الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد هو السر؟!

حسين عبد العزيز

2012 / 2 / 6
الادب والفن


فى العدد 1035 من مجلة روزا ليوسف كتب الراحل أحسان عبد القدوس يصف حال مصر قبل الثورة بحوالى أربع أعوام وكأن هذا الكلام كتب أمس ونشر اليوم... وهذه هى قيمة وعظمة الأعمال النقدية التى كان بارع فيها الراحل احسان عبد القدوس ونقرأ ما كتبه(.... نظرة واحدة إلى ميزانية الدولة المصرية تكفى لتحريضك على اعتناق الشيوعية ، أو على الأقل تقنعك بأن الشيوعية على حق وبأن الثائرين على نظام الطبقات فى مصر ليسوا مجرد حاقدين ... وإنما هم علماء فى علم الأرقام فأرقام الميزانية تسجل أن قيمة الضرائب المفروضة على أصحاب الأرضى الزراعية تبلغ4.700.000 جنية ، فى حين أن ميزانية مصلحة الرى التى نقوم على خدمة هذه الأراضى وتنظيم ريها تبلغ 6.300.00 جنيه أى أن مصر تتبرع سنويا للسادة أصحاب الأملاك بمبلغ 1.500.000 جنية وهذا المبلغ الضخم الذى تتبرع به مصر سنويا للسادة الكرم أصحاب التفانيش والعزب والأطيان يشترك فى دفعة الشعب لأنه يدفع من حصيلة الضريبية غير المباشرة ، الضريبة على الدخان وعلى الأقمشة وعلى الأطعمة ، وعلى كل ضرورات الحياة فكل سيجارة يدخنها أى صعلوك من صعاليك مصر يعطى منها دون أن يدرى نفسا أو نفسين للبدراوى باشا، عاشور، وكل ثوب يكسو أى عامل من عمال مصر يتقاضى عليه عبود (باشا) ضريبة خاصة تزيد زراعته أازدهارا، وتزيد تفاتيشه طولا وعرضا ونظرة أخرى إلى الميزانية ترينا أن قيمة عوائد الأملاك المبينه تبلغ 912.000 جنية فى حين أن ميزانية بمصلحة التنظيم التى نشرف على تجميل هذه المبانى تبلغ2.000.000 جنيه والفرق تدفعه مصر من الضريبة غير المباشرة أيضا... وفى كل نظرة تقع عيناك على رقم يصرخ فى وجهك بأن الثورة على النظام الأقتصادى حق، ويؤكد لك أننا نعيش فى بلد يصرف فيه الفقير على الغنى وتبنى فيه الثروات بالظلم الرسمى والجهل الحكومى .... (احسان عبد القدوس) .
ما كتبه الأديب احسان عبد القدوس يعد نقد الوضع قائم كما سوف نقرأ فى وثيقة نادر خطها بيده سعد باشا زغلول. عندما رفض تولى رأسه الوزراء عن طريق التعيين وطلب من الملك ان تكون عبد صناديق الاقتراع وقد كان. كما هو موضح فى الوثيقة التى سوف نقرأها الآن ..................
مولاى صاحب الجلالة
أن الرعاية السامية التى قابلت بها جلالتكم ثقة الأمة ونوابها لشخصى الضعيف توجب على والبلاد داخله فى نظام نيابى يقضى باحترام لرادتها، وارتكاز حكومتها على ثقة وكلائها آلا أتنحى عن مسئولية الحكم التى طالما تهيبها فى ظروف أخرى وان أشكل الوزارة التى شاءت جلالتكم تكليفى بتشكيلها من غير أن يعتبر قبولى لتحمل أعبائها اعترافا بأية حال أو حق استنكره الوفد المصرى الذى لا زال مستشرفا برياسته
أن الانتخابات لأعضاء مجلس النواب أظهرت بكل جلاء أجماع الأمة على تمسكها بمبادئ الوفد التى ترمى إلى ضرورة تمتع البلاد بحقها الطبيعى فى الاستقلال الحقيقى لمصر والسودان، مع احترام المصالح الأجنبية التى لا تتعارض مع هذا الاستقلال. كما أظهرت شدة ميلها للعفو عن المحكوم عليهم سياسيا ، ونفورها من كثير من التعهدات والقوانين التى صدرت بعد إيقاف الجمعية التشريعية ونقصت من حقوق البلاد وحدت من حرية أفرادها، وشكواها من سوء التصرفات المالية والإدارية ومن عدم الاهتمام بتعميم التعليم وحفظ الأمن وتحسين الأحوال الصحية والاقتصادية وغير ذلك من وسائل التقدم والعمران ، فكان حقا على الوزارة التى هى وليدة تلك الانتخابات وعهدا مسئولا منها أن توجه عنايتها إلى هذه المسائل الأهم فالمهم منها وتحصر أكبر همها فى البحث عن أحكم الطرق وأقربها إلى تحقيق رغبات الأمة فيها وإزالة أسباب الشكوى منها، وتلافى ما هناك من الأضرار مع تحديد المسئوليات عنها وتعيين المسئولين فيها، وكل ذلك لا يتم على الوجه المرغوب إلا بمساعدة البرلمان ، ولهذا يكون من أولى واجبات هذه الوزارة الاهتمام بإعداد ما يلزم لانعقاده فى القريب العاجل وتحضير ما يحتاج الأمر إليه من المواد والمعلومات لتمكنه من القيام بمهمته خطيرة الشأن
ولقد لبث الأمة زمانا طويلا وهى تنظر إلى الحكومة نظر الطير للصائد لا الجيش للقائد وترى فيها خصما قديرا يدير الكيد لها لا وكيلا أمينا يسعى لخيرها. وتولد عن هذا الشعور سوء تفاهم أثر تأثيرا سيئا فى إدارة البلاد وعاق كثيرا من تقدمها فكان على الوزارة الجديدة أن تعمل على استبدال سوء هذا الظن بحسن الثقة فى الحكومة وعلى أقناع الكافة بأنها ليست إلا قسما من الأمة تخصص لقيادتها والدفاع عنها وتدبير شئونها بحسب ما يقتضيه صالحها العام ولذلك يلزمها أن تعمل ما فى وسعها لتقليل أسباب النزاع بين الأفراد وبين العائلات وإحلال الوئام محل الخصام بين جميع السكان على اختلاف أجناسهم وأديانهم كما يلزمها أن نبث الروح الدستورية فى جميع المصالح وتعود الكل على احترام الدستور والخضوع لإحكامه وذلك أنما يكون بالقدرة الحسنة وعدم السماح لأى كان بالاستخفاف بها أو الإخلال بما تقتضيه هذا هو بروجرام وزارتى وصفته طبقا لما أراه وتريده الأمة شاعرا كل الشعور بأن القيام بتنفيذه ليس من الهنات الهيئات خصوصا على ضعف قوتى واعتلال صحتى
ودخول البلاد تحت نظام حرمت منه زمانا طويلا ولكنى اعتمد فى نجاحه على عناية الله وعطف وتأييد البرلمان ومعاونة الموظفين وجميع أهالى البلاد ونزلائها.فأجو إذا صادف استحسان جلالتكم أن يصدر المرسوم السامى بتشكيل الوزارة على الوجه الأتى مع تقليدى وزارة الداخلية .
("محمد سعيد باشا لوزارة المعارف العمومية" ،"محمد توفيق نسيم باشا لوزارة المالية"، "أحمد مظلوم باشا لوزارة الأوقاف" ، "حسن حسيب باشا لوزارة الحربية والبحرية" ، "محمد فتح الله بركات باشا لوزارة الزراعة "،"مرقص حنا بك لوزارة الأشغال العمومية" ،" مصطفى النحاس بك لوزارة الموصلات"، "واصف بطرس غالى أفندى لوزارة الخارجية"،" محمد نجيب الغرابلى أفندى لوزارة الحقانية")، وأدعو الله أن يطيل فى أيامكم ويمد فى ظلالكم حتى تنال البلاد فى عهدكم كل ما تتمناه من التقدم والارتقاء
وإنى على الدوام شاكر نعمتكم وخادم سدتكم
تحرير فى 22 جمادى الثانية سنة 1342 ه" 28 يناير سنة 1924".
((سعد زغلول))
ونخرج من قرأت تلك الوثيقة بشيئا مهما للغاية وهو أن رئيس الوزراء ( فى مقام رئيس الدولة) بيده الإصلاح والفلاح أن أراد بمعنى لو صلح الرأس لصلح باقى أجزاء الجسم (الوطن) .
لو كان تم ترسيخ هذا المبدأ الذى وضعه سعد باشا لما كان فى هذا الوطن ما هو موجود الآن لكن ولكن تلك فى منتهى الأهمية لأنه كيف تسنى لسعد باشا أن يملى شروطه على الملك ويستجيب له الملك وتتحقق مطالب سعد باشا لسبب بسيط للغاية هو أرتفاع نبرة الخطاب النقدى الذى ساد البلاد فى حينها حيث كانت تموج بالنقد فى كل قطاعتها.
فنجد أن أهم كتابين صدرا ليس فى القرن الماضى فقط وإنما فى القرن الحالى أيضا صدرا فى تلك الفترة هما كتابان نقديان.
فنجد كتاب (الإسلام وأصول الحكم) للشيخ على عبد الرزاق وكتاب ( فى الشعر الجاهلى) للشيخ طه حسين وهما كتابان نقديان فى المقام الأول والأخير.
ففى الثالث من مارس سنة 1924 أعلن (الكماليون) (جماعة جمال أنا تورك) إلغاء الخلافة نهائيا وقاموا بنفى الخليفة المخلوع تأمينا لثورتهم.
واهتز الوجدان الدينى فى العالم الأسلامى.
فبداء بعض الأمراء والملك يعدون أنفسهم لنيل هذا المنصب فنجد ملك الحجاز (الحسين بن على) بداء( يدعو الخلافة) وهذا جعل المصريين يشعرون بالغيرة وأنهم أولى بهذا المنصب كما أوحى رجال الملك ونظر لده (مصر فى المنطقة ومكانتها بعلمائها الذين يدرون أعظم جامعة دينية (الأزهر) وعمل الملك أحمد فؤاد ملك مصر وحاشيته على إشعال نار الغضب الغاء الخلافة والعمل على عودتها ولتكن مصر مقرها وأحمد فؤاد هو الخليفة ووجد الانجليز ضالتهم فى الخلافة وعودتها من أجل تثبت أقدامهم فى مصر والمنطقة
وعقدت المؤتمرات لكى تدعو إلى عودة الخلافة فى كل أقاليم مصر تقريبا وفى يوم الخامس والعشرون من مارس عام 1925 عقد أول مؤتمر دينى يتبنى فترة أحياء الخلافة حيث أجتمع نفر من رجال الدين بمقر الإدارة العامة للمعاهد الدينية بالأزهر وكانت تحمل أسم الهيئة العلمية الدينية الإسلامية الكبرى) وأصدرت بيانا فى نفس اليوم جاء فيه (إن الخلافة رياسة عامة فى الدين والدنيا والأمام نائب عن صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم فى حماية الدين وتنفيذ أحكامه وفى تدبير شئون الخلق الدينوية على مقتضى النظر الشرعى .؟
وبعد خمسة أيام بالضبط من هذا الموعد صدر كتاب الشيخ على عبد الرزاق (القنبلة) الذى حطم أحلام الملك وحاشيته والانجليز وأعوان الاحتلال .
وبهذا أنقذ هذا الكتاب صغير الحجم(مصر*) من كارثة لم تكن حملها ؟ وهى عودة الخلافة وكان الكتاب عبارة (عن بحث فى الخلافة والأمامه عبر الفكر والتاريخ الأسلامى أنتهى فيه الباحث إلى ان الإسلام لم يقر الحكومة الدينية وأن هذا النظام غريبا عن الإسلام ولا أساس له فى المصادر والأحوال المعتمدة عند المسلمين من كتاب وسنه وإجماع ...) كرم شلبى . جريدة الحياة اللندنية(5/6/1995).
ونحن سوف نفرض فريضة وحده وهى ماذا لو أن الملك أحمد فؤاد نجح وأعلن نفسه خليفة وأصبح خليفة للمسلمين بطبيعة الحال سوف يكون وجود الانجليز وجودا شرعيا أى أنهم موجودين لحماية وتأمين حياة الخليفة خليفة المسلمين أذا لا يمكن بأى شكل من الأشكال مهاجمتهم والتفكير .. مجرد التفكير فى طردهم .ز ويكفى فى تلك النقطة ان نقرأ البرقية التى أرسلها رئيس المحكمة التى حكمت بفصل الشيخ على عبد الرزاق من الأزهر وكان هو الشيخ (محمد أبو الفضل) وأيضا كان رئيس المحاكمة (اعيد قولها .. لكى نعلم مدى خطورة اشتغال رجال الدين بالسياسة).
( صاحب السعادة كبير الأمناء بالنيابة ، الإسكندرية أرجو أن تدفعوا إلى السده العليه الملكية ، عن وعن هيئة كبار العلماء وسائر العلماء فروض الشكر وواجبات الحمد والثناء على ان حفظ الدين فى عهد جلالى مولانا الملك من عبث العابثين وأعاد الملحدين وحفظت كرامه العلم والعلماء).
فى العام التالى مباشرا صدر كتاب (قنبلة أكبر) أحداث دوى فى المجتمع الثقافى العربى مازال صداه مستمر إلى الآن وهو كتاب ( فى الشعر الجاهلى ) للدكتور طه حسين وكما هو واضح أن كتاب الشيخ على عبد الرزاق هو كتاب نقد الوضع قائم وغير القائم وبصدور الكتاب نام الوضع إلى الأبد ولم يعد قائم ،رغم محاولات إقامته والذى كتبه الدكتور طه حسين فى الشعر الجاهلى وكان نقد وضع مازال يتجدد كل يوم ونحن غير قادرين على أتحاذ موقف (ما).
انه النقد الذى يبنى ويقيم أمما عظيمة وعدم وجود النقد هو الذى يوجد دول هشة.
النقد الذى قال عنه (يوجين يونسكو) :-
"من السهل أن أجد مئات الكتاب الممتازين ولكن من الصعب أن أعثر على ناقد واحد ممتاز)
وأيضا قال بودلير(لو لم أكن شاعرا لتمنيت أن أكون ناقدا فالنقد هو الأكثر تأثيرا)
واخبرا قال(أندريه مالور"لو أردتم أن تقيموا لى تمثالا ، فأرجو أن يقيمونى به كنا كناقد وليس كأديب أوسياسى ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة


.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با




.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية