الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبرعوا لبناء.. -تليفزيون مستقل-

سعد هجرس

2011 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


ظهرت خلال الأيام الأخيرة دعوة لاكتتاب شعبى من أجل انشاء قناة تليفزيونية "مستقلة".
وجاءت هذه الدعوة فى أعقاب أزمة البرنامج الحوارى الذى يقدمه الاعلامى اللامع الزميل يسرى فوده على قناة "أون تى فى"، ووصلت الى حد اضطرار "يسرى" إلى "تعليق" تقديم برنامجه نظراً لـ "الضغوط" التى تعرض لها، رغم نفى اللواء اسماعيل عتمان عضو المجلس الاعلى للقوات المسلحة "لوجود رقابة على الاعلام أو إملاء أو فرض أى رأى على أى إعلامى".
ولا شك ان أزمة برنامج يسرى فوده تمثل حدثاً مهماً لا يجب ان يمر مرور الكرام، ويجب "التحقيق" فى تفاصيل وخلفيات هذه الازمة، فهذا من ليس من حق الاعلام والصحافة فقط وإنما من حق المجتمع بأسره أيضاً.
وفى الحقيقة فان القضية لا تتعلق بـ "شخص" زميل واحد (هو يسرى فوده) أو بـ "برنامج" بعينه (هو آخر كلام) أو بـ "قناة تليفزيونية" وحيدة (هى أون تى فى). وإنما هى قضية "كاشفة" لأزمة أعم يعانى منها الاعلام المصرى.
والأزمة الاشمل التى نقصدها هى ان الاعلام المصرى بأوضاعه الحالية يقع إما تحت رحمة ملكية الحكومة، وبالتالى سيطرتها تحت رحمة عدد محدود من رجال الأعمال.
وفى الحالتين لا توجد ضمانات لكى تعبر وسائل الاعلام عن المجتمع بموضوعية ونزاهة بعيداً عن أجندات هؤلاء ومصالح أولئك.
وهذه المشكلة الاخيرة بدورها جزء من مشاكل بنيوية أكبر يعانى منها الاعلام المصرى منذ سنوات:
المشكلة الأولى تتمثل فى القيود المفروضة على حرية اصدار الصحف وانشاء محطات الاذاعة وقنوات التليفزيون.
والمشكلة الثانية تتمثل فى غياب قانون ديموقراطى يتيح الوصول الى المعلومات وحرية الحصول عليها وحرية تداولها.
والمشكلة الثالثة تتمثل فى استمرار وجود ترسانة من القوانين المقيدة لحرية التعبير وبالذات تلك المواد القانونية البالية التى تجيز الحبس فى قضايا النشر والتى كان الرئيس المخلوع حسنى مبارك قد وعد بإلغائها، لكن السنوات مرت حتى تمت تنحيته دون أن يقترب من هذه المواد التى لم يعد يوجد مثيل لها فى أى بلد ديموقراطى.
والمشكلة الرابعة هى التدهور المخيف فى حرفية الإعلام وأصول المهنة بعد سنوات وعقود ظل الترقى خلالها فى المهنة محكوماً بمعايير النفاق ومسح الجوخ والولاء الشخصى والسياسى وليس للكفاءة والجدارة.
لكن يبقى الجذر الأعمق للأزمة متمثلا فى استمرار وجود الإعلام المصرى كمجرد "ظاهرة قاهرية" بلا قاعدة فى ريف وحضر مصر نتيجة لوصاية العاصمة وقيود الإصدار للصحف والإنشاء لمحطات الاذاعة والتليفزيون، ولذلك فان ما نقصده من تحطيم هذه القيود المشار إليها هو ان يكون من حق كل قرية فى ريف مصر ان تصدر صحيفتها (مهما كانت فقيرة وبسيطة) وان تنشئ إذاعتها وقناة تليفزيونها المحليتان (على الانترنت وبتكاليف محدودة تكفلها التكنولوجيا)، وفى هذا الإطار الاوسع من الحرية الإعلامية تأتى مبادرة الدعوة الى الاكتتاب الشعبى لانشاء قناة تليفزيونية "مستقلة" عن كل من نفوذ الحكومة وسطوة القطاع الخاص، ولعل مصر بالذات لها تاريخ فى مثل هذه الاكتتابات الشعبية التى أسفرت عن بناء صروح مهمة فى المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وفى مقدمتها مبادرات طلعت حرب التى تزامنت مع النهوض الوطنى لثورة 1919.
وليست الاكتتابات الشعبية هى الآلية الوحيدة، بل ينبغى إجراء حوار مجتمعى حول أشكال "تعاونية"، وغيرها لملكية وسائل الإعلام.
لكن لا يجب لمثل هذه المبادرات الشعبية المطلوبة بشدة، ان تحرف الانظار عن مهمة أساسية موازية هى إنهاء الاحتكار الحكومى للإعلام.. فالأثير مرفق عام مملوك للمجتمع بأسره وليس مملوكا ملكية خاصة للحكومة.. أى حكومة.. كما أنه ليس امتيازاً لعدد يزيد أو يقل من رجال الأعمال.
باختصار .. يجب ان تصل رياح الثورة إلى قطاع الإعلام الذى مازال نائما فى العسل .. الأسود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التليفزيون اولآ ام القوانين ؟
سعد السعيدي ( 2011 / 10 / 31 - 15:26 )
استاذ سعد هجرس السلام عليكم

طرحت في مقالتك فكرتين تبدوان منفصلتين. الاولى التبرع لبناء تليفزيون مستقل في مصر , والثانية عرض عام للقوانين القهرية ضد حرية الاعلام في مصر. والسؤال هنا اليس الاولى الضغط لالغاء هذه القوانين المقيدة لحرية التعبير بدلآ من ..او قبل المناداة لانشاء التليفزيون المستقل ؟


2 - ألف تحيه علي المقال ولكن
عبد الوهاب زيتون ( 2011 / 10 / 31 - 18:05 )
ايقاظ من تذكرهم من العسل الأسود يبدو درب من دروب المستحيل. سوف اعتبر التبرعات التي اقترحتها مزحه...أنها تذكرني بمقطع من مسرحيه علي الرصيف للمرحومه نهاد جاد عندما قال أحمد بدير: تبرعوا لتوفيق عبد الحي في اليونان، مسكين عايش هناك علي الكلاماتا

اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير