الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختزال البعث في شخص الاسد

عمر سعد الشيباني

2012 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


من المفروض أن يكون حزب البعث حزباً علمانيا في التوجه، بمعنى فصل الدين عن الدولة. بكونه أسس من شخص من الاقليات الدينية ميشل عفلق ( جماعة الاسد يقولون المؤسس زكي الارسوزي) وكان يتطلع إلى لعب دور في السياسة السورية بعد الاستقلال، فأرهص مع صديقه صلاح الدين البيطار حزب البعث في الاربعينات وفيما ما بعد انضم اليهم الحوراني ليصبح الحزب (حزب البعث العربي الاشتراكي). ومعلومة للتاريخ، فإن العروبة هذه لم تكن من بنات أفكار عفلق، بل اسس لها الملك فيصل عقب حكمه سوريا في بداية العشرينات. وكانت العروبة بديل عن التكتل الاسلامي السائد إبان الحكم العثماني تحت يافطة دولة دينية. وظل حزب البعث حزبا معزولا إلى أن اندمج مع حزب الحوراني. وكان الحوراني يشجع المنتسبين إلى الحزب إلى الانتساب إلى الجيش. وربما هذه أول بودار بذور مايسمى بالجيش العقائدي. أي هو حامي عقيدة حزب البعث أكثر منه للوطن. وهذا التوجه سيتضح بعد هزيمة حزيران عندما قال قادة الحزب والجيش في تلك الفترة أن اسرئيل ارادت من حربها هزيمة النظام وليس الوطن. أسمع على هذا التحليل، وهذا بعد أن احتلت اسرائيل الجولان كاملة. والجيش العقائدي هو جيش يخدم (من اسمه) أفكار وكيانات حزبية وليس الوطن. هذا عندما أتى حزب البعث على دبابة بانقلاب والقيام بتلفيق وتزوير الاسماء والمفاهيم والافكار. فقد زور مفهوم ثورة والصقها بانقلابه في عام 1963. الذي بدأ تاريخ مايسمى بالكابوس السوري الذي مازال جاثما على الصدر حتى الان.
في الطبع تطورت المفاهيم والاحوال، بعد عدة انقلابات قام بها رفاق الحزب الواحد وزجوا بعضهم البعض في السجون وذبحوا بعضهم البعض بدموية مرعبة. يقال أن الرفاق عندما ألقوا القبض على رفيقهم سليم حاطوم، كسروا جميع اضلاعه وحطموه (ربما ليصبح اسم على مسمى) قبل أن يطلقوا عليه رصاصات الرحمة. واستمرت الانقلابات حتى وصلت إلى حافظ أسد ليرى أن الطريق قد عبد له وماعليه إلا أن يصل إلى القصر الجمهوري في دمشق، ويطلق على نفسه القاب مثل الامين القطري لحزب البعث، القائد الاعلى للجيش والقوات المكرسحة ( بالنسبة لإسرائيل والمسلحة على الشعب فقط)، القائد الخالد، قائد إلى اللأبد، سوريا الاسد. تماهي الوطن بشخص الضرورة . حافظ الاسد كان يدرك أن السيطرة على سوريا مفتاحها الجيش أولا ومن ثم الأمن ثانياً. وسيطرة الجيش لايتم إلا بالولاء المطلق للقائد الفلتة. وهذا الولاء المطلق لايحدث عندنا نحن العرب إلا من خلال صلة الدم كما في القبيلة، أو صلة الدين والطائفة، ويتم هذا عبر تشكيل نظام أو هيكلية تسلسلية راسها شخص يأخذ وظيفة شيخ القبية او الطائفة وينتهي بالقاعدة التي تكون من الطائفة. ومن أجل حل هذا الاشكال، كان على الاسد أن يحدث عدد هائل من التصفيات في الجيش وقوى الأمن من طائفة مختلفة ليثبت نفسه على رأس هرم يدين له بالولاء المطلق. وكما قلنا أن سلسلة الانقلابات في الحزب وصلت إلى انعدام فاعلية الحزب وقادته التقليدين وبروز أشخاص من الجيش يكنون العداء لأفكار البعث ومؤسسه وانجرارهم (الشكلي) للماركسية. وبالطبع قدم لهذا المسلسل رفيق درب الاسد (صلاح جدديد). ثم تتالت الاحداث حتى وصلت إلى ايلول الاسود في الاردن، فقام الاسد بانقلاب مشبوه في تلك الفترة (بعد تسليم الجولان) على رفاقه (صلاح جديد ونور الدين الاتاسي). من اوائل السبعيات حتى بعد المنتصف بقليل، أصبح الجيش والامن ينحو منحى ليس عقائدي كما كان، بل منحى طائفي. في تلك الفترة أتت الحرب اللبنانية لتراكم الفرز في النظام العربي وتشهد تحولا وانعطافا للكثير من القضايا.كانت وظيفة الاسد ودوره هو إعادة التوزان اللبناني على اساس طائفي. بسبب أن جبهة المقاومة الوطنية المؤلفة من تجمعات من قوى اليسار وقوى قومية اشتراكية قد هزمت قوى الكتائب ، وحصل هذا مع التحالف الفلسطيني. فدخل الاسد تحت مطلب الكتائب المهزومة ليلحق الهزيمة بمجماميع القوى الوطنية. بالطبع حدث هذا في سلسلة معارك شرسة ذهب منها الكثير من اللبنانين فداء لأمريكا واسرائيل. في تلك الآونة تحركت منظمات وأحزاب سورية كثيرة تشجب التدخل السوري في لبنان . خاصة بعد معارك تل الزعتر الذي أعطى الجيش السوري الغطاء لقوى اليمين اللبناني لتقوم بالمجزرة ضد الفلسطينين (هذه نقطة يجب أن يتذكرها خالد مشعل عراب الرسائل إلى الوريث من الجامعة العربية لتمديد القتل). في تلك الآونة حدث مايسمى بحروب بالوكالة في اللبنان. فصدام لديه ميشل عون. وامريكا واسرائيل لديها الكتائب وحليفهم الاسد. كل هذه التغيرات احدثت انشقاقات في الاحزاب السورية. ثم تكونت كيانات سياسية مواليه للأسد تحت يافطة (الجبهة التقدمية- أي تتقدم ولها الأولوية في النهب من الشعب السوري) وكيانات أخرى انشقت عنها لتكون معارضة. لم يشذ الاخوان المسلمون عن ذلك. فأخذت تتشكل شخصيات تعارض النهج السلمي للسلطة من بين الجماعة مثل مجموعة مروان حديد (من حماة). وردا على المتغيرات في الداخل والخارج شكل حديد مايسمى بالطليعة المقاتلة. وهي فصائل مسلحة مدعومة من ملك الاردن وصدام حسين (ليس لإسقاط الاسد بل لمضايقته) وانضم لهم فصيل من حزب البعث الموالي للعراق بقياة النقيب إبراهيم اليوسف. وباركت جماعة الاخوان في سوريا حراك مروان حديد – أي لم تشجبه - ، ووصل الأمر بمروان حديد بتكفير النظام السوري كما جرى مع سيد قطب في مصر. لكن هنا التكفير كان على أساس أن النظام لايحكم بما أنزل الله وثانيا بأن النظام غالبية قادته من طائفة بعينها. وبدأت الاحداث باغتيالات من رجال النظام على أساس الطائفة. وهذا الخطأ المرعب الذي اتبعه الاخوان، دفعوا ثمنه سنين طويلة من القتل والسجن والملاحقة والنفي، ودفع الشعب السوري اضعاف ذلك. ويقول المثل أن الضربة التي لاتقصم الظهر تقويه. وهذا ماحدث مع (القائد الضرورة) إذا استغل اخطاء اعدائه التاريخيين لكي يبدأ عصر جديد على سوريا من المذلة والطائفية والهوان. واصبحت الملاحقات لأي مواطن تحت مسمى الاخوان المسلمين. وتوج الاسد حقده التاريخي بمجزرة حماة التي ذهب فيها لايقل عن اربعين الفا (راجع كتاب هبة دباغ عن تسعة سنوات في السجن) أو راجع (مذكرات الحوراني).










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس يبحث تمويلا إضافيا لإسرائيل| #أميركا_اليوم


.. كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي: لدينا القدرة على




.. الخارجية الأمريكية: التزامنا بالدفاع عن إسرائيل قوي والدفاع


.. مؤتمر دولي بشأن السودان في العاصمة الفرنسية باريس لزيادة الم




.. سر علاقة ترمب وجونسون