الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الطريق إلي مصر البدوية

فرانسوا باسيلي

2012 / 2 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التطهير العرقي - أي إبادة شعب بسبب اختلافه الديني أو العرقي - يبدأ دائمأ بالتهجير الجماعي له، وهذا ما فعلوه بالأقباط في العامرية بمصر، بعد أن فعلوه بالأقباط في عدة قري أخري في عهد المجلس العسكري.
جلسات الصلح العرفي التي قام بها السلفيون في العامرية بالاسكندرية، التي كانت عروس البحر الأبيض المتوسط وأصبحت عاصمة السلفية المستوردة إلي مصر، علي اثر ما قيل أنها علاقة بين رجل مسيحي وامرأة مسلمة، هي مصاطب بدوية لا تليق بمصر ولا بأي دولة حديثة، ولم تكن موجودة في مصر منذ سعد زغلول إلي عبد الناصر، ولم تظهر إلا بعد غسيل مخ المجتمع المصري من قبل الاخوان ثم السلفيين..مصر في ظل هؤلاء تخرج من العصر تماما بل تخرج من جلدها لأن مصر - قبل الاخوان والسلفيين كانت دائماً - منذ مينا موحد القطرين - دولة قوية بها قانون وقضاء محترم وليس مصاطب الإرهاب والتهجير الجماعي الإجرامي.
أسفرت هذه الجلسات الجاهلية عن إجبار ثمانية عائلات قبطية بأكملها، برجالها ونسائها وشيوخها وأطفالها - ومعظمهم ليس لهم علاقة بالموضوع أصلا ولكنهم فقط أقباط، تحت التهديد السافر بما هو أشد - علي ترك بيوتهم ومتاجرهم وأملاكهم والرحيل عن مسقط رأسهم إتقاء لشر من قاموا "بالصلح"، هذه الجريمة ضد الانسانية وقعت تحت سمع المجلس العسكري وبصره وبمعرفة ضابط شرطة مسؤل، وبعد عشرة أيام علي هذه الجريمة ما زال المجلس العسكري يتجاهلها تماما وكأنها قد حدثت في بلد لا علاقة له به. كما لم يقم مجلس الشعب بقبول طلب التحقيق في الحادثة المقدم من قبل بعض الأعضاء الليبراليين واليساريين.
هناك دائما تبريرات بائسة لكل جريمة، وهل علاقة بين رجل وامرأة ناضجين وليسا قصرا، حتي إن صحت، وهناك شكوك حول هذا، يعني أن نقوم بتهجير عائلات قبطية بأكملها من القرية أم نطبق القانون؟ علينا أن نختار إما أن تكون مصر دولة قانون أو عزبة لعصابة مافيا كما كانت في عهد المخلوع، ولكننا في عهد الثورة وهو ما يجعل الموضوع أكثر بشاعة وخطراً. إن لم يقوم المجلس العسكري بمسئوليته بالتحقيق الشفاف وتقديم المتورطين في جريمة التهجير الجماعي للأقباط وجرائم حرق وهدم وسرقة متاجرهم إلي المحاكمة وتطبيق القانون فعليه وحده تحمل نتائج اهماله الجسيم الذي يجعله مشاركا بالصمت في جريمة ضد الانسانية.
هل أصبحت مصر دولة دينية؟ لاحظ أن الصفة التي يوصف بها الشيخ حافظ إسماعيل المرشح لرئاسة الجمهورية المصرية، هي المرشح السلفي. أي أن هويته الدينية هي أهم ما يميزه..هل كان سعد زغلول يقال عنه "المرشح السني"؟ هل كان مكرم عبيد يقال عنه النائب القبطي؟ لا. هل تعرفون ماذا كان لقب مكرم عبيد؟ إنه "المجاهد الاكبر". مصر الدولة تتحول إلي دولة دينية بعد أن تسبب السادات و مبارك المخلوع في تحويل المجتمع المصري إلي مجتمع متهوس دينيا.
هل أصبحت مصر دولة دينية؟ الشيخ حسان يطلب عدم أخذ معونات خارجية، هل أصبح مستشارا سياسيا وإقتصاديا أيضا؟ هل سيقوم الدعاة برسم سياسة مصر الخارجية؟؟ هذا ما حذرنا منه ولم يستمع المجلس العسكري المتواطيء مع أحزاب الاخوان والسلفيين. هذا طريق منحدر يؤدي إلي هاوية الدولة الدينية وهي هاوية مظلمة، لا أريد الشيخ حسان ولا البابا شنودة أن يتدخل في السياسة وكل الدول الديمقراطية تفصل بين الإثنين ومشكلة مصر أنها علي الطريق الذي يؤدي إلي الدينوقراطية وليس الديمقراطية.
أنا لا أناقش جدوى دعوة الشيخ حسان وهو ليس أول من دعا إليها و شخصيا أنا متفق مع الفحوى ولكن المسألة هي في المبدأ، أدعو أن يلتزم رجال الدين بالدعوة الدينية فقط وأي خلط بين الدين والسياسة يفسد كل شيء لأني استطيع أن أقول للسياسي أن فكرته خطأ ولكن حين تقول هذا للداعية يبدأ في تخويفك بنصوص مقدسة يدعي أنها تؤيد فكرة وتجد نفسك أصبحت فجأة عدوا للدين وليس مختلفا مع فكر سياسي، هنا تكمن الخطوره، لو ترك الغرب الحبل علي الغارب لرجال الدين ليتدخلوا في السياسة أو الاقتصاد، لما تقدم أو تحرر، هذا درس لا نتحمل أن ننساه وإلا لن تتقدم مصر في هذا القرن.
أنك لو قبلت أن يفتيك رجل الدين في شأنك السياسي أو الإقتصادي فعليك تحضير نفسك عندما يقول لك أنه إذن المؤهل لأن يحكمك ويحدد لك ماذا تأكل وماذا تشرب، ماذا تلبس وماذا لا تلبس، كيف تسافر ومع من تسافر ولا تسافر، كيف تدخل المرحاض وكيف تخرج منه، هل تخرج المرأة للعمل أم تجلس في البيت، هل تعمل بجانب الرجل أم من وراء حجاب، من هو المسلم الصالح ومن هو المسلم المارق الذي يطبق عليه الحد، كل هذا وأكثر هو ما ينتظر من يسلمون رقبة حريتهم لرجال الدين الذين يريدون إستعباد خلق الله بدعوى أن لديهم توكيلا حصريا بتفسير النصوص المقدسة والتحدث بإسم السماء. إن كانت العبوديه لهؤلاء تستهويكم فهللوا لها إذن فهي قادمة إن لم تعوا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إستثمروا طباع المصريين
Amir_Baky ( 2012 / 2 / 14 - 10:43 )
التدين سمة المصريين منذ الفراعنة. بنتيت الحضارة الفرعونية و الأهرامات بناء على إعتقاد دينى للبعث و الخلود. المصيبة أن الفراعنة لم يكونوا متعصبين لديانتهم ولكن المصريين المعاصريين متعصبيين جدا للدين بل وللكرة أيضا. فهل مجزرة بورسعيد ستحل بالجلسات العرفية؟ أم بالقانون؟ مصر تدفع الآن فاتورة تجاهل القانون فى مشاكل الأقباط. وها هم يتذوقون من نفس الكأس (كأس التعصب) فى حادثة بورسعيد. فالأقباط يتم حرق منازلهم و سرقة مواشيهم تحت مسمع الداخلية و يتركون الجانى ينهى على ضحيته ثم يتدخلون فى جلسات عرفية يتنازل الضحية عن حقوقة و يترك الجانى حر طليق ليكرر جرائمة ولا يقبض علية أحد. فمن الواضح أن هناك مصدر واحد يستقى منه السلفيون و نظام مبارك أفكارهم العرفية. ومن الواضح أن ظلم الضحية عقيدة راسخة فى مفهوم الجلسات العرفية. النظام البدوى الظالم من جلسات عرفية هو آفة المجتمع المصرى. باع مبارك مصر للإخوان و السلفيين ليتركوه لنهب البلد فتوغلوا فى الشرطة و الجيش ليدمروا مصر بثقافات وافدة.

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س