الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجموعة الشعرية ( تزرعني في القلب فراشة ) للشاعرة فائزة عبدالله سلطان تناغم الحس في الشعرية عند المرأة

عبدالكريم الكيلاني
شاعر وروائي

(Abdulkareem Al Gilany)

2004 / 12 / 21
الادب والفن


هي بمثابة امتثال للوعي المفتون بجماليات الروح عند المرأة التي تسكنها الشعرية بعمق اللغة ذات مزايا غارقة في السهل الممتنع ولدلالات المرأة ابعادها وللمتتبع الذي يحاول ادراكها واظهار جوانب من لغتها لأجل الوصول الى نتائج تلامس حسية الشعرية قابل للتحليل والتطابق وبالتالي يضيف للتلقي إطارا من المصداقية في الادب النسائي عموما فالأساليب الحديثة في كتابة النصوص بمختلف فنونها فتحت آفاقا رحبة للتحليق في فضاءاتها المتعددة ومداراتها المنتظمة التي إمتدت وانتشرت كخيوط العنكبوت في ثقافات الشعوب بغض النظر عن اختلاف هذه الثقافات من حيث بنية التشكيل والصور الشعرية كل حسب بيئته , وما يخصنا هنا هي لغة المراة الشعرية في الادب العربي الحديث وتناغم الحس في مداركها وخيالها الخصب وتوظيفها توظيفا فعالا ومتجانسا داخل النص الحديث ونأخذ من نصوص الشاعرة فائزة عبدالله سلطان مثالا لغزارة الصور الشعرية واللمسة الانثوية اضافة للهم الانساني لدى المرأة في هذه النصوص فهي في نصها الموسوم (أنفاسي تلون زهرتك ) تقول (حذرتك من الطفلة في داخلي __ ومن عبثها __بالوان
روحك __اخترت فرشاةَ من الرقة__والواناً من قوس قزح __ فكيف توقظ طفلة من البكاء على لوحاتك ) .
كما يعد عامل الزمن من العوامل المحفزة لدى المرأة وكثيرا مايتجلى هذا المفهوم جليا في مساحة الادب العربي , بمتناقضاتها الفلسفية وحدودها المفتوحة بحيث ان ( نازك الملائكة ) كانت ترى الزمن في صورتين متناقضتين سلبيتين , صورة قوة خارقة , تكاد تكون مرئية . هائلة في قدرتها على المطاردة وسد جميع المنافذ والدروب , والثاني : الزمن البليد البطيء المتثاقل الذي تتشابه لحظاته في رتابتها . فالنصوص التي تستمد رؤاها وابعادها من التأثير الحاصل نتيجة احتواء عامل الزمن للمشاعر الانسانية تظهر فيه آثار جراحاتها واستلاباتها وقد استطاعت الشاعرة فائزة عبداللة سلطان توظيف هذا العامل ماوسعها ذلك ’ فحين تتعاظم عليها الخطوب , وتوخزها بالآلام , نراها تخرج من سطوة هذا الزمن الواقعي الضاغط , لتحلق في زمن آخر يتلاشى فيه المكان الذي أحاطها طوال سنين الاغتراب الروحي والعاطفي لتحلق مع خيالها في أجواء الكلمة عابرة المسافات حاملة جرار التوحد مع ماضيها بكل تشعباته وآثاره وأحلامه المستقبلية لتجسده بصورة شعرية ولغة حديثة يحترق فيها الحنين والأنين راسما لها حياة لاتخلو من الخوف والترقب والتردد من هذا المستقبل المجهول الذي يخشاه من اكتوى بنار الغربة وهجير التلاشي في مساحات الحرمان لكن هناك دائما بصيص ضوء لابد منه لاستمرار ديمومة الروح في الانثى في مقطعة (تعال لنركض معا نحو المستحيل ) تقول (لن اقتلع قلبك من جذوره كما تتمنى _ لان قلبك بحجم الكون_-ولكني استطيع ان انصب خيامي فيه_-دون ان اطعم غروري بالنار/ تعال __ لن تخذل عصافيرك__حينما تتعلم التحليق بجناحي فراشة__ولن تنتطر طويلا على باب غيمة_-حتى ترى اصابعي) .
ان حياة وحيوية النص وتفاعل خاصيتي المفهوم والاستجابة لايمكن أن تظهر الا من خلال التشظي داخل ذاكرة الوعي المتحرر في الزمان والمكان وهذا مايميز معظم نصوص الشاعرة فهي قد استطاعت في نصوصها(احلم بجنتي , شرنقتي , بماذا واسيك , مسكين طائرك البري , في بيت زنبقة ) توطيد علائق الابعاد الدلالية وربطها باسلوب سلس وجميل يشد المتلقي ويضعه في بوتقة التجاذب والتواصل مع المفاهيم والحالات التي ارادت تصويرها وايصالها ببراعة وحس انثوي غاية في الدقة والرقة والبراعة فهي تقول في مقطعة ( وجهك الحزين ) (ساغطي خوفي بجفونك___وساصادق حزنهما__ وارقد بين القلق__ الذي ينمو بملل / ايها العشق الالهي _ سأدثرك بالحلم __ كي لايشم رائحتك عذول _-وسأحملك على أكتاف القمر _ وضمك الى روحي ) .
لكننا نراها في بعض الاحيان تساق الى الانجراف لدهاليز الحيرة الواقعة تحت تأثير الكبت بصورة لاارادية عبر تماديها الغير طبيعي على الاعراف والأطر الموضوعية للمجتمع الشرقي وهذا لايقلل من قيمة النصوص التي عبرت بصدق عن تحولات الشعور لدى المرأة في مجتمعنا وانحسارها في زاوية ضيقة تكاد تكون حالة عامة موغلة في القدم ولأن الشاعرة كما هو واضح في خطها الشعري تحاول إظهار صورة أخرى أكثر إنفتاحا للمرأة فقد أجادت حين إختارت التعامل مع مفردات الكم الهائل من العواطف والمشاعر الطبيعية التي تتحلى بها المرأة الشرقية في مجتمعنا وبمختلف اشكالها وخباياها بتناغم حسي منسجم ورقيق .
ان معظم نصوص المجموعة تحاكي الروح الانسانية بفيوضات متأصلة بجذر إنساني وتحولات طبيعية حب / حنين / حاجة / تشظي في الاخر / خيال ممزوج بالواقع , وهذه السمات أضافت للشاعرة ميزة التناثر الجمالي في مساحات واسعة من الألق والاندهاش والانفراد بماهية الحدث داخل عوالم القصيدة الحديثة فنجدها تارة تحلق كالفراشة في فضاءات الخصوبة والاحتواء الذي شكل تغييرا في مسار الحس الشعري داخل النص مما أدى الى السمو نحو هدفها المنشو د ونراها تارة اخرى تشكو البعادوالغربة والانزواء في صومعتها الاختيارية التي لم تغادرها الا على صفحات اوراقها البيضاء فهذا هو عالمها النقي لانها خائفة من الواقع المر الذي أدخلها مجاهيل الحزن ففي نصها ( تزرعني في قلب فراشة ) تقول ( ذات مرة _ وعدني ذلك المجنون _ بأن نرحل معا الى القمر _ فسبقني ورحل , ذات مرة تشاجرت مع النهر __ رميت اشعاري فيه _ قبكى ورحل , ذات مرة في وطني , سألتني طفلتي التي لم ألدها بعد , لم تموت دميتي في حضنك , فأسكتتها بدمعة ) والشاعرة في نصوصها مؤمنة بتجاذب الارواح لأن الروح صادقة لاتخفي ماتخشاه وهذا ايضا أضاف للنصوص قيمة أخرى ملموسة ذات طابع جمالي أيضا , في نصها الموسوم ( أعزفني ) تقول ( أيها الوجه المألوف منذ الازل , اين كنت منزويا , الم أشرب معك حليب الملائكة منذ الخلق / وفتحت قمقمي , فأحببتك , وبأياد من شوق , خبأتك في صدري ) .
نستطيع القول بأن الشاعرة قد رسمت لنفسها أسلوبا يميزها عن أقرانها وصنعت من آلآمها وأحلامها ملهمة حقيقية تضخ في نصوصها أشكالا من التجلي والدهشة والجمالية بالاضافة الى لغتها الشعرية التي تمثل المرأة أفضل تمثيل مع كل عيوبها وتقلباتها ومزاياها .. وهذه ميزة شعرية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا