الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اوراق السجن - انهم يسحقون جذور البطاطس

سعدون عبدالامير جابر

2012 / 1 / 9
أوراق كتبت في وعن السجن


من جديد ..واقع مرْ ..يكون أكثر إيلاما حين تجمعنا ( سوالف ) احيانا مع رفاق السجن .. السجناء السياسيين.. وألاحظ الكثير من الحيف بين ثنايا إجتراراتهم وعيونهم تغرورق بعبرات من الحسرة والألم وصدورهم تتنهد أسىً وحزن . ويقولون ماذا نفعل (الدفرة بالضلع ) ولقدر ما يأخذني الغيض أشعر ان هذا الاجترار تحريضي أكثر منه ( فضفضة) فأقول مزاحا انتم تتآمرون علي و( توازوني على بيعة النص قطعة مع اني الان لا أملك نص قطعة شلون بيكم ).. مرة توازيت على بيعتها ب1991 وقلت ليحدث بعدها الطوفان . وبعد اربع سنوات وجدت نفسي محمولا بالبطانية برواق الحاكمية الطويل محطم الأطراف لا اتصور ان مكانا في جسدي لم يكن مصاب بكسر او مرضوض وعندما صحوت من غيبوبتي وهذياني قالولي (علا) من ..؟؟ ذُهلتْ !! ضننت انهم استقدموها أيضا فقلت لهم ..(انها إبنتي ما بها ؟؟؟ ليس لها علاقة بالتنظيم .فقال لي المحقق (ولك اخ الكحبة لاتخاف ماكو شي بس كنت تهذي وتردد اسمها) ــ فرحت جدا ولكني أخفيت ابتسامتي خشية ان يلاحظ ذلك فيثيرهُ الامرُ من جديد ــ علا كان عمرها اكثر قليلا من 3 سنوات ـ وكثيرا ما حاولت على طول سنة كاملة هناك أردت خلالها فقط ان استحضر صورتها بخيالي .. ولكنها كانت عصية على خيالي بشكل عجيب ومريب طالما جعلني اشك كثيرا بسلامتي الذهنية انذاك .. بعد ذلك عرفت ان هذا مايفعله اللون (الاحمر الزنجاري) طلاء جدران الزنزانة هو الذي يجعلك غير قادر على التذكر واستحضار اي شيء خارج دائرة الخوف التي قادتك الى هنا .. فانت حتى لاتتذكر شيئا منك على الاطلاق ..ومع ذلك كله .. عندما استعرض اهوال الوطن ومصائب العراقيين أأخذ شكل البطل واقول تستحق يا عراق (وتستاهل الاعدام ومن ياخذوني للتحقيق اقرر اعترف بكلشي) ..مرة حتى اتخلص من الألم ..ومرة اقول دعهم يعرفون كل شيء.. حتى يدركون حجم الرفض عند العراقيين لهم , لكن عندما يصل الامر الى التعليق ويصرخ بي الألم تتماهى أمامي صورة علا من جديد علا إبنتي .. وأتخيلها إبنة معدوم .. وتجرني ذاكرتي في ثواني الى بنت في منطقتنا إبنة معدوم( هكذا يسمونها) أُعْدِمَ أبوها وهي طفلة وحيدة عمرها تسع سنين وصار عمرها 17سنة.. وكل يوم عصرا يطلبونها بالفرقة الحزبية يسألونها كيف اعدم ابوك ولماذا ؟؟ وكانهم ليس هم من أعدموه .. وواحد من الامن كان كل يوم صباحا يطرق عليها الباب .. فارجع عن قراري بالاعتراف وابدأ مشوار الصمود من جديد فلا أعترف ــ بيني وبينكم انا كنت خائفا جدا من كلمة الاعدام أصلا ولكن وقوفي امام هذه القصة جعلني اتحمل بشكل مثير ألم السياط ..مع ان الكثير من ملامح هذا العالم (الحاكمية ) يجعلك تتمنى الاعدام بكل بساطة .. المهم حصلتُ أخيرا على السجن المؤبد..ولأقضي سبع سنوات منها في قسم الأحكام الخاصة قبل ان يسقط النظام ..ونافلة القول اننا كنّا شبابا أقوياء لانتصور حدود لطاقتنا وقوتنا . وكنا نتحمل التعليق الى درجة من الغيض الذي لايجعل المأمورين بالضرب يتعاطفون باي شكل معنا فنتظاهر بالإغماء ونبدي تألما وتوجعا عبر صراخ وعويل .. وبمرور الوقت اصبحنا نحبذالضرب والتعليق كوننا نشعر باليوم الثاني فقط بآلام تشبه تلك الآلام التي كنا نشعر بها بعد تمرين كمال الأجسام هههههه..وفي التحقيق كانت ترتد (الدونكيات) من على ظهورنا وتتقطع الكابلات.. لكن الأن وبعد الخمسين لا والله لا أعتقد اني يمكن اتحمل كل ذلك من جديد ..وانا أرى ان كل الذي عملنا من أجله وحصدناه .. يبدده اليوم الجبناء .
إنهم يسحقون جذور البطاطس ... أليس كذلك ..؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ارجو التواصل
ايار العراقي ( 2012 / 1 / 11 - 10:27 )
سيدي الفاضل تحية طيبة وبعد
اسلوبك السلس اجبرني على قراءة مقالاتك السابقة واهعجبتني اكثر كونك تكتب بالاسلوب اللذي افضله وتفضله الغالبية وهو السهل الممتنع
حبذا لو تفضلت بمواصلة نشر اوراق السجن كي نحفظ للناس ذكراهم وحقوقهم الادبية على الاقل من جهة ولنكشف صبيانية وغباء القائمين بالامر انذاك في التعامل مع مخالفيهم
ننتظر منك المزيد


2 - اتمنى لوتكتب هذه الذكريات للنهاية ياقدوة لاكثر
اسماعيل ( 2012 / 8 / 27 - 00:26 )
اتمنى لوتكتب هذه الذكريات للنهاية ياقدوة لاكثرالسجناء السياسيين وتعلمنا منه اكثر المبادى اخوك -اسماعيل-كركوك

اخر الافلام

.. بريطانيا: طالبي اللجوء ا?لى سيرحلون إلى رواندا مهما حدث


.. أهالي الأسرى لدى حماس يتظاهرون في القدس من أجل سرعة إطلاق سر




.. هل تبدأ دول أوروبية ترحيل جميع طالبي اللجوء إلى رواندا؟ | ا


.. مراسلة الجزيرة ترصد إغلاق أهالي الأسرى شارعا قبالة مقر رئيس




.. إعلام إسرائيلي السماح بدخول وفدين من الأمم المتحدة والصليب ا