الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
اقتصاد السوق.. مصطلح تضليلي
قدري جميل
2005 / 1 / 9اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
أقام المركز العربي للدراسات الاستراتيجية بدمشق بتاريخ 20/12/2004 ندوة بعنوان: «دور الدولة في ظل التغيير في المناخ الإقليمي والدولي»، شارك فيها عدد من الاقتصاديين والباحثين، أدلوا بآرائهم ورؤاهم في هذا الموضوع الهام الذي أصبح «حديث الساعة» لدى المهتمين بقضايا الاقتصاد الوطني، ولدى شريحة واسعة من المثقفين والناس العاديين، وذلك لما يحمله من مضامين أساسية ومحورية، خصوصاً في هذه المرحلة التي ستفرض موضوعياً، تغييراً حاسماً في مفهوم الدولة ودورها وبنيتها ووظائفها، إما باتجاه التخفيف أو الاستغناء كما تريد قوى العولمة وأنصارها وتابعيها في الداخل، أو باتجاه التقوية والإصلاح والتنظيف كما يتمنى السواد الأعظم من الناس، والقوى الوطنية. وفيما يلي مقتطفات من مداخلة د. قدري جميل:
تحدث د. قدري عن «علاقة اقتصاد السوق بالدولة» وأكد أن هناك سؤالاً أساسياً يجب أن يطرح عند الحديث في هذا الموضوع: هل هناك اقتصاد سوق واحد؟
والجواب ـ من وجهة نظره ـ أن مصطلح اقتصاد السوق هو من المصطلحات التضليلية التي انتشرت في التسعينات من القرن الماضي بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، وذلك للابتعاد عن الحديث عن «العودة إلى الرأسمالية» لما تحمله هذه الكلمة، أي الرأسمالية، من شحنة سلبية في الوعي الاجتماعي، وحين جرى السير نحو اقتصاد السوق الذي لم يكن له انطباعات سلبية لدى الوعي الاجتماعي، وجد الماضون فيه أنفسهم متجهين نحو الرأسمالية بأبشع أشكالها، فوقعوا في الفخ (أكلوا كم)!!
لذلك فخطورة المصطلح تكمن في تحضير الوعي الاجتماعي لتقبل عملية الانتقال إلى الرأسمالية، وهذا ماحصل مع الدول التي كانت اشتراكية.
فهل تتكرر القصة في بلادنا؟
يرى د. جميل أن المسألة ليست بهذه البساطة، ويسأل عن ماهية اقتصاد السوق، ويجيب بأنه في النهاية ماهو إلا العلاقة بين العرض والطلب، وانعكاسات هذه العلاقة على الاقتصاد، وعلى العلاقات بين المنتجين والمستهلكين، وبين السعر والقيمة، لذلك يجب التفكير بأشكال اقتصاد السوق التي وجدت حتى الآن وتحديد ماالذي نريده نحن منها، خصوصاً إذا عرفنا أنها ظهرت بأربعة أشكال:
1 ـ الشكل الأول: اقتصاد السوق الحر الذي لم يعد موجوداً منذ القرن الـ19 وانتهى مع ظهور الرأسمال الاحتكاري، وكان يتميز بالعلاقة العفوية بين العرض والطلب.
2 ـ الشكل الثاني: الرأسمال الاحتكاري لاقتصاد السوق، وفيه جرى تراكم بالسعر من خلال التحكم بالعرض والطلب، وعرف في تلك الفترة مايسمى «السعر الاحتكاري» وساد هذا الشكل في بدايات القرن العشرين.
3 ـ الشكل الثالث: وقدمته ثورة أكتوبر الاشتراكية، وذلك عبر التحكم بالعرض والطلب لصالح المجتمع، وهذا شكل هام جداً من الناحية التاريخية إذ استطاع السوفييت أن يضبطوا السعر، بحيث صار مجموع الأسعار يساوي مجموع القيم، وهذا مكنهم مثلاً، أن يخفضوا أسعار ملابس الأطفال وألعابهم وأسعار اللحوم والأغذية تحت قيمتها، ويرفعوا أسعار الفودكا والمجوهرات فوق قيمتها. هذا اقتصاد سوق، إنه الاقتصاد الاشتراكي السوفييتي.
4 ـ الشكل الرابع: اقتصاد السوق المشوه ويسود في البلدان النامية، وهو مزيج بين الشكلين الثاني والثالث، إذ يجري الحديث و (الادعاء) عن تبني الشكل الثالث، بينما يطبق عملياً الشكل الثاني، فجهاز الدولة البيروقراطي الذي يدعي التحكم بالسعر لصالح المجتمع، يقوم بإحداث خلل مصطنع بين العرض والطلب لمصلحته الخاصة، ولمصلحة من يتواطأ معهم في السوق.
من هنا، يجب البحث عن شكل جديد للدولة، لأن اعتماد الشكل الرابع المشوه أوصل معدلات النمو إلى الصفر، ورفع معدلات الفساد إلى حدها الأعلى، وكذلك الفاقد الاقتصادي، وجرى توزيع سيئ للثروة. لذلك فهذا الشكل استنفد نفسه، وسمح لبعض القوى أن تتشدق بالمطالبة والعمل (للانعطاف) إلى اقتصاد السوق بشكله الأول بدعم (معولم)، وهو شكل لايمكن تطبيقه مع تفاقم أزمة الرساميل الكبيرة، ولا أحد يستطيع تخمين آثاره الوخيمة علينا.
إذن يتوجب علينا أن نرسم ملامح جديدة لاقتصاد السوق ولدور الدولة في ظروف بلادنا، وهذا يحتاج إلى نقاش عميق وجدي وأخذ ما يلي بعين الاعتبار:
1 ـ تأمين نسب نمو عالية للاقتصاد الوطني.
2 ـ إيجاد دور جديد للدولة يسمح لرفع وتائر النمو من 7 ـ 10% وهنا يجب الانطلاق ليس مما هو ممكن، بل مما هو ضروري للأمن الوطني بمعناه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يجب إلغاء الفاقد الاقتصادي الذي يصل إلى أكثر من 20% لدى المتفائلين و 40% لدى المتشائمين. والفاقد الاقتصادي نوعان: 1 ـ فني: سببه تخلف بنية الدولة وقوانينها. 2 ـ تجاريك سببه النهب.
3 ـ الدور الاجتماعي للدولة، وخاصة في مجال التعليم، لأنه أحد مجالات الاستثمار الهامة والبعيدة المدى.
إن تعقد العملية الاقتصادية والاجتماعية يتطلب من الدولة دوراً تدخلياً للمحافظة على التناسبات الأساسية في الاقتصاد الوطني، وعدم ترك المسألة لقوى السوق، لأن هذا يعني الفوضى والخراب.
فالنمو يحتاج إلى تراكم وادخار، وبالتالي لابديل عن دور الدولة لتنظيم التراكم والاستهلاك وضبط قضايا الأجور والأرباح.
إن مصلحة الشركات العابرة للقارات تتناقض وتتعارض مع الدولة الوطنية الممسكة والضابطة للتناسبات الوطنية، لذلك تسعى إلى إلغاء كل دور لها، وهذا خطر كبير يجب التنبه له، والسعي لخلق وصياغة دور جديد للدولة قادر على مواجهة التحديات.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لمى مروان تا?مر حسين بن محفوظ بفتح محادثاته الخاصة ????
.. تركيا.. المعارضة في مواجهة انتخابية جديدة على رئاسة البلديات
.. بوتين: إذا زود الغرب أوكرانيا بمقاتلات إف-16 فستسقطها روسيا،
.. مليار وجبة طعام كانت تنتهي يومياً في سلات النفايات خلال عام
.. جورج خباز: لا خوف على الفنّ في منطقتنا اليوم، فالفنّ يولد من