الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين تقبيل الكتف، وتقبيل اليد مسافة قصيرة، فقط..

مصطفى بن صالح

2012 / 1 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بين تقبيل الكتف، وتقبيل اليد
مسافة قصيرة، فقط..

هي بضع سنتمترات إن قسمناها مسافة، وبضع سلالم إن قدرناها مناصبا، والحال أن تجربة التسلق الاجتماعي، الطبيعي أو المخطط له، بيٌنت بالملموس على قدرتها على اجتذاب المعارضين للنظام القائم نحو المناصب الدسمة، والكراسي المريحة، والمدرة على أصحابها ما يعفيهم من وجع الرأس الذي يسببه النضال المعارض لنظام ظل وما زال يطحن معارضيه من جميع الأصناف، وبالأخص المعارضين الراديكاليين الذين يرفضون النظام القائم، شكلا ومضمونا، ويطرحون بديلا عنه يقطع مع الاستبداد والاستعباد والاستغلال..الخ
وبالرغم من تجند العديد من المعارضين اليساريين خلال السنوات الأخيرة ضد مظاهر الإذلال التي يتم فرضها خلال الاستقبالات الملكية والأميرية، حيث تقدمت بعض الأصوات بتصريحات صحافية جريئة اعتبرت هذا السلوك إذلالا، ومنافيا لحقوق الإنسان "المتعارف عليها دوليا".. فوجئ الرأي العام خلال الأيام الأخيرة بلقطة، تابعت إحدى الاستقبالات الرسمية لأحد زعماء "اليسار الجذري"، عضو الكتابة الوطنية "للنهج الديمقراطي" ـ مصطفى البراهمة ـ وهو يقبل كتف الملك محمد السادس.
وقد خلفت هذه الممارسة استياءا كبيرا داخل الأوساط اليسارية وداخل صفوف حزب "النهج الديمقراطي" أيضا، خاصة بعد المعركة النضالية التي خاضتها قوى "اليسار الجذري" أواسط العقد الأخير ضد "المقدسات"، والتي قدمت خلالها تضحيات جسيمة كان أقلها اعتقال المناضلين ومحاكمتهم بأربع سنوات سجنا إضافة لمحاكمة متضامنين آخرين معهم وضمنهم شيخ المعتقلين السياسيين المناضل الفقيد ـ محمد بوكرين ـ دون أن ننسى كذلك التصريحات المبدئية للمناضل "الحقوقي" عبد الحميد أمين خصوصا بعد انطلاق الحركة الاحتجاجية الأخيرة المناهضة للاستبداد بجميع مظاهره السياسية والمسلكية، داخل المغرب.
ترددنا في التعليق على هذه الممارسة التي لا تليق بمناضل يساري خبرته حيطان المعتقلات والسجون منذ فترة شبابه بعد التحاقه بصفوف اليسار الجذري، وبمنظمة "إلى الأمام" الماركسية اللينينية، حيث كان له شرف المشاركة في نفس القيادة التي تضمنت الشهيد "أمين التهاني" الذي رفض باستماتة الإدلاء بأسرار المنظمة رغم قساوة التعذيب، ورغم شراسة الجلادين، إلى أن فقدناه صامدا وشاهدا على صموده هو، وعلى انبطاح وانهيار البعض من الآخرين.
وفي ترددنا هذا، كنا نحاول تجنب بعض الأقلام المسعورة والمتمسحة بقيادات كارطونية من ذوي النفوذ، عودتنا على الانتفاض ضد أي نقد يتجه لمواقف وممارسات أعضاء "النهج الديمقراطي"، مستعملة سلاح المؤامرة ضد "النهج" باعتباره مناهضا ومعارضا للنظام القائم، والمخزن حسب التعبير المفضل لديها، وبالتالي فمن يعارض أو ينتقد خطوات "النهج" فإما مساند "للمخزن" أو هو "المخزن" نفسه..!
فهل يمكن اعتبار هذا السلوك عاديا، أمام تصريحات المناضلين الداعية للقطع مع طقوس اللإذلال والمهانة، وأمام امتناع العديد من الوجوه اللبرالية التي لم تمتثل لهذه الطقوس ولم تنحني لتقبيل اليد أو الكتف أو ما بينهما!؟ خاصة وأن "الرفيق سابقا" سبق وأن صدرت عنه ممارسات وتصريحات مريبة، كان آخرها تعليقه المشين بصفته مديرا جهويا لشركة العمران العقارية المعروفة بفسادها وتراميها على أراضي الجموع، ضدا على احتجاجات البسطاء من ساكنة الأحياء الشعبية والهامشية بمدينة إنزكان ـ أكادير.. كان ذلك في عز الانتفاضة الدائمة التي خاضها ويخوضها كادحو بلدنا انطلاقا من العشرين من فبراير، فهل من تعليق؟
أمام هذه المنزلقات التي لا تضر بـ"النهج الديمقراطي" لوحده بل هي ضارة بمجموع قوى اليسار التي التزمت بقضايا الكادحين، والتي صمدت لمدة سنة على الأقل، في الشوارع إلى جانب الاحتجاجات والمحتجين بالرغم من القمع والتهديد بالتصفية الجسدية.. لقد شكلت هذه القبلة الزائدة والمجانية، ضربة جديدة لرموز اليسار المعروفين بمبدئيتهم وبتعنتهم، بل وتفضيلهم للعطالة والتشرد على أن يقبلوا بمناصب تشكك في هويتهم وتدفع بهم إلى التطبيع مع النظام ومؤسساته ورموزه.
فحين نتساهل مع مسلكيات التنسيق والتشاور مع القوى الظلامية، وحين نغض الطرف مع من يتسلم الأموال والتوجيه من مؤسسات إمبريالية، وحين نقلل من خطورة المشاورة مع سفارة أمريكا، ومن الزيارات التطبيعية مع إسرائيل، فسيكون من العادي جدا تقبيل كتف الملك وأكتاف جميع الأمراء إذا كانت ضرورة مصلحية لذلك.
بعض المريدين من أتباع "النهج"، والذين نميزهم بطبيعة الحال عن المناضلين الذين شرٌفوا الحركة الماركسية السبعينية ومنظمة "إلى الأمام" وما زال البعض منهم يشرٌف الميدان النضالي بعطاءاته السخية، اعتبروا بدون حياء أن الكتف غير الكف، وبعضهم اعتبروها لمسة وليست قبلة بمعنى الكلمة.. فهل من تعليق مرة أخرى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تعتزم فرض عقوبات على النظام المصرفي الصيني بدعوى دعمه


.. توقيف مسؤول في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس- لحساب الصين




.. حادثة «كالسو» الغامضة.. الانفجار في معسكر الحشد الشعبي نجم ع


.. الأوروبيون يستفزون بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال الق




.. الجيش الإسرائيلي ينشر تسجيلا يوثق عملية استهداف سيارة جنوب ل