الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاخر الفهم.... انهيار الامن

آريين آمد

2011 / 12 / 6
العولمة وتطورات العالم المعاصر


منذ ان اشعل البو عزيزي النار في نفسه، وانطلق الربيع العربي، سقطت انظمة عديدة، وانظمة تسير في طريقها الى السقوط، واخرى تحمل في داخلها عوامل السقوط ولا يعرف احد، ماذا؟ متى؟ كيف؟ ولماذا؟؟؟؟؟ تلك الاسئلة التي تمثل حيثيات التفكير المنطقي ازاء اية قضية او معضلة عند البحث والاستدلال....
لان التعقيد والغموض يلف عالمنا اليوم، ولان تاخر فهم ما يجري كلف انظمة راسخة حياتها، لهذا يصبح ضرورة ان نفهم ما يجري من حولنا امرا مصيرا ليس في حياة الدول فقط بل في حياة المواطن العادي، لان انهيار الاستقرار الامني يجعل الفرد يعيش في دوامة مطلقة، ونحن في العراق لمسنا ذلك منذ سنين خلت وعرفنا قيمة وأهمية الامن والاستقرار لاننا ببساطة شديدة اكتشفنا بان الحرية لوحدها وبدون الامن تفقد بريقها، خاصة عندما يتحول الخوف والتهديد الى هاجس يومي يفسد كل ما هو جميل من حولنا ذفي دواخلنا.
ان فهما دقيقا لبيئة الامن المعقدة في القرن الحادي والعشرين يعد الخطوة الاساسية المهمة والاولى في بناء المنظومة الامنية الجديدة وبعكسه ستكون المفاجئات نصيبنا الاكبر اذا لم نقل باستحالة الاستمرار.
ربما كانت الاحداث التي وقعت في زاخو سببا مباشرا لكتابة هذا الموضوع فقد وقع الهجوم على الفنادق ومحلات بيع الخمور ومراكز المساج بدون سابق انذار، ووقعت تحديدا في وقت كانت تعمل فيه جميع اجهزة الامن في الاقليم بمنتهى الحذر واليقظة، ولكن حالة تاخر الفهم السائدة هذه الايام في الشرق الاوسط وربما في العالم باتت سمة اغلب الاحداث التي تشهدها المنطقة، والدليل بان الاجابة على الاسئلة الاساسية تبقى مبهمة؟ فهل ما جرى حصل بسبب تحريض (ملا) او شيخ جامع عصابي؟؟؟؟ ام ان الامر عبارة عن مؤامرة خارجية نفذت تحت اسم الدين؟؟؟؟ متى تم التخطيط؟ اين تم التخطيط والتهيؤو؟ هل الاحداث كانت عفوية؟؟؟ من هي الجهة المدبرة؟؟ ما هي الاهداف المتوخاة من ذلك؟؟؟ كيف ستتطور الاحداث؟؟؟ وبالامكان طرح العديد من الاسئلة بهذا الخصوص، لكن هدف هذه المقالة ليس هذا ولكن البحث في اسباب تاخر فهم الاجهزة الامنية المختصة لما يجري بالقرب منها!!!!!!!
اعتقد بان تحولا كبيرا حصل في مفهوم الدولة في القرن الحادي والعشرين حيث يتطلب فهم أمن الدولة، خطوة اضافية مهمة جدا تتمثل في فهم الدور المتغير للدولة، وبدون استيعاب ذلك يصبح من المستحيل لوكالات الاستخبارات ان تنجح في دعم الدولة. لان للدولة اليوم دورا مزدوجا فمثلما عليها توفير الأمن لمواطنيها نراها ملزمة بذات الوقت توفير الخدمات العامة بكل أشكالها، السياسية، الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية. فسابقا كان يتركز مفهوم الأمن على تطبيق القانون لتحقيق الأمن الداخلي وحماية الحدود لصد العدوان الخارجي المباشر، ولكن في القرن الحادي والعشرين اخذ الأمن يعني حماية طريقة حياة الناس وطريقة حكم الدولة، هذه المهمة الجديدة للدولة هي اس المشكلة، وتتطلب تغييرا في عقلية الدولة لتصبح قادرة على ادارة شؤون الناس. الاسلاميين لا يريدون بارات وخمور ومحلات المساج، الليبراليون والعلمانيون يريدون بارات وخمور ومحلات المساج، يريدون المزيد من الحريات الشخصية والحقوق الفردية، ترى اين يجب ان تقف الدولة؟؟؟؟ بجانب من؟؟؟ وكيف لها ان تنجح في حماية طريقة حياة الناس؟؟؟!!!!
مهما اختلفت طبيعة النظم السياسية للدول إلا أنها مرغمة لتبنى طرق جديدة لتتفاعل مع التطورات الحالية وفي جميع المستويات فقد أصبحت بيئة الأمنِ اليوم معقدة لأنها تشمل (عدة متغيرات) ومجهولة بسبب الشك لوجود متغيرات غير قابلة للمعرفة مع صعوبة القدرة على التنبؤ بدقة. حيث تظهر الإشارات وجود صعوبة أكثر للإبحار في المستقبل بسبب عدد الأشياءِ التي لم تعد تحت سيطرة الدولة، وبسبب الطبيعة القديمة للدولة نفسها. ففي السابق كانت الاستخبارات على سبيل المثال هي حساب عدد الدبابات، الطائرات، والصواريخ لدولة مجاورة. أما اليوم فالمهمة تختلف، وتتطلب ان تكون أجهزة الاستخبارات والأمنِ الرسمية مدركة لبيئة الأمنِ الجديدة التي هي متقلبة ومجهولة ومعقدة وخارج سيطرة الدولة.
في هذه البيئة المعقدة والشائكة المليئة بالشك وعدم اليقين لن يكون بإمكان الأجهزة الاستخبارية التنبوء بالمستقبل، ولكن فهما دقيقا لمتطلبات هذه البيئة يجعل الاستخبارات أكثر استعدادا للتعامل مع نتائج التهديدات الجديدة وأكثر استعداد للرد عليها. حيث أصبح من المعلوم بان الكلفة الناجمة عن فشل أجهزة الاستخبارات والأمن عالية جدا، مما يتطلب العمل في هذه البيئة الاستعداد لتقبل الحلول العملية وان كانت جزئية والاستعداد التام للتفكير بطريقة خلاقة، لكي لا نجعل الأشياء أسوأ بفعل الاستخبارات الغير فعالة.
يمكن اعتبار طريقة استجابة الدول للتعامل مع تحديات البيئة الحالية بأنها غير فعالة وتعاني من جملة معوقات تشمل:
1. قلة فهم المؤشرات والتحذيرات ذات العلاقة بتحديات الأمن الجديدة.
2. انعزال المؤسسات. ونعني بذلك عدم القابلية وعدم الاستعداد للتشارك بالمعلومات.
3. المشاكل الفكرية. وتشمل وجهات النظر الخاطئة للحقيقة، الرفض للتعامل مع التغيير، وأسباب تتعلق بمشاكل القيادة المجدبة، اضافة الى المتملقون الذين يحيطون بالزعماء والذين فَقدوا حس لمس الحقائق منذ امد بعيد.
عليه يتطلب توقع الدور المستقبلي لأجهزة الأمن والاستخبارات وضع النقاط التالية في الحسبان:
1. لا تستطيع الدولة ان تزيل التهديدات لأمنها ورفاهية مواطنيها.
2. دور الدولة في توفير مدى أوسع من المنافع الأمنية سوف يستمر في النمو ويصبح أكثر تعقيدا ً.
3. يجب على أجهزة الاستخبارات ان (تتغير، تتغير، تتغير) وتتعلم ان تصل الى ما بعد أجهزتها وتدخل الى الأجهزة الأخرى للحكومة، مثل القطاع الخاص، والمواطنين، والمجموعات غير الحكومية لكي تنجز مهمتها في دعم امن الدولة.
4. يجب ان تكون أجهزة الأمن والاستخبارات قادرة على توقع الأحداث وان يكون لها القدرة على الرد بسرعة وبشكل مناسب على أحداث وتحديات المستقبل.
في النهاية نعتقد بان المهمة الرئيسية لأجهزة الاستخبارات ستكون التحرك على ثلاث مستويات رئيسية تشمل:
1. التهديدات. ويمكن تقديرها من خلال معرفة القدرات المتاحة للخصم ومعرفة النيات.
2. نقاط الضعف. ويمكن تقديرها من خلال معرفة مدى توفر الدفاعات الفعالة لدينا ومدى القدرة على البقاء وتحمل تأثير الخسارة.
3. الخطر. ويمكن تحديده من خلال معرفة التهديد ومعرفة نقاط الضعف الحالية ليتم القرار على اختيار احد الوسائل التالية للتعامل مع الخطر ( تجنب الخطر، تخفيف الخطر، قبول الخطر، نقل الخطر).
انتهت
للاتصال بنا
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خطوة بالاتجاه الصحيح
سامي سامي ( 2011 / 12 / 6 - 15:52 )
الاستاذ ارين آمد المحترم
اجد ان محاولتك هذه هي واحدة من المحاولات النادرة لتلمس جرح غائر في واقعنا المرير الا وهو العملية الامنية التي اصبحت هاجس كل مواطن عراقي يخرج من بيته وهو قلق على حياته وحياة من تركهم خلفه في البيت
الاحترافية هي الحل
نعم فقد عانينا ولمدة ثمان سنين حتى الان من الاجتهادات الشخصية سواء في المناصب العليا او الكادر الفني مع توفير دورات لذوي واقارب اصحاب المناصب لترفيههم في الخارج تحت مسمى دورات تاهيلية مما يعكس عدم الجدية التي تتعامل بها الحكومة مع هذا الملف تحديداومع بقية الملفات ايضاً
مغالطة اعتبار رجل الامن هو رجل البوليس السري او النظرة الستالينية لرجل الامن سواء من قبل الناس او الحكومة يعيق عملية انشاء رجل امن وطني علمي ومحترف حيث ينحصر اعداد رجل الامن على الجانب البدني والتدريب في معسكرات على القيام بحركات اكروباتية يجيدها معظم الشباب من رواد قاعات الجم بدل الاهتمام بالبناء النفسي والفني وكذلك الدقة في انتقاء رجال الامن التي تشترط حاليا البنية البدنية والولاء فقط كما نراه في تطويع ابناء الشهداء دون التفات لعامل الكفاءة والمعرفة والقدرة على اكتساب الخبرات


2 - .....
سامي سامي ( 2011 / 12 / 6 - 16:04 )
كذلك من الاخطاء التي تقع فيها المؤسسة الامنية في العراق اعتبار الامن حالة مستقلة عن المجتمع بحيث ينظر لرجل الامن بانه المحاسب على الاخطاء مما يؤدي الى انعدام او قلة المشاركة المجتمعية في المنظومة الامنية حتى ان المواطن العراقي يدعو الله بعدم زيارة مركز الشرطة او المستشفى بسبب كرهه لهذين المكانين لكونهما يمثلان حالة سلبية يمر بها ويستخدمهما عند الضرورة فقط
متى ماتمكنت الدولة من جعل المنظومة الامنية جزء لايتجزأ من العملية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية في العراق وليس فقط جزءأ من العملية السياسية عندها فقط نتمكن من صناعة جيل قادر على افراز منظومة امنية وطنية ذات كفاءة عالية وولاء ذاتي وليس ولاء مجتزء كما هو الحال اليوم حيث ولاء رجل الامن للجهة التي قامت بتجنيده
واهم مايميز العملية الامنية هو الجزء الاستباقي الذي يختص باجهاض عمليات في النية القيام بها وهذا يستلزم توفير جهد استخباراتي نوعي وليس فقط الاعتماد على الوشاة والمبلغين مقابل جوائز نقدية
كذلك الصرامة في تطبيق القانون على الجميع فالمواطن مابات يشعر بقوة القانون وجدية تطبيقه على من هم في مناصب معينة لذلك او ينتمون لفئات معينة


3 - شكرا
آريين آمد ( 2011 / 12 / 6 - 17:49 )
شكرا لمرورك الجميل اخ سامي وملاحظاتك القيمة اغنت الموضوع، تحياتي الك من اعماق قلبي


4 - شكرا
آريين آمد ( 2011 / 12 / 6 - 18:29 )
شكرا لمرورك الجميل اخ سامي وملاحظاتك القيمة اغنت الموضوع، تحياتي الك من اعماق قلبي

اخر الافلام

.. سيول دبي.. هل يقف الاحتباس الحراري وراءها؟| المسائية


.. ماذا لو استهدفت إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟




.. إسرائيل- حماس: الدوحة تعيد تقييم وساطتها وتندد بإساءة واستغل


.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع العقوبات على إيران بما يشمل الم




.. حماس تعتزم إغلاق جناحها العسكري في حال أُقيمت دولة فلسطينية