الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب يُعيدون إنتاج تخلّفهم ديموقراطياً...!

وهيب أيوب

2011 / 12 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدو أن العرب، ومنذ قرون، لا يُتقنون إلا "حكاية إبريق الزيت"؛ وهي قصة، كما تعلمون، لا تنتهي؛ بل يتم تكرارها كما هي...!
ويبدو أيضاً، أن ما قاله ابن خلدون قبل ستة قرون، "إن العرب لا يحصل لهم الملك إلا عن عصبية دينية"، ما زال صالحاً لواقع حال العرب المعاصر.
ففي كل مرحلة تاريخية كانت تقوم فيها بعض الحركات الفكرية- الفلسفية أو حتى الدينية بإعمال العقل ومحاكاة الواقع بعيداً عن النصوص الدينية المطلقة والثابتة، كانت تتصدى لها الأصوليات الدينية المتعصبّة لتُطيح بها وتقضي عليها، سواء بالقتل أو السجن أو النفي.
هذا ما حصل لفرقة المعتزِلة التي ظهرت أواخر العصر الأموي، ثم تم القضاء عليهم في عهد الخليفة العباسي المتوكل، مثلما تم القضاء على الفلاسفة وفكرهم المنفتح، وأهمّهم ابن رشد الذي نُفيَ من موطنه قرطبة في الأندلس، وأُحرِقت كتبه وبيته. وقد ساوى ابن رشد المرأة بالرجل بالحقوق والواجبات والوظائف، بما فيها رئاسة الدولة.
نتائج الانتخابات في وتونس، المغرب، ليبيا، وأخيراً مصر، وسيطرة الإسلاميين عليها، تُنبئ ببؤس المسار والمصير. وقد يكون من محاسِن الصُدف، أن هؤلاء احتلوا المقاعِد عبر انتخابات ديموقراطية وليس بانقلاب أو ثورة، على غرار ما جرى في إيران أو أفغانستان، وإلا لكانت الكوارث أعظم. لكن هذا لا يُقلّل من مخاطر وصولهم للسلطة والتحكّم بالبرلمان من خلال إصدار قوانين تحدّ من الحريات العامة والخاصة وتُدخِل الشعوب في مُعتركٍ جديد ليس له أول ولا آخِر.
يقول حازم أبو إسماعيل، وهو مرشّح إخواني للرئاسة في مصر، إنّه سيمنع الاختلاط بين الجنسين ويمنع الخمور وقد يفرض الحجاب، وسيمنع ويمنع ويمنع.... إلى آخر الممنوعات التي تتعارض برأيه مع الشريعة الإسلامية. ويقول، إن المجلس التشريعي، لا يجوز له أن يخالف الشريعة الإسلامية.
إذن ستبدأ مرحلة جديدة من الاستبداد، ولكن هذه المرّة عبر الانتخابات؛ وهذا ما يمكن تسميته "الاستبداد الديموقراطي". وقد بدأت بوادره من تصريحات زعماء الإخوان والسلفيين "حزب النور"، وأيّ نور..!؟ هؤلاء، كما هو معروف، لم يُشاركوا في الثورة؛ لكنهم انتهزوها وركبوا الموجة بعد أن تأكّدوا أن الثورة ستطيح بنظام مبارك.
السلفي، عبد المنعم الشحات، هاجم بضراوة أدب نجيب محفوظ معتبرا إياه أنه يحضّ على الرذيلة والدعارة، وتلك بوادر قليلة مِما سنسمعه ونراه مُستقبلاً، من محاربة الفكر والأدب والفن والمسرح والسينما. ولا نستبعد أن تضحى العلمانية والليبرالية تهمة يُعاقب عليها القانون...! القانون الذي سيصيغه الإخوان والسلفيون تحت قبة مجلس الشعب، ناهيكَ عن ضرب قطاع السياحة الذي قد يتضرّر بسبب فوز الإسلاميين.
وأهم من كل ذلك، ليس أمامنا مِن بُدّ إلا أن نرثي حال أكثر من عشرة ملايين قبطي، لن يناموا ليلهم مُطمئنين من اليوم وصاعداً. وقد يحتاجون لـ "خط همايوني" ثاني على غرار الخط الذي أقرّه السلطان عبد المجيد عام 1856 في الزمن العثماني.
في تونس، هاجم عدد من الإسلاميين دار سينما بحجة أنّها تعرِض فيلماً يتعرّض للذات الإلهية! إذأ، هُم حرّاس الله على الأرض ونوّابه، لا نوّاب الشعب! كما جرى عراك بإحدى الجامعات التونسية على خلفية دخول منقّبة إلى قاعة الامتحانات، بين الإسلاميين والعلمانيين، ولا شك أن الصراع سيحتدم أكثر في المستقبل القريب، بعد أن يحظى الإسلاميون بالبرلمان والسلطة. فالإسلاميون التقطوا اللعبة الديموقراطية، ومن خلالها سيحقّقون مآربهم بأسلمة المجتمع سياسيّاً، ليصلوا أخيراً إلى الخلافة الإسلامية المنشودة التي تحكم بشرعِ الله...!
يقول البعض، إنّه لا مفرّ من المرور بهذه المرحلة، بعد إخفاق القوى اليسارية والعلمانية والقومية والليبرالية من إنتاج كتلة تاريخية تكون الحامل لمشروع الدولة المدنية العلمانية الديموقراطية، وذلك عبر عدة عقودٍ طويلة، منذ استقلال تلك الدول عن الاستعمار الأجنبي. وإن خيانة الكثير من المثقفين والأحزاب اليسارية لأدوارها التاريخية، بتحالفهم أحياناً كثيرة مع أنظمة الاستبداد، قد أفقدهم الشعبية بين الناس، فحصدوا النتائج اليوم.
إنّها مرحلة جديدة من الصراع بين الحركات الإسلامية والسلفية وبين التيارات العلمانية والليبرالية في مصر والعالم العربي، سيعاني فيها دُعاة العلمانية والأقليات غير المسلمة من اضطهادٍ شديد عبر "الاستبداد الديموقراطي" الذي سيمارسه الإخوان والسلفيون في البرلمان والمجتمع وكافة مؤسسات الدولة. إضافة للانعكاسات السلبية والخطيرة على الدول الأخرى التي لم تقم فيها احتجاجات بعد، أو تلك التي تخوض صراعاً الآن لإسقاط أنظمة الاستبداد، وأهمّهم سوريا، التي في الأساس تتخوّف فيها الأقليات من التغيير وتتوجّس من الإسلاميين في حالة سقوط النظام. وما جرى من فوز الإسلاميين بالدول المذكورة يعزّز مخاوف هؤلاء، بل يزيدهم رُعباً.
إذا لم تستطِع الشعوب العربية أو بعضها، نيل حريتها وكرامتها زمن الأنظمة الاستبدادية، وإنها غير قادرة على تحقيقها من خلال الديمقراطية، فأين المفرّ إذن..؟؟

الجولان المحتل/ مجدل شمس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مبروك
شبيح الكتروني ( 2011 / 12 / 7 - 18:51 )
وسيذهب القرضاوي فاتحاً الى بنغازي بعد أن دشن ثورة مصر في ميدان التحرير مندوبأ لعمر بن العاص.
أتمنى أخ وهيب أن تكون هذه فاتحة خير لتعود لرشدك وستفيق من ترهات العرعور وبرهان غليون وتنزل عن الشجرة التي تسلقت عليها.
لا دموقراطية بوجود آل سعود


2 - أخطأتَ يا شبّيح ...!
وهيب أيوب ( 2011 / 12 / 8 - 14:18 )
إذا كنتَ قد فهمتَ من مقالي ما رميتَ إليه بكلامكَ، فأنتَ حالم
مهما تكن النتائج الآتية عبر الانتخابات سوف نقبل بها، وهي بالأساس نتيجة نصف قرن من الاستبداد والقهر التي مارسته أنظمة التشبيح التي أنتَ منها، لكننا سنستمر بنضالنا من أجل الدولة العلمانية الديمقراطية بكل الظروف، أما الذين تدافع عنهم من الأنظمة المجرِمة وعلى رأسهم نظام بشار حافظ الأسد، الطاغية المنحط أخلاقياً، فهم أول المحرضين على الطائفية وهم أول الذين استخدموا الدين في السياسة والعكس، سنستمر بذات العزم لدفن هؤلاء بمزبلة التاريخ بعد محاكمتهم، ونتابع مسيرتنا الإنسانية في بناء مجتمع ديمقراطي وحرّ، ولكن هذه المرّة من خلال النضال الديموقراطي، بعد كنس نظام الشبّيحة تماماً، وإلى غير رجعة.


3 - حقد اعمى
قلم رصاص ( 2011 / 12 / 30 - 20:59 )
اذا كانت نتيجة -الثورات- في كل البلدان العربية وبالصدفه طبعا انتقال من الدكتاتوريات العلمانيه الى دكتاتوريات ظلاميه دينيه فهل يجعلها صندوق مناسبه للشعب العربي؟
هذه الدكتاتوريات يا عزيزي او الديموقراطيات كما تسميها اتت من خلال التبرعات بالزيت والسكر في مصر ومن خلال الناتو في ليبيا ومن خلال شعارات صوت لنا بالدنيا سنصوت لك بالاخره ومن يعادي الاسلام يعادي الله وسيحاسبه على ذلك يوم القيامه الخ ...
حقدك على النظام بسوريا يجعلك تعمى عن كل من يؤيده ويجعلك اعمى عن اي طريق اخر لتطوير البلد ها قد شاركت بمؤاتمرات اسطتبول وباريس وشاهدت بام عينك قبح المعارضه السوريه..
نقول مسيرة الاصلاح انطلقت والشعب السوري بمعظمه مؤيد لها وتشهد على ذلك المليونات التي تنادي بالاصلاح على عكس معارضتك التي تنادي عالجنه رايحين شهداء بالملايين ويرعاها مجنون عبر قناة ظلاميه -- واتحدى اي من اعضاء المجلس الانتعالي ان يصرح ولو بكلمة واحده ضده
مسيرة الاصلاح انطلقت من يريد المشاركه اهلا وسهلا ومن لا يريد فهو حر اما من يعرقلها فهو مخرب ويجب ان يتحمل مسؤلية اعماله - عاشت سوريا شعبا وجيشا وقيادة .

اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح