الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية و الدولة المدنية نقيضان لا يتعايشان .... !!

آدم الحسن

2011 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


(( 1 ))

قبل ان نتحدث عن مفهوم العلمانية لابد لنا ان نحدد اي علمانية نقصد , هنالك نوعان من العلمانية كفلسفة و كنهج فكري تطبيقي في حياة الأنسان هما :
اولا : علمانية ( بفتح العين ) و هي مأخوذة من كلمة " العالم " , فلسفة مناقضة للفكر الديني , هذه الفلسفة تعتبر ان العالم موجود منذ الأزل , لم يخلقه خالق .
ثانيا : علمانية (بكسر العين ) و هي مأخوذة من كلمة "العلم " , هي نهج فكري تطبيقي اكثر مما هي فلسفة , يعتمد هذا النهج الفكري على ربط كل شيئ بالعلم , بأعتبار ان العلم هو مفتاح لحل كل المسائل .
النهج العلمي قد وجه ضربة قاصمة للفكر الديني الغيبي الذي كانت له الغلبة شبه المطلقة قبل عصر النهضة العلمية .
ان كان العلم يعجز عن تفسير او ايجاد حل لشيئ ما فهذا يعني حسب النهج العلمي ان ليس هنالك جواب او تفسير لسؤال مطروح , اي بمعنى آخر سؤال جوابه مؤجل .
في النهج العلمي ما على الأنسان الا ان ينتظر لحين تطور العلم لكي يقول كلمته في سؤال ما ليس له جواب علمي وقت طرح السؤال .
هذه الأسباب و غيرها و مع بدأ عصر الثورة الصناعية والعلمية حصل تناقض حاد بين الفكر الديني المسيحي الغيبي في اوربا تحديدا والنهج العلمي و على اساس و بسبب من هذا التناقض انبثقت فلسفات علمية متعددة .
اشتد الصراع بين البرجوزاية الصاعدة و الدولة الدينية التي كانت قائمة في اوربا المسيحية تلك الدولة الدينية التي هي عبارة عن تحالف بين طبقة الأقطاع والكنيسة .
تم حسم الصراع في اوربا المسيحية بأنتصار الفكر العلمي و تم عزل الدين عن الدولة و عن السياسة ايظا وشكل ذلك انتصارا كبيرا للبرجوازية الصاعدة .
نظام البرجوازية الصاعدة في اوربا و الذي تم فيها عزل الدين عن الدولة و عن السياسة تم تسميته بالنظام العلماني .
مع مرور الزمن ابتعدت الدول الأوربية تدريجيا عن التزمت و التطرف العلماني و بدأت تعتمد على مفهوم (( الدولة المدنية )) و بذلك تم محاصرة الفكر العلماني الذي يعزل الدين عن السياسة , ففي الدولة المدنية لا يتم فصل الدين عن السياسة وانما يتم فصل الدين عن الدولة فقط .
هذا الفرق الجوهري بين الدولة المدنية و الدولة العلمانية اخذ يتبلور حتى انقلبت الغلبة و صارت لصالح الدولة المدنية و اخذ الفكر العلماني في اوربا بالأفول التدريجي .
تطورت الدولة المدنية في اوربا بشكل واضح , حتى صرنا نرى على سبيل المثال , ان الحزب الديمقراطي المسيحي قد حكم ايطاليا , هذه الدولة المدنية الديمقراطية , لفترات متعددة , و تكرر مشهد حكم الأحزاب الديمقراطية المسيحية في عدد آخر من البلدان الأوربية .
جائت العلمانية الى الشرق الأسلامي من اوربا كفكر جاهز لا علاقة له بالحركة الديالكتيكية للواقع في هذا الشرق الذي تخلف في نهضته العلمية .
في هذا الشرق الأسلامي ارتبطت العلمانية بالديكتاتورية , واول هذه الديكتاتوريات هي العلمانية الأتاتوركية في تركيا ثم انتقلت الى البلدان العربية بعد ان اختلطت بالفكر القومي العروبي و من اسوء افرازاتها البعث في سوريا و البعث في العراق و الحركة الناصرية في مصر و غيرها من الأنظمة الشمولية العروبية .
حتى صار من الصعب التميز بين الديكتاتورية و العلمانية في الدول العربية الذي اتخذت النهج العلماني العروبي ... !!
الديمقراطية هي البيئة التي تسمح للمؤمن الديني ان يعيش بسلام مع غير المؤمن ( الملحد ) في مجتمع واحد , وهذا هو احد اركان ما يسمى بالسلم الأجتماعي .
كل ذلك , اقصد الديمقراطية و السلم الأجتماعي يتحققان في الدولة المدنية التي لا تسمح بأي فكر اقصائي كما هو الحال بالنسبة للفكر العلماني الأستبدادي .
العلمانية الأستبدادية في الشرق الأسلامي و خصوصا في بلداننا العربية قضت على السلم الأجتماعي بسبب هذه النزعة الأقصائية للعلمانيين .
لكن .... هنالك من يقول ان " الديمقراطية والدين لا يلتقيان " ... !!
نقول لهم كيف ذلك و الديمقراطية هي نهج و نظام ... اما الدين فهو فكر انساني من بين الأفكار ... !!
لو تم النظر بحيادية الى اكثر البلدان ديمقراطية في العالم لوجدنا ان الناس المؤمنين بالفكر الديني على اختلاف دياناتهم في هذه البلدان الديمقراطية يمارسون عقائدهم و عباداتهم بكل حرية ... !!
من بين الممارسات الأنسانية في المجتمعات المدنية الديمقراطية هي حرية تشكيل احزاب او حركات سياسية ذات مرجعية دينية و كذلك انشاء منظمات مجتمع مدني تختص في بث تعاليم الفكر الديني ... !!
و بعد ان تأكد ان العلمانية و الدولة المدنية نقيضان لا يتعايشان استجدت اسئلة جديدة .... !!
هل ان الدولة المدنية هي من نتاج المجتمع الديمقراطي ام ان الديمقراطية هي من تنتاج المجتمع المدني .... ؟؟
من يحمي دستور الدولة المدنية من ردة تقودها احزاب ذات مرجعية دينية قد ترفع شعار الحاكمية لله ... ؟؟
من يحمي الدولة المدنية من حركة اسلاموية شعارها الأسلام هو الحل وتبدأ معها مرحلة جديدة من الأقصاء ... ؟؟

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254