الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشباب المغاربي يسعى بجدية لاقتناص طموحاته من مخالب السباع وحكومة بنكيران على صفيح ساخن

فيفا صندي

2012 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


على خلفية الشباب الثائر الذي يسقط يوميا مابين شهيد وبين يأس وبين حارق لنفسه وبين لاهي لا يدرك أبعد من حذائه أو من تفاهته السطحية في بلادنا العربية الممتدة من الخليج للأطلسي جاءت فكرة الاحتواء هؤلاء الشباب المعروفة بالمملكة المغربية بتوظيف الأطر حتى يتم استيعاب كافة الشباب في التوظيف العام بالدولة، والحق يقال بأن الخطة كانت معمول بها من قبل ما يسمى بالثورات الربيع العربي، واشتدت الوتيرة أكثر لتلبيه الاستيعاب لكافة الأطر في ظل امتصاص الشباب المتظاهر والمحتج في المملكة بعد ثورات الربيع العربي...

المغرب أعزها الله بأنها أمة شابة إذ نسبة الشباب فيها تصل إلى 70% من إجمالي تعداد سكانها، وبهذا تعد المغرب "دولة الشباب"، فكان من الضروري وجوب دمج شباب المغاربة في الحياة العامة وإعادة مشاركتهم في منظومة العمل السياسي الخدمي والبنيوي لنهضة المجتمع المغربي.
وكما جرت العادة دائما تأتي الرياح بما لا تشتهى السفن، فقد اهتز الشارع المغربي مؤخرا على خبر وفاة واحد من المعطلين الثلاث الذين قاموا بإحراق ذواتهم تعبيرا عن غضبهم الناتج عن إقصائهم من المرسوم الوزاري الخاص بالإدماج المباشر للأطر العليا المعطلة من جهة، واستيائهم من القمع الامني الذي تعرضوا له اثر اعتصامهم بمقر وزارة التربية الوطنية في العاصمة الرباط من أجل المطالبة بحقهم الدستوري في الشغل من جهة أخرى.
هي واحدة من قصص كثيرة عن شباب مغربي عالق بين جدلية العمل / العطالة.. الأمل/ اليأس.. وبين هذا وذاك تتحمل الأسرة والمجتمع تبعيات البينين وانعكاساتها على السلوك الفردي والمجتمعي وعلى وتيرة النمو الاقتصادي.

ولاتزال الاحتجاجات تغطي شوارع العاصمة التي تحولت مؤخرا إلى ملتقى شبه يومي للمعطلين الأملين في أن تخترق أصواتهم أسوار البرلمان الجديد، وأن تجد لها صدى لدى حكومة بنكيران الجديدة.

ولا يزال العنف في استخدام فض هذه الاحتجاجات التي نقلتها الجرائد المغربية حيث دخلت قوات الأمن ليلة الأربعاء في الأول من فبراير 2012، بعنف ضد معتصم التنسيق الميداني للأطر العليا المعطلة بساحة البريد بالرباط، ما خلف عشرات الإصابات في وقت تحدث فيه معطلون عن إصابات وصفت بالخطيرة ألمّت بالمعتصمين جراء التدخل الأمني.

وشهدت العاصمة الرباط ساعات قبل التدخل إنزالا كثيفا لقوات الأمن التي لم تمهل المعتصمين أكثر من خمس دقائق من أجل فكهم للمعتصم، قبل أن تنهال عليهم بالهراوات والعصي، ما خلف حالة من الرعب داخل المجموعات الثلاثة والمكونة من حوالي 1500 إطار من مختلف التخصصات، تشكل الإناث نسبة مهمة منهم.
هذا واستنكر عبد الصمد البرنوسي منسق تنسيقية المرسوم وعضو مكتب التنسيق الميداني هذا التدخل معتبرا أن الآمال كانت كبيرة على التغيرات التي كان يفترض أن تحدث في بنية الدولة وبالخصوص في التعاطي الأمني مع المطالب الاحتجاجية الذي أثبت فشله في عدة مناطق من العالم ومنها المنطقة العربية حسب نفس المتحدث، الذي اعتبر أن هذا الأمر لا يمكن إلا أن يؤدي إلى مزيد من التأجيج للوضعية الاجتماعية التي يمكن أن تمس بالسلم الاجتماعي في المغرب كله و ليس العاصمة الرباط.
وأكد البرنوسي نية الأطر العليا الاستمرار في احتجاجاتهم حتى تحقيق مطلبهم في الإدماج الشامل والفوري في الوظيفة العمومية، مجددا تحميله الجهات الوصية المسؤولية لما ستؤول إليه الأوضاع إن لم تبادر بمراجعة قرارها وذلك بفتح حوار مسئول فوري يفضي إلى توظيفهم.

وكانت الأطر العليا المعطلة المنتمية لمجموعة "طريق النصر" وتنسيقيتي "المرسوم" و"الكفاح قررت الأطر العليا المعطلة خوض اعتصام مفتوح بساحة البريد بالرباط بداية من الأربعاء 1 فبراير قبل أمس، دفاعا على ما تُسمّيه حقها في الإدماج المباشر الفوري والشامل في أسلاك الوظيفة العمومية.

لن أقول هنا كلمات مكررة عن الشباب ودور الدولة في احتوائهم، لأنه لن تكون الدولة شابة وناهضة إلا بقيادات شبابها.. ولن أعيد كل ما قيل عن حتمية توظيف واستيعاب الشباب الجامح وتحويل هذا الجموح للارتقاء بالدولة، ولكنني سوف أسرد واقع المجتمع المغربي كما هو بدون تجميل لعلنا نصل إلى الصورة الجميلة التي نتمناها جميعا.

المغرب أيضا ضمن البلدان التي ينتشر فيها الفساد الإداري والمحسوبية في التوظيف والاختلاسات التي تقلص من حجم الاعتماد المخصص لمناصب الشغل، فضلا عن ارتفاع أجور الموظفين الساميين والتعويضات المخصصة لهم.. وكل هذا أدى إلى اتساع فجوة البطالة والتي تعتبر واحدة من أكبر المشاكل الاجتماعية وأكثرها جدلا وتعقيدا.

عرفت نسبة البطالة في المغرب ارتفاعا ملحوظا، فقد افادت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرة إخبارية لها حول وضعية سوق الشغل خلال الفصل الثاني من سنة 2011 أن عدد العاطلين ارتفع ب66 ألف، مشيرة إلى أن معدلات البطالة، ارتفعت بالخصوص في أوساط الشباب، بزيادة بلغ قدرها 2.4 %، فيما ارتفعت بطالة النساء بنسبة 2 %، في حين ارتفعت البطالة في صفوف حاملي الشهادات الجامعية بنسبة بلغت 1.3 %.
وأفادت إحصائيات حكومية حول وضعية سوق العمل بأن معدل البطالة ارتفع الى 9.1 %، في الربع الثالت من العام المنصرم، بشكل يدعو لتفاقم الأزمة وتزايد مطالب الشباب الذى ينتظر فرصة العمل مما يشكل هذا بشكل أخر ضغط على الحكومة المغربية في ظل حالات الحراك الشبابي الغاضب والثائر المطالب بحقوقهم الشرعية في الحياة الا وهي العمل.. ومن جانب أخر وحسب المندوبية السامية للتخطيط فقد ارتفعت نسبة البطالة بين من هم دون الرابعة والثلاثين الى 31.4 % من 30.1 % في الربع الثالث من 2010.

وقالت المندوبية إن ثلثي العاطلين المغاربة مر عليهم عام دون وظيفة وهي نفس النسبة المسجلة في الربع الثالث من 2010. لكن نسبة من يبحثون عن وظيفة منذ خمس سنوات على الاقل ارتفعت من 21.1 بالمئة الى 25 %.
كل هذه الأرقام والإحصائيات الرسمية تشير إلى نشوء أزمة حقيقية على أرض الواقع للمغاربة، وعلى الجهات المعنية احتواء هذه الأزمة بإتاحة فرص العمل المناسبة كنوع من امتصاص الغضب الشبابي، وإعطائهم فرص حقيقية وليس مجرد وعود حكومية مؤجلة.

صحيح أن الحكومة الحالية لابن بنكيران لا تملك المصباح السحري لحل كل مشاكل المغرب الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة، وخاصة مشكل البطالة، لكنها مجبرة على الاقل للتعامل مع هذا الملف بكثير من الذكاء والليونة، فالشباب اليوم هم المحرك الاساسي للمجتمع، والكلمة لهم اليوم. وهذا يضع حكومة بنكيران على صفيح ساخن وملتهب.

فعلى الحكومة تقديم موقف صريح وخطة واضحة متوسطة وبعيدة المدى من أجل تقليص عدد المعطلين سواء بإدماجهم في الوظيفة العمومية أو توجيههم للقطاع الخاص مع ضمان كافة حقوقهم المادية والمعنوية من أجور وعقود عمل دائمة وضمان اجتماعي.
بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار من خلال المقاولة الصغرى والمتوسطة عن طريق تبسيط المساطير المتبعة، وتقديم جميع التسهيلات مع أخد الضمانات الكفيلة من أجل نجاحها واستمراريتها.

من جهة اخرى، وجب شمل قطاع التعليم العالي بإصلاحات هيكلية من أجل مراعاة البرامج التعليمية المطروحة بما يواكب احتياجات سوق العمل لضمان نوع من روح المهنية ومواكبة التخصصات مع المناصب.

إن الحكومة ملزمة حاليا بتفعيل والتسريع في أجرأة الالتزام الموقع بين الحكومة السابقة والأطر العليا المعطلة والخاص بالمرسوم الوزاري الاستثنائي رقم: 100-11-2 والقاضي بالإدماج المباشر والفوري لجميع الأطر العليا المعطلة من أجل وضع حد للبلبلة السائدة بين صفوف الأطر، وسد الطريق على كل الدخلاء الذين يرغبون في تسييس الملف واستغلاله من أجل تمرير خطابات سياسية متطرفة.

كما وأنها ملزمة بفتح حوار سريع وجدي مع الأطر المقصية من المرسوم الوزاري من أجل الوصول إلى صيغة قانونية وحل من شأنه تهدئة النفوس وامتصاص غضب الأطر التي برهنت على استعدادها جعل من ابدانها المحترقة قربانا لقضية التشغيل.

اليوم هو وقت عمل وانجاز، والشعب الذي منح صوته للحكومة الحالية يتوقع منها الكثير والاوفر بعيدا عن التسكين بوعود براقة، فالشباب الآن اختلفت طموحاته بل يسعى إليها بجدية ليقتنصها من مخالب السباع، فاحذروا وأتقو الله في الوطن وفى شباب الوطن..!

قصص كثير لشباب المغربي بين الأمل واليأس.. وبينهما العمل ينتظر في المنتصف حتى يحدد مصير الشباب أي دربا سوف يسلك الأمل أم اليأس محاولاته لكسر سياج البطالة واحتكار السلطة والنفوذ.!

نريدها ثورة عمل لا يعرف اليأس طريقها في صفوف الشباب المغاربي الذي أجاد وطور من ذاته ليعطي خير ما عنده لوطنه، فهل سوف يكون له نصيب في إدارة البلاد؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة