الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفيش فايده !

سعد هجرس

2011 / 12 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


أمر طيب أن يعقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة مؤتمراً "صحفيا" فى هذه الأوقات العصيبة التى تشهد أحداثاً "سيريالية" لكنها تنطوي – رغم لا معقوليتها – على أخطار جسيمة تهدد الوطن والأمة.
لكن المؤسف أن هذا المؤتمر الذى عقد أمس الأول – الاثنين – وتحدث فيه اللواء عادل عمارة عضو المجلس العسكرى، لم يقدم إجابات عن أسئلة كثيرة تتردد على كل لسان، إن لم يكن قد زاد حيرة وغضب معظم من يتابعون المشهد المصرى غير مصدقين ما تراه أعينهم من وقائع الضرب والسحل حتى لبناتنا وأخواتنا فى قلب القاهرة على يد أشخاص يرتدون الزى الرسمى لقواتنا المسلحة!
هذه الوقائع المروعة – لم تحدث فى الخفاء وإنما تمت على مرأى ومسمع من العالم بأسره، ونقلتها وكالات الأنباء والصحف والفضائيات العالمية فضلا عن كل وسائل الاتصال الاجتماعي على الانترنت.
والأخطر ... أنها "عملية متصلة" لا تقتصر على أحداث القصر العينى وشارع مجلس الشعب، بل إن سفك دماء المصريين مستمر بعد خلع الرئيس السابق حسنى مبارك على النحو الذى رأيناه فى ميدان التحرير، ثم أمام مسرح البالون، وبعده فى ماسبيرو، وشارع محمد محمود.
ورغم التكرار الممل لملابسات إراقة دماء أبنائنا وبناتنا لم يتم الإمساك بقاتل واحد وتقديمه إلى العدالة.
بهذه الخلفيات انتظرنا المؤتمر الصحفى للواء عادل عمارة .... فماذا قال؟!
قال كلاماً كثيراً.. ولم يقل أى شيء، لأنه ببساطة أعاد تكرار العبارات سابقة التجهيز التى اعتدنا سماعها من قبل، حتى من قبل 25 يناير. والتى يمكن وصفها بـ "ثقافة الإنكار". واكتفى السيد اللواء عمارة بالحديث عن مخطط ممهنج ومعد لسقوط مصر"، وان "الجنود التزموا بتأمين المنشآت". و"لم يستخدموا العنف ضد المتظاهرين" بل إن ما حدث – حسب قوله – هو العكس تماما حيث تم "الاستخدام المفرط للقوة من الجانب الآخر مع استمرار جنود القوات المسلحة بضبط النفس".
ولم يقل لنا سيادة اللواء عمارة لماذا لم يتم القبض على جيش البلطجية الذى يقوم بالحرق والتخريب رغم ضبطهم متلبسين بالصوت والصورة مراراً وتكراراً؟
ولم يقل لنا لماذا تم تخريب واحرق منشآت عامة رغم وجود قوات الجيش ورغم توافر معلومات مسبقة عن هذه الجرائم؟
ولم يقل لنا ما هى علاقة ذيول حسنى مبارك ونزلاء ليمان طرة بهؤلاء البلطجية؟
ولم يقل لنا سبب عدم تقديم مسئول واحد للمحاكمة فى قضايا سفك دماء المصريين.
حتى عندما سأله زملينا مراسل وكالة الأنباء الفرنسية عن واقعة الاعتداء البشع على الصحفيين الأجانب لم يقل شيئا سوى وعد بالتحقيق فى الأمر دون تحديد لـ "متى" و "من " و"وكيف"؟!
وهو نفس ما حدث عندما طالبته زميلتنا الدكتورة فاطمة سيد احمد بتقديم اعتذار لنساء مصر عن تهميشهن عموما بعد 25 يناير، وعن واقعة الاعتداء البربرى على إحدى بناتنا وتجريدها من ملابسها بعد سحلها. فلم تتجاوز كلمات اللواء عمارة القول بان "هذه المطالب محل دراسة".. وليس أكثر!!
*****
باختصار.. لم تتجاوز كلمات اللواء عمارة سياسة التبرير لهذا أقول انه ليت المؤتمر الصحفى الذى عقده اللواء عمارة لم ينعقد، لأنه يزيد تعقيد المشكلة ولا يحلها. فالمصريون كانوا – ولايزالون – ينتظرون اعتذار صريحاً عن دماء أبنائهم التى سفكت، وكانوا – ولايزالون – ينتظرون تعهداً قاطعاً بتعقب المسئولين عن هذه الجرائم وتقديمهم إلى العدالة ومثولهم أمام قاضى "مستقل"، وكانوا – ولايزالون – ينتظرون اعتذاراً عن الإخفاق فى مهمة تأمين المنشآت الحيوية المصرية وفى مقدمتها المجمع العلمى المصري بكل قيمته التاريخية الكبيرة، ومحاسبة المقصرين أو المتورطين، وكانوا – ولايزالون – ينتظرون لغة جديدة تعيد الثقة المفقودة بين الثوار والمجلس العسكرى، وتنهى الفتور بين المجلس وبين الأغلبية الساحقة من القوى السياسية. وكانوا – ولا يزالون – ينتظرون أن يستخلص المجلس العسكرى الدروس المستفادة من حقيقة استقالة ما يقرب من ثلث أعضاء المجلس الاستشاري – الذى عينهم المجلس العسكرى – احتجاجاً على طريقة إدارته للبلاد وكيفية تعامله مع الثورة ومطالب الثوار، وكانوا – ولا يزالون – يريدون خريطة طريق واضحة المعالم لنقل مسئولية قيادة البلاد الى سلطة مدنية اليوم قبل الغد.. بدلاً من حالة "محلك سر" التى إصابتنا بالملل، والتى تعنى فى هذه الظروف الدقيقة الانزلاق الى حالة "للخلف در".. قبل أيام من موعدنا مع الاحتفال بمرور سنة على ثورة 25 يناير، والتى يبدو أن البعض يسعى إلى أن تكون هذه المناسبة "ذكرى سنوية" أولى لوفاة الثورة ودفنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أخالفكم الرأي
عماد عبد الملك بولس ( 2011 / 12 / 20 - 16:46 )
إن المؤتمر الصحفي واضح الرسالة جدا فهو يقول رأيه بصراحة في الست والدتنا و هذا ليس أمرا جديدا فقد حدث في مرات كثيرة و قد بدأ بالاستهبال في أول الأمر ثم بالشيطنة مؤخرا

يا سيدي، إن اللجوء للجيش في أول الأحداث لم يكن اختياريا، بل كان حسب الخطة الموضوعة

خطأ ما تسمي بالثورة هو انعدام الفكر و التخطيط، فالموضوع كله غضب في غضب بدون عقل و لأننا احتقرنا العقل أولا غادرتنا الحكمة أخيرا و استمررنا في عدم الفهم و (التلطيش) إلي الآن

و لا لوم علي العسكري فهذه هي قواعد اللعبة: لو تراجع انهزم، و هو لا يمكن أن يجهر بالعداء و لابد أن يستمر علي طريقة: أخ ... هي جت فيك؟

و هذا ما تدركه القلة التي تحرك الأحداث في البلد الآن في مختلف الاتجاهات

و الحل هو ببساطة أسهل و أشق مهمة: إعمال العقول و الوصول إلي اتفاق فكري و عملي

كل الاحترام

اخر الافلام

.. مؤتمر باريس حول السودان: ماكرون يعلن تعهد المانحين بتوفير مس


.. آلاف المستوطنين يعتدون على قرى فلسطينية في محافظتي رام الله




.. مطالبات بوقف إطلاق النار بغزة في منتدى الشباب الأوروبي


.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: هجوم إيران خلق فرص تعاون جديدة




.. وزارة الصحة في غزة: ارتفاع عدد الضحايا في قطاع غزة إلى 33757