الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعقيدات المشهد السياسي العراقي

ناجي الغزي

2011 / 12 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يبدو المشهد السياسي بعد الانسحاب الامريكي من العراق يصبح أكثر تعقيداً نظرا للأحداث المتسارعة التي تساعد على أحتقان المشهد السياسي المتحرك بين أروقة السياسيين, ورغم الاداء السياسي المتعثر وضعف الأداء الخدمي الا أن السلطات الثلاثة في العراق باتت غير مؤهلة جدياً في النهوض بالواقع المرير. والسبب يعود الى أصل البناء الخاطئ في النظام السياسي الجديد, الذي ساهم الاحتلال الامريكي ببناءه على أسس طائفية وقومية ومناطقية. فضلاً عن تهميش الكفاءات والطاقات العراقية التي تساعد جدياً في بناء العراق حسب مفهوم الدولة المدنية الجديدة. ولكن يبدو ان القوات الامريكية حسبت الامور السياسية بشكل دقيق وزرعت المفخخات السياسية بصورة يصعب على الآخر تفكيكها, وإن أستطاع سيكون الثمن غالياً.

والتجربة السياسية في العراق الجديد أعتمدت على مبدأ المحاصصة والمشاركة في بناءها السياسي وعلى الترضية والصفقات السياسية في التعاطي مع القرارات أكثر مما تعتمد على الدستور والانظمة القانونية التي تضمن حقوق الآخرين, وتنظم العلاقة بين المكونات السياسية والادارية. وهذا البناء السياسي الهش يراد به التأزيم المزمن والمستديم للمشهد السياسي, على أن لاينهض العراق كدولة مهمة ورائدة في المنطقة سياسياً وعسكرياً. وهذا السيناريو هو واقع رسمت ملامحه دول الجوار الاقليمي العراقي على مائدة البيت الابيض. وقد ساعد على تنفيذه عدة عوامل داخلية منها سياسية واجتماعية ودينية واعلامية, فضلا عن ضعف الشخصية السياسية العراقية التي تريد الوصول للسلطة والثأر بها على مبدأ ميكافلي "الغاية تبرر الوسيلة".

ولايخفى على الشعب العراقي أن أغلب القوى السياسية تتعاطى بشكل علني وسري مع دول خارجية أقليمية وأجنبية تمثل أجندات داخل العراق لتنفيذ سياساتها, وللاسف شكلت تلك القوى والاحزاب واجهات سياسية مصبوغة بصبغات طائفية وقومية, وهي لاتمثل الحد الادنى من الحس الوطني العراقي ولاتكترث بالدم العراقي ولابهموم المواطن ومقدراته وثوابته الوطنية. فالمراقب السياسي للشأن العراقي يتوقع بشكل جلي أن المشهد العراقي يخضع الى متغيرات دراماتيكية تعتمد التناحر أساساً وركناً في التعاطي مع كل الاشكالات التي تعترض العملية السياسية. ومانراه من تحديات سياسية وأحداث متسارعة هي غيض من فيض في المشهد السياسي والامني المتزاحم بالاحداث والمتدافع بالأتهامات والتشكيك والتسقيط لكل طرف داخل أطار السلطات السياسية الحاكمة.

وهنا نود الاشارة الى أن المفهوم الخاطئ للبناء السياسي للدولة العراقية بجميع سلطاتها لايمكن أن ينتج للعراقيين دولة مدنية تتخذ القانون سيادة عليا ودستوراً لها, لان البناء السياسي لاي نظام جديد يتخذ من المبادئ المدنية شعار له ويعتمد على مفردات حقوق الانسان في بنود الدستور ولم يسلم بها في التعاطي مع جميع قضايا المجتمع السياسية والامنية ولم يعتمدها الساسة في السلوك السياسي تعتبر تلك المفردات ثرثرة فوق الورق ونفاق سياسي وتسويف لعقول الجماهير.

واليوم كما نرى في المشهد السياسي بعض الساسة الذين تجاوزا حدود اللياقة الادبية والاخلاقية لمشاعر الجماهير والاستهتار بموقع المسؤولية التي تشرف المسؤول وتمنحه صفة سياسية حكومية يتمتع من خلالها بأمكانيات وأمتيازات الدولة داخل البلد وخارجه في المحافل الدولية, والسخرية والاستخفاف بالدولة وبالحكومة ورموزها أمام وسائل الاعلام ليس من أصول قيم الحرية السياسية, بل العكس سيكون ذلك السلوك معكوساً على شخصية ومكانة المسؤول مهما كانت خلفيته وتاريخه. فضلا على أن بعض الساسة الذين يتمتعون بمزايا الشعب العراقي ومقدراته المالية والمعنوية يساهمون في هدر الدماء ونهب المال العام وهدم التجربة السياسية, لكون هذا النفر جاء بلا قناعة الى المشاركة في التجربة السياسية.

وكما يبدو ان الاحداث الاخيرة التي طرأت على المشهد السياسي تعزز أزمة الثقة وتؤكد الشكوك والاوهام لكل الفرقاء, فالاعترافات التي ادلى بها حمايات نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وردود الافعال من قبل الاخير والرسائل التي اطلقها من أربيل تنذر بتعقيدات المشهد السياسي العراقي . فضلا عن اصرار رئيس الوزراء نوري المالكي عن سحب الثقة من نائبه صالح المطلك لكون الاخير يتهم المالكي بتهم خارجة عن السياقات السياسية والاخلاقية. هذه الاحداث والتي سبقتها اعتقالات طالت بعثيين وضباط سابقين بتهمة الانقلاب على العلمية السياسية في وقت خروج القوات الامريكية من العراق, تؤكد بأن الايام القادمة ستكون هي الاصعب في المشهد السياسي العراقي. فمن واجب الحكومة حماية البلد والتجربة السياسية الديمقراطية ومن حق السلطة الحاكمة ان تتخذ أجراءات أمنية مشددة وتتخذ مواقف حادة وجادة من الذين ينوون السطو على السلطة بمؤامرات وأنقلابات مدبرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح