقيادة التركية من الإستماع الى النصح والمشورة الحسنة المُنزهة عن الغرض.. وكما سبق لها أن نصَحَت القيادة السورية (ولم تستجب، ولو فعلَت كانت سوريا اليوم أفضل حالاً بكثير ممّا هي عليه الآن).. حان أوان نصح الآتراك، عسى تستجيب قيادتهم، فتكون القدوة، والمثل الأعلى الذي يُحْتذى به من بلدان عربية تضربها هذه الأيام بلا هوادة مؤامرات الفوضى الهدّامة اليهودية الصنع والمنشأ.. وقبل أن تنتقل الى ضرب الإستقرار والأمن في تركيا (الجارة والشقيقة)، وتحرم الآتراك – بدورهم – من الأمن والأمان..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر