الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الثورة .. مستمرة
سعد هجرس
2012 / 1 / 3مواضيع وابحاث سياسية
أصبحت أكره إلصاق صفة "التاريخية" بأى حدث. والسبب هو أن هذه الكلمة جرى ابتذالها وامتهانها فى السنوات الثلاثين الماضية، وإسباغها على توافه الأمور على مدار أعوام وعقود خلت من الإنجازات الحقيقية. ويكفى أن نتذكر – مثلا – أن عيد ميلاد الرئيس المخلوع حسنى مبارك تم وضعه ضمن فئة الأحداث التاريخية لدرجة أن قلم أحد زملائنا طاوعه للتنظير لذلك بالقول أن "مصر ولدت يوم مولده"!!
لكننى أستطيع أن أكتب – دون تردد – أننا على موعد مع مناسبة "تاريخية" – بحق – بعد عشرين يوماً من الآن، حيث يكتمل عام على اندلاع شرارة ثورة 25 يناير 2011.
وهناك الكثير من الأسباب "الموضوعية" التى تسوغ الاعتقاد بأن التاريخ سيفتح صفحاته ويخصص منها مساحة معتبرة لتخليد هذا اليوم وتلك الثورة.
فالثورة المصرية – ومن قبلها ثورة الياسمين فى تونس – هى أول ثورة شعبية فى عصر "ثورة المعلومات"، التى هى بدورها ثالث ثورة تعرفها البشرية بعد "ثورة الزراعة" و "ثورة الصناعة".
والمؤكد أن التاريخ سيفسح مجالاً كبيراً للأيام الثمانى عشرة الأولى من يوميات الثورة المصرية – من 25 يناير حتى 11 فبراير 2011 – لرصد وتحليل القسمات الرئيسية "الجديدة" لهذه الثورة. وهى قسمات لم تعرفها أدبيات الثورات السابقة والكتب المدرسية للعلوم السياسية من قبل.
ثم سيتوقف التاريخ أمام ظاهرة أخرى مرتبطة بهذه الملامح الثورية الجديدة التى جسدتها الثورة المصرية (والتونسية)، وهى أن هذه الثورة الفريدة قد "ألهمت" العالم بأسره. ولم يتجسد هذا "الالهام" فقط فى عبارات الاعجاب الممزوجة بالدهشة والذهول التى وردت على ألسنة زعماء وقادة أكبر دول العالم، وإنما تجلى هذه الالهام أيضاً فى انتقال "العدوى الحميدة" للثورة المصرية فيما وراء البحار والمحيطات بسرعة الضوء. فرأينا – على سبيل المثال – حركة "إحتلوا وول ستريت" الاحتجاجية فى أمريكا، وتشديد زعمائها على القول:
"نحن نريد تحويل شارع وول ستريت – الذى هو كعبة الرأسمالية الأمريكية والعالمية – إلى ميدان تحرير جديد".
أى أن ميدان التحرير الواقع فى قلب القاهرة تحول إلى بؤرة إشعاع ومصدر إلهام للثوار والباحثين عن الحق والخير والجمال فى سائر أنحاء العالم.
***
وليس معنى هذا أن الثورة المصرية خالية من المشاكل أو بريئة من الأخطاء ونقاط الضعف.
فهى بالتأكيد ليست "كاملة الأوصاف"، والدليل على ذلك أنها لم تحقق معظم أهدافها المعلنة بعد، وأن رأس نظام حسنى مبارك فقط هو الذى سقط أما دعائم النظام فمازالت كما هى، بسياساتها وشخوصها وممارساتها القمعية والمتخلفة، وأن معاناة الأغلبية الساحقة المسحوقة من المصريين مازالت قائمة إن لم تكن متزايدة، وأن العدل الاجتماعى والحرية والكرامة وحتى رغيف العيش مازالت مطالب بعيدة المنال، وأن الثورة المضادة لم ترفع الراية البيضاء بعد بل إنها تزداد شراسة وتبجحاً يوماً بعد آخر خاصة بعد أن نجحت فى ركوب الثورة فصائل لم تشارك فى صنعها بل إن من بينها من كان يعاديها ويصدر الفتاوى بتكفير من يشارك فيها.
أمثال هؤلاء هم الذين سقطت ثمار الثورة فى حجورهم وجيوبهم وهم الذين يعملون اليوم على إجهاض أهداف الثورة وتشويه أجمل ما فيها .. وبخاصة "سلميتها " و "مدنيتها" ووجهها المستنير الانسانى البعيد عن الطائفية وثقافة الكراهية والتمييز الكريه.
والمسئولون عن دخول الثورة إلى تلك الدهاليز والسراديب المظلمة كثيرون ..لكن الحديث عن هؤلاء يحتاج إلى حديث مستقل.
وتبقى الحقيقة المؤكدة هى أن كل هذه المحاولات الكريهة لم تنجح فى قتل روح الثورة أو تركيع الثوار. والدليل على ذلك توالى موجات الثورة فى الوقت الذى يتوهم أعداؤها أنها لفظت أنفاسها الأخيرة.
وقائمة الانجازات التى حققتها ثورة 25 يناير حتى الآن قائمة طويلة من بينها إجبار رأس النظام على التنحى ووضعه هو وأبنائه وأركان نظامه خلف القضبان وحل الحزب الحاكم وإسقاط مجلسى الشعب والشورى ومجالس المحليات المبنية على التزوير.
لكن أهم إنجاز على الإطلاق هو كسر ملايين المصريين لحاجز الخوف، وتخليهم "التاريخى" عن العزوف عن المشاركة فى الحياة العامة.
الآن .. أصبح "المصريون" أهم رقم فى المعادلة.. وهذه هى البداية لكى تعود مصر "أم الدنيا".
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - أمنيات واضحة في مدي غير واضح
عماد عبد الملك بولس
(
2012 / 1 / 4 - 08:08
)
هل هي ثورة التي تطالب بالتغيير و لا تغير؟
هل هي ثورة التي لا تعلم أهدافها؟
هل هي ثورة التي لا فكر وراءها إلا شريعة الغضب؟
لقد تغير اليسار في العالم كله، أما في مصر فنحن نتمسك بأيديولوجيات حتمية الصراع المادي و ليس الفكري
لقد ذكرتم الثورة المعلوماتية الثالثة، و بحكم هذه الثورة لا بد من الاعتماد علي المعلومات و تمحيصها و تحديد الأدوار و بنيان خطة واضحة المعالم، فهل هي ثورة في عصر المعلومات التي لا تحترم أي من معطياته؟
أخشي أنكم سطرتم أمنياتكم و ليس الواقع المنظور و المقروء
احتراماتي لشخصكم الكريم
.. الجمعية الوطنية الفرنسية تدين -مذبحة- 17 أكتوبر 1961 بحق جزا
.. سامي الطاهري: الاتحاد العام للشغل أصبح مستهدفا من قبل السلطا
.. الجزائر تعين قنصلين جديدين في الدار البيضاء ووجدة
.. لبنان: هل بدأ العد العكسي للحرب مع إسرائيل؟ • فرانس 24 / FRA
.. هجوم بسكين يثير حالة من الذعر في قطارات لندن | #منصات