الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القتلة في سورية هدفهم الحصانة

قصي غريب

2012 / 2 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


إن القمع السياسي ، والتردي الإقتصادي ، والإختناق الإجتماعي الذي أصاب الشعب السوري من قبل النظام الشمولي الإستبدادي الطائفي الحاكم بالقوة المفرطة الغاشمة قد أدى إلى انسداد الآفاق وانغلاق المسارات أمامه ؛ مما خلق عدم مواكبة بين حركته وأشواقه إلى الحرية والكرامة والحياة الأفضل ، وبين سياسة النظام الطائفية المبتذلة التي نتج عنها تفرعات بإتجاه أطر غير محسوبة ومسيطر عليها من قبله تمثلت باندلاع انتفاضة شعبية في 15 أذار2011 عمت أرجاء سورية تطالب بإسقاطه وإقامة دولة القانون والمواطنة.
ولكن من أجل البقاء في السلطة إلى الأبد اتخذ النظام الإستبدادي الطائفي خيار الحل الأمني والعسكري وسيلة لمواجهتها على أمل إخمادها ووأدها ، وبما أن بقاءه في السلطة مرتبط ومرهون بالعامل الخارجي ، ولدحض حق الشعب السوري بالحرية والكرامة والحياة الأفضل مثل البشر الأسوياء ، ولتضليل الرأي العام العربي من أجل الوقوف إلى جانبه تفتق ذهنه الباطني الرث عن أن استخدام وسيلة العنف السادي والقتل المفرط الوحشي ضد الشعب السوري الثائر ستدفعه إلى طلب الحماية والتدخل من قبل المجتمع الدولي من أجل إنقاذه ، وأن هذا الطلب سيثير حفيظة الرأي العام العربي المكلوم بالتجربة المرة لإحتلال العراق - والتي حالته تختلف جذرياً عن الحالة السورية حيث قامت الولايات المتحدة باحتلاله من أجل إخراجه من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي - ومن ثم ستدفعه إلى استهجان الطلب الشعبي السوري ؛ والوقوف إلى جانب النظام الإستبدادي الطائفي وتأييده ، وتطبيقاً لهذه السياسة الباطنية الرخيصة فقد قام باقتراف الجرائم الفظيعة ضد الشعب السوري وثائريه مما دفعهم دفعاً مرغمين إلى طلب الحماية والتدخل من قبل المجتمع الدولي ؛ ولذلك فإن البعض من هذا الرأي العام العربي المغفل والمضلل قد أعرض عن الإنتفاضة الشعبية السورية ومطالبها الحقة ، ونسى ما قام به النظام الإستبدادي الطائفي من انتهاكات وفظائع منهجية وجسيمة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ؛ والتي تعد بمثابة جرائم ضد الإنسانية أدانها مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة ، وأكد على أهمية محاسبة المسؤولين عنها ، والحاجة إلى وضع حد للإفلات من العقاب منها ، ومع ذلك فقد وقف الجهلة المغفلين والمضللين منهم مع بعض أدعياء الإنتماء إلى التيار القومي العربي - وخاصة منهم أصحاب الهويات الثانوية المتخلفة التي تعيش خارج العصر ، فضلاً عن أدوات وحلفاء المشروع الطائفي في المنطقة - وتبنوا وجهة نظر النظام الإستبدادي الطائفي الذي يدعي المقاومة الوهمية والممانعة المزيفة التي تقوم على وجود مؤامرة أميركية صهيونية ضده ، وأعلنوا تضامنهم معه تحت شعار رفض التدخل الأجنبي في سورية ؛ من منطلق أن هناك مؤامرة أميركية صهيونية لإسقاط نظام المقاومة والممانعة ، وبدأوا يحرضون بأسلوب غوغائي على قتل الشعب السوري الذي غدا عندهم ( عميل ) لأميركا وإسرائيل ، في حين أن النظام الإستبدادي الطائفي الذي سلم الجولان من دون قتال ، وتاجر بالقضية الفلسطينية وخذلها ، وذبح الفلسطينيين ؛ قد أصبح عندهم أكثر وطنية وقومية ، وأحرص على سورية والقضية الفلسطينية من الشعب السوري ، ونسوا أن المذابح والفظائع التي اقترفها وما زال يقترفها ضده والتي وصلت الى جرائم ضد الإنسانية كانت وراء أسباب طلب الحماية والتدخل من المجتمع الدولي من قبله ، ويعد هو المسؤول الأول عن استجلاب التدخل الخارجي المرفوض أساساً في الثقافة الوطنية السورية ، وليس الشعب السوري الذي ما زال يذبح بدم بارد أمام ضعف وعجز عربي وتخاذل وتردد دولي مع سابق الإصرار.
وفي سياق استخدام العنف السادي والقتل المفرط الوحشي من قبل النظام الإستبدادي الطائفي ضد الشعب السوري وسيلة من أجل البقاء ؛ فإنه بعد الفيتو الروسي الصيني لصالحه يقوم وبشكل محموم بالحملات العسكرية ، والإيغال بارتكاب مجازر دموية منهجية في المدن والمناطق السورية الثائرة ؛ وخاصة في مدينة حمص - العمود الفقري للإنتفاضة الشعبية - ، ويعود سبب ممارسة هذا السلوك الدموي من قبله لتحقيق عدة أهداف يأتي في مقدمتها : أنه ما زال يراهن على الحل الأمني والعسكري في قمع ووأد الإنتفاضة الشعبية ، فأضغاث أحلامه قد صورت له أن إخماد الإنتفاضة في مدينة حمص - عاصمة الثورة - قد تؤدي إلى إخمادها ووأدها في كل أنحاء سورية ، كما أنه قد حسب أن الإيغال في العنف السادي والقتل المفرط الوحشي - وخاصة في المناطق الساخنة للإنتفاضة ، وارتفاع عدد الضحايا والدماء التي تسيل فيها - قد يؤدي الى انتشار حالة القنوط واليأس بين الثائرين ، وازدياد التململ بين الأهالي ، ومن ثم يدفعهم هذا الوضع إلى القبول بأي حل ، والأهم من كل ذلك فقد أصبحت لديه قناعة راسخة بأنه لم يعد مقبولاً وطنياً ، وإقليمياً ، ودولياً ، ولذلك من أجل الخلاص وإنقاذ نفسه ، والحفاظ على سلامته ، وخاصة إنقاذ عائلة الأسد ، فهو يراهن بأن الإفراط بالقتل المنهجي قد يجبر الشعب السوري - الذي يذبح وينزف ويقف وحيداً في هذه المواجهة الصفرية ، وكذلك الجامعة العربية المهتمة بحل الوضع السوري ، فضلاً عن المجتمع الدولي بأن يكون جزء من الحل السياسي في سورية ، حيث يعتقد أن الإيغال في العنف السادي ، والقتل المفرط الوحشي سيجبر الشعب السوري ويدفعه إلى الرضوخ لشروطه ؛ ولاسيما تحقيق هدفه الذي يقوم على أنه لن يتخلى عن السلطة ويسلمها إلا بالحصول على حصانة كاملة من الملاحقات القانونية والقضائية له تبعده عن أي مساءلة جنائية في المستقبل ، بحيث يمنح بشار الأسد وعائلته ومن عمل معهم - في جميع أجهزة ومؤسسات الدولة المدنية ، والعسكرية ، والأمنية خلال حكمهم - حصانة من الملاحقة القانونية والقضائية ، ويعد هذا قانون من أعمال السيادة ، ولا يجوز الغاؤه أو الطعن فيه ؛ على غرار منح الحصانة ضد الملاحقة القانونية والقضائية التي حصل عليها حاكم اليمن المستبد علي عبد الله صالح ومن عمل معه خلال مدة حكمه من أجل التخلي عن السلطة بناءاً على المبادرة الخليجية.
وفي هذا الشأن وبلقاء مع فضائية مصرية " سي بي سي " قال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي : ما هي المشكلة في أن يعطى بشار الأسد ضمانات ويرحل عن السلطة ؟.
وعليه فإن استخدام العنف السادي ، والقتل المفرط الوحشي من قبل النظام الإستبدادي الطائفي ضد الشعب السوري الثائر الهدف منه الحصول على ضمانات قانونية وقضائية له ؛ مقابل التخلي عن السلطة ، ولكن انطلاقاً من تحقيق العدالة ، والوفاء لدماء الشهداء ، ودموع الثكالى والأيتام ، وعذابات المعتقلين يجب أن يقدم كل من أراق نقطة دم من الشعب السوري واستخدم العنف والقتل ضده الى المحاكم الجنائية ، فلا بد من محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ، وعدم القبول بإفلاتهم من العقاب ، ويأتي في مقدمة الذين يجب أن يحاسبوا : بشار الأسد - لأنه المسؤول الأول عن كل الجرائم كونه رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة – ومعه كل أركان نظامه من المدنيين ، والعسكريين ، والأمنيين الذين استباحوا حرمة الشعب السوري العظيم بوحشية حيوانات الغابة المفترسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف