الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بؤس البدايات ومأساة النهايات

ماجد الشيخ

2011 / 10 / 23
القضية الفلسطينية


تعود مسألة الشراكات التفاوضية إزاء القضية الوطنية الفلسطينية، إلى نقطة صفرية جديدة، في انتظار الانتهاء من تصويت مجلس الأمن الدولي، على طلب الاعتراف الأممي بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران (يونيو) كعضو جديد، في حال إقرار أعضاء المجلس الطلب الفلسطيني، ونجاته من سيف الفيتو الأميركي، مع ما يعنيه ذلك من إعادة الصراع في هذه المنطقة إلى مادته الأولى، أو بتعبير الكاتب الصحفي الإسرائيلي إيتان هابر (يديعوت أحرونوت 25/9) باعتباره خطابي الرئيس الفلسطيني، ورئيس الائتلاف الحكومي اليميني الإسرائيلي بنيامين نتانياهو؛ [أعادانا إلى المربع الأول، وأعادا (شعبيهما) إلى 29 تشرين الثاني (نوفمبر)]، وذلك في إشارة إلى قرار التقسيم.

بل إن ما عبر عنه الخطابان الفلسطيني والإسرائيلي، يحيلنا للعودة إلى الفترة التي سبقت اتفاق أوسلو، مع إشارة كبيرة إلى موت الأمل بالوصول إلى "اتفاق سلام جديد"، نظرا إلى أن تجربة تفاوض جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لم تسفر عن استعداد إسرائيلي للاعتراف بالضحية كصاحب للأرض، وكنقيض تاريخي للكيان الاستعماري الاستيطاني، على الأقل من أجل تقاسم الأرض معه!. وما حصل عمليا أن هذا الكيان أراد ويريد ابتلاع الأرض كلها وتشريد الشعب، بل تغييب هوية الأرض وهوية شعبها، وعدم الاستعداد لإعادة الاعتبار لهذه الهوية، كونها تشكل النقيض التاريخي، وعامل النفي الأكيد؛ لكل الادعاءات التوراتية الدينية والسياسية.

وهذا وحده كفيل ليس بإفشال المفاوضات وجولاتها فقط، بل ويضع العصي منذ البداية، في دواليب الأمل باستعادة الفلسطينيين أي شكل من أشكال السيادة أو الكيانية، التي تضفي على الأرض وشعبها ومجتمعها تلك الهوية التي لا تحول ولا تزول، مهما تقادم الزمن؛ فالمطلب الفلسطيني الحق؛ لا يتخارج عن كونه الحق الطبيعي والسياسي والسيادي لاستعادة الأرض لهويتها، والشعب لممتلكاته كصاحب لتلك الأرض وتلك الممتلكات، التي درج الإسرائيليون على الإشارة إليها على أنها "أملاك الغائبين"، الذين يراد اليوم تغييبهم إلى ما لا نهاية. أما حضورهم على مسرح التاريخ والمسرح الواقعي للسياسة، فهو يحمل في طياته إمكانية العودة إلى نفي الوجود الاحتلالي الصهيوني الذي أريد منه وله؛ أن يحل اسم إسرائيل مكان الاسم الأصلي الكنعاني الأول الذي عرفت به فلسطين، وهنا يكمن جوهر الصراع الذي يحاول البعض التعمية عليه، وإحالتنا إلى حدود العام 1967 كحدود لفلسطين؛ أي فلسطين؟!.

على هذا، وعلى ما يُفهم من خطابات "أصحاب" الصراع والمحالفين أو المؤيدين لهم من كل الاتجاهات، أنه لن يكون هنا "سلام" في السنوات المقبلة، ليس فقط لأنه لن يكون هناك دولة فلسطينية، ولو في نطاق جغرافي مساحته 22 بالمئة من مساحة فلسطين التاريخية التي تبلغ ما يقرب من 27 ألف كيلو متر مربع، أي مما قد يتبقى من مساحة الضفة الغربية الملأى بثقوب المستوطنات والجدار العازل والمعسكرات، حتى بعد تبادل أراض من هنا وهناك. لكن وبالتالي لن يكون هناك أيضا "دولة يهودية ديمقراطية"، وهذا في حد ذاته تناقض صارخ بالأساس، فليس هناك من دولة دينية أو تدّعي كونها كذلك، يمكنها أن تحمل طابعا ديمقراطيا. الدول الدينية ليست ديمقراطية، كما أن الدول الديمقراطية ليست دينية بالمطلق، هي دول ذات طابع مدني وعلماني، بل هي مدنية قلبا وقالبا. واليهودية كما هي بالأصل ديانة رجعية ومتخلفة، وما نراه من حداثة وعصرية في تكوين دولتها المزعومة، لا تعود في مرجعيتها إلى كونها نتاج الديانة اليهودية، بل نتاج الوضع الاستعماري الأوروبي، وزعامات علمانية رأت في الدين وسيلتها للوصول إلى تشكيل دولة استيطانية استعمارية وظيفية، تحل محل دولة شعب آخر في أرض أخرى.

لذا لم يكن ولن يكون هناك شراكات تفاوضية حقيقية، يمكن أن تفضي إلى نتائج إيجابية، باستطاعتها الوصول بالصراع إلى سكة حلول سياسية تفاوضية، فالخطابات الخاصة بالصراع في هذه المنطقة من العالم تستبطن مواقف تقول ما لا تضمر في العلن، ولا تكشف ما تخفي في السر، وفي الحالين لسنا في مواجهة ما يؤمن به الطرفان من مواقف تعبر عن نفي وإقصاء كل طرف للطرف الآخر، تماما كما حاولت وتحاول إسرائيل عبر حلفائها الدوليين التوراتيين والسياسيين والمصلحيين والمنتفعين منها ومن وجودها، تثبيت اسم "إٍسرائيل" وإحاطته بمعصم فلسطين الأرض والتاريخ والشعب، في وقت يحاول الفلسطينيون تثبيت واستعادة حقهم في هذه الأرض وهويتها الكنعانية – العربية – الفلسطينية، من دون إقامة أي اعتبار لتاريخ توراتي زائف، جرى ويجري إلباسه "قلنسوة قداسة دينية" موهومة ومتخيلة هي الأخرى.

لقد هوى فأس الشراكات التفاوضية على رؤوس الجميع، ولكنه أصاب بشكل أساس الرأس الفلسطيني الذي أريد له أن يواصل إلغاء ذاته يوما، يوم بدأت مفاوضات مدريد بوفود مشتركة، كان الفلسطينيون يومها ضمن الوفد الأردني، إمعانا في التغييب القسري للهوية الوطنية الفلسطينية، إلى أن كانت أوسلو محطة من محطات أريد لها أن تكون مفتتحا لنهاية الصراع وانتهاء المطالب الفلسطينية، فما كانت حسابات الحقل لتتطابق وحسابات البيدر، وها هي "الخطابات التلافظية" تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تلك الشراكات التفاوضية وهي تترنح، من دون جدوى. الجدوى الوحيدة هي الاعتراف بالضحية وإعادة "الغائبين" والمغيّبين من مواطني الجليل والمثلث والنقب إلى أملاكهم وممتلكاتهم في فلسطين التاريخية، مع ما يحمله ذلك من مدخل إلى مرحلة هدم وبناء كيانات جديدة، في ظل ربيع عربي ما فتئ يتشكل، ليشكل حاملا رئيسا من حوامل التغيير والتحول التاريخي في هذه المنطقة من العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينفذ هجوما جويا -بمسيّرات انقضاضية- على شمال إسرائي


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يغلقون جسرا في سان فرانسيسكو




.. الرئيس الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي: -لن أتولى أكثر من


.. رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما




.. ارتفاع ضحايا السيول في سلطنة عمان إلى 18 شخصا