الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


د.سعد الدين إبراهيم والمادة الثانية من الدستور

أشرف عبد القادر

2011 / 10 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في شهر سبتمبر الماضي، وفي فترة وجودي في مصر لقضاء أجازتي السنوية، سعدت بلقاء عالم الاجتماع الكبير ورئيس مجلس الأمناء لمركز ابن خلدون أستاذي وصديقي د. سعد الدين إبراهيم مرتين، وفي كل مرة تناقشنا تقريباً لمدة ساعة، وكنت أتعلم منه بكل تواضع وأيضاً أناقشه فيقبل منى بكل رحابة صدر.كنت قد برمجت لقائي به؛ولكن لما شاهدته في حوار مع قناة "المحور" وحاولت عبثاً التدخل هاتفيا في الحوار الذي كان يدور حول المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن "الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع"،قال د. سعد :أنه يجب وضع عبارة"الشرائع السماوية" بدلاً من "الشريعة الإسلامية"، حتى تكون الدولة على نفس المسافة من جميع الأديان".
مع احترامي الكامل لرأي أستاذي إلا إنني أختلف معه في ضرورة إلغاء هذه المادة نهائياً حتى لا تكون هناك أي مرجعية دينية للدولة،أولاً لأن اليهود قلة قليلة في مصر،ثانياً الديانة المسيحية ليس فيها شريعة مفصلة كما هو موجود عندنا في الإسلام،إذن وجود هذه المادة سيستفيد منها المتأسلمون في إشعال نيران الفتنة الطائفية دائماً والمطالبة بتطبيق الحدود البدنية الدموية كجلد شارب الخمر 80 جلدة،وقطع يد السارق، ورجم الزاني و الزانية ،وقتل المرتد ... إلى غير ذلك من الجرائم ضد الإنسان والإنسانية، متكأين على أن المادة الثانية من الدستور تنص على أن الشريعة هي المصدر الأساسي للتشريع.
التقيت د.سعد في اليوم التالي في مركز ابن خلدون،وشرحت له وجهة نظري التي يتفق معي فيها ولكنه أضاف:"أنه لو كان ولابد من وجود هذه المادة فيجب إضافة "الشرائع السماوية هي المصدر الأساسي للتشريع".
نحن نطالب بمدنية الدولة المصرية الجديدة التي تحاول أن تنهض بعد ثورة 25 يناير ،فعلينا أن نضع دستوراً جديداً تكون الدولة فيه محايدة بكل مؤسساتها،ويكون نظام تعليمها محايد تماماً لا يفرق بين مسيحي ومسلم ولا بين المرأة والرجل ولا بين المؤمن وغير المؤمن،ونكف عن تفسير سورة الفاتحة للتلاميذ الصغار عند قوله تعالى"غير المغضوب عليهم ولا الضالين"بأن المغضوب عليهم هم "اليهود" والضالين هم "النصارى". وندع الدين للأسرة والجامع والكنيسة والكنيس لتعلم الأولاد الدين على أساس أنه علاقة شخصية بين الإنسان وربه، لا تفرض بقانون ولا تجذب معتنقيها لممارسة عباداتهم بالقوة،لأن الإنسان لو أجبر على إقامة شعائر دينه بالقوة،كما يفعل المطاوعة، فالله لن يثيبه علي فعلها لأنه قام بها مضطراً رغماً عنه.
حياد الدولة تجاه كل مواطنيها هو الضمانة الوحيدة لأمن واستقرار البلاد كما اقترح علينا ابن الإسلام البار ورئيس وزراء تركيا الإسلامية الحبيبة،طيب رجب اوردغان،وحياد الدولة هو الواقية من صواعق الحروب الأهلية، لأن النص على دين معين للدولة فيه تعصب لمن ذكر دينهم حتى ولو كانوا الأكثرية، كما هو الحال في مصر،قال رسولنا الكريم "الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل"، مكان الإيمان هو القلب وليس في مواد الدستور،ولسنا بحاجة للنص في الدستور على دين للدولة ،كما أن نص الدولة على دين لها في دستور فيه إقصاء لبقية الأديان الأخرى.
بقاء المادة الثانية من الدستور سيكون هو القنبلة الموقوتة التي ستنفجر في مصر إن آجلاً أو عاجلاً وستكون سبباً للحروب الأهلية بين أبناء مصر أقباط ومسلمين،وربما سبباً في تقسيم مصر إلى دولتين، دولة مسيحية ودولة مسلمة،لذلك يجب أن ننزع فتيل هذه القنبلة الموقوتة،وإعداد دستوراً جديداً لا أثر فيه للمرجعية الدينية.فالدين متروك للمنزل والجامع والكنيسة والكنيس،وليس للدولة والمدارس والجامعات، ولنطبق نصيحة الأزهري المستنير ،وابن مصر البار وزعيم ثورة 1919 سعد زغلول: "الدين لله والوطن للجميع".ولنطبق أيضا نصيحة العظيم اردوغان وهي أن تكون الدولة واقفة على مسافة متساوية بين جميع الأديان.وهذا هو المفهوم الصحيح للعلمانية المتفقة مع صحيح الدين.
واتفق مع أستاذي وصديقي الدكتور سعد الدين إبراهيم،بأنه إذا تعذر- واعتقد انه سيتعذر فالمتوقع مع الأسف هو أن يكتسح المتاسلمون المتعصبون البرلمان القادم – إلغاء المادة الثانية فلابد من إضافة: "وجميع الشرائع الأخرى"،خاصة في مادة الأحوال الشخصية حتى لا نطبق الأحوال الشخصية الشرعية الإسلامية المعادية للمرأة ،إذ تعاملها كقاصرة مدى الحياة وكنصف رجل في الشهادة والميراث.
وشكرا للشيخ حسن الترابي الذي نسخ، لمصلحة النساء المسلمات، آية التفاوت في الشهادة والميراث. وحسنا فعل، فهي متعارضة مع ابسط حقوق الإنسان في المساواة بين الجنسين.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل للدولة دين؟؟؟
Amir_Baky ( 2011 / 10 / 2 - 07:49 )
رغم أن الدولة شخصية إعتبارية غير عاقلة ولكنها لها دين فى الدستور المصرى. إذن أى مواطن لا يدين بدين الدولة فهو مواطن غير دستورى. لذلك يرفض جميع المتأسلمون صياغة أن غالبية الشعب المصرى يدين بالإسلام و يتمسك بأن بصياغة أن مصر دولة إسلامية. وبعد تمرير هذا التهريج فى الدستور يصرون بأن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع. ومن المعروف أن تفسير الشريعة مطاطى جدا فيمكن أن يجعل مصر صومال أو سودان آخرى. والغريب رفض تام من جميع المتأسلمين بوضع تفسير للشريعة موحد و ثابت فى الأمور الشائكة. فالشريعة لها أكثر من تفسير وكل مذهب فقهى له وجه نظر. فهل يوجد فى دستور أى دولة بالعالم مادة مطاطية بهذا الشكل؟

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد