الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الغايات، غايات ثورة
زينب رحيم
2011 / 12 / 6ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011
في البدء أشكر مؤسسة الحوار المتمدن لدعوتي الى هذا الحوار وأهنئه في ذكراه السنوية العاشرة في استمراره بتقدم ونجاح ،بادخال أحدث الاساليب الالكترونية لتقديم أفضل الخدمات للكتاب والكاتبات، وجلب جميع الكتاب التقدميين والعلمانيين ،اليسار بكافة اطيافه وبالتالي اتضاح مدى التقارب والتفاوت بين كل هؤلاء ، خالقا فرص عظيمة للتأثير والتاثر.
لقد لعب الحوار دورا كبيرا في دفع عجلة الفكر التقدمي ،الانساني في هذه المرحلة ،مرحلة الثورات العربية ،بتغطيته الاحداث في أوقاتها مع نشر كم لايستهان بها من الادبيات الماركسية وفي اوقاتها المناسبة لها . وفتح باب الحوار مع القادة السياسيين والكاتبات والكتاب في هذه المرحلة هو جزء من العملية ذاتها . وبهذه المناسبة ، نكن الامتنان لرئيس هذه المؤسسة واداراتها ،على حرصها في نقل الاوضاع المأساوية للعامل والكادح بالاخص وأعتراضاتها من أصغر بقعة في العالم الى أكبرها ونقل كافة الاصوات المنادية للتحرر من كافة اشكال الاضطهاد والمساواة بكافة اشكالها.
الغايات، غايات ثورة
ان ما أتت به الانتفاضات في البلدان العربية وبشكل أوضح في تونس ومصر من غايات ، من خلع السلطة من الجذور ( سلطة الاستغلال والفساد والاستبداد ، سلطة تراكم رؤوس الاموال ، سلطة أصحاب المليارات تاركة المجتمع بكافة فئاته يئن من وطأة الفقر والفاقة وانعدام فرص العمل ) ، أعادة ثروات البلد ، القضاء على الفقر والبطالة ، رفع شعار الحرية ، العدالة الاجتماعية ، عدم التعامل مع صندوق النقد الدولي ، القطيعة مع الولايات المتحدة الامريكية والغرب (ان لم تتخذ هذه النقطة بمعزل عن الغايات الاخرى وتكون هدفا فقط لوطنية الاقتصاد ) مع الدور الرائد للطبقة العاملة في اسقاط النظام في كل من مصر وتونس
ان هذه الغايات ،في الحقيقة هي غايات ثورة بكل ما تحمله هذة الكلمة من معاني. ثورة طبقة لدك عرش طبقة وازالتها من الحكم .
لم تستطع تونس من دفع هذه الحركة الى الامام واحراز التقدم نحو تحقيق الغايات هذه نتيجة ضعف التنظيم الساسي للطبقة العاملة والفئات الثورية المسانده لها بشكل عام ، لكن عدا ذلك فان الأتحاد العام لتونس التي كانت له الدور الرئيسي في اسقاط النظام ،كانت جزء من السلطة ولم تخرج منها وتنقلب ضدها ،الا بضغط شديد من القاعدة ، وحين استفحال أزمة السلطة ، ورغم تاريخها النضالي والوطني الطويل والمعروف ، يذكر ان هذا الاتحاد ومنذ 2006 قد شهد تراجع في عملها النقابي على عكس الطبقة العاملة المصرية التي تميزت بنضالاتها الاقتصادية وحتى الوصول الى التصادم مع السلطة لتلك الاعوام وحتى ما قبلها.
أما مصر فقد استطاعت بالسير بحركتها نحو الاتجاه الذي يفصل هذه الطبقة عن الحركات الاخرى المضادة للثورة (أي أخذت تأخذ استقلاليتها التي كانت تفتقدها في بداية الثورة ) بالتقدم في تشكيل نقاباتها المستقلة التي ابتدأتها حتى قبل سقوط مبارك، الاستمرار في رفع مطاليبها الاقتصادية من تحديد الحد الادنى للاجور ،الاحتجاجات والاضرابات لرفع الاجور والاعتصامات واحتلال بعض المعامل ، احتجاجات لطرد فلول النظام من ادارة المصانع والشركات ومحاكمتهم واحتجاجاتهم لاسقاط حكم العسكر.
فاحتجاجاتها لعبت دورا كبيرا في طرد الاستثمارات الاجنبية بحيث وصلت الانخفاض في نسبة الاستثمارات في مصر نحو 92%(ان نسبة الانخفاض التي شهدته تونس كانت بدرجات أقل).
ان الاوضاع في مصر وتونس قد جعلت محللون اقتصاديون يبدون مخاوفهم من عودة السياسات الاحمائية والانغلاق الاقتصادي، ويبدون شكوكهم من ان تستمر الليبرالية الاقتصادية بشكلها الحالي في الفترة المقبلة . ويأكدون على ان أزمة حادة سوف تمر بها الرأسمالية ولا بد من تحولات سياسية –واقتصادية.
فمن هنا ينبغي على الجماهير في البلدان التي شهدت الثورات ا ن تعي بأنها قد سددت ضربات موجعة ليست فقط الى حكوماتها التي استخدمت الاستغلال والاستبداد والفساد المفرط كسياسة لتوفير العمالة الرخيصة للرأسمالية العالمية ، بل والى نظام السياسة الاقتصادية للرأسمالية العالمية بأكملها.
وقد انتقلت شرارة غاياتها الى دول الغرب ايضا بسبب الازمة العالمية للرأسمالية في بلدانها فتشكلت حركة وول ستريت ،فرفعت شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية وشعارات ضد البطالة ،ضد البنوك والشركات ، وبربرية حكومات رأس المال بشن الحروب واضطهاد وافقار الملايين لتثبيت نظام رأس المال ،ومنها ارسلت نسيمها لتتشكل هذه الحركة في 128 دولة ، وعدا هذا فان الاحتجاجات من حيث زخمها في بلدين قد أدت الى استقالة حكومتين في ايطاليا واليونان في غضون شهر.
ان استمرار الثورة في مصر بالاخص الى حد يومنا هذا ، وبدرجات في تونس قد أبطلت السياسة التي كانت الولايات المتحدة الامريكية تروج لها في الانتقال السلس للسلطة ،اي الانتقال الى سلطة برجوازية اخرى امام تحديات الجماهير المضطهدة لقلب السلطة البرجوازية من الجذور. وفي هذا الغضون ، "أبدت المستشارة السابقة للرئيس الامريكي مخاوفها من ان القاعدة ،اي الجماهير تاتي بشكل من السلطة لم تجرب على الارض الواقع بعد." فرحيل احمد شفيق ، وحكومة شرف والمطالبة برحيل حكم العسكر لم تكن فقط محاولات قلب السلطة من الجذور بل محاولات من ذلك القبيل اي طرح سلطة ثورية من الجماهير. لقد اشارمحللون اقتصاديون الى أن الحلول الإصلاحية القديمة التي كانت تعتمد على طروحات الأنظمة والشرائح المحدودة المستفيدة منها قد سقطت لتبرز الحلول المقدمة من القواعد الشعبية، وهناك من اشاروا الى ان قضية نماذج الإصلاحات التي كانت تقدم لصالح الأنظمة والشريحة المحدودة الحجم المتصلة بها دون الأخذ بعين الاعتبار ضرورة توزيع الثروة بشكل يخلق طبقة متوسطة ، قد سقط" .
فالبرلمانات التي تقام اليوم وبدعم من امريكا والغرب والتي هي مزيج من القوى الاسلامية والليبرالية (التي لم تكن لها اي دور لها في الثورة، بل وعرفت انتهازيتها في تخليها عن الجماهير المحتجة للعديد من المرات سعيا منها للوصول الى سدة الحكم ،وحتى في ايام المحاولات لاسقاط النظام ) تحاول الرأسمالية بها طرح بديل سلطة برجوازية تستطيع خلق طبقة وسطى مستفيدة من قوى الثورة المضادة . ،بعد ان اسقط الجماهير نموذج السلطة البرجوازية المعتمدة على تقسيم المجتمع الى طبقتين طبقة حاكمة تستولي على كل الثروات وطبقة عاملة مسحوقة ومهمشة. فهذه البرلمانات سوف تعيد نفس الماكنة من الاستغلال والفساد والقمع والاستبداد مضافا اليها محاربة المدنية ومعاداة لحقوق وتحرر المرأة. فالهدف من هذه العملية هو ضرب القوى الرائدة والاساسية للثورة التي تريد قلع السلطة البرجوازية من جذورها واساء بديلها ونقيضها الممثلة بالطبقة العاملة .
ان تقدم الثورة في مصر وفي مسارها الصحيح كشفت وفضحت محتوى الجيش كجهاز قمع للدولة البرجوازية بعد توهم الجماهير بوطنيتها.
ان هذه المرحلة وكاي مرحلة ثورية في التاريخ ، ومثلما رمت بكل النعرات القومية والدينية والعرقية الى الحاشية ووحدت الجماهير ضد حكومات رأس المال، فقد دفعت بكل الحركات التحررية التقدمية والقوى الانسانية الى المقدمة مثل حركات المدافعة عن السلم ، حركات التحرر النسوية ، حركات المدافعة عن اللاجئين ،..................وربطت نضالاتهم اكثر فاكثر بالجماهير المضطهدة فمثلا في استراليا اخرجت برنامج عن اللاجئين من البلدان الاسيوية والافريقية يعيشون في ماليزيا واندنوسيا يعملون في مزارع لرأسماليين مقابل طعامهم اليومي لا على اساس الأجر اليومي !
اما حول ما آلت اليه الاوضاع في ليبيا ويمن وسوريا في ظل غياب قطب عالمي ينبذ الاستغلال والاضطهاد الطبقيين ،ويسعى في سبيل الحرية والمساواة التامة، بجرهم الى آتون حرب مستعرة،كانت لكون هذه الدول ، فيها اساسات جذور صراعات قبلية ودينية وطائفية ومع امية مستشرية وأنظمتها السياسية والاقتصادية كانت قد قوت هذه الجذور لضمان السيطرة والاستغلال الطبقي ، فرغم ان الثورة وحدتهم ضد سلطة قد استحوذت على ثروات البلد ،لكن جذور تلك الصراعات قد حدت من وحدتهم لايجاد استراتيجية لاستمرار بغايات ثوراتهم ،ومكنت الرأسمالية من وأد الثورة وهي مهدها.
فاذا استطاعت الرأسمالية وعبر عقود تضليل نضال العامل وتشويه غايات الثورة اليوم في دول الشرق الاوسط بالاستفادة من الدين والقبلية والطائفية والقومية واضفاء طابع هذه الصراعات على الصراع الطبقي في ظل ازمتها السياسية والاقتصادية الخانقة ، فبالموازات لذلك استفادت من السياسة الليبرالية في الغرب فعبرعقود تعمل في سبيل جر نضالات العمال الاقتصادية في النقابات لضمها تحت السياسات الليبرالية للسلطة من خلال احزابها السياسية ،احزب العمال .فمثلا على سبيل المثال ،حزب العمال البريطاني الذي ولد في رحم النقابات العمالية ، بهدف اعطاء الطبقة العاملة صوتا سياسيا في البرلمان ،عندما اتخذ قيادته توني بلير، قام بمحاربة التيار الاشتراكي التقليدي ، للجم النضالات الاقتصادية والسياسية داخل النقابات ،فجر الحزب من اليسار الى الوسط. ونفس الشيء نستطيع قوله على حزب العمال في استراليا في جره النقابات من اليسار نحو الوسط.فمثلا أزمة شركة كوانتاس للطيران ابتدأت بطرد الف من العاملين فيها بسبب فتح هذه الشركة فرعا لها في آسيا لكون العاملين فيها (اي في آسيا )يعملون برواتب اقل من العاملين في شركات استراليا، اعلنت نقابة الطيارين الاضراب عن العمل وبتدخل من الحكومة حسمت الامور لصالح الشركة وانتهت الاضراب.فبشكل عام وباشكال مختلفة اصبحت النقابات تحت سيطرة سياسات الحكومات، حكومات رأس المال
لذلك وجدنا الطبقة العاملة الغرب ليست لها ذلك الدور(اقصد هنا دور المهدد للسلطة) في الرد على الازمة الاقتصادية المتصاعدة .وهي بطيئة ومترددة في ردها على الاوضاع في بلدانها في ظل تزايد البطالة والارتفاع المخيف لاسعار المواد الغذائية والايجارات وتراجع ملحوظ في ضمانات الرعاية الاجتماعية والصحة والتعليم (وحتى اتجاه نية الحكومة نحو خصخصة بعض المؤسسات ،استراليا).
ومنها وجدنا أيضا ان الثورة في مصر تلاقي تحديات جمة في الاستمرار في ظل دعم هائل لدول الرأسمالية العالمية وذيولها من مشايخ الخليج لقوى الثورة المضادة مقابل تجاهل النقابات العمالية في الغرب لما يحصل للثورات في الشرق الاوسط
فهذه العملية بمجملها ،كانت صيرورة لعملية وأد الفكر الاشتراكي عالميا التي ابتدأتها الرأسمالية العالمية مع انهيار قطب دول الاشتراكيات التقليدية القائمة على نظام اقتصاد رأسمالية الدولة .
لكن بنفس الدرجة التي تتضح فيها محتوى الديمقراطية التي تريدها الرأسمالية للشرق الاوسط ،بارساء انظمة تضمن لها تثبيت العمالة الرخيصة بسياسات قمع واستبداد ، تحكم بالحديد والنار ،تتضح أيضا محتوى الديمقراطية -الليبرالية في الغرب التي يعني الحرية التي ينضمها القانون لصالح تراكم رأس المال والرأسماليين.
لقد امتلأت العالم اليوم بشرقها وغربها بشعارات ضد حكومات رأس المال ، والمطالبة بالحرية والمساواة الاقتصادية ،ازمة الرأسمالية حادة ومستمرة . فالمعركة مسستمرة والنضال واحد والثورة واحدة.
تتقدم الطبقة العاملة اليوم باهدافها ذات الافق الاشتراكي التي هي القضاء على سلطة الرأس المال والغاء العمل المأجور والملكية الخاصة ، والتي بغيرها لا سبيل للخلاص من الاسباب التي أدت الى الثورات. وهي بصدد توحيد صفوفها وتشكيل أحزابها وتوسيع تنظيماتها وعاجلا أم آجلا سوف تصبغ الاحتجاجات القادمة بصبغتها ضد الرأسمالية.
زينب رحيم
4-12-2011
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - البديل الشيوعي
حيدرعلي
(
2011 / 12 / 6 - 11:15
)
بصراحة موضوع في غاية التشويق والسلاسة التي تتيح للأنسان البسيط تفهم اهم انجازات الثورة المغيبة على وسائل الاعلام ومدى تأثير هذه الثورات على النضام الرأسمالي العالمي ومن هذه الثورات بدئت عملية نخر جدار النضام الاستعماري ,ولكن من المؤسف نلاحظ ضعف قوى اليسار والذي يبدئ من ضعف النقابات ومنضمات المجتمع المدني حتى نصل بالضعف الى تنضيمات الاحزاب اليسارية وخاصة الشيوعية والتي بدت وكأنها تتخلى عن ثوريتها في جميع محافلها وهذا الواقع يجعلنا تحت سؤال مهم وهو هل القوى الشيوعية الان بديل قوي للنضام الرأسمالي وقادر على ادارة المنضومة العالمية تحت لواء الشيوعية ونحن نلاحظ ان دور اليسار مختصر على الفعاليات الانسانية الخالية من ثورية الفكر بعيدا عن المشاركة في الثورات فنحن على علم بأن جميع القوى شاركت بهذه الثورات سواء التيارات البرجوازية او الاسلام السياسي وهذه مااقتضته مصالح هذه التيارات (البرجوازية والاسلامية)وهل سنشهد تنامي تدريجي للقوى الشيوعية متزامنة مع ضعف واستمرار الازمة الرأسمالية العالمية
2 - جواب كاتبة المقالة
زينب رحيم
(
2011 / 12 / 6 - 20:10
)
الاخ والرفيق حيدر علي
شكرا على اهتمامك وتعليقك على مقال
أحب أجيبك على سؤالك هل ان القوى الشيوعية الان بديل للنظام الرأسمالي أقول ان أمكانية طرح سلطة ثورية من القوى الاساسية والرائدة للثورةكان ممكنا ولا زال ممكنة سواء في مصر او في تونس وقد تكون سلطة مزدوجة مثلا من قادة نقابيين اوعمال ومن فئات مجرد مساندة للثورة (برجوازية فمثلا هناك الالاف من القانونيين والاطباء ،علمانيين وتقدميين الشرفاءفي مصر وتونس لكن يكمن المسألة في ضعف التنضيمات السياسية وثقة هؤلاء لطرح أنفسهم للسلطة
ان السلطة البرجوازية قد صورت لنا ذلك ان الذين يرشحون أنفسهم للسلطة ينبغي ان يكونوا اصحاب شهادات عالية او لهم مناصب في مؤسسات عالمية والحقيقة هذا مفهوم خاطئ
أما بالنسبة لسؤالك الثاني هل سنشهد تنامي تدريجي للقوى الشيوعية متزامنة مع ضعف واستمرار الازمة الرأسمالية العالمية الجواب بالتاكيد فأنا ذكرت في مقالتي ان هذه المرحلة سوف تدفع بكل القوى التقدمية والانسانية وهذا يشمل اليسار بكافة اتجاهاته ايضا الى المقدمة وتربط نضالالتهم بنضالات الجماهير المضطهدة ،العمال والكادحين،الفلاحين....وتدفعهم نحو الاتحاد
.. ما الموقف الأمريكي من هيئة تحرير الشام ومما يجري في سوريا؟
.. حكام سوريا الجدد: نحو حكم تعددي أم إقصائي؟ • فرانس 24
.. الهيئة السعودية للمياه في الصدارة العالمية وشعارات الابتكار
.. كاميرا سكاي نيوز عربية ترصد تقدم دبابات إسرائيلية في الجولان
.. طفلة غزية تبارك للسوريين انتصارهم وتشيد بتضحياتهم