الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلام كاريكاتيري / المكاريد يفسون

سلمان عبد

2011 / 11 / 18
كتابات ساخرة


كلام كاريكاتيري /
المكاريد يَفسّون ؟
الديمقراطية في عصرنا ، كما هو معروف، اخر ما توصل اليه الفكر الانساني لخلق مجتمعات يتحقق بها العدل والمساواة والحرية وفي المحصلة النهائية يكون الانسان سعيدا ، وهو ما سعت لها الايديولوجيات والاديان ورجال الفكر، وما من شعب من الشعوب يقال عنه بانه شعب متقدم ومتحضر الا وقد كانت الديمقراطية اداته ، وهناك شعوب تناضل وتضحي في سبيل هذه الديمقراطية خاصة ممن اكتوت بنار الدكتاتورية وذاقت طعمها المر ، ومرت علينا نحن ــ المكاريد ــ دكتاتوريات ( ملبـلبة ) منذ زمن الاشوريين و الاكديين والبابليين حتى عصرنا الحاضر ، فما ان يستلمنا دكتاتور حتى يسلمنا الى دكتاتور آخر ( تسلم وتسليم ) ، اما ما يقال بان الفترة التاريخية الفلانية عمها الازدهار وعصرها كان عصر ذهبيا ، نعم ، الازدهار عم لكن لأهل السلطة والحكام والفايخين دون المكاريد وكان قدرنا ان نذعن ونستسلم ونتأقلم فنتوارث " الضيم " من الاسلاف ، وكنا نتعلم الحكمة التي اصبحت رقية وتعويذة ( القناعة كنز لا يفنى ) فاقتنعنا بالمقسوم وامتلكنا الكنز الدائم الذي لا يفنى وهو الخنوع والاستسلام والسكوت عن الضيم والقبول بالهوان والاقتناع به .
واخيرا ، بعد 2003 ، قيل لنا بان الديمقراطية جائتكم بعد عصور الهوان التي قاسيتم منها على مر التاريخ ، فاستعدوا لها ، ورحبوا بها ، وافتحوا لها القلوب قبل الابواب ، فعلى يديها ستنالون ما تحبون وتحصلون على ما تشتهون وستنالون المن والسلوى ، فالتاريخ سيكتب من جديد وستكونون ابطاله وفرسانه ، ولاول مرة ستنضم جموع المكاريد لجماعة الفايخين ، وتصبح مفردة ــ المكاريد ــ نسيا منسيا ومن الارث الفلكلوري ، وتصبح قصصهم تتلى للصغار حتى ينامون ، قلنا ياهلا بالديمقراطية ، ودبـﭽنا وهوسنا ( هلا بيـﭻ هلا وبجيتـﭻ هلا ) وتتحقق الحكمة التي كنا لا نؤمن بها (من صبر ظفر ) واصبحت ذات جدوى ، وها نحصد ما زرعناه ، فلا ضيم ولا قهر ولا تنكيل ولا موت . بل رخاء ونعيم وسعادة فستحقق لنا الامبريالية اخيرا السعادة من غير شيوعية ولا اشتراكية ، فكيف لا نرحب بالديمقراطية وكيف لا ندبـﭻ ونرقص .
الا ان ما حصل ، كان مجرد سراب ووهم ، تماما كعقود الكهرباء ، وهم بوهم ، فلا ديمقراطية ولا رخاء ولا سعادة ، بل ضيم وقهر وتيتي تيتي مثل ما رحتي اجيتي والعودة دائما الى المربع الاول ولزگ بـ...يازتنا ، ولا فكاك منه ، مثل ( ام راس السمكة ) التي كان مقدر لها ان تأكل راس السمكة كغذاء دائم لانهم يستحوذون على السمكة باجمعها وحين يتبقى الرأس يلقون به اليها ، هكذا ، حتى ملّت ، ثم هربت ، وحين التجأت الى احد البيوت ، قدموا كغداء لها، راس سمكة !!! فنحن المكاريد تأقلمنا مع الضيم والهوان ، فاية ديمقراطية تلك التي يتحدثون عنها ؟ يذكرني حال المكاريد مع الديمقراطية بقصة قديمة من التاريخ ، قصة زياد الحارثي ، وهي تنطبق على حالنا نحن المكاريد تمام الانطباق :
كان زياد بن عبد الله الحارثي ، اميرا على المدينة ، وكان فيه بخل وجفاء ، فاهدى اليه يوما كاتبه سلالا فيها اطعمة ، فوافته وقد كان قد انتهى من غدائه ، فقال :
ــــ ما هذه ؟ فقالوا :
ـــ غداء بعث به فلان الكاتب اليك ، فغضب ، وقال :
ـــ يبعث احدهم الشيء في غير وقته ، يا خيثم ( يريد صاحب الشرطة ) ادع لي اهل الصفة ، يأكلون هذا .
فبعث خيثم الحرس يدعونهم ، فقال الرسول الذي جاء بالسلال :
ـــ اصلح الله الامير ، لو امرت بهذه السلال ان تفتح ، وتنظر ما فيها ، فقال :
ـــ اكشفوها .
فاذا طعام حسن ، من دجاج ، وفراخ ، وجداء ، وسمك ، واخبصة ، وحلواء ، فقال :
ـــ ارفعوا هذه السلال .
وجاء اهل الصفة ، فاُخبروه بمجيئهم ، وامر بأحضارهم ، وقال :
ـــ يا خيثم ، اضرب كل واحد منهم عشرة اسواط ، فقد بلغني انهم يفسون في مسجد الله ، فيؤذون المصلين
( الاغاني 19 / 175 ونهاية الارب 3 / 35 ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أين زياد عنهم اليوم
كاظم الأسدي ( 2011 / 11 / 18 - 09:58 )
الأخ العزيز .. بقدر ما أضحكتني وأسعدتني كتابتك الساخرة !! بقدر ما آلمتني لتذكيري بالكثير ممن يفسون في وضعنا اليوم ...وليس في الجوامع فحسب بل وفي دوائر القرار وتحديد مصائر المكاريد من الأرامل والأيتام والمضحين الحقيقيين لهذا الوطن.. وألا من زياد يخلصنا من فسوهم اليوم ؟؟ لك الشكر والأحترام

اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با