الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابحث مع الشعب: جهاز أمن خرج ..ولم يعد!

سعد هجرس

2011 / 10 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


أيا كان المجال الذي نتحدث عنه هذه الأيام.. فإن المشاكل تبدأ وتنتهي بمعضلة الأمن.
يصدق هذا علي المجال السياسي.. حيث لا أمل في إجراء انتخابات نزيهة ولا عقد مؤتمر أو اجتماع جماهيري في ظل غياب الأمن.
ويصدق علي الاقتصاد.. فالأمن هو الشرط الضروري الأول لدوران عجلة الإنتاج.
ويصدق علي السياحة قبل هذا وذاك.. لأن السائح لن يذهب إلي أي مكان في العالم إذا كان لا يشعر فيه بالأمان.
ويصدق علي جميع الأنشطة الإنسانية التي تتعطل كلها إذا كانت اليد العليا للبلطجة وليس للقانون.
ومن هنا فإن جهاز الشرطة كان جزءا من المشكلة ويظل في الوقت نفسه جزءا من الحل.
كان جزءا من المشكلة في السياق الاجتماعي والسياسي الذي عملت فيه قبل 25 يناير، ففي المجتمعات التي تحكم بالنظم الاستبدادية تميل الشرطة إلي النزعة التسلطية وإقرار النظام والأمن بالقوة واستخدام العنف دفاعًا عن نظام الحكم السائد.. ولما كانت الشرطة في مصر تعمل في إطار استبدادي فقد أسهمت ممارساتها القعمية والفاسدة علي مدي سنوات كثيرة في انهيار ثقة الناس في الحكومة.. كما أسهمت تلك الممارسات أيضا في تعبئة طاقة الغضب لدي حشود كثيرة من الجماهير اندلعت بقوة في مواجهات دامية منذ الخامس والعشرين من يناير 2011 وما بعدها حتي توج ذلك بتنحية رئيس الجمهورية عن السلطة ومحاكمته بالفساد وأعوانه من قيادات الشرطة ذاتها، مما مهد الطريق لبدء مرحلة جديدة من التحول في بناء دولة مدنية ديمقراطية تعمل بمقتضي سيادة القانون.
هذا التشخيص السابق ليس من عندياتنا وإنما هو وارد ضمن وثيقة صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء أعدها الدكتور سعيد المصري بمشاركة فريق عمل يضم هالة الحفناوي وإسلام معتز وأحمد بدر عن «كيف تصبح الشرطة في خدمة الشعب».
وفي هذه الوثيقة المرجعية حاول برنامج القضايا الاجتماعية بمركز المعلومات أن يقدم قراءة لبعض التجارب الدولية ليستخلص منها مجموعة من المبادئ التي تعمل بموجبها أجهزة الشرطة في المجتمعات الديمقراطية.. وهذه المبادئ هي التي من شأنها أن تنقل جهاز الشرطة من وضعه القديم كجزء من المشكلة إلي وضعه المنشود كجزء من الحل.
ومن استعراض مبادئ عمل القائمين علي تنفيذ القانون وفقا لإعلان الأمم المتحدة الصادر في 17 ديسمبر 1979 نجد أنه:
> علي أفراد الشرطة في جميع الأوقات أن يؤدوا الواجب المفروض عليهم من الناحية القانونية، وذلك بخدمة المجتمع وبحماية جميع الأشخاص من الأعمال غير القانونية (وهذا يعني أن تبخر الشرطة في اليوم الرابع لثورة 25 يناير بصورة جماعية مريبة يعد مخالفة لأول مبدأ أقرته الأمم المتحدة، تصل إلي حد الخيانة).
> يخدم أفراد الشرطة أثناء قيامهم بواجباتهم الكرامة الإنسانية ويحمونها ويحافظون علي حقوق الإنسان ويوطدونها (وهو عكس ما دأبت علي فعله شرطة حبيب العادلي علي طول الخط).
> لا يجوز استعمال القوة إلا في حالة الضرورة القصوي وفي الحدود اللازمة لأداء واجبهم.
> الحفاظ علي سرية ما في حوزة أفراد الشرطة من أمور ما لم يقتض خلاف ذلك في حالات مثل متطلبات العدالة.
> حرص أفراد الشرطة علي الحماية التامة لصحة المحتجزين في عهدتهم، وعليهم اتخاذ التدابير الفورية لتوفير العناية الطبية لهم (قارن ذلك بأوضاع أقسام الشرطة عندنا وسوء المعاملة بها للدرجة التي جعلت من له حق يتجنب دخول قسم الشرطة للحصول علي حقه!).
***
ومن المعايير الملزمة للشرطة وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
> ينبغي ألا يتعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو تلك التي تحط من كرامته الإنسانية.
> ينبغي ألا يتعرض أي إنسان للتدخل التعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو شن حملات تنال من شرفه وسمعته.
***
والأوضاع الأمنية ليست حكرًا علي الشرطة وحدها، بل إن إشراك المواطنين في مناقشة هذه الأوضاع الأمنية هو الطريق للحصول علي المساندة المجتمعية وتقريب الفجوة بين المجتمع والشرطة، والدولة الديمقراطية هي التي تحرص علي تمكين المواطنين من تحديد احتياجاتهم المجتمعية والتي يمكن للشرطة أن تؤدي دورا في حمايتها وضمان تلبيتها، ومن المهم أن تستعين الشرطة بوسائل مباشرة كاللقاءات الجماهيرية والاجتماعات وورش العمل مع نواب المجالس البرلمانية وقادة المجتمع المدني للتعرف علي الاحتياجات الأمنية للمواطنين وأولوياتها، كما يمكن للشرطة أن تستخدم المسوح الميدانية واستطلاعات الرأي في التعرف علي هذه الاحتياجات وإتاحتها.
كما يجب تمكين الأقليات مثل البدو وأبناء النوبة وبعض الطوائف الدينية والفقراء والمهمشين من تحديد احتياجاتهم وحماية تلك الاحتياجات وضمان تلبيتها، ويقتضي ذلك التعاون الوثيق مع تلك الجماعات أسوة بغيرهم وبوصفهم مواطنين يتمتعون بذات الحقوق المدنية. فعمل الشرطة في ملاحقة المشتبه فيهم والخارجين علي القانون من بين تلك الفئات قد يكتسب حساسية اجتماعية وثقافية بالغة خاصة حين يفسر ذلك بأنه تمييز في المعاملة أو نوع من التصورات النمطية المتحاملة ضدهم.
***
وهناك كذلك الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري ومبادئها التي لا غني عن الاحتكام إليها حفظا للسلم الأهلي.
ثم إن هناك مبادئ أساسية للالتزام بقيم وقواعد النزاهة والشفافية ومواجهة الفساد. ولضمان التزام الشرطة بهذه المبادئ ينبغي علي الشرطة أن تلتزم بتمكين المواطنين من محاسبتها. علماً بأن الفساد داخل الشرطة يحول دون التوزيع العادل لخدماتها ويؤددي إلي إلحاق الضرر بسمعتها وبثقة المواطنين في الحكومة.
***
إذن.. عملية إعادة بناء جهاز الشرطة المصري لا يبدأ من فراغ، بل هناك مبادئ مستقرة طورتها الدول الديمقراطية و المنظمات الدولية المعنية. وما علي وزارة الداخلية إلا أن تفتح ملفات هذه الخبرات والتجارب الدولية الناجحة.. والتي سهل لها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرارات تلك المهمة.. حتي يعود الأمن والأمان إلي ربوع مصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد -الإساءة لدورها-.. هل يتم استبدال دور قطر بتركيا في الوس


.. «مستعدون لإطلاق الصواريخ».. إيران تهدد إسرائيل بـ«النووي» إل




.. مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لسكاي نيوز عربية: الاعتراف بفل


.. ما هي السيناريوهات في حال ردت إسرائيل وهل ستشمل ضرب مفاعلات




.. شبكات | بالفيديو.. سيول جارفة في اليمن غمرت الشوارع وسحبت مر