الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام السياسي يترأس الحكومة المغربية، المنطلقات والتوقعات

يامنة كريمي
كاتبة وباحثة

(Yamna Karimi)

2011 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


وأخيرا وصل دور حزب العدالة والتنمية ليتربع، ما شاء الله من الوقت، على كرسي الحكومة. و قد كان يوم السعد، انتخابات 25 نونبر 2011التي فتحت باب السلطة على مصراعيه أمام الإسلام السياسي بالمغرب. لقد فاز السلفيون فوزا كاسحا على باقي الأحزاب حسب صناديق الاقتراع. والأمر لم يكن مفاجأة بل بالعكس كان متوقعا تبعا لظروف المغرب ومحيطه الخارجي وطبيعة آليات العمل السياسي. وكذلك وضعية حزب العدالة والتنمية في الفترة الأخيرة. فإن كان من الصعب أن ننكر الاستياء العارم الذي خلفه هذا النجاح، لدى فئة واسعة من المغربيات والمغاربة المخالفين للفكر الرجعي والسلفي والقلقين بشأن بعض المكتسبات التي حققها المغرب في مجال حقوق الإنسان، فمن الواجب الإشارة إلى أنه قد تم القبول بالأمر الواقع احتراما لاختيارات الشريحة الاجتماعية التي شاركت في التصويت وامتثالا لقواعد اللعبة السياسية التي حسمت لصالح حزب العدالة والتنمية، الذي توفرت له كل شروط الفوز الداخلية والخارجية. فحزب العدالة والتنمية له مجموعة مزايا يصعب تجاهلها، وهي قوة تنظيمه وتغطيته لمعظم التراب الوطني. وقربه من النخبة الاقتصادية خاصة في شمال المغرب. واتساع قاعدة أنشطته التأطيرية. ساعده على ذلك استغلاله للعنصر الديني. وكذلك خطابه وممارساته الشعبوية (اللغة، الصدقة، تنشيط الأفراح والمآتم التي يدعمها ماليا ويستغلها في ترويج فكره والدعاية للحزب...).الأمر الذي شكل آلية تواصل ناجحة على الأقل على المستوى القريب. فضلا عن مقاطعة ما يفوق النصف من المغاربة المسجلين في اللوائح الإنتخابية لعملية التصويت، وخاصة النخبة الفكرية المتفتحة وكذلك الشباب لاقتناعهم بعدم وجود أي إرادة سياسية للإصلاح والتغيير وإطلاقهم النار على مجموعة من الأحزاب مثل الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، مما وسع حظوظ حزب العدالة والتنمية مدعوما بأصوات العامة من الشعب المغربي ومريدي التيار السلفي وبعض الفئات التي تتوخى من الحزب التغيير والتجديد. ناهيك عن التزكية التي حصل عليها الحزب من الولايات المتحدة، التي ارتأت ومنذ سنوات على أن الأحزاب السلفية "المعتدلة" هي القوة القادرة في هذه المرحلة على خدمة مصلحتها والحفاظ على امتيازاتها بشمال إفريقيا والشرق الأوسط. هذا دون أن ننسى بأن حزب العدالة والتنمية في المغرب قد حظي برضاء السلطات العليا المغربية بعد انبطاحه للمخزن. ولا يفوتني كذلك أن أشير إلى استفادة حزب العدالة والتنمية من التقارب الحاصل بينه وبين الحركات السلفية التي انبثق من رحمها. ونقصد الحركات السلفية بكل تلويناتها المختلة وعلى رأسها الوهابية. لكن كيفما كان الحال ففوز العدالة والتنمية أصبح حقيقة قائمة والسؤال الذي يطرح نفسه في الآونة الأخيرة وبإلحاح ، هو إلى أي حد سينجح هذا الحزب في تحريك عجلة التغيير والإصلاح؟ وهل فعلا سيشكل استثناء بالنسبة للأحزاب التي تعاقبت على الحكومة المغربية، والتي كان مآلها الفشل وتكريس وضعية والتخلف والفساد وتبذير المال العام؟
إذا اعتمدنا قاعدة ( النتائج بمقدمتها) فإننا لا نتوقع الشيء الكثير من حزب العدالة والتنمية لأنه سيواجه مجموعة إكراهات. فإذا استثنينا تراكم ملفات الظروف المزرية التي يعيشها المغرب اقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا أمام غياب أي تصور حقيقي للحلول، وتناولنا مباشرة قضية تشكيل الفريق الحكومي. فإن هذه العملية هي أول صعوبة سيواجهها رئيس الحكومة الجديد، الذي أعلن بل بدأ تدابير التحالف مع حزب الاستقلال. وهذا إجراء سيثير، دون أدنى شك، سخط المغاربة وسيوسع دائرة الاحتجاجات ويزيد من حدتها. لأنه لا يعقل أن يتحالف حزب العدالة والتنمية الذي منحته شريحة من المواطنين ثقتها مقابل التغيير والإصلاح، مع حزب الاستقلال، الذي يتحمل وزر الأزمة التي يتخبط فيها المغرب والتي كانت السبب المباشر في تحريك الشارع المغربي وإجراء الانتخابات قبل موعدها المحدد. فقط لكون كليهما سلفي كما أدلى بذلك السيد بن كيران. ناهيك عن أن انبطاح العدالة والتنمية للمخزن لم يعد يخفى على أحد وهذا كذلك يشكل بؤرة توتر. فإلى أي حد يمكن لحزب العدالة والتنمية في ظل هذه المعطيات أن يخوض تجربة الإصلاح والتغيير بعد أن ربط مصيره بالمخزن من جهة وبالنخبة المسؤولة عن تفشي الفساد والظلم والفقر والجهل بالمغرب من جهة أخرى؟
أما التحدي الثاني فيتمثل في محاولة الجمع بين الشيء ونقيضه. أي الجمع بين حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا ومبادئ السلفية. فأهم قواعد حقوق الإنسان هو احترام الآخر كيفما كان ذلك الآخر تبعا للمادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق الحريات...دون تمييز من أي نوع ولا سيما التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أوت الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي أو....). وهذه مبادئ لا يؤمن بها السلفيون بل هي التي تشكل نقط الخلاف بينهم وبين اليساريين والعلمانيين. فبالنسبة لهم المسلم أفضل من غيره والعربي أفضل من العجمي والرجل أفضل من المرأة دون شرط أو قيد. فموضوع حقوق المرأة، حقل ملغم ومحرم وهلال أشهر الحرام لا تغيب عنه. إنهم يرفضون رفضا قاطعا أن يمسه الاجتهاد كما مس مجموعة من النوازل والمستجدات (فقه الأقلية). ولا يبخلون جهدا في لي عنق النص لتكريس التمييز ضد المرأة وحتى استعمال العنف كما تشهد على ذلك مجموعة الأحداث التي تحتفظ بها الذاكرة المغربية. والتصريح الذي قدمه الأمين العام للحزب بعد الفوز (أن الحكومة القادمة لن تمس حرية الأشخاص، ولن تدخل في صراع مع المخمورين ولا مع النساء المتبرجات) يبين أن التمييز متجذر في العقلية السلفية مما يجعل خطاباتهم لا تتمتع بأي مصداقية (التقية)....
وإن كنا نندد دائما بقيام أحزاب سياسية في المغرب على أساس ديني... كما ينص على ذلك الفصل 7 من الدستور المغربي، تجاوبا مع مبادئ الديمقراطية وتنزيها للدين عن مزايدات السياسة، فإننا ولمصلحة المغرب والمغاربة نأمل أن تكون كل توقعاتنا خاطئة. وأن يكون حزب العدالة والتنمية في مستوى الثقة التي حظي بها. وأن يفي بالوعود التي قدمها طيلة سنوات نضاله بعدما تمتع بحقه في تدبير الشأن العام وأتيحت له فرصة الكشف عن طاقاته وكفاءاته. وأن لا يكون وصول العدالة والتنمية لرئاسة الحكومة سوى تجربة أخرى تؤكد ما ذهب إليه مجموعة من السوسيولوجيون والسياسيون الذين بحثوا في الشأن المغربي، مثل واتربوري في كتابه، أمير المؤمنيين والنخبة السياسية... ()








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وتلك الايام نداولها بين الناس
عبد الله اغونان ( 2011 / 12 / 2 - 00:53 )
كل هذه مجرد مبررات.عندما كانت الكتلة في الحكم لم تكن برضى المخزن.اما تزكية امريكا.فمواقف حزب العدالة والتنمية من كل القضايا غالبا ما تتناقض والسياسة الامريكية.انما الامريكيون اكتشفوا ان الفزاعة التي تستعملها الانظمة لتخويف امريكا من الاسلاميين ليست حقيقية ولاحبا في امريكا بل حفاضا على الخلود في السلطة.التزكية جاءت من الشعب من كل اطبقات خاصة التعليم والطلاب والنساء والمثقفين من غير النخبة الشبه رسمية.تصريحات بن كيرا والداودي والعثماني تنفي كل هذه الهواجس.لم يعد احد يثق في هذه الفكرة البئيسة فصل الدين عن الدولة من الخليج الى المحيط.الدين يتدخل في البنوك وفي السلطة وحتى في العلاقات الحميمية.هذا ما يمارسه الناس.لوتتبعنا هذا الفكر فاشياء كثيرة يجب فصلها عن السياسة.الثقافة والمال والرياضة والجنس والفن والاعلام بل من البلادة ان تترك السياسة للسياسيين وحدهم.المعارضة يجب ان تنطلق موازية للممارسة الحكومية.لاسابقةعليه اذ البعض قبل الدمقراطية على مضض ولديه موقف ايديولوجي سابق من الاسلاميين الذين يجتاحون الوطن الكبير عن مصداقية شعبية
نتمنى لبنكيران التوفيق في خدمة الوطن.


2 - تتداول بالنافسة على إحقاق الحق
يامنة كريمي ( 2011 / 12 / 3 - 14:35 )
شكرا سيدي على اهتمامك بالموضوع وتعليقك. وإن كان من باب الاحترام أن أجيبك ففي الواقع ليس لي الكثير مما يمكن قوله. لأننا لنا منطلقات مختلفة. فأنا أتكلم من منطلق المتتبعة للأحداث التاريخية والاجتماعية من باب أنني أستاذة اجتماعيات. اما أنت فتتكلم من منطلق المتحزب الغيور على حزبه وأنا أقدر ذلك وحتى حاولت أن أبحث عن بعض كتاباتك لأنطلق منها لكن لسوء الحظ لم أعثر إلا على تعليقات متحزب. وعلى أي فما قلته كان كافيا لتعرف أنني ما يهمني هو أن تسير الأمور إلى الأحسن وبشكل شفاف ودون الركوب على شيء كالدين مثلا أو الحقوق كما هو متعارف عليها دوليا وكما تشير لها مقاصد الإسلام دون تأويلات مغلوطة وانتهازية. ودون الخضوع لمجموعة المخزن لتكريس واستمرارية الفساد والظلم لأن خمس سنوات ستمر لكن ذاكرة المغاربة ستبقى

اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن