الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمديد الموت: لجنة مراقبة أم لجنة معاقبة

عمر سعد الشيباني

2012 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


عذبت الجامعة العربية نفسها كثيراً قبل أن ترسل لجنة مراقبة لسوريا. ظلت شهوراً تشاهد الدماء السورية تسيل وهي لاتكش ولاتهش. مجرد متفرج على الاحداث وكأنه فيلم رعب امريكي يعرض أمامها. وربما ندمت على حزمة العقوبات التي اتخذتها بعض الدول ضد النظام السوري (والحزمة هذه غير حزمة اصلاحات الاسد – فقط للتنويه) وعندما بلغ السيل الزبى، أرسلت لجنة لتراقب سلوك النظام السوري من البروتوكول الذي مضى عليه معاون وزير الخارجية (وهذا البروتوكول غير بروتوكولات صهيون). وانخفض العدد من 500 مراقب إلى 50، وعلى رأسهم المخضرم أحمد مصطفى الدابي (ولانعرف إذا الدال في الكنية بحاجة إلى شدة، فإذا كانت بشدة فمصيبة وعرفت والله الجامعة من ترسل، وإذا كانت الدال من دون شدة، فهي من الفعل دب دبيبا، والدبيب يطلق على النمل والصرصير التي تدخل البيوت من دون استئذان، وتعيث في الدار فسادا، وهذه أيضاً مصيبه). وقد أتعب الرجل نفسه وتمشى في بعض احياء حمص، لكن ليس لوحده، لأنه لايطعن الأصدقاء في الظهر ولذلك اصطحب معه عدد من رجال الأمن لسببين: أولا كي يحموه من (العصابات المسلحة) والثاني كي يروا بأم أعينهم وجوه العصابات المسلحة ويأتوا بعد قليل للإجهاز عليهم. فكيف لرجل حرب مثل الدابي أن لايصنع من الضحية جلاد وقد قتل ومثّل في دارفور حتى شبع، ومن كثرة القتل خرج قرار أممي بإدانته بجرائم ضد الانسانية.
ونأتي إلى الاسطى الدكتور نبيل العربي الذي جد على نفسه في أيام الشباب وحصل على العلا بعد سهر الليالي بالدكتورة في القضاء من جامعة امريكية. وهنا لايستطيع أحد مهما بلغت به أطناب الجهل أن ينكر أن هذا الرجل مثقف كبير واكاديمي. لكن كما يبدو أنه حصل على الشهادات ليتعيش من وراءها، فقد خدم نظام حسني مبارك مدد من السنين. والتعيّش من الشهادات أو التحصيل المعرفي ليس فقط للعربي، بل لقريب له يشبهه في ميوله هو محمد حسنين هيكل. مدمن فضائيات، يتفزلك عن التاريخ كثيراً ويقصقصه على مقاس خالد الذكر (عبد الناصر) وأنا أحترم الرجل طبعا. بعد كل هذه السنين من الفزلكات التي يقبض ثمنها دولارات (كعائدات نفطية) من دول الخليج ، صرح اخيراً أن الثورة السورية لم تنضج بعد، وقناة الجزيرة مغرضة لآنها تحريضية ضد النظام السوري التقدمي الممانع. من لايعرف خفايا هذا الرجل يستغرب من هكذا تصريحات، لكن عندما يكتشف أن لديه ابنان يعملان في التجارة مابين العراق وسوريا مع رامي مخلوف، يبطل العجب. شبكة مرعبة من المصالح الانانية التي لاتعرف إلا الدولار. مالفرق بين هذا الرجل (الذي يحفظ الكثير من التاريخ ويجهل الكثير من الحاضر) وبين الدكتور عزمي بشارة الذي لم يبع ضميره من أجل حفنة من دولارات رامي مخلوف الذي جناها من عرق السوريين. وهنا ارفع تحية إلى هذا المفكر العربي الصامد مثل وطنه فلسطين.
وبما أننا تكلمنا عن نبيل العربي صاحب المدُدّ المتتالية للنظام السوري، يجب أن نتكلم عن المؤسسة التي يرأسها (جامعة الدول العربية). أنظر لهذا الأسم (جامعة الدول). ربما يستغرب أحدنا ويقول لماذا سموها بهاكذا أسم، هل كانت الآسماء مفقودة وكان هذا الاسم على تنزيلات في تلك السنة. لكن في العودة إلى سنين النشأة يبطل أيضا العجب. فقد أتت بقرار من وزير الخارجية البريطاني (أنثني إيدن) في سنة 1943 عندما وقف امام مجلس العموم وقال جملة مشهورة لدى السياسيين البريطنيين (إن بريطانيا تنظر بعين العطف إلى كل حركة بين العرب ترمي لتحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية (أنظر لهذا التناقض المريب – يتكلم عن وحدة بين الدول وقد تآمرت بلده مع فرنسا على العرب في سيكس بيكو). ولكي لانظلم الرجل، فإن التسمية أتت من رئيس الوزراء المصري آن ذاك (مصطفى النحاس) مخالفاً في ذلك وزير الوزراء السوري جميل مردم بيك في (التحالف العربي) ومخالفاً العراق أيضاً في (الاتحاد العربي). الأسم هام هنا، للحفاظ على الكيانات السياسية التي افرزتها سيكس بيكو والتي ستكون في المستقبل من نصيب دكتاتوريات عسكرية أتت في غالبها من واقع اقتصادي معدوم ومن الجيش كي تحكم في الحديد والنار وتتفزلك على شعبها (الرجعي) بقشور ايديولوجية.
وبلا طول سيرة، فقد تأسست الجامعة في 1945. والان نطرح على انفسنا نحن الشعوب العربية الرجعية المتآمرة مع الغرب على أنظمة الممانعة : ماذا حققت هذه الجامعة منذ نشأتها حتى الان إلا الخزي والعار. فقد اجتمعت أيام الحرب الأهلية في لبنان وأرسلت عسكرها للحفاظ على الأمن الأهلي. لكنها لم تستطع أن تحفظ ذلك الأمن، فوكلت ثعلب دمشق ليقوم بمهمة عجزت عنها الجامعة في تلك الآونة ، إلا وهي تحجيم الفلسطينين ، ثم قتلهم ، ثم تهجير من تبقى منهم خارج اللبنان. ودخل القائد صاحب الصمود التصدي والأب للوريث الممانع إلى لبنان وفعل بالفلسطينين الأفاعيل، وفعل بالمقاومة الوطنية اللبنانية مالم تفعله إسرائيل. ثم ماذا عندما دخل صدام إلى الكويت، إلم تكن الجامعة هذه أداة للولايات المتحدة بشجب صدام وتجميع العربان في حفر الباطن ضد العراق آن ذاك. وبالطبع، وكان شيخ العشائر في تلك المحنة الذي تزعم العربان القاذد الملهم الذي ينام على طبخة تدعى (صمود) ويستيقظ على فطور أسمه (تصدي .. أو صدّي). أما عندما كانوا يجتمعون فكانوا يتشاجرون فيما بينهم وبعد المشاجرة والطوشة تبدأ حفلة التبويس ثم يجلسون على الموائد كي ياكلوا كبسة ويشربوا ببسة ويتجولون في شوارع القاهرة في التكسة. هل أجادوا أكثر من ذلك. وعندما أتت الثورة الليبية وقرر الغرب وامريكا التخلص من القذافي، سارعت الجامعة بتدويل الأزمة. والان، لأن أمريكا واسرائيل لايردون أبن حامي حدود اسرائيل أن يرحل تعثرت كل الجهود لحماية المدنييين في سوريا رغم الجرائم المرعبة التي ترتكب هناك.
وبعد كل هذا النفاق وتمديد عمر النظام السوري والتآمر على الشعب بلجنة وبدون لجنة، هل يملك أحدنا شك في أن هذه الجامعة هي صنيعة بريطانيا وحامية مصالح اسرائيل. والسؤال الذي يجب أن يطرح نفسه على كل منا: لماذا جميع أمناء الجامعة مصريين (ماعدا التونسي الشاذلي القليبي) عندما انتقلت الجامعة إلى تونس أيام كافب ديفيد.
والان أليس من الواجب أن نردد بيت الشعر الذي تركه لنا الشافعي ( ويقال لعلي بن أبي طالب):
أياك تجني سكراً من حنظل .. فالشيء يرجع في المذاق لأصله.
ملاحظة هامة: كنت اترك حرية التعليقات، لكن تفاجأت أن الذي يعلق هم الشبيحة ..تكثر شتائمهم وهجومهم وكأن النظام السوري قد وظف من مال الشعب بضعة الالاف كي يهاجموا مقالات التعرية وكشف فضائح النظام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن