الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة إنسان لا ثورة د.برهان

إيمان البغدادي

2011 / 10 / 29
المجتمع المدني


في الأيام الثلاثة الأخيرة الماضية قرأت الكثير من التعليقات التي كانت متشنجة و غاضبة للغاية من ما قاله د. برهان غليون في مقابلة كان قد أجراها مع إحدى القنوات الالمانية و التي أكد فيها على أن "هوية سوريا كانت و ستبقى عربية دون أدنى شك لأن غالبية السكان عرب و قال أيضاً دون هذه الحقيقة سندخل في الحائط" .

في الحقيقة ما قاله الدكتور برهان أثار حفيظتي وحفيظة الكثير من السوريين غيري على مختلف أعراقهم وليس فقط السوريين الأكراد لذلك لم أتوانى من توجيه انتقاد واضح وصريح و مباشر له كي ينتبه لخطأه و يقوّمه فنحن بكل تأكيد لا نسعى من ثورتنا للتخلص فقط من هذا الديكتاتور كي ننتقل بعدها إلى ديكتاتورية جديدة تتحكّم فيها الأغلبية بالأقليات وإلا فنحن لم نفعل شيئاً سوى إعادة إنتاج ديكتاتورية جديدة بقالب و شكل جديد يحتفظ بنفس المضمون المتعفن و القذر.

لكن ما فاجأني من بعض هذه التعليقات التي قرأتها هو ردة فعل بعض السوريين المتطرفة للغاية، حيث كتب البعض "حكم بشار و لا حكم برهان"، كما أعلن البعض انسحابهم المبكّر من الثورة لأنهم لم يعودوا يؤمنوا بالدكتور برهان و لا بالمجلس الوطني السوري، أما البعض الآخر فقد نحى منحى لا أخلاقي و بدأ بتشويه سمعة الرجل و بث إشاعات غريبة و عجيبة تحاول النيل من سمعته وسلخ وطنيته وتشير إلى أنه يعبد السلطة و المال ولا يكترث لدماء السوريين...

وهنا أريد أن أركز على عدة نقاط جوهرية وهامة:
أولاً: د. برهان غليون إنسان طبيعي وعادي لذلك قد يخطأ وقد يصيب وهو لا يحتكر بالطبع الأفكار لوحده فلا تحملّوه أكثر مما يحتمل و لا تتعاملوا معه كشخصية مقدسة معصومة عن الأخطاء ولا تنسوا أن أحد أهداف ثورتنا هو القضاء على إنهاء عصر الشخصيات المقدسة التي استعبدتنا لعقود و نخرت إنسانيتنا.

ثانياً: أتمنى أن لا نخلط الأمور ونميّز بأن د. غليون هو رئيساً للمجلس الوطني و ليس رئيساً لسوريا فرئيس سوريا سينتخبه السوريون بعد إسقاط هذا النظام الفاسد. ومن المؤكد و بما أن د. غليون رئيساً للمجلس فعلى عاتقه تقع مسؤولية كبيرة و مضاعفة و من الضروري أن يكون حذراً لكل ما يقوله أو يفعله... ولكونه إنسان يخطأ و يصيب ، فهنا يأتي دورنا في موازنة الأمور ومراقبة الأحداث وانتقادها لتقويمها بالسرعة القصوى لا للنيل منها أو من أصحابها ، فليس المجلس فقط أو رئيسه هم من يحق لهم أن يطرحوا الأفكار والحلول أو أن يتخذوا القرارات... هذا دورنا كلنا ، دورنا نحن السوريين من صغيرنا لكبيرنا دون أي استثناء.

ثالثاً : حين لا تروق لكم تصرفات أو أقوال أحد ما فانتقدوا هذا القول أو ذاك العمل ولا داعي لشخصنة الأمور و الاعتداء على شخصية هذا الإنسان أو تشويه سمعته أو وتلفيق التهم الجاهزة، يجب علينا أن نفصل بين الإنسان ككيان و بين ما يصدر عنه . كما أننا لا نريد أن نصدر أحكاماً عشوائية و قمعية فنقصي هذا و نحكم على ذاك و نحن جالسين في أماكننا مرتاحين وإلا فنحن نمارس تصرفات النظام الحالي الذي نسعى لإسقاطه.

رابعاً: إنه لخطأ فادح و جسيم أن نتخذ موقفاً سلبياً من الثورة حين نختلف مع بعض أو حتى غالبية المعارضين، فالثورة ثورتنا و ليست ثورة برهان و لا ثورتتي ولا ثورتك ..هذه الثورة ثورتنا كلنا، هي ثورة شعب لا ثورة فرد، و نحن الشعب اتخذنا قرارنا معاً بأنه لا تراجع للوراء ولا حتى قيد أنملة لذلك سنكمل الطريق ليس فقط لإسقاط هذا النظام الديكتاتوري بل لإسقاط الفكر الديكتاتوري القمعي والإقصائي الذي يوجد منه القليل أو الكثير في داخل كل واحد منّا دون أن ننتبه أو ندري...كلنا سنعمل لإسقاط النظام و محاكمته وكلنا سنعمل لنبني أنفسنا و لنبني سوريا لتكون لنا جميعاً يتمتع فيها الجميع بنفس الحقوق و الواجبات، كلنا سنساهم بالقضاء على الاستبداد والعبودية بكل أشكالها ولا تقديس لأحد فلقد انتهى زمن "الأسد و الأبد" إلى الأبد، كلنا سنعمل للقضاء على كل إصدارات وألوان الديكتاتورية و الفساد و الفكر البربري القمعي و الإقصائي الذي أرهقنا و كاد يقضي على ما تبقى منّا..كلنا سنعمل لنثور على كل العقد و المصائب التي ابتلينا بها و تمهلنا باستئصالها فتجذرت و تغوّلت حتى أصبحت بهذا الشكل اللا معقول من التعفن و التوحش و التعطش للقتل والدماء و الدمار.
كلنا سنكمل الطريق ونساند بعضنا ونُقَوّم بعضنا البعض ، كلنا سنمضي للأمام فخطوة واحدة للخلف ستسحق الثورة وستسحقنا ولن يكون لدينا أي بارقة أمل في أن نكون و حينها سنتمنى لو لم نكون...إذن لا تراجع لأننا أردنا أن نبقى وأردنا نكون.

إيمان البغدادي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماذا بعد
فرج الله عبد الحق ( 2011 / 10 / 29 - 08:05 )
عزيزي الكاتب
سؤال اسأله كلما قرئت مقال يدافع عن المعارضة السورية، ماذا بعد انهيار النظام؟ هل هناك برنامج واضح؟ ان ما يكتب عن الدولة المدنية والديمقراطية ووحدة سورية هو مجرد شعارات، و السؤال الاهم هو كيف تنجز المهمة؟ هناك اصوات من المعارضة تريد التدخل من قبل حاف الناتو و امريكا، ما معنى رفع القضية إلى مجلس الامن كما قال غليون في مقاله الاخير؟ اليس هذا دعوة للتدخل الاجنبي على شاكلة ما حصل في ليبيا؟ هناك اجابات كثيرة يجب ان تقدمها المعارضة حتى تكسب ثقة الشعب، و إلى أن يتم ذلك الشعب أو الاغلبية الصامتة هي صامتة

اخر الافلام

.. فيتو أميركي يفشل جهود عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة


.. الجزيرة تحصل على شهادات لأسيرات تعرضن لتعذيب الاحتلال.. ما ا




.. كيف يُفهم الفيتو الأمريكي على مشروع قرار يطالب بعضوية كاملة


.. كلمة مندوب فلسطين في الأمم المتحدة عقب الفيتو الأميركي




.. -فيتو- أميركي يفشل جهود عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة