الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


د . قدري جميل في حوار مع الثورة: كنا مهزومين ونخوض معاركنا بعقلية المنتصرين.. والآن عقليتنا مهزومة مع أن الانتصار ممكن

قدري جميل

2004 / 12 / 26
مقابلات و حوارات


ثنائية المعارضة والنظام غير حقيقية..
■ سورية تحتاج إلى وزن اقتصادي يحمل دورها السياسي!!.
■ الحرب الخارجية تصدير لأزمة داخلية!.
■ قوى الفساد نقطة ارتكاز للعدو الخارجي!.
تحت هذه العناوين نشرت صحيفة «الثورة» يوم الخميس 16/12/2004 في صفحة «قضايا فكرية» الحوار الذي أجرته مع الرفيق د. قدري جميل.
وفيما يلي النص الكامل للحوار (مع تصليحات الأخطاء المطبعية الفادحة أحياناً):
انشغل الفضاء الالكتروني بعرض وقائع ندوة ( الوحدة الوطنية كأداة أساسية في مواجهة المخاطر) وما ورد من تعقيبات على الآراء التي قيلت فيها.
دعت لهذه الندوة جريدة «قاسيون»، فلم يكن أفضل من د. قدري جميل رئيس تحريرها طرفاً للحوار حول دواعي إقامتها، مجرياتها وما أفضت إليه من نتائج وشرعت من آفاق.‏
وللتعريف فالدكتور جميل عضو اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين ومن هذا التفصيل انطلق الحوار التالي معه:‏
■ أنت من فصيل شيوعي يدعو إلى وحدة وطنية وسؤالي: عن أية وحدة وطنية تتحدثون وقد عجزتم عن انجاز الوحدة فيما بينكم كشيوعيين؟‏
■■ برأينا أن الحركة السياسية الضعيفة تؤدي إلى تشرذم الأحزاب وانقساماتها وبالاستدلال تتعزز الوحدة الوطنية كلما توفرت الأجواء الموضوعية لتقوية الحركة السياسية وبالتالي إعادة توحيد تلك الحركات السياسية التي انقسمت خلال الحقب السابقة، من هنا سؤالك صحيح عن العلاقة العضوية بين الوحدة الوطنية ووحدة الأحزاب.‏
■ متى تنقسم الأحزاب؟‏
■■ تنقسم الأحزاب عادة في مراحل التراجع والهزائم، حيث تصعد الأسئلة، دون أن تجد لها إجابات فتكثر الاجتهادات، وحيث تكثر الاجتهادات، تكثر الفرق والطوائف والشيع، فتظهر الأرضية الموضوعية للانقسامات، إن القراءة التاريخية تدلنا على أن التراجع عام، شمل مجمل الحركات الثورية العالمية منذ مطلع النصف الثاني من القرن العشرين، لكن وبدلا من دراسة الأسباب بدأنا نحمّل المسؤوليات بشكل غير موضوعي لمن لا يجب أن يتحملها، فبدأت الانقسامات في الحركات كافة ومعها التراجع عما كان مطروحا من شعارات .. لقد كنا نتحدث عن الاستقلال الاقتصادي على أساس أننا أنجزنا التحرر الوطني، فإذا بنا اليوم بمجابهة مع الاحتلال المباشر. مفارقة تجعلني أقول أننا كنا في حقيقة الأمر مهزومين، لكننا كنا نخوض معاركنا بعقلية المنتصرين، سواء كنا قوميين أو شيوعيين، على عكس حالنا اليوم، حيث الظروف الموضوعية متوفرة من أجل الصمود، لأن المشكلة عند الأميركان، وإلا لما لجؤوا إلى الحل العسكري.. فالحرب الخارجية تعبير عن أزمة متجذرة، ومن دونها لشهدوا انهيارا اقتصاديا مدويا، كان المحللون يتوقعونه ويقترحون لتفادي صدمة الانهيار أو تأجيلها تخفيض قيمة الدولار شهريا بمعدل 6 أو 7%، لكن الأمريكيين رفضوا التخلي عن مركز الصدارة وكان لابد من حرب كبيرة بحجم المشكلة.‏
أما لماذا أفغانستان، فلأنها تقدم إمكانية حرب افتراضية قابلة للتطوير في جميع الاتجاهات ولا سيما باتجاه الغرب، أي منطقتنا.‏
الحرب هي حل أخير، وهذا يعني أن الأفق التاريخي أمام الأميركيين مسدود، لكننا للأسف نواجههم بعقلية المهزومين مع أننا في مرحلة صعود.‏
تناقض القول والفعل‏
■نعود إلى الشيوعيين السوريين، لماذا انقسموا؟
■■ ليس الشيوعيون السوريون فقط، فمع تقدم الزمن كان التناقض يزداد بين القول والفعل، بين الهدف البرنامجي وما يتحقق منه، وهذا يتطلب من الناحية المعرفية تفسيراً أساسيا وإلا فسيتم التوجه للأسباب الثانوية فلا تحل المشكلة بل تعيد الأزمة إنتاج نفسها.‏
هذا ما حدث مع الشيوعيين في سورية.. بدأ الانقسام على أساس أن دور الحزب يتراجع، لكن الأطراف الجديدة المنبثقة عن الانقسام لم تدرك السبب الرئيسي للتراجع، فاستمر هذا التراجع مع كل طرف لأن الأزمة أعادت إنتاج نفسها.. وهكذا نجد أنفسنا بعد ثلاثين عاماً في حالة تشتت قصوى وأزمة عميقة، مما يوفر الجو الموضوعي لتوحيد الحركات التي يجمعها هدف محاربة الظلم والسعي للتحرر .‏
■ وماذا عن تقاسم المكاسب؟‏
■■ هذا تفسير يظل أسير الظواهر ولا يبحث في عمق الأزمة وهل كانت حركات التحرر العربية منتصرة حتى تتقاسم مكاسب الانتصارات؟.‏
■ عندما تنكمش المكاسب، يزداد الاقتتال ضراوة؟‏
■■ أنا لا أنكر أن البعض انخرط في حركات تحرر لأنه ظنها منتصرة، فإذا به يكتشف العكس فحاول أن يدبر رأسه.. هذه الامتيازات تشكل ظاهرة تظل ثانوية ولا يمكن على أساسها تفسير المشكلة الرئيسية لحركات التحرر.‏
■ أنت واحد ممن يرفعون لواء الدعوة النبيلة للحوار وتدعيم الوحدة الوطنية لكنك في الندوة الثانية استطعت أن تخون من يختلف معك في الرأي ففي الوقت الذي قلت فيه أن بين المعارضة وطنيين مخلصين أي أنك منحتهم شهادة حسن سلوك، قلت أن هناك بالمقابل ليبراليين يدعمون اقتصاد السوق وكأنهم قنابل موقوتة؟‏
■■ هذا اجتزاء، فأنا تكلمت أيضا عن النظام، وفيه من يدعمون اقتصاد السوق، وأنا أقصد أن ثنائية المعارضة والنظام اليوم، ليست ثنائية حقيقة مع التقسيمات المعقدة في المجتمع والتي تجري على أساسها اصطفافات ذات طابع اقتصادي واجتماعي.‏
بالمناسبة أنا لم أقصد تخوين من يتبنون الليبرالية الجديدة، فقد يكون من بينهم مخلصون متعطشون للديمقراطية لكنهم لايدركون أن الليبرالية الجديدة تخلق الأساس الموضوعي لتقييد الحريات.‏
■ ماذا تفعل أمريكا اليوم أعظم ممثل لليبرالية الجديدة؟‏
■■ تحتل، ومن بعد تقوم بخصخصة كل شيء بهدف تفتيت المجتمعات وبُنى الدول، أي أن الليبرالية الجديدة رافعة للمزيد من القمع وتقييد الحريات السياسية ولا يجوز النظر إليها بالمطلق كوصفة اقتصادية.‏
أنا واثق أن البعض من (المعارضين) لا يعون الجانب السياسي لهذه العملية الاقتصادية فيتشدقون بالحديث عن ديمقراطية مأمولة.‏
لكن هؤلاء يتكلمون، أما الأخطر منه فأولئك الموجودون في أجهزة الدولة ويتبنون الليبرالية الجديدة بالممارسة دون الحديث عنها..‏
■ هذا يعني أنك مع الشكل الوصائي للدولة؟‏
■■ اعتقد أن البعض يحاول أن يضعنا أمام ثنائيات وهمية: انتم مع الأمريكيين أم مع صدام؟ مع النظام أم المعارضة؟ مع اقتصاد السوق أم مع دور الدولة القديم؟.‏
ألا يمكن أن ابحث عن خيار ثالث؟ أليس من الممكن أن أكون مع المعارضة في طروحاتها الصحيحة ومع النظام في قضاياه الصحيحة، والعكس بالعكس؟.‏
ثم هل يستطيع من يتكلم عن اقتصاد السوق أنه يعرّفه لي؟‏
أنا كاقتصادي أعرف أنه العلاقة بين العرض والطلب، وأعرف أن هناك أربعة نماذج تاريخية من اقتصاد السوق عرفتها البشرية حتى الآن، وإن ظل أشهرها النموذج الذي يتبنى المنافسة الحرة، لكنه انتهى مع نهاية القرن التاسع عشر، أما الآن فالحديث عن اقتصاد سوق يندرج في إطار ترويج الأوهام مع تسيد الاحتكارات وتزايد تدخل الدولة المباشر وغير المباشر، كما تثبت الأرقام في العشرين سنة الماضية.. ومع ذلك يطالبون بالعكس في بلداننا..‏
من قال أن المطلوب إما أن نبقي على دور الدولة الوصائي السابق أو ننتقل إلى مرحلة لا دور للدولة فيها؟.‏
■ تتحدث عن نموذج ثالث، فهل تستطيع توضيحه؟‏
■■ مطلوب من الوطنيين كافة أن يساهموا في تحديد النموذج بشكل يساعد الدولة على لعب دورها التنموي . وتائر النمو كما صرحت هيئة تخطيط الدولة لا تتعدى نصف في المائة 0،5% إذا أزحنا النفط في ظل النمو السكاني بمعدل أعلى من 2% مما يعني أن حصة الفرد من الدخل تتناقص، والمطلوب برأيي تحقيق نمو اقتصادي يفوق النمو السكاني بثلاث مرات كي نحل مشكلة البطالة ومستوى المعيشة.‏
أما الأهم من المشكلة الاقتصادية فهو دور سورية الإقليمي.‏
في السابق كانت تحصل سورية على ريع سياسي من الأوضاع العالمية والإقليمية يمكنها من لعب دور أكبر من وزنها الاقتصادي. أما الآن فقد تغيرت الموازين وصارت سورية تحتاج إلى وزن اقتصادي يستطيع أن يحمل دورها الإقليمي وإلا فنحن مهددون بالانكفاء والانتقال من حالة التأثير بمحيطنا إلى التأثر فيه مما يحمل أخطاراً جدية على الوحدة الوطنية.‏
الاقتصاديون يرون ضرورة زيادة وتائر التنمية بنسبة 7% وهذه مهمة لن يستطيع قطاع الدولة بحالته السابقة والراهنة من التصدي لها كما لن يستطيعها القطاع الخاص مما يعني البحث عن صيغ تنموية لدولة عقلانية منفتحة على المجتمع.‏
الخطر الخارجي والعدالة الاجتماعية‏
■ كلما أردت تبرير أو شرح فكرة تستعين بالخطر الخارجي للبرهنة على ضرورة الحوار أو الوحدة الوطنية أو التنمية الاقتصادية..ألا تعتقد أن الخطر الخارجي هو الأقدر على إقصاء الخلافات.‏
■■ صحيح، لكن الخطر الخارجي يستند إلى الثغرات في الوحدة الوطنية يجب تجنيد المجتمع وتحصين الداخل لنجبر العدو على التفكير ألف مرة قبل أن يقدم على أي عمل.‏
اليوم لدينا نسبة بطالة عالية مائتا ألف شخص كتلة زيادة سنوية على حجم المهمشين في المجتمع فتخيلي حجم هذه القنبلة الموقوتة التي يمكن أن تنفجر تلقائيا أو تفجرها يد خارجية في لحظة مدروسة.‏
هناك أيضا مستوى المعيشة، على الرغم من محاولات تحسينها ليس من اليسير تجنيد مواطن لا يحصل على لقمته بشكل كريم. كيف يمكن أن نطلب التضحية على قدم المساواة وهناك من يغتني على حساب الآخر؟.‏
صعب! لذلك يجب تأمين مستوى من العدالة الاجتماعية.‏
■ تتحدث عن التهديدات الخارجية من الذي تستهدفه هذه التهديدات؟‏
■■ هناك مخطط كامل لإعادة ترتيب المنطقة وتفكيك بناها وإركاعنا، من هنا المواجهة قادمة ليس اعتباراً من إحداثيات المنطقة، بل اعتباراً من الوضع الأمريكي والعالمي، ولا يظن أحد أن مأزق العراق سيعني انكفاء الأمريكيين، في السابق احتل الأمريكيون كامل الهند الصينية عندما انحشروا في فيتنام.‏
إذاً فمأزق العراق لا يعني الانكفاء الحتمي، فقد يعني أيضا توسيع رقعة الحرب والهيمنة.‏
■ أي الهروب إلى الأمام؟‏
■■ تماماً، فهل من عاقل يظن أن الأمريكيين سيخرجون من العراق؟، هذا سيضيف إلى مشكلاتهم الاقتصادية مشكلات سياسية وعسكرية واجتماعية كبيرة.‏
هذه القراءة تتطلب وحدة وطنية عالية المستوى لمواجهة المخاطر فلم يعد بالإمكان في ظل توازن القوى الحالي الاعتماد على تواجه الجيوش.‏
وكما نعي أهمية الجبهة الداخلية، كذلك يعرف عدونا أهمية اختراقها لاسيما عبر ثغرة الفساد . قوى الفساد الرئيسية نقطة ارتكاز أساسية للعدو الخارجي فمصلحتها حيث حساباتها البنكية لا في الوطن.‏
أنا أحدد قوى الفساد الكبرى لأنني أخشى الانشغال بقوى الفساد الصغرى لأنها إفرازات جو عام ومشكلة أكبر.‏
دون اجتثاث قوى الفساد الكبرى لا يمكن حل مشكلة البطالة أو مستوى المعيشة أو تهيئة الأجواء المعنوية المناسبة للمواجهة، بذلك فقط نؤمّن حركة مجتمع متناسبة مع مستوى الأخطار فتتحرر الطاقات الكامنة والمقيدة حتى الآن في المجتمع . هذه الطاقات ستسمح بحل كثير من قضايانا الداخلية وتهيئة الظروف لمواجهة خارجية قد تفرض علينا.‏
■أي تفعيل سياسي لقوى المجتمع؟‏
■■ نعم حركة سياسية نشيطة تنهي حالات الموت السريري عند قوى سياسية عديدة فتعيد السياسة للمجتمع علما أن المجتمع لم يخرج من السياسة بل الأحزاب هي التي خرجت منه.‏
الوحدة الوطنية‏
■ هل تعتقد أن ندوة الوحدة الوطنية قد أتاحت في المجال لحوار حقيقي أم أنها كانت تجميعاً لمونولوجات، فمن حضرها إنما حضر بصفته الشخصية لا بصفته ممثلا لقوى وأحزاب فيستطيع أن يصرّح أو يفاوض.‏
في الشق الثاني من سؤالي عن الندوة أود أن أعرف ما إذا كان الحوار بالفعل هدفها أم أن الهدف الأبعد الاشتراك في السلطة؟‏
■■ الحوار من أجل الوحدة الوطنية بعيد عن أية مكاسب أو مغانم ولم يقم للخروج ببرنامج سلطة بل برنامج مواجهة يمكن أن يجمع القوى المختلفة على الأرض لتشكيل جبهة مواجهة للخطر .‏
الأمر الثاني وهو ليس بسر إن البعثيين الذين حضروا إنما حضروا بتكليف من حزبهم أما فيما يخصنا فلم نشترط سوى أن يكونوا من الباحثين والمفكرين وكذا الحال بالنسبة للقوى والأحزاب الأخرى لأن النقاش بين الباحثين حول قضايا معقدة أسهل في سيرورته وأجدى مما لو تم بين قوى سياسية.‏
انطلاقا من هذا الواقع أستطيع القول أن الندوة لم تكن مونولوجاً كما لم ترق لمستوى الحوار التفاعلي بل تراكماً لآراء مختلفة تمهيداً لمرحلة التفاعل.‏
أما أهم الايجابيات فتتمثل في الاستغناء عن الوسطاء الذين يوصلون الأفكار بشكل خاطئ والبرهنة العملية على القدرة المدهشة للأغلبية على التسامح وتحمل الاختلاف والتفاعل بين الرأي والرأي الآخر.‏
هذا لا يعني غياب الأصوات المتطرفة سواء تلك التي وجدت أن الوحدة الوطنية فعل تحقق ومنجز ولا داعي للنقاش فيه أو تلك التي نفت أسسها.. الرأيان لم يمنعا تدفق تيار أوسع أجمع على ضرورة استمرار الحوار حول القضايا الإشكالية والأساسية للوصول إلى مواقف متقاربة.‏
■ أجرت الحوار: ديانا جبور








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف