الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة حول فيما سبق وفيما حدث وفيما سيأتي فأفيقوا يا شعب مصر

فيفا صندي

2012 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


"""" إنه الجهل وقبله غياب الوازع الأخلاقي والانحطاط السلوكي هو ما وصل بنا إلى ما نعيشه اليوم.. استسلام العقل للأفكار الجاهزة والإعلام الفاسد.. والانسياق وراء الخبر حتى الملفق منه جعل منا طعما سهلا وأداة مسخرة لتدمير أوطاننا دون وعي منا، والمضي بها إلى نفق مظلم. وكما يقول بعض العقلاء نريدها ثورة فكر، فأين الفكر من كل هذا؟ """""

وفى بداية القول، أقول:

كثيرا حلمت بمصر منذ صغرى.. مصر الجميلة والمصريين الذين علموا الدنيا أدبائها وفنانيها، كان أبى وأمي وأهلي يتسابقون لحضور حفل عبد الحليم حافظ عندما يأتى للمغرب لأنه من مصر، تعلمت وتعلمنا اللهجة المصرية من بسمة إسماعيل ياسين وصوت حليم عندما كان يغنى للمسيح "يا كلمتي لفي الدنيا"، فهل حقا كلمة الحكمة لفت مصر بطولها وعرضها وهل سمعها المصريين.. وماذا يصدر الآن عن المصريين..؟
عذرا ، هي فقط بعض أوجاع علامات الاستفهام التي للأسف نعرفها أجابتها مسبقا، لكن لابأس من إعادة طرحها ، ربما تصادف عقل سليم يحب مصر.!
ليس عندي شك فى أن الجميع يحبون مصر ويقدرون دورها الحضاري والإقليمي والريادي بالشرق الأوسط، وكم ابهرنا شبابها حين خاض قضيته بإيمان وحرر مصر من قبضة نظام قاسى ومستبد، نعم تم التحرر، وضع رموز النظام كله فى قفص المحاكمة، وبقى السؤال الأخطر.
ماذا نريد نحن من أوطاننا.. هل نريد أن نرتقي بها ونحقق فيها العدالة والحرية التي نتغنى بها.. أم نريد أن نرجع بها إلى الخلف وننساق بغبائنا وراء الفتن والكره المدسوس.؟
لماذا هذا الصراع الدائم بين مسلمي وأقباط مصر.. لماذا يتزايد بشكل ملفت للنظر هذا الانشقاق بين شقي مصر في الآونة الأخيرة؟

وفى ثاني القول، وجع المعرفة حين نعرفها، وأقول:

دعونا نفكر بـ عقل وتأني.. بنظرة شامله لبطون الكتب عبر التاريخ نجد أن المسلمين والأقباط، كانوا متعايشين مع بعضهم البعض في أمان وسلام ومحبة.. وحتى نحن في الدول المجاورة لم نكن نسمع أبدا ولا حتى نعرف أن هناك فرق بين مصري ومصري على أساس هذا مسلم وذاك مسيحي. فجأة صار هناك فتن وتهم متبادلة تحولت لـ كره وحقد وحرق وقتل.. لماذا..؟
ماذا يريدون من مصر.. وماذا يريدون أن يفعلوا بها؟
الموضوع أكبر بكثير من مجرد فتنة.. الموضوع فكرة تقسيم، وأشم رائحتها" كما صار بلبنان وتقسيمها وتصنيف شعبها على أساس عرقي وديني"، والمصيبة الأكبر أن الكل يشم رائحتها.. ومع ذلك الناس منساقة وراء الأخبار الكاذبة، والفتن المدسوسة، والإعلام الفاشل والانتهازي، وكأنه سحر معمول لشعب مصر بغسيل الدماغ.!
فى حالة الحماسة والغل الدفين بين شقى مصر قد تناسى شعب مصر إن التسامح الإسلامي قد كرس التعايش والدمج السلمى بين جميع المذاهب والملل الدينية لغير المسلمين فى المجتمع الاسلامى، وان من قام ودعم وساهم بشكل كبير فى المشاركة في البناء الثقافي والحضاري الاسلامى هم المسحيين من أهل الشام ومصر.
وتبقى قصة المحبة والسماح والإخاء بمفهومها الإسلامي والمسيحي خير نموذج يمثله شعب مصر بشقيه المسلم والمسيحي، فقد حرر المسلمين المصريين أخوانهم المسيحيين المصريين من الاضطهاد الروماني وكان هذا تحت راية وحدة تراب مصر الذي لم يمسها الوالي العربي على مصر وقتئذ، وعندما نطق المصريين باللغة العربية التي أصبحت الوعاء الثقافي للجميع"مسلم ومسيحي" مما صنع نوعا من التصور والوعي والتفكير المشترك بين الطائفتين.
ولا أحد ينكر وقوف الكنيسة المصرية ضد عمليات التبشير والتذويب الأوروبي التي دفعت بالبابا كيرلس إلى شراء مطبعة ليواجه بها منشورات التبشير الذي رآه خطرا على الأرثوذكسية المصرية والوسطية السنية الإسلامية المصرية، كما وقف بطريرك الأقباط مثل مشايخ الإسلام مع الثورة العرابية عام 1882 في صراعها مع الخديوي توفيق، فضلا على مشاركة المسيحيين كما المسلمين في العمل العام سواء سلبا أو إيجابا، فمنهم من وقف مع الحركات الوطنية المصرية والعروبة والإسلام الحضاري، ومنهم من وقف مع الانعزالية والاستعمار.. وكان موقف كليهما خارج أطار أي طائفية، ولم يؤثر على متانة العلاقات بين بعضهم البعض.
كلها كانت مواقف جعلت من تاريخ العلاقات بين مسلمين ومسيحيين مصر علاقات قوية ومتينة، يميزها التآخي والمحبة والتسامح لعقود عديدة، فلم يكن هناك شيء يفرق مصري قبطي عن آخر مسلم، بل كانوا جميعا مواطنين متساوين فى وطن واحد.

وفى ثالث القول، تكرار الوجع، وأقول:

كان كل ما سبق مرتهن بالعقل والحكمة ونضج المصريين، وأخذهم بالفهم الصحيح لآيات القرآن والإنجيل ، وعندما تغيرت العقلية المصرية لأسباب كثيرة ليس هنا مجالها، لكن أهم ما أسبابها هو ضعف عقلانية الدولة المصرية فانهار ما سبق وبات الأمر مجرد حوادث تمرد يقودها المسيحيين لشق مصر نصفيين، وبدأ هذا في حادث قطار الصعيد بالستينات من القرن الفائت، لتتبلور الأزمة أكثر فأكثر منذ سنة 1972 فقد أخذت المأساة والهوة في الاتساع، وبدأت أحداث الفتنة الطائفية تتكرر بدءاً من حادث الخانكة عام 1972، ومرورا بحادث الزاوية الحمراء 1981، وحادث الإسكندرية 2006 وصولا إلى أحداث 2010 وانتهاء باشتباكات بين متظاهرين أقباط وقوات من الجيش والأمن المركزي أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون بكورنيش النيل "ماسبيرو" والتي أسفرت عن مقتل 30 شخص وإصابة أكثر من 160. هذا غير مذبحة مجلس الوزاء ومحمد محمود وبرو سعيد.
والمتأمل فى تكرار هذه الحوادث بصفة دائمة وبوتيرة سريعة، وما ينتج عنها من تفرقة وترسيخ للعداوة بين المسلمين والأقباط يفرض علينا الوقوف مطولا والتساؤل : الطائفية في مصر.. إلي أين؟
ناقوس الخطر أصبح يدق.. ولم يعد الموقف يستحمل المعالجة بنفس الطريقة الاعتيادية سواء منها التحيز لصالح طائفة دون الأخرى مما يوسع بؤرة الكره أكثر.. أو اختيار الطريق السهل وهو دفن الرؤوس في الرمال دون البحث عن الأسباب الفعلية.. أو محاولة علاجها جذريا واستئصال الخلل بهدوء وتعقل وتفكير دون الانسياق وراء أفكار جاهزة أو إعلام فاسد.
وهو نفس الحال بجميع بلادنا العربية، وكم التبريرات التى يتشدق بها من يظنون أنفسهم بالصفوة ،يقولون مثلا: إنها الأزمة الاقتصادية مع غياب وضعف القوى السياسية وانسداد أفق التغيير الديمقراطي وتأخره "على الرغم ما تعيشه البلاد من حراك شعبي وثورة أطاحت برؤوس النظام" يقولون أن كل ذلك جعل الناس تلوذ بالمسجد أو الكنيسة وخلق مناخ للفتنة التي تحولت إلى عداء مستمر.
لكنني أقول: إنه الجهل وقبله غياب الوازع الأخلاقي والانحطاط السلوكي هو ما وصل بنا إلى ما نعيشه اليوم.. استسلام العقل للأفكار الجاهزة والإعلام الفاسد.. والانسياق وراء الخبر حتى الملفق منه جعل منا طعما سهلا وأداة مسخرة لتدمير أوطاننا دون وعي منا، والمضي بها إلى نفق مظلم. وكما يقول بعض العقلاء بمصر نريدها ثورة فكر، فأين الفكر من كل هذا؟
والخوف الأكبر هو تكرار أخطاء الماضي وهى نفسها أخطاء الحاضر وهى التي قد تتكرر في الغد القريب فأفيقوا يا شعب مصر لأنكم قلب وحامى وناهض لكل آمال هذه الأمة.

وفى أخر القول، أقول:

الخطر بات ينمى ويكبر ويتحرك بين المصريين، وهم مازالوا لا يرونه ولا يصدقون إلا أنفسهم، يتعصبون إن مس أحد هذا الخطر وكأنه مقدس.. عيب المصريين أنهم لا يسمعون إلا أنفسهم .!
وأعود مع صوت عبد الحليم فى أغنيته عن المسيح "ينطفي النور في الضمير وتنطفي نجوم السلام"، ربما هذا هو الحال الآن بمصر.!
ولكنى أرتل:
("ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ"(يوسف :99) - - "مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ" (سفر إشعياء19: 25).
فأفيقوا يا شعب مصر...
وعذرا، إن بدا منى بعض الانفعال، لكن شفيعي أنى أحب مصر، وفيها الأمل وفيها القدوة..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماذا تقصدين
sameh takla ( 2012 / 2 / 21 - 16:14 )
وبات الأمر مجرد حوادث تمرد يقودها المسيحيين لشق مصر نصفيين،
ماذا تقصدين بتلك العبارة هل هى سخرية ام تحليل وتقرير منك ?


2 - sameh takla
فيفا صندي ( 2012 / 2 / 21 - 18:16 )
عزيزى
لا أقصد أي شيء والمعنى واضح فى سياقه، (وبات الامر مجرد تمرد....) الجمله كلها فى صيغة الظن والشك، أو كأن هذا مايقوله مروجى الفتنة من السادة المسؤلين كلما اراد الاقباط حقهم وممارسة حقهم فيخرج عليهم من يتهمهم بانهم يردون شق مصر نصفين.! وهذا طبعا مخالفا للحقيقية.. مصر نسيج قوى ومتين بين مسلميها ومسيحيها واى كلام غير ذلك فى كما الصيد فى الماء العكر.
ولك تحيتي


3 - اشكرك على التوضيح
sameh takla ( 2012 / 2 / 21 - 18:42 )
اشكرك على التوضيح وعلى مشاعرك الكريمة لمصر

مع اطيب التمنيات لك و لشرقنا باكمله و لسكانه جميعا بحياة كريمه و خير و عدل و تقدم و انسانيه ومحبه وقانون عادل يطبق على الجميع

اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست