الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مفارقات استحقاق أيلول

رائد الدبس

2011 / 10 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


من مفارقات استحقاق أيلول./ رائد الدبس.
المعركة الديبلوماسية الشرسة التي تدور رحاها في أروقة الأمم المتحدة والكثير من عواصم العالم، ما زالت تثير الكثير من الجدل والمفارقات والسياسية على كافة الأصعدة والمستويات. ولعل من مفارقاتها الأولى والأكثر وضوحاً، صدور بيان اللجنة الرباعية بعد إلقاء الرئيس الفلسطيني خطابه في الأمم المتحدة يوم 23 سبتمبر- 2011 بأربع ساعات فقط، بينما كانت عاجزة عن إصدار بيان خلال الأشهر الماضية، وقد تزامن صدور هذا البيان، بينما كانت ولم تزل تتبارى كبريات الصحف البريطانية والأوروبية في الحديث عن الفضائح التي تلاحق المنسق العام للجنة الرباعية الدولية توني بلير..

المفارقات التي أظهرها استحقاق أيلول، لا تشكل مفاجأة لمعظم المتابعين والمهتمين بالشأن السياسي. لكن قد يكون من المفيد تسليط الضوء على بعضها، في مواجهة محاولات التقليل من أهمية ومشروعية التوجه الفلسطيني للحصول على اعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة. وكذلك في مواجهة الضغوط الهائلة التي تمارسها الإدارة الأمريكية لأجل إفشال المطلب الفلسطيني واتباع تكتيكات تحاول أن تغرقه في تفاصيل إجرائية وفنية.
واحدة من تلك المفارقات، هي حالة الاعتراف بدولة جنوب السودان، كدولة مستقلة كاملة العضوية في الأمم المتحدة. ولو عدنا إلى الوراء قليلاً، لوجدنا في تفاصيل تلك الحالة دلالات كثيرة.
أعلنت دولة جنوب السودان استقلالها وتقدمت لمجلس الأمن بطلب العضوية بتاريخ 9 تموز- 2011. قام المجلس بتزكية الطلب دون إحالته إلى اللجنة القانونية الفرعية المختصة بفحص مدى قانونيته، ثم قدمه إلى الجمعية العمومية بتاريخ 13 – تموز 2011 ضمن إجراء شكلي احتفالي( ) لم يستغرق سوى بضع دقائق معدودة، وهكذا قضي أمر الاعتراف بجنوب السودان، دولة كاملة العضوية في هيئة الأمم المتحدة. كل ذلك جرى في ظل علم واعتراف الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وكذلك العديد من المؤسسات الدولية، بأن جنوب السودان لا يمتلك مؤسسات دولة، وبناء عليه فقد تعهدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والكثير من الدول والمؤسسات الدولية، بتقديم المساعدة والدعم اللازمين لبناء مؤسسات الدولة الوليدة. أما فلسطين فلم تشفع لها شهادات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ولجنة تنسيق دعم الدول المانحة، بأنها تمتلك مؤسسات دولة تعمل بمستوى أفضل من مثيلاتها في بعض الدول المجاورة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ومن المفارقات أيضا،ً أن واحدة من الدول الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن وهي كولومبيا، تتبنى موقفاً ملكياً أكثر من الملك في دفاعها عن إسرائيل ومعارضتها للطلب الفلسطيني. وهي الدولة الوحيدة بين دول أمريكا الجنوبية التي لم تعترف بفلسطين حتى الآن. ورغم أنها دولة لا تسيطر على كل أراضيها بسبب حربها الدائمة ضد مواقع الثوار من ناحية، وعصابات تهريب المخدرات من ناحية أخرى، فإن إحدى الحجج التي قدمتها إسرائيل إلى اللجنة القانونية التابعة لمجلس الأمن ضد طلب العضوية الفلسطيني، أن السلطة الفلسطينية لا تسيطر على كل الأراضي الفلسطينية التابعة لها بما في ذلك غزة وظروف الانقسام.

هذه المفارقات وكثير غيرها، تدلل بوضوح تام على أن المواجهة السياسية والديبلوماسية التي نخوضها كفلسطينيين، هي مع الولايات المتحدة الأمريكية على وجه التحديد. فالولايات المتحدة عملت وتعمل جاهدة على إفشال المسعى الفلسطيني بكل الوسائل التي تجنبها استخدام الفيتو، لكنها لن تتردد في استخدامه إذا اضطرت لذلك مثلما أعلنت بوضوح لا يقبل الشك أو التأويل. فهي لم تتورع عن تهديد الكثير من الدول والمؤسسات الدولية، إما بقطع المساعدات الاقتصادية والمستحقات المالية والدعم السياسي عنها، كما فعلت مع الكثير من الدول مثل البوسنة والهرتسيك على سبيل المثال، أو التهديد بحرمان البعض الآخر من الدخول في حلف الناتو كما فعلت مع جمهورية الجبل الأسود، وكما فعلت حين هددت اليونيسكو بالتوقف عن دفع المستحقات المالية الأمريكية لها، إذا وافقت على طلب العضوية الكاملة لفلسطين.
هذا الموقف الأمريكي الذي وصل إلى درجة التهديد بوقف دفع المستحقات المالية الأمريكية لليونيسكو، سيشكّل سابقة خطيرة في تاريخ الأمم المتحدة ومؤسساتها. فالتذرع بأن القانون الأمريكي يمنع دفع المستحقات المالية لمؤسسات الأمم المتحدة إذا انضمت إليها "مجموعات أو منظمات" ليس لها صفة الدول كاملة العضوية في الأمم المتحدة، قد ينطبق على مؤسسات أخرى مثل منظمة الصحة العالمية وغيرها، وكل هذه المؤسسات مرشحة لقبول عضوية كاملة لفلسطين فيها. ومعنى ذلك، أن الولايات المتحدة ستضع نفسها في حالة مواجهة مع هذه المؤسسات الدولية، بكل ما يترتب على ذلك من آثار قانونية وسياسية. كل هذه الضغوط والتهديدات التي تمارسها الولايات المتحدة على دول العالم والمؤسسات الدولية بالنيابة عن إسرائيل ولأجل إفشال المسعى الفلسطيني.
أخيرا يبقى السؤال الكبير مطروحاً: كيف ستوفّق الولايات المتحدة بين سياستها التي تبدو داعمة وراعية للربيع العربي، وبين هذا الموقف المنحاز تماما وبشكل غير مسبوق ضد الحق الفلسطيني.؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال