الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ائتلاف شارون على كف عفريت

اساف اديب

2004 / 12 / 19
القضية الفلسطينية


يقوم رئيس الوزراء الاسرائيلي، اريئل شارون، هذه الايام بقفزة بهلاونية تتعلق بائتلافه الحكومي. فهو يسعى لبناء ائتلاف حكومي جديد يضمن له قاعدة كافية لتمرير خطة الانفصال الاحادية الجانب، واقرار ميزانية الدولة لعام 2005. بهذا يأمل شارون البقاء في الحكم حتى موعد الانتخابات المقرر في تشرين ثان 2006. غير ان الظروف السياسية في المنطقة بعد رحيل عرفات ومعطيات الساحة السياسية في اسرائيل، قد تبدد آماله، وتفشل مخططه من اساسه.

اليمين المتطرف

منذ اعلان شارون خطة الانفصال عن غزة، برزت على الساحة السياسية في اسرائيل معارضة قوية من جانب اليمين المتطرف، خاصة بين المستوطنين الذين اعتبروا حلفاء شارون التقليديين. معارضة هؤلاء للانسحاب نابعة من شعورهم انهم يشكلون كيانا مستقلا غير خاضع لقوانين الدولة، وان كل شيء عمليا مسموح لهم. وقد تحول المستوطنون الى قوة كبيرة بعد 30 عاما حظوا فيها بدعم شارون، كما يتمتعون بامكانية التأثير ليس فقط في حزبي "الاتحاد القومي" و"مفدال" اللذين انسحبا من الائتلاف الحكومي، بل داخل حزب الليكود نفسه.
في حزيران الماضي كانت المفاوضات مع حزب العمل على تشكيل حكومة وحدة قريبة من الانجاز، الامر الذي كان سيمنح شارون اغلبية كبيرة في الكنسيت، وقاعدة متينة لتمرير خطة الانفصال. غير ان المعارضة القوية داخل مؤتمر حزبه اجبرته على وقف المفاوضات مع حزب العمل. اليوم عاد شارون لنفس القاعدة الحزبية وانتزع منها الموافقة على الوحدة مع العمل، ولكن فقط بعد ان فصل وزراء حزب "شينوي"، ووضع اعضاء حزبه امام الخيار الصعب: اما الائتلاف مع العمل والمتدينين واما اجراء انتخابات مبكرة.
وكان توجه شارون لحزب المتدينين الاشكناز "اغودات اسرائيل" للانضمام لائتلافه، بهدف استفزاز حزب "شينوي" العلماني لحمله على الانسحاب من الائتلاف. فالتيار المعارض في الليكود يرفض تشكيل حكومة علمانية تضم العمل وشينوي دون المتدينين. فاضطر شارون للتضحية بالعلمانيين على امل تحييد المعارضة في الليكود والحصول على ضوء اخضر لضم العمل للحكومة.
ولكن حتى في حالة نجاح شارون في تشكيل الائتلاف مع العمل والمتدينين، فمن المنظور ان يواجه هذا الائتلاف معارضة قوية بكل ما يتعلق بتنفيذ خطة الانفصال. قيام اليمين بافشال خطة شارون ستفاقم الازمة داخل الليكود، وستضعف مكانته كعامود فقري لاحزاب اليمين في اسرائيل.

بين العمل والفلسطينيين

الظروف السياسية الجديدة التي ولّدها رحيل عرفات، خلطت اوراق شارون. انتخاب رئيس جديد للسلطة الفلسطينية في 9/1/2005 اصبح بالنسبة لامريكا واوروبا الركن الاساسي للتقدم في عملية التسوية في الشرق الاوسط. المشكلة ان هذا يجعل من خطة شارون بصفتها "احادية الجانب"، امرا غير واقعي.
من جهة اخرى، خطوات حسن النية التي قدمها مبارك لشارون (اطلاق سراح عزام عزام) تهدف الى تمهيد الطريق لاستئناف المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية. هذه المفاوضات يمكن ان تعتبر الانسحاب الاسرائيلي من غزة خطوة اولى، وليس كما خطط شارون: وسيلة لتجميد المفاوضات لاجل غير مسمى.
الخلافات داخل حزب العمل هي ايضا لا تساعد شارون، خاصة على ضوء المنافسة الشديدة على زعامة الحزب. اجتماع مركز حزب العمل الاخير في 30/11 شهد مواجهة بين كتلة شمعون بيرس وكتلة ايهود براك، اوشكت على التحول لاشتباك عنيف. العديد من قياديي حزب العمل يخشون من الحال التي آل اليها الحزب في اعقاب انضمامه لحكومة شارون في عام 2001، والتي انتهت بالهزيمة الانتخابية الاكبر في تاريخ الحزب، في كانون ثان 2003 (19 مقعدا).
خلافا لموقف زعيم الحزب بيرس الذي يدعو للانضمام للحكومة لمدة عامين دون شروط بهدف تنفيذ خطة الانفصال، تشكك عناصر اخرى في امكانية شارون القيام بالمطلوب ازاء رئيس السلطة الفلسطينية الجديد، ويعتقدون ان دعم بيرس ورامون لشارون ليس مبررا على الاطلاق. براك من جانبه يدّعي انه يؤيد خطة الانفصال، لكنه يريد دفع الليكود للانشقاق للاستفادة قدر الامكان من الوضع حتى يتسنى لحزب العمل استعادة السلطة.
احد المعلقين السياسيين، س. رخلفسكي، كتب عن حزب العمل مقالا بعنوان "انتحار اليسار"، جاء فيه: "النتيجة الحتمية ستكون هزيمة في الانتخابات، كما كان الحال عامي 1988 و2003. في الحقيقة يدور الحديث حول منح شارون والليكود السلطة حتى عام 2010، دون الاخذ بعين الاعتبار ان حزب السلطة ورئيسه غارقين في الفساد ومنقسمين على انفسهم." (هآرتس، 8/12).

الازمة القادمة

المشكلة الحقيقية ان شارون لا ينوي الموافقة على الحد الادنى من الشروط لبناء الدولة الفلسطينية على الارض. شارون يريد التنازل عن غزة التي تمتد على مساحة 1.25% من مساحة فلسطين، ويسكنها اكثر من 35% من السكان الفلسطينيين. لذلك، يستنتج هنري سيغمان، احد اشهر المعلقين في امريكا: "حتى لو باشر شارون المفاوضات مع القيادة الفلسطينية الجديدة، فلن يتمكن من توفير الاساس الكافي لانه يقترح اتفاقا مؤقتا يُبقي بيد اسرائيل السيطرة على الضفة الغربية ويؤجل الاستقلال الفلسطيني لعقود، في حين ستواصل اسرائيل فرض الامر الواقع من خلال بناء المزيد من المستوطنات." (نيويورك ريفيو اوف بوكس، 2/11/2004)
المفاوضات مع السلطة الفلسطينية في اجواء من الهدوء النسبي، بعد ان تكون اسرائيل قد نفذت انسحابها من غزة، تبدو اليوم غير مضمونة على الاطلاق. وحتى لو اجتاز شارون وابو مازن هذا الامتحان، فمن غير المؤكد ان يقبل حزب العمل برؤية شارون والليكود للحل. في هذا الوضع تكون الازمة القادمة للائتلاف الحكومي والانتخابات المبكرة، مسألة وقت ليس الا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا