الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة لا تخرج من جامع

علي الخليفي

2011 / 12 / 10
ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011


أحببت أن أجعل من كلمات المُفكر السوري أدونيس عنواناً لهذه المشاركة, وذلك للتأكيد على مركزية الدور الذي يلعبه المُفكر في التأسيس لأي مشروع فكري يهدف إلى كنس السائد من الأفكاروزرع بذرة لفكر جديد يكون قادرعلى خلق واقع مُختلف .عملية الإدراك لفساد الواقع الذي نعيشه يجب أن تنطلق من وعي كامل بالأسس الثقافيه التي أسست لهذا الواقع, ومن تم فإن الثورات الحقيقيه هي التي تتجه لهدم الواقع الفاسد من خلال هدم الأسس التي قام عليها هذا الواقع. هذا إذا ما كنا نتحدث عن الثورة بمفهومها العصري ذلك المفهوم الذي أنتجه عصر الأنوار في أوربا وأرتبطت رمزيته بالثورة الفرنسيه.

مصطلح الثورة بمفهومه العصري هو مصطلح دخيل على مجتمعات هذه المنطقة المُسماة بالعربية , وهي لم تعرفه طوال تاريخيها ,وربما هذا هو السبب الذي يجعل ذلك المفهوم مُشوش وغير واضح الدلالات ,ويجعل من هذه المُجتمعات تضع ذلك المصطلح في غير موضعه, مما أكسبه هذا التشويه الذي جعل من مفردة الثورة الدالة على عملية نقض للعالم المشوه القائم والتأسيس لعالم جديد مُبتكر , جعل تلك المفردة تُطلق في مجتمعاتنا على عمليات نقض الواقع الجزئي التشويه والقابل للإصلاح ,والعودة لإستنساخ عوالم كلية التشويه ولا رجاء في إصلاحها.
.
ـ عظمة الأمم تقوم على مدى تعظيم تلك الأمم للكلمة , ومدى إيمانها بدور الكلمة وقدرتها على التغيير, ذاك الإيمان الذي يجعلها تُفرد مكان الريادة فيها لمفكريها ,ويجعلها تجعل من كلماتهم المُرشد والهادي لها في تلمس طريقها نحو النور.
.
الأمم الجاهلة والمُتخلفة لا تولي الكلمة أية مكانة ,ولا يكون لها أي دور في حياتها, ولذلك لا يكون لقائلها أي موضع ريادي ,وتكون الريادة فيها لأصحاب الحناجر الحديديه ,فتضيع وصايا مُفكريها بين صرخات تلك الحناجر .
عندما يسود الهرج والمرج ,وتجعل الشعوب الجاهلة من أكتافها منابر للمُكبرين والمُهللين والمُزايدين, يخبو صوت العقل وتصبح الكلمة الناقدة بمثابة دعارة مجانيه كما وصفها المفكر الليبي الصادق النيهوم .

هذا هو الواقع الذي نعيشه اليوم والذي أسس له هذا الهياج الشعبي الذي لانزال نسميه ثورة ,رغم كل النتائج الكارثيه التي أفضى إليها , وكأننا لم نكتفي بالتشويه الحاصل في واقعنا المُعاش ونصر على تشويه المفاهيم الجميلة الدالة على عوالم غير مشوهة لم ندركها من قبل ولا يبدو أننا سندركها في المدى المنظور.
.
ـ قد لا تبدو هناك أية صلة بين السطور الماضيه وبين ما يطرحه هذا الملف عبر محاوره العشر, ولكن هذه الصلة ستضح عندما نعود إلى المُنطلقات التي إنطلق منها الملف في صياغته لمحاوره تلك. حيث ينطلق الملف في طرحه لمحاوره المختلفة من فرضيه تقضي بإجماعنا على تعريف ما تشهده المنطقة بأنه ثورة , وأردت هنا أن أؤكد أنه علينا تحديد المفاهيم بدقة ووضوح كامل قبل أن نتناول تلك المحاور, حتى يكون بامكاننا نتاول ما هو مطروح في هذا الملف وفق ما تؤسس له تلك المفاهيم.
.
إذا نحن ننطلق من منطلقات مختلفة في تعريفنا لما يجري على الساحة في منطقتنا, ولقد تمنيت لو أن السادة القائمين على إعداد الملف إنطلقو من نقطة تتسائل عن تعريف ما يجري أولاً, ثم طُرحت المحاور ليتناولها كل طرف بحسب رؤيته وتعريفه لما يجري, ما إذا كان يراه ثورة أو أنه لا يتعدى أن يكون شغب شعبوي ليس إلا.
.
المُنطلقات الخاطئة لاتقود إلا إلى نتائج خاطئة , وإذا اتفقنا بأن الهدف من طرح أي حوار هو التأسيس لمشروع فكري, أو دفع عجلة المشروع الفكري المتوقفة للعودة إلى الدوران بعد أن تم إيقافها بحراب العسكر لستة عقود , إذا كان هذا ما نهدف إليه من طرحنا لأي حوار فإننا يجب أن ننتبه إلى أهمية تحديد المفاهيم وبدقة متناهية ,وذلك من خلال إعطاء المُفردة اللغوية مدلولاتها المُحددة , لأن اللغة هي القالب الذي تصاغ فيه الأفكار , ولأن أي مشروع فكري سيكون مشوشاً وضبابياً مالم تضبط اللغة التي سيتم صياغته بها.
.
المنطلقات الخاطئة توصل إلى نتائج خاطئه ,والنتائج الخاطئة تظل تترسخ حتى تتحول إلى حقائق تؤسس لوعي مشوه , ولن يكون بإمكاننا إزالة تشوه هذا الوعي إلا بتصحيح النتائج الخاطئة ,ولن نتمكن من تصحيح النتائج الخاطئة دون العودة للإنطلاق من منطلقات صحيحة.
.
أن ما نراه اليوم من إجماع عامي ونخبوي على إعتبار ما يحدث في المنطقة ثورات عظيمة, يتبارى المثقفون والعوام في التعظيم من شأنها حدّ الوقوع في السُخف , فهذا يصفها بأنها أعظم ثورات العصر, والاخر يقول بأن الثورة الفرنسيه ذاتها لاتساوي شيئاً مقارنة بهذه الثورات , وثالث يقرربأنها الثورات الأعظم من أزمنة الفراعنة , كل هذا الهدر الذي يقوده مجموعة ممن يتصدرون وسائل الإعلام ,ويتم تقديمهم كواجهة ثقافيه لمجتمعاتهم لايؤسس إلى شيء, ولا يدل إلا على الإفلاس الفكري لهذه الصفوة ,والتي هي صفوة مجتمعات جاهلة ومتخلفة وغير واعية. مجتمعات تُفرز هذا النوع من المُثقف الذي يعمل بعقلية مُخرج الأفلام الرديئه ,والذي يُقدم مادته وفق قاعدة " الجمهور عاوز كده" , هذا الصنف من المثقفين الذين لا يجيدون غير دغدغة مشاعر مواطنيهم والإنسياق وراء شططهم وغلوهم لنيل رضاهم وتصفيفهم . ذلك الرضى والتصفيق الذي سيعطيهم الشعبية الكافيه ليحصلو على تذكرة الدخول والإقامة الدائمة في استديوات فضائيات الحناجر المأجورة الذي يُسيطر على الفضاء الإعلامي في هذه المنطقة .
.
بمثل هذا المثقف الشعبوي أو حتى نعطيه وصفاً أكثر دقة نقول المثقف الشعبولي (نسبةً إلى شعبولة السباك المُغني) ,وبمثل هذا الإعلام المأجور يتم تكريس وعي مشوه تم التأسيس له قبل ستة عقود من الزمن عندما أستولى العسكر على الحكم ,فهذا المثقف الذي نراه اليوم يبالغ في تعظيم الشغب الشعبوي الحاصل اليوم ويصفه بالثورة العظيمة, هو وريث ذلك المثقف الذي أطلق ذات التوصيف على شغب العسكر قبل ستة عقود من الزمن ,وأسبغ عليه كل أوصاف التعظيم والتقديس , ونحن لا نزال نرى حتى اليوم أن نسبة كبيرة من هؤلاء المثقفين الذين تكون وعيهم في تلك الحقبة , لانزال نراهم يصفون بوعي أو بدون وعي ذلك الإنقلاب العسكري في يوليو 52 والذي كان أكبر نكبة نكبت بها هذه المنطقة , لايزالون يصفونه بالثورة , رغم أن الأنظمة التي يصفق ذاك المثقف لسقوطها اليوم, إن هي إلا ثمرة ذلك الإنقلاب الذي وضع قادته الأسس لهذا الواقع القمعي . كل النكبات التي حلت بهذه المنطقة كانت نتاج لذلك الإنقلاب العسكري, والذي قطع مسيرة طويلة من تنامي الوعي كانت تعمل وإن ببطء على تشكيل وعي جديد, ولو قدر لتلك المسيرة أن تستمر وتتنامى لمنحتنا عصر أنوار حقيقي في هذه المنطقة ,عصر أنوار كان سيمنحنا ثورات حقيقيه تؤسس لعالم جديد.
.
اليوم يتكرر ذات المشهد ونعيد ذات الخطأ ويتم تكريس المفاهيم المُشوهة لمصطلح ثورة في أذهان الأجيال الجديدة, مما سيؤدي إلى ترسيخ الوعي المشوه السائد ,وهو ما سيجعل إنجاز ثورة حقيقيه بمفهوم عصري أمر عصي عن التحقيق لهذه الأجيال, كما كان عصياً على الأجيال التي أورتثها هذا الوعي المشوه.

ـ محاور الملف ..

المحاور من 1ـ 3

يتسائل المحور الأول عن الدور الذي لعبته قوى اليسار في هذا الحراك الشعبي, ولعلنا نستطيع الإجابة على هذا التساؤل من خلال نتائج الإنتخابات التي تمت حتى الأن في الدول التي حدث فيها هذا الحراك.
هذا الحراك الشعبي هو وليد المُصادفة وحدها , ولم يتم التأسيس له, والإنسان الذي شارك في هذا الحراك لم يكن يحمل أي مشروع واضح المعالم يسعى لتحقيقه, والثورات الحقيقيه يُحدثها إنسان يحمل مشروع واضح المعالم ,وهو إذ ينتفض على الواقع القائم ويقوم بنقضه ,يكون لديه تصور واضح للواقع الجديد الذي يريد تشيده على أنقاض الواقع الذي قام بهدمه.

كان دافع الإنسان الذي شارك في هذا الحراك هو الغضب على أوضاع فاسدة لم تعد تُطاق, ولم يكن يحمل أي مشروع جديد يريد التأسيس له ,ولذلك رأيناه بعد أن هدم الواقع القائم الذي ثار عليه ,رأيناه يقع في الفراغ ,ويضطر إلى الألتجاء للنبش في الماضي باحثاً عن مشاريع قديمة لإستنساخها ,وهذا ما أوقعه بين أيدي الإسلاميين.

عندما نتحدث عن مشاركة اليسار ومقدرته على تحريك الشارع ,يجب أن لا نغفل واقع هذا الشارع ,إننا نتحدث عن شارع تصل نسبة الأميه بين أفراده إلى ما يفوق الخمسين بالمئة, ونحن نتحدث هنا عن الأميه المتعلقة بفك الحرف ,أما الأمية الثقافيه فهي تتجاوز ذلك بكثير .مثل هذا الشارع ليس أبداً تُربة صالحة ليزع فيها اليسار بذرة التغيير..اليسار يحمل مشروع فكري, وهذا المشروع الفكري يحتاج في أقل الأحوال إلى الحد الأدنى من الوعي الثقافي لدى الإنسان الذي يتوجه إليه بالخطاب, وهو ما ليس متوفر لدى إنسان هذه المنطقة . فهذا الإنسان المُنغلق على نفسه والمتمترس وراء مفاهيمه الموروثه غير قابل لتقبل أية رؤى جديدة ,ويفضل إجترار ما يملك من معارف أكل الدهر عليها وشرب ,وهذا ما يجعله تُربة خصبة بل ونموذجيه للمشروع الإسلاموي , ذلك المشروع الذي لا ينضوي على أي طرح فكري ,بل يقوم على تهييج العواطف الدينيه ودغدغة المشاعر ,مما يجعله مناسب جداً لذلك الإنسان الذي يُقيم معارفه على الأساطير والخرافات , وهذا ما جعل الإسلاميين يكتسحون الساحات.
.
حتى يكون لليسار قاعدة شعبية قادرة على المساهمة في إحداث ثورة حقيقيه لابد من إخراج إنسان مجتمعاتنا من أميته الثقافيه, وهذا ما لاتتوفر السبل لإحداثه حتى الان. في مقالة سابقة لي بعنوان بين المدنية والتدين ,تحدث عن الدائرة المُغلقة الغير قابلة للإختراق , لإنها مؤطرة بإطار ديني مُقدس . فهذا الإنسان الغائب عن الوعي عندما تُتاح له الفرصة لإختيار من يحكمه ,يأتي للحكم بقوى ظلاميه, وهذ القوى الظلاميه تقوم بمحاصرته معرفياً وتضع المحرمات التي تمنع توعيته, وتضمن بذلك بقاءه في مرحلة من غياب الوعي تجعله يعيد إنتاج ذات القوى الظلاميه من جديد .

من هنا أُعرج على المحور الثاني من محاور الملف والتي تحدتث عن القمع الذي تعرضت له قوى اليسار من الأنظمة الإستبداديه, مما أضعف من دورها ,لاؤكد على ذات النقطة , فالقمع الحكومي لم يكن موجها لقوى اليسار بشكل خاص, بل كان يوجه بحسب ما تقتضيه مصلحة الحاكم , والإسلاميون أنفسهم تعرضوا لانواع كثيرة من القمع من تلك الحكومات المُستبدة قد تكون تفوق ما تعرض له اليسار والقوى العلمانية, وربما سبب ذلك إدارك تلك الحكومات لتركيبة الشعوب التي تحكمها , فهذه الحكومات كانت تعلم أن الشعوب التي تحكمها شعوب جاهلة ومتدنية الوعي ,وهي مهيأ أكثر لتقبل الطرح الإسلاموي منها لتقبل أي طرح يحمل مشروع فكري, مما دفعها لتشديد قبضتها على الإسلاميين.. إذاً المشكلة الحقيقيه في ضعف دور قوى اليسار والقوى العلمانيه ليس قمع الحكومات, بل هو ضحالة البيئة الثقافيه في مجتمعاتنا التي تجعلها عاجزة عن تقبل أي طرح متحرر يخالف القيم السائدة التي تبني عليها وعيها والتي تعتبرها جزءاً من عقيدتها.

المحاور من 4 ـ 7

يطرح المحور الرابع السؤال حول كيفية المشاركة للقوى اليساريه في العملية السياسيه التي ستعقب سقوط الأنظمة الإستبداديه , وإنطلاقاً من تعريفنا لما يحدث في المنطقة بأنه شغب شعبوي ,فإن الطرح الذي سنطرحه سيكون مُغرقاً في التشاؤم, ومن هنا نُجيب على التساؤل الذي يطرحه هذا المحور عن شكل المشاركة المُرتقبة من اليسار, بتساؤل أخر نتسائل فيه عما إذا ما ستكون هناك أية مشاركة بالأساس؟.

التحذيرات من الإسلاميين ومن مخاطر وصولهم إلى السلطة لا تنطلق من فراغ, وليس مبعثها معاداة التدين والأديان, بل هي نابعة من تصور واضح للنهج الذي سيتبعه الإسلاميون في الحكم ,والنتائج الكارثيه التي سيجلبها هذا النهج على بنية المجتعات التي ستحكمها ,ومن هنا نتحدث عن الواقع الحقيقي الذي سينتجه الحكم الإسلامي ,وهو واقع أُحادي التوجه يتم فيه تقييم كل طرح يتم طرحه في المجتمع وفق نصوص جامدة لها صفة القدسيه, وعليه فإن الطرح اليساري العلماني أو أي طرح لا ينطلق من تلك النصوص المقدسة ولا يتوافق معها فهو طرح لا مكان له في تلك المجتمعات التي تحتكم لشريعة الإسلام.

ذات التصور سنراه يتحقق بالنسبة للمرأة ولدور المرأة . فدور المرأة في المجتمع المحكوم بشريعة الإسلام هو دور محدد ومبين وفق نصوص الشريعة, ولن يُقبل منها أي دور يتعدى ما رسمته لها تلك النصوص ..
ليس هدفنا من هذا الطرح أن نغرق أنفسنا في التشاؤم ولا أن نُحطم مجاديفنا بأيدينا ولا نقول بالتوقف عن النضال, ولكن الهدف معرفة الأرضية التي سيناضل عليها اليسار في ظل الواقع الجديد .. هذا الواقع الجديد الذي يتصدر الإسلاميون المشهد فيه ,سيفضي لخسارة اليسار حتى للمنابر التي كانت متوفرة له من قبل زمن الأنظمة الإستبداديه , والقوى اليساريه والعلمانيه التي ستظل وفيه لطروحاتها عليها أن تستعد لبدل دماء كثيرة في المرحلة المقبلة.
.
المرحلة المقبلة لن يعود صاحب الطرح اليساري أو العلماني بحاجة لإنتظار زوار الفجر ليقتادوه مُعصب العينين إلى مكان مجهول, بل عليه أن يسير في شوارع وطنه وهو يلتفت من حوله في إنتظار طعنة خنجر ,أو رصاصة طائشة يطلقها على رأسه أحد الحمقى الطامعين في جنات الحور العين التي وعدها بها شيخ دجال من شيوخ الجوامع ..إذن نحن مُقبلون على الإنتقال من الإرهاب الحُكومي المُنظم إلى الإرهاب المُجتمعي الغير منظم . والذي لاتوجد له أية ضوابط سوى ما تحدده شطحات فقهاء وعلماء المسلمين.

لقد رأينا بوادر هذا الإرهاب المُجتمعي بعد إنتشار الفضائيات الدينيه, ورأينا كيف إستطاع رغم أنه كان محكوم بقوة قمعيه قادرة على قمعه , كيف إستطاع التأسيس لهذ الواقع الذي نراه اليوم في مجتمعاتنا من تنامي ظاهرة الحجاب وتربية الذقون, تلك المظاهر التي لا تدل على تنامي نزعة التدين عند أفراد المُجتمع بل تشير إلى القيم الجاهلية التي تم زرعها عبر تلك الفضائيات , تلك القيم التي ترسخت في تلك المُجتمعات وصارت هي المعايير التي يُقاس بها صلاح الإنسان من عدمه, مما جعل ذلك الإنسان يلتجئ إلى تلك الظواهر لإتباث صلاحه أمام مجتمعه طمعاً في تقبل المُجتمع له وحتى يستطيع أن يجد له دور في ذلك المجتمع, فالشاب الباحث عن العمل يحتاج لصفات الأمانة والتقوى التي تمنحه أيها تلك اللحية والزبيبة ,والمرأة التي لاتريد أن تُخلد في بيت والدها تلتجئ إلى دفن نفسها تحت الجلابيب السود لتعطيها عنوان للعفة التي يبحث عنها االرغب في الزواج.

المحاور من 8 ـ 10

المحور الثامن يطرح لب القضيه حين يتسائل عن مدى مقدرة اليسار والقوى العلمانية على الحد من ثأتير الإسلام السياسي ,ولعلي لن أطيل هنا لان ما سبق تناوله في الإجابة على المحاور السابقة قد مهد لإجابة مُختصرة .
المواجهة التي يجب على اليسار والقوى العلمانيه الإستعداد لخوضها ليست مع الأحزاب والتيارات الإسلاميه, وليست أيضاً مع الحكومات الإسلاميه المُقبلة ,المواجهة هي مع إنسان هذه المنطقة , هذا الإنسان الذي يُصر على تقوقعه داخل قوقعته الدينيه هو الذي يمنح القوة لتلك الأحزاب وياتي بها للحكم ,ودون إيجاد طريقة ما تجعل ذلك الإنسان يقتنع بالخروج خارج قوقعته الدينيه ليواجه واقعه, فلن يكون بإمكان قوى اليسار ولا أية قوة في الأرض إجباره على الخروج منها . إقناع ذلك الإنسان يقوم على توعيته, والحديث عن التوعيه سيجرنا للحديث على الإعلام ,وعلى التغول الإعلامي لقوى الظلام المدعومة من قبل مشيخات البترول والغاز, مما يُضيق الأفق في وجه إنتاج إعلام حداثي حقيقي تكون له القدرة على مواجهة إعلام الحناجر المأجورة . ولن يتسع المجال هنا للخوض في هذا الموضوع وعلنا نجد له فسحة أخرى لنتناوله بشيء من التفصيل .

الحوار المتمدن وقناديله العشر

ونحن نتحدث عن الإعلام ,ودور تقنيات الإتصال الحديثه في نشر الوعي, لا يفوتنا أن نُشيد بهذه التجربة الرائدة التي خاضها الحوار المتمدن لعقد من الزمان, حيث نرى قناديله العشر تسكب قبس من النور في عقول مليون إنسان ,وهو عمل جبار بكل المقاييس, خاصة عندما نعرف أن هذا الإنجاز قد تحقق بجهود فرديه لثلة من المثقفين وأن تسييره يتم بفريق من المتطوعين الذين نذروا أنفسهم لخدمة قضية يؤمنون بها , هذا الإنجاز الكبير الذي أنتج هذا الموقع المتميز, والذي منح لكل صاحب رأي منبر ليصدح بحجته من عليه , هذا النجاح قد يبدد شيئاً من هذا التشاؤم الذي نراه يسيطر علينا ونحن نرى حلم التغيير الذي إنتظرناه طويلاً يتحول إلى كابوس مُرعب .
مساحة النور التي زرعتها قناديل الحوار المتمدن وسط هذه الظلمات المتراكم بعضها فوق بعض , تجعلنا نستمر ونصر على الإستمرار, في إيقاد الشموع ,وكلنا يقين بأنه كلما إشتدت حلكة الليل كلما آذن الفجر بالبزوغ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام ثوري بالطبع
عبد الله اغونان ( 2011 / 12 / 17 - 01:47 )
عندما جاء الاسلام قلب الاوضاع وغير الشعوب والهويات فاسلم الفرس والافغان والالبان والباكستان والاندونيسيون واسلم المصريون والمغاربة وتعربوا وكثير من الجاليات في اروبا وامريكا ومن السكان غير العرب ومن علية القوم عن قناعة واخلاص
في العصر الحديث انفصلت باكستان وبانكلادش بسبب الدين
قامت المقاومة ضد الاستعمار بفعل العامل الديني في الميدان والفكر
قامت الثورة الايرانية وخرجت من المساجد بقيادة الامام الخوميني ومازالت تكافح
حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان.جل شباب الثورة من الاسلاميين
الشعوب وضعت ثقتها في الاسلاميين من المغرب والجزائر واجهضت ثم نهضت تونس فليبيا ثم مصر وسوريا واليمن على الدرب
ادونيس تلميذ ميشيل عفلق الذي اسلم مجرد شاعر يتبعه الغاوون لايستطيع ان يخطب خطبة الجمعة في ميدان التحرير كما يفعل القرضاوي
كل المظاهرات ترتبط بيوم الجمعة
من اين تخرج الثورات من مقرات احزاب اوعلىظهور دبابات
الاسلام فاعل في السياسة المعاصرة والمجتمعات والاقتصاد وميادين الحرب
وفي الفكر والصحافة .هنا نموذج حيث يفرض نفسه على المؤيد والمعارض
لقد ملا الاسلام الدنيا وشغل الناس
وتبقى كلمة الله هي العليا


2 - ديالكتيك فاشل
(www.winglessbirds.blogspot.com)وليد الحلبي ( 2011 / 12 / 26 - 17:24 )

بودي باديء ذي بدء الاعتذار عن أية كلمات أو عبارات لا تليق بمثقف التلفظ بها، لكن يلزم أحياناً توصيف الأمور بما يليق بها من وصف. فالمقال أعلاه لا يعدو أن يكون حواراً مع الذات، يحاور الكاتب ذاته، وينطلق من موقف متعالً على الآخرين، فالحركات الشعبية ضد أنظمة متخلفة ديكتاتورية هو هياج شعبوي في نظره، والشعوب ما زالت جاهلة غير عالمة أين تكمن مصالحها، واليسار العظيم! تعرض للاضهاد، بينما نعلم نحن كيف يماليء اليسار الحكام بانتظار أن يقضي هؤلاء الحكام على النخب الشعبية غير اليسارية، والمقصود بها هنا القوى القومية والإسلامية، هذه القوى التي يضع الكاتب نفسه في مواجهتها كأنها خصم لدود، وربما كان هذا مقبولاً من قبائل اليسار لو أنها أثبتت أنها تضحي من أجل قضايا الناس، لكن أن تصر على تجريد الجماهير من قيمها ومعتقداتها الدينية لكي تعترف بمشروعية نضالها، فهذا هو مكمن فشل حركة اليسار العربي، ولنسمها باسمها الصريح: الحركة الشيوعية. كان يمكن لهذه الحركة أن تترعرع في بيئات وثنية، أما في المنطقة العربية فالتربة غير صالحة والمناخ غير ملائم، وهم كمن يزرع التفاح في الربع الخالي والنخيل في قمم الهملايا. ا


3 - ديالكتيك فاشل
(www.winglessbirds.blogspot.com)وليد الحلبي ( 2011 / 12 / 26 - 17:28 )

بودي باديء ذي بدء الاعتذار عن أية كلمات أو عبارات لا تليق بمثقف التلفظ بها، لكن يلزم أحياناً توصيف الأمور بما يليق بها من وصف. فالمقال أعلاه لا يعدو أن يكون حواراً مع الذات، يحاور الكاتب ذاته، وينطلق من موقف متعالً على الآخرين، فالحركات الشعبية ضد أنظمة متخلفة ديكتاتورية هو هياج شعبوي في نظره، والشعوب ما زالت جاهلة غير عالمة أين تكمن مصالحها، واليسار العظيم! تعرض للاضهاد، بينما نعلم نحن كيف يماليء اليسار الحكام بانتظار أن يقضي هؤلاء الحكام على النخب الشعبية غير اليسارية، والمقصود بها هنا القوى القومية والإسلامية، هذه القوى التي يضع الكاتب نفسه في مواجهتها كأنها خصم لدود، وربما كان هذا مقبولاً من قبائل اليسار لو أنها أثبتت أنها تضحي من أجل قضايا الناس، لكن أن تصر على تجريد الجماهير من قيمها ومعتقداتها الدينية لكي تعترف بمشروعية نضالها، فهذا هو مكمن فشل حركة اليسار العربي، ولنسمها باسمها الصريح: الحركة الشيوعية. كان يمكن لهذه الحركة أن تترعرع في بيئات وثنية، أما في المنطقة العربية فالتربة غير صالحة والمناخ غير ملائم، وهم كمن يزرع التفاح في الربع الخالي والنخيل في قمم الهملايا. ا


4 - سلام على الثورات ؟
سرسبيندار السندي ( 2012 / 1 / 10 - 19:21 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي علي وتعليقي ؟

1 : الثوراة التي تخرج من الجوامع ستعود لتموت فيها ، ومن يثور وإحدى رجليه في الشارع والأخرى في الجامع ليس بثوري بل بمنافق لأن الثورات لاتجمع النقيضين ولقد رأينا نفاق الكثيرين ؟

2 : إن الحق يقال أن ماحدث شئنا أم أبينا ثورات وإن كانت بدرجات ، ويبقى السؤال مالذي يستطيعه شباب أعزل أن يفعله أمام من لازالو يعبدون هبل والعزة واللات والعسكر والحكام الطغاة ، هل يلجو للسيف للبطش بإخوانهم وخواتهم وبالخالات والعمات للتنفيس عن النقص الذي في الذات ، أم يعيدو عهد الصعاليك والغزوات ؟


3 : إن إجتاح القوى ألإسلامية ألإنتخابات وكانهم في فتوحات ، ليس مرده سمو فكرهم وسلوكهم بدليل مانراه في الساحات ، بل الجود من الموجود كما يقول المثل ، فحتى يفيق من لازال في نيام وسبات يكونو قد فات ألأوان على جلد الضمير والذات ؟


5 - إلى العزيز س. السندي
علي الخليفي ( 2012 / 1 / 11 - 15:42 )
العزيز السندي شكراً لمرورك .. يبقى السؤال الذي طرحته عما يستطيع شباب أعزل أن يفعله في مواجهة عبدت هبل والآت ,يبقى دون إجابة ,فقط عليهم أن يستمروا فيما يفعلون ,أن يستمروا في المواجهة ودون أية ضمانات بتحقيق أية فائدة تُرجى ولكن إستمرارهم هو موقف ,والحياة بأسرها ليست سوى موقف.. .

من السهل مساعدة الإنسان في الخلاص من عدو خارجي يفرض عليه سطوته ولكن عندما يكون العدو في الداخل ,عندما يعادي الإنسان نفسه فليست هناك قوة في الأرض قادرة على مساعدته لإنجاز خلاصه إلا نفسه.. هذه مصيبتنا عزيزي ,مصيبتنا أننا نتحدث إلى شعوب تحمل عداء وحقد تجاه ذواتها .. دمت بسلام


6 - الثورة لا تخرج من المسجد
ناس حدهوم أحمد ( 2012 / 1 / 14 - 19:10 )
أضم صوتي إلى صوت الكاتب في كل ما طرحه بخصوص الثورة على الأوضاع
التي تعفنت ولا زالت تتعفن دون أن نجد حلا ملائما وصحيحا لهذه الشعوب
العربية التي بالتأكيد هي شعوب أمية ولا تقرأ بل فقط تأكل كثيرا والمصيبة
هي أنها لم تعد تجد حتى ما تأكله. والحرية بالنسبة لها لا تخرج عن نطاق
الدين بينما الدين عندنا لا زال في قرنه الرابع عشر بينما الديانات الأخرى
كلها تم وضعها على الرف وتحررت منها الشعوب الأخرى وسنت لها قوانين
وضعية تصلح حالها بالحجة والبرهان وليس بالخرافات .
مصيبتنا كما قال الكاتب هي كون العدو في الداخل وليس كما يزعم
المغفلون بأن العدو هو أمريكا أو إسرائيل بل العدو هو الجهل الذي
يسكننا وحتى الدين ليس هو العدو كما قد نظن أحيانا كثيرة بل العدو هو
تلك الفضائيات التي تسخره من أجل طمس وعي الناس وتوجيهه نحو
الخرافات والأساطير التي يراد لها أن تكون حقيقة معيشة داخلنا بل وجعل
الدين وسيلة ضد تحررنا من الأوهام وجعله في خدمة عالم لا وجود له إلا في جماجم االجهلاء


7 - العزيز ناس حدهم أحمد ىشكراً لمروركم وللإضافة
علي الخليفي ( 2012 / 1 / 20 - 22:22 )
شعوب هذه المنطقة تدعي أنها الوصية على أخر الشرائعه الإلهية القادرة على نشر السلام في الكون,ولكن الحقيقة بعيدة كل البعد عن هذا الإدعاء ,هذه الشعوب لم يمنحها ذلك الدين أي سلام لا داخلي ولاخارجي .لو كانت التعاليم التي يؤمن بها هؤلاء تعاليم إلهية لمنحتهم السلام الداخلي ولو تحقق لهم السلام الداخلي لأستطاعو بناء حياة منتجة ولكنهم طوال 14 قرن وهم يجربون ويخربون وفي كل مرة يعيدون صياغة تعاليمهم لتكون نافعة لكنهم أبداً لم ينجحو.. التعيش على العداء للأخر سمة من سمات الإنسان الذي يفتقد للسلام الداخلي في نفسه وهذا الإنسان الفاقد للسلام مع نفسه هو مكون هذه المجتمعات التي لاتستطيع العيش دون أعداء خارجيين يصرفونها عن مواجهة العدو الحقيقي لهم وهو العدو الداخلي الذي يحرمهم متعة السلام
شكراً للمرور ودمت بسلام

اخر الافلام

.. العراق: لن نقف متفرجين أمام الوضع في سوريا


.. فيديو متداول قيل إنه لسيطرة الفصائل المسلحة على -كتيبة الهند




.. البنتاغون: داعش ما زال يحتفظ بقدرات ويواصل تنفيذ الهجمات في


.. مشاهد تظهر حركة النزوح الكثيفة لسوريين باتجاه معبر مطربا شرق




.. اقتتال الفصائل عام 2019 نقطة تحول لـ -هيئة تحرير الشام-