الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بحثا عن الإنسان

عبدالله الدمياطى

2012 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


كيف يمكن أن يكون الإنسان أداتاً لتعذيب الآخرين؟
كيف يتحول إنسان بسيط إلى جلاد متوحش؟
هل يمكن إن يعذب الإنسان أي إنسان ـ وتُنتهك كرامته بذريعة حماية التجربة الديمقراطية ؟!
فإذا لم تكن حياة وحقوق وكرامة الإنسان جوهر تلك الديمقراطية فما الذي يميزها عن الاستبداد!؟
وإذا كان التعذيب سبيلا لإنقاذ الديمقراطية فمتى تنقطع سلسلة التعسف إن لم يكن في زمن الديمقراطية!؟

إن التحول إلى حكم الشعب وسيادة الشعب، لا يتحقق فقط بل يجب إن يسبقه ويسايره تحول فكري وثقافي فتغيير الحكم أو النظام لن يحل المشكلة القائمة في مجتمعاتنا إذا لم يرافقه تحول في الفكر والثقافة السائده في هذا المجتمع فالذي يرفع في الشارع ويطالب الحاكم بالديمقراطية والعدل والحرية يجب إن يكون على استعداد أيضا في بيئتة الخاصة على فعل نفس الشئ في كل مجالات حياته، وألا أصبح التغيير شكلي لا قيمه له إن تغيير النظام الفاسد والظالم يعنى إن نبتعد عن نفس الشئ نبتعد عن ممارسة الظلم والفساد بحق غيرنا والحرية والديمقراطية والمساواة ينطبق عليها نفس المقياس، فلا يعقل إن اطالب بحريتي وانتهك حرية الآخرين، أو اطالب بحكم ديمقراطي واقمع الأخر المختلف معي أو أطالب بالعدالة لي وحدي، وأمارس الظلم على غيري، واطالب بالمساواة وافعل غير ذالك )يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) .
فالقيم السامية لا يمكن تجزئتها فهذه مطالب الشعب والتي قامت لأجلها الثورة فالحرية وكرامة الإنسان يخلقان مجتمع حر فالحرية تعنى حريتي وحرية غيري وحرية المجتمع بأكمله بكافة أطيافه وفئاته، وكرامتي كانسان تبنى وتستمد قيمتها من مدى تقديسي واحترامي لكرامه الإنسان الأخر فالقيم السامية هي قيم مطلقه يجب احترامها بعيدا عن التقسيمات الخاصة بفئة أو جماعه أو طبقه، وألا كان هذا بداية انهيار منظومة القيم والمبادئ الإنسانية وبداية لانتشار الظلم والقهر والاستبداد، الذي تحاول شعوبنا التخلص منه.
إن الثوره على أهميتها وأهمية المبادئ التي حملتها تعنى شئ واحد فقط، وهو إن يمارس الجميع في أفعالهم وأقوالهم الفعل الثوري الكفيل بان يطهرهم من الموبقات التي كانت راسخة في أنفسهم قبل الثوره ولكن للأسف هذا لم يطبق على كل الأفراد وهم سموا أنفسهم أو سماهم الأعلام المصري ثوار ولكن كيف يكونوا ثوار وهم يمارسون نفس أساليب النظام البائد من تعذيب وحشي على بعض الأفراد هذا ماتم أعلى مسجد عمر مكرم ومهما تكن تهمتهم فهم بشر ولهم حقوق، ولكني أعجب كيف يتحولون هؤلاء إلى آلات تعذيب عدوانية بهذا الشكل؟ إلى أي حد تصل مستويات الانحطاط الأخلاقي والإنساني لديهم دون أن يكون لديهم أي رادع داخلي يخفف من القسوة وكأنهم لا يدركون أبدا فظاعة ما يرتكبونه؟ ما الذي يحركهم في لحظات التعذيب إنهم ورغم كل شيء بشر ولهم مشاعر وأحاسيس ولابد وأن في داخلهم شيء من إنسان، ويخرج علينا مثقف يقول لنا انه لا يمكن تفادي مثل هذه الإحداث، وان حماية النظام الديمقراطي تتطلب، أحيانا التعامل مع أعداء الثورة بقدر من الشدة حماية للناس وللديمقراطية! لكن ألم تكن هذه الحجة ذاتها، التي برر بها النظام الدكتاتوري الوحشي كل جرائمه؟ أية ديمقراطية هذه التي تحتاج إلى مخالب وأنياب لحماية نفسها؟
ولكن كيف يمكن لإنسان أو لما يسمى بالثوري أن يمارس هذا الكم من العنف و العدوانية في محاولة إذلال مواطن و تعذيبه بدون أي رادع لا بل كثيرا من الأحيان بإصرار و تلذذ ؟ ويبقى السؤال المحير لماذا هذا الحد من الإذلال وانتهاك كرامة الإنسان في ممارسة العقاب على الفرد والشعب؟ وإذا كان التعذيب سبيلا لإنقاذ الديمقراطية فمتى تنقطع سلسلة التعسف إن لم يكن في زمن الديمقراطية!؟
وهل اثبت التأريخ يوما إن ممارسة التعذيب وفرت الحماية لأي نظام مستبد أو ديمقراطي؟ هل التعذيب وفر الحماية لأي نظام مستبد أو ديمقراطي!؟
وكيف لثوار اليوم الذين كانوا بالأمس ضحايا التعذيب ونسي البعض منهم أو تناسى تلك المحنة وأصبح جلادا باسم الوطنية أو متسترا على التعذيب باسم الحفاظ على الثورة!؟
إن الكثير من الناس على اختلاف مستوياتهم الثقافية مؤهلون للاذعان لميول وممارسات التعذيب عندما يخضعون لنظام استبدادي نظام يبرر التعذيب ويحظى بدعم مجتمعي متخلف ومتطرف وتضليل إعلامي متواصل..بحيث يصبح التعذيب سلوكا لا يجرؤ احد على رفضه أو حتى استهجانه فيسكتون عنه ثم يتماهى الناس فيه ويخنعون للتغافل عنه، ومن ثم ينزلق البعض منهم لتبريره، وآخرون ينحدرون لترويج ممارساته جهارا فيصير جزءاً من سلوك المجتمع كما إن المنخرطون في بيئة يمارس فيها التعذيب يتأقلمون ويندمجون مع تلك البيئة لكي يشعروا انهم جزء من تلك البيئة الطاغية التي يعيشون فيها للاحتماء بالخوف من الخوف ويأتي الانحدار نحو ممارسة التعذيب عند البعض كتنفيس عن المكبوتات التي فرضها المجتمع على وعى الإنسان الهش، إن أساليب التعذيب تتطور بتطور المطالبة بالحرية من قبل شعوب منطقتنا، تلك الأساليب تشعر بمدى الاستهانة بكرامة وقيمة الإنسان ففي البلدان الموبوءة بالتخلف لا يحتاج المواطنون إلى نصوص تبيح لهم التعذيب فهم معبئون بالكراهية ضد الآخر لأنهم نتاج بيئة التخلف والاستبداد
أن التحول الديمقراطي في مصر يجب أن لا يسمح لأي احد أو نظام باضطهاد المواطن المصري وقمعه بأسم التشريعات الديمقراطية أو حماية الديمقراطية لأن هذه الأخيرة وجدت لمصلحة الإنسان واحترام حريته وكرامته وحقوقه وإنسانيته وليس لسحقه وتعذيبه واستعباده إن المعاملة الإنسانية هي من حق الجميع
لا تنه عن خلق وتأتي مثله .. عار عليك اذا فعلت عظيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير