الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزمكان المنحني

هشام غصيب

2011 / 11 / 28
الطب , والعلوم



استعرضنا في المقالات السابقة مبدأ النسبية الخاصة ومبدأ النسبية العامة. وفي هذا السياق توصلنا إلى مبدأ التكافؤ الآينشتايني الذي أرشدنا إلى بنية المكان والزمان بحضور مجال جاذبي. فوجدنا أن هذه البنية لا تطيع قواعد هندسية إقليدس، أي إنها لاإقليدية. وقادتنا هذه النتيجة المذهلة إلى شرح لأسس هندسة إقليدس ومفارقة التوازي في هذه الهندسة، تلك المفارقة التي قادت إلى بناء نظم هندسية لاإقليدية. وبينا كيف وحّد ريمان هذه النظم وعممها، محولاً بذلك الهندسة إلى نوع من الفيزياء النظرية. وأشرنا إلى أن سبب إخفاق ريمان وكليفورد في تفسير قوى الطبيعة باستخدام هندسة ريمان هو أنهما طبقا هذه الهندسة على المكان الثلاثي الأبعاد واكتفيا بذلك. وبالطبع، فما كان بالإمكان عمل أكثر من ذلك في عصرهما. لكن آينشتاين بين بعدهما بحوالي خمسين عاماً أن مشروعهما التفسيري لا يفلح في تفسير القوة والمادة إلا إذا طبقت هندسة ريمان على فضاء منكوفسكي الرباعي الأبعاد، أي الزمكان، الذي يتكون من ثلاثة أبعاد مكانية وبعد زمني واحد. لذلك كان من الضروري شرح مفهوم الزمكان، فبينا كيف تقود نظرية النسبية الخاصة، وبخاصة مبدأ ثبات سرعة الضوء، إلى ضرورة الزمكان بوصفه الفضاء الطبيعي المكتمل للأحداث المادية، أي بوصفه نظاماً هندسيا مكتملاً. ثم بينا كيف يمكن إعادة تركيب الفيزياء النيوتونية برمتها بما ينسجم ومبادىء النسبية الخاصة باللجوء إلى المتجهات الرباعية في الزمكان، وأشرنا إلى أن بناء قوانين الفيزياء من متجهات وتنسورات رباعية يضمن لاتغير هذه القوانين بالنسبة إلى جميع مراجع الإسناد القصورية. ويمكن وسم هذا المبدأ بمدأ لاتغير الصورة. وقد اكتشفه هيرمان منكوفسكي. لكن الفضل يعود إلى آينشتاين في إبراز أهميته وتعميمه.



وهكذا، فقد كان على آينشتاين تحقيق المهمات الآتية:

(1) تطبيق هندسة ريمان على الزمكان، أي اعتبار فضاء منكوفسكي حالة هندسية خاصة لزمكان ريماني؛

(2) التعبير عن المجال الجاذبي بدلالة التنسور القياسي السالف ذكرة للزمكان الريماني؛

(3) تحديد العلاقة بين المادة والطاقة من جهة وبين هندسة الزمكان من جهة أخرى؛

(4) إعادة تركيب قوانين الميكانيك والكهرمغناطيسية بما ينسجم مع مبدأ لاتغير الصورة السالف ذكره؛ أي إعادة تركيب هذه القوانين من متجهات وتنسورات رباعية في الزمكان الريماني.



هذه هي المهمات التي وضعها آينشتاين نصب عينيه تنفيذاً لمبدأ النسبية العامة ومشروعي ماخ وريمان وكليفورد.



ابتدأ آينشتاين باعتبار الزمكان فضاء رباعيا يطيع هندسة ريمان المعممة. ولهذا الغرض ربط مربع الفترة الرباعية بإحداثيات الزمكان عبر تنسور قياسي يتكون من عشرة اقترانات تعتمد على الإحداثيات الأربعة. وكنا قد ذكرنا في مقالات سابقة أن التنسور القياسي يتكون من أربعة اقترانات في حال الفضاءات الثنائية البعد، وتسعة اقترانات في حال الفضاءات الثلاثية، وستة عشر اقترانا في حال الفضاءات الرباعية. لكن هناك أوجه تناسق في الزمكان الريماني تخفض عدد الاقترانات إلى عشرة. وتحدد هذه الاقترانات العشرة طبيعة هندسة الزمكان في كل نقطة فيه، أي تحدد انحناءه في كل نقطة. وفي الحالة الخاصة التي تكون فيها ستة من هذه الاقترانات مساوية للصفر وتكون الأربعة الباقية ثابتة في المكان والزمان، نحصل على فضاء منكوفسكي، أي زمكان النسبية الخاصة.



والنقطة الجوهرية هنا هي أن الفترة الرباعية في الزمكان الريماني لامتغيرة بالنسبة إلى جميع نظم الإحداثيات الرباعية، ومن ثم جميع مراجع الاسناد الممكنة. وتكسبها هذه الخاصية موضوعية كاملة تفيض على الزمكان برمته وتصبغه بصبغتها.



وفيما يتعلق بالطابع الريماني للبقاع المختلفة في الزمكان، فإنه يمكن التمييز بين حالتين أساسيتين. فهناك بقاع يمكن فيها اختزال التنسور القياسي العام إلى التنسور القياسي الخاص بفضاء منكوفسكي الوارد ذكره أعلاه، وذلك باختيار مناسب لنظام الإحداثيات الرباعي. ويسمى الزمكان في هذه الحال زمكاناً منبسطاً أو مستويا، أي يعد شبه إقليدي. لكن هناك بقاعاً لا يمكن اختزال زمكانها إلى فضاء منكوفسكي، أي لا يمكن إيجاد نظام إحداثيات رباعي يحقق هذا الاختزال. وفي هذه الحالات يسمى الزمكان زمكانا منحنيا.



وقد بين آينشتاين أن الزمكان يكون منبسطا في البقاع الخالية من المادة والطاقة والبعيدة جداً عن التجمعات الكثيفة للمادة والطاقة. ففي هذه البقاع يمكن العثور علىنظام إحداثيات رباعي يختزل التنسور القياسي الريماني إلى التنسور القياسي الخاص بفضاء منكوفسكي. وهذا مكافىء للقول إنه يمكن العثور في هذه البقاع على مرجع إسناد قصوري لا يتسارع بالنسبة إلى مادة الكون. أما بالقرب من المادة والطاقة وفي أوساطهما، فيكون الزمكان منحنيا، وليس هناك طريقة إحداثية لاختزاله إلى فضاء منبسط. وهذا بالطبع هو شكل من أشكال التمييز بين المجالات الجاذبية النابعة من المادة والطاقة وتلك النابعة من التسارع (القوى القصورية). لكنه، بالطبع، ليس تمييزاً مطلقا، كما هو الحال لدى نيوتن. وسنناقش هذا التمييز بمزيد من التفصيل في مقالات قادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الزمكان الكوني
ياسر الحجاج ( 2011 / 11 / 28 - 18:20 )
اعتقد لو تكلمنا عن الزمكان في الكون يجب ان نبدا في التداخل الزمكاني الكوني الانتقالي -ان الانتقال التداخلي للازمنة الكونية المختلفة تعطينا التداخل الاحتمالي ويكون لنا زمكان اني مستقل بحد ذاتة وفي تصورنا لعقلنا الواعي في تركيبة البسيط والمتخلف والعدم الاستيعاب الى الفكرة بين الزمان والمكان ومحسوسيتة وادراكيتة الضعيفة لنا فيفسر بتفسيرات غير منطقية ومتارجحة وغير قابلة للتصور العقلي فعلينا الوصول الى نقطة الانحياد الكوني والثابت الموازي الاحداثي في نقاط الشروع الزمكانية الكونية اعتقد سيسهل علينا الامور جدا فلعلاقات في الاختلافات في الطاقة وانتقالها حتما ستسبب لنا مشاكل انتقالية في الزمكان وان الثوابت التي بنيت على انتقال الضوء ستنهار يوم من الايام وتقنية النانو مستمرة في الكشف عن السرع الجديدة في الفضاء وان التواتر الانتقالي والتسارع الزمكاني ايضا وارد جدا وحتمي ولا مفر منة ان التاريخ العلمي وسردة وعدم الاضافة الية اضن لاينفعنا ولا يعطينا دفعة الى الامام فما زلنا نراوح في عالم الميكانيك ولازلنا لانضيف ولا نعطي شي من الواقع العلمي الذي نحن فية --- شكرا لك سيدي الكريم

اخر الافلام

.. الجفاف يقيد حياة الكولومبيين ويدفع السلطات لتقنين المياه


.. المتحدث باسم منظمة الفضاء الإيرانية: الدفاعات الجوية أسقطت ع




.. سندوتش بالتنمية البشرية.. ماما دهب بعتبر كل زبون جزء منى و


.. الأمير وليام يستأنف أنشطته بعد إصابة كيت بالسرطان




.. -ناسا- تتهم الصين بالقيام بأعمال عسكرية في الفضاء وتحذر من و