الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيهاب أشعيا.. تذكروا هذا الاسم

سعد هجرس

2012 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرون كتبوا عن «ذات النقاب»، ابنتنا الفتاة المصرية المنتقبة التي ذهبت إلي شارع قصر العيني لتقدم المعونة الطبية إلي المصابين في الاشتباكات العبثية الدائرة أمام مبني مجلس الوزراء ومجلس الشعب، فكان مصيرها المطاردة من عدد من الجنود «الأشاوس» الذين أوسعوها ركلاً وضرباً وسحلاً ولم يتورعوا عن تجريدها من بعض ملابسها.
ومعظم من تناولوا هذه الواقعة المفزعة التي احتلت مرتبة الصدارة في صحف العالم وفضائيات القارات الخمس ـ حرصوا علي إدانة هذا السلوك الهمجي من جانب بضعة أفراد ينتمون إلي مؤسسة انضباطية لها رصيد كبير من الإعزاز والتقدير لدي المصريين جميعا اعترافا بدورها الوطني في الذود عن استقلال البلاد، وجاء هؤلاء الأفراد ليسقطوا شرف الزي العسكري في الوحل ويسيئوا إلي سمعة المؤسسة الوطنية التي كنا نفاخر بأن أحد مزاياها أنها لم تطلق رصاصة علي مصري أو مصرية، فإذا بهؤلاء الأوغاد، الذين لم يتعلموا شيئًا من التقاليد النبيلة للجيش المصري، يأتون من الأفعال والسلوكيات ما يندي له الجبين.
لكن لم يفطن أحد إلي تسليط الضوء علي الجانب المضيء لهذه الواقعة الظلامية، وهو أن هناك شابًا مصريًا شجاعًا لم يأبه بالسلوك العدواني المنفلت لهؤلاء الجنوب الخارجين علي التقاليد العسكرية المتعارف عليها، وهب لنجدة الفتاة المسكينة التي ساقها حظها العاثر للوقوع فريسة لهؤلاء الذئاب، وسارع إلي ستر جسدها.
ومما يزيد الإعجاب بهذه الشهامة المصرية ـ التي انعدمت لدي الجنودالذئاب ـ أن هذا الشاب المصري الشجاع مسيحي الديانة، واسمه إيهاب أشعيا.
***

إيهاب أشعيا ألقي بنفسه في نار الرعونة الهستيرية لهؤلاء الأشخاص عديمي النخوة ليستر جسد أخته المواطنة المصرية المسلمة التي ترتدي النقاب.
لم يفكر بصورة طائفية بغيضة، ويقول لنفسه: إنها مسلمة ومنتقبة، فلماذا أعرض نفسي للخطر من أجل مساعدتها؟.
ولم يترك نفسه لوسوسة الشيطان الذي لا يمل من تكرار القول بأن بعض أولئك الملتحين والمنتقبات لا يعترفون أصلاً بمبدأ المواطنة، بل منهم من يطالب بفرض «الجزية» علي الأقباط، وعدم توليهم مناصب القضاء أو الرئاسة أو «الولاية» الكبري والصغري، كما أن منهم من يقول علي الملأ: إن من لا يريد الامتثال يمكنه الخروج من البلد والهجرة إلي أمريكا وكندا.
ولم يبحث أولا عما إذا كانت الفتاة الضحية المجني عليها ترتدي صليبًا أو هلالاً.
المؤكد أنه لم يفكر في شيء طائفي من هذا القبيل وإلا لما أقدم علي هذه المخاطر الكبري غير مأمونة العواقب، والأرجح أنه فكر في شيء نبيل واحد هو أن هذه هي أخته المصرية (وكفي) التي يجب ستر جسدها من العيون الجارحة لهؤلاء الأشاوس الذين تبخرت عندهم الرجولة والنخوة بحيث لم يستنكف واحد منهم أن يمد يده ـ وقدمه ـ علي فتاة.. أيا كانت ديانتها أو وظيفتها أو سبب وجودها داخل هذا الجحيم.

***

إيهاب أشعيا ـ بهذا النحو ـ هو المصري «السوي».
المصري الذي كنا نعرفه في الأيام الخوالي قبل انتشار جرثومة الطائفية السرطانية التي تحرم الوطن من أجمل ماضيه، وهو «التنوع» و«التعددية» الثقافية والدينية والعرفية والقومية.
المصري الذي لم يكن يأبه أصلا بالسؤال عن ديانة أخيه في الوطن وشريكه في الجماعة الوطنية.
المصري الذي عرفناه في تلك الأيام الثماني عشرة المجيدة من 25 يناير حتي 11 فبراير 2011، حينما تجلت الوحدة الوطنية بأسمي معانيها في ميادين تحرير مصر وقام ملايين المصريين المسلمين بأداء الصلاة تحت حراسة اخوتهم المصريين المسيحيين، وأقام المصريون الأقباط قداسهم تحت حماية أخوتهم المصريين المسلمين.
ونشأت علاقة نضالية، وإنسانية، للمرة الأولي بين شباب جماعة الإخوان المسلمين الذين تدفقوا علي ميدان التحرير ضد مشيئة مكتب الإرشاد في بعض الأحيان، والشباب القبطي الذين توافدوا إلي ميدان الثورة ضد رغبة الكنيسة في معظم الأوقات.
***
إيهاب أشعيا دليل حي علي أن «المصري ـ المواطن» أقوي وأهم من كل الانتماءات الأولية.
شكرا يا إيهاب.. مع اعتذارنا لــ «ذات النقاب» لتقاعس «الرجال»رغم طوال الشوارب واللحي!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية