الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مايك

خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)

2012 / 2 / 14
الادب والفن


ثم استلقى بمقعده فيما القطار يهوي مسرعا.
كان وسيما بعينين زرقاوين كالبحر وشعر أصفر، نظرت إليه بإعجاب و هويغطّ في نوم عميق .
ً ما أجمل هذا الإنسان إذ رغم تعبه الشديد ، جاء إلى موعد هذا المكان البعيد ،بل و بعد انتهاء حصة العمل انتظرليستقل معي نفس القطار ، كان الأجدر به أن يغادر في القطار الذي مضى حتى ينعم بشئ من النومً .
قفز مايك لدى توقف القطار ، أدركت حينها تعبه العميق ،إذ جاء إلى موعد العمل بعد خمس ساعات من وصوله بمطار ًهيثروً فقط، ناهيك عن رحلته الجوية التي استغرقت سبع ساعات و هي تنطلق من الولايات المتحدة الأمريكية ً .
جاء متأخرا هذا الصباح وبدا باهت اللون ،شاحبا يحمل زجاجة ماء معدني ، يتثاءب بين الحينة و الأخرى فطرأ بذهني لا شك أن السهرو استخفافه باللّحظة جعلاه يتثاءب مرتين أثناء حصة العمل في حضورنا أنا و الزبون .
لم يسبق لي أن رأيت طبيبا من هذا النوع ، إذ طلب من المريض أن يقترح طريقة العمل و أن يبدأ الزبون الحصّة كيفما شاء ،ممّا جعل المريض أكثر تحفُّزا و شرع في الحديث عن آلامه و كابوسه مع الأرواح الشريرة .
ارتبك المريض بعض الشئ ، إذ أن معالجة هذا الموضوع أو حتى التطرق إليه يبدو خارجا عن إطار التحليل و الطبّ النّفسيّين ، فغالبا ما يعتبر الأطباء أن الموضوع الروحي من هذا النوع إنما هو إحدى الأمراض العقلية ليس إلاّ.
عرّف الدكتور نفسه كونه على اطلاع بهذا النمط من المشاكل ، إذ سبق له و أن اشتغل مع مرضى يعانون من نفس الأعراض ،و بطريقة ما تَشجَّع المريض و استرسل في الحديث.
كان الدكتور يسجل كل شئ في أوراق أخذها معه ، و لم يقاطع المريض بل تركه ليكمل الحديث . عبّر الطبيب عن آرائه الخاصة أثناء الجلسة و أعطى رأيه في نموذج شبكة العلاقات التي يحتاج إليها المريض تحديا لعزلة السجن التي يعيشها في زنزانته الإنفرادية.
بعدها حدثني مايك في الباص عن رحلته مع المنظمة التي يُعَدُّ أحد رؤسائها. فهي منظمة تعنى بضحايا التعذيب في بلدانهم الأصلية.
شيء ما سرقني من هذا الحديث فتهت في التفكير إذ ما الذي يفعله رجل جميل لا يستحق سوى أدوار البطولات بأفلام هوليوود، بين حطام من بشر ذُ ل و أُهين في وطنه ، ثم أخذ الدكتور يعبث بتلفونه الخاصّ ليخبرني أنه يريد معرفة نتيجة السهرة التي نظّمها بً نيو جيرزي ًالبارحة .
لقد قدم الدكتور الوسيم مايك من الإحتفال الخيري بأمريكا مباشرة إلى حصّة هذا الصباح ليتساءل كم جمعت السهرة من مال سيعود ريعه كله إلى المنظمة الخيرية التي أنشأها قبل سنوات تخفيفا عن المظطهَدين فوق الأرض.
شعرت بفرح عميق و أنا أصافحه قائلة:ً أنا في غاية السعادة هذا اليوم ً.
ثم تركته بالقطار و مضيت في الطريق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية


.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-




.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني