الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هو الأفضل

حسن الشرع

2011 / 11 / 6
المجتمع المدني


أجهزة خائبة..كلاب سائبة..وجوه شاحبة..هذا عنوان مقال مؤجل كنت سأدفع به على عجل تعليقا مني على نوبة الانفجارات السياسية والأحداث الأمنية والمطالبات الفيدرالية التي اهتزت لها أبنية بغداد ومشاعر أهلها ولم تهتز لها شوارب مسؤولي الغفلة من القيمين على الأمر..وهزة الشوارب هذه ليست من إبداعات عقلي ولا قلمي بل هي جملة قالها قبلي قائل ووصف بها من كان يُظن انه عن الحق مائل..المهم إنني أعرضت عن دفع تلك المقالة بعد ما هزتني مقالة بعثها لي احد الأصدقاء الفضلاء تتحدث عن الحلقة الأولى في مسلسل السير الذاتية للنواب ولم تصبني الدهشة كثيرا عندما اطلعت على سيرة إحداهن إذ كانت تعمل منظفة فاشلة ،سرعان ما عادت للوظيفة بصفة مفصولة سياسية ،ويذكر المقال شيئا عن شمائل تلك النائبة ابتداءا من تزوير وبيع الوظائف ومرورا بالتدخل في ملفات الاستثمار وانتهاء بالحصاد الكبير للتنظيف المالي والغسيل الجاف وشراء العقارات وليس الذمم.
كنت سأتشرف بهذه النائبة (الفراشة) التي يفترض بها الوصول إلى هذا الموقع المرموق في قيادة الدولة العراقية بمشاركة زميلات وزملاء لها.إن وصول الفقراء لهذا الموقع يعني فيما يعنيه إن منظومة الحكم الارستقراطية البورجوازية تم تفكيكها بالفعل إلا أن السيرة الذاتية وللأسف لا تجعلني افخر أو أتشرف ولن أتحمس لديمقراطية لبها قشور تلتبس بها الأمور ويتوعدنا فيها كل عذاب وثبور. أجد صعوبة بالغة في أن اختار بين جهاز خائب أو كلب سائب ، جاهل يتولى أمري أو (عالم) لا يهمه أمري فأين هو الأفضل؟
أشار علي ّ صديق مؤخرا وهو محق في ذلك أن اترك الكتابة في ظروف احتدام الصراعات السياسية هنا في العراق، فانا لا أقوى على مقارعة أو مقاضاة اضعف مسؤولي دولة (جمهورية )العراق الاتحادية أو الإقليم القائم أو الإقليم المزمع إقامته أو الإقليم الذي صفته أية محافظة غير منتظمة في إقليم أو دولة العراق الإسلامية ،لم ولن أتمكن من الوقوف أمام القضاء إن طلبوا مني دفع الجزية أو الغرامة أو الكرامة إن رؤوا أن جملة تسيء لهم أو كلمة تضعف من عالي قدرهم أو حرف عبدوا الله عليه فغمطتهم فيه حقهم ..والحق إني انتبهت إلى ذلك منذ أن كتبت هوامشي على مذكرات بقة مستهترة عاثت في أهوار الجنوب فسادا قبل تجفيفها ،لم أجد بدا غير الذهاب إلى المنطقة الرخوة في الكتابة وهي الثقافة والاجتماع والفلسفة بعيدا عن السياسة والدين ،هنا لا احد يجبرك على أن تخرج من فصلك الدراسي لتحضر فصلا عشائريا ،أليس ذلك هو الأفضل؟
ذكر لي احد الأصدقاء حادثا طريفا حصل له سألخص روايته لتعلقه بالموضوع يقول:كنت حائرا وأنا انظر إلى الازدحام في إحدى دوائر الجنسية، لم يكن سهلا أن أصل إلى شباك المراجعة لأفهم الشرطي الموظف مطلبي حتى هبطت عليّ رحمة من السماء.شخص يناديني باسمي مسبوقا بلقب أستاذا ويلح في ذلك لافتا انتباهي وانتباه الآخرين...أهلا بك يا أستاذ .جذبني إليه ومد يده لمصافحتي بل همّ بان يبادلني التقبيل...ففعلت بعد أن سحبني إليه خارج المنطقة الحمراء المزدحمة جدا،حاولت جهد استطاعتي أن أتذكر ذلك الشرطي الشاب فلم تسعفني معرفتي أو ذاكرتي ،لا بد انه اخطأ فهذا أمر كثيرا ما يحصل ،يقولون أن العراقيين متشابهون في ملامحهم ،سمرة ليست داكنة وشعر اسود نصف منسدل وشوارب وعينان داكنتان وانف كبير نوعا ما يرافقه ملامح تعب وحزن على هذه الملامح وصوت يؤكد تلك التفاصيل كلها. قلت له شاعرا بقليل من الخجل هل أنت متأكد انك تعرفني؟ نعم أستاذ ؟فأنت أستاذي في الرياضيات قبل عدة سنوات عندما كنت في الثانوية؟ انتبهت، والقول مازال لصديقي وقد أحاط به نفر من الشرطة منتبهين لكلامه ومنتظرين ردودي.نعم نعم. فالعمر والأحداث أخذت من ذاكرتي الكثير ولا بد أن تعذرني..قل لي يا أبا ...قال: فائز ،نعم الاسم فائز ،قاطعني قائلا لا تهتم فسأنجز معاملتك ،فشعرت بالرضا وبالحاجة إلى امتداح ذلك الطالب المجتهد حينها قلت لزملائه لقد كان أبو فائز طالبا مثابرا ومجتهدا لكنه قاطعني قبل أن استطرد قائلا لكني تركت المدرسة بسبب الرياضيات لأصبح شرطيا أليس هذا هو الأفضل.
مازال العمل يجري باستعمال جهاز (السونار)لكشف المتفجرات وحشوات الأسنان والعطور والمنظفات والأدوية وغيرها في اكبر عملية من نوعها لحفظ الأمن الأمر الذي يثير سخرية أصحاب السيارات والمارة ،وفي تطور دراماتيكي فوجيء أهالي احد الأحياء السكنية باستقدام كلب (فاضل) يدقق حال الذين يؤشر هوائي الجهاز نحوهم ،لكن لا يبدو هذا الكلب هو الآخر جادا في عمله فهو لا يكترث كثيرا بأداء واجبه .لقد وصفه احد سائقي السيارات بلهجة عراقية بأنه (مخنطل) أي كسول ومنكفئ ووصفه آخر بأنه متأكد من كونه احد الكلاب السائبة في احد الأحياء المجاورة وانه تم استقدامه عبر عملية فساد ...اختفى الكلب وظهر الجهاز مجددا ومازلنا لا نعرف من هو الأفضل؟!.
يقول بعض (المسلمين )إن الإمام الحسين بن علي(ع) ذبح بسيف جده (ص)ويقول آخرون انه قدم نفسه الطاهرة فداءا للحرية ويقول غيرهم انه مات نتيجة صعقة كهربائية عندما كان يحاول شحن هاتفه النقال وربما رأى شخص من غينيا الجديدة لا يعرف تاريخ الحوادث الدموية في العراق ولم يسمع بها انه عليه السلام ربما قضي نتيجة انفجار عبوة لاصقة زرعت في سيارته ،لكننا لسنا بحاجة إلى ما يعقد تاريخنا الذي كتبه ومازال يكتبه أمراؤنا فنحن نعرف من هم نخبنا وأمراؤنا وكبراؤنا وصغراؤنا ونعرف من هو الأفضل دون أن نصرح بذلك انه الخوف من السلطة ومن المعارضة ومن معارضة السلطة وسلطة المعارضة فالسكوت يبقى إذن هو الأفضل.
ويبقى السؤال من هو الأفضل؟...تلك هي إذن إشكالية الفاضل والمفضول ،بل القاتل والمقتول!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟