الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعقلوا.. يا مصريين!

سعد هجرس

2012 / 2 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


الانتقال من الدولة الاستبدادية إلى إرساء دعائم دولة الحق والقانون.. يطرح على جدول أعمال الأمة قضايا على أعلى درجة من الأهمية والجدية.

لكن بدلاً من تشجيع حوار وطنى متحضر، يستهدف التوصل إلى القواسم المشتركة بين فصائل الجماعة الوطنية، بدلاً من ذلك وجدنا إصرارًا من أطراف متعددة على إغراقنا فى جدل عقيم حول أمور لا تستحق وصفها بأقل من أنها تافهة وسخيفة.

من ذلك - مثلاً - تلك الضجة المثارة حول أحقية ضباط وأفراد الشرطة فى إطلاق لحاهم، وهو مطلب عجيب تكفل كاتب إسلامى كبير، بوزن فهمى هويدى، بتسفيهه مستذكرًا موقف الشيخ محمد الغزالى يوم أن صادف شابّا حضر مجلسًا وقد تدلى من فمه «مسواك» ظل يحركه طول الوقت، وهو ما أثار استياء الشيخ فسأله مستنكرًا: ما هذا الذى تفعله؟ فرد الشاب قائلاً: إنه سنة عن النبى عليه الصلاة والسلام.. فقاطعه الشيخ قائلاً والاستياء بادٍ على وجهه: إن «الاستنجاء» سنة أيضًا، «مشيرًا إلى الاغتسال بعد قضاء الحاجة». وكانت رسالته واضحة، وهى أن هناك ملاءمات حتى فى اتباع السنن، وأنه ليس كل سنة تمارس فى أى وقت وفى أى مكان. وبتطبيق هذا المنهج العاقل استنتج فهمى هويدى أن ذلك «يعنى أن التصريح بإطلاق اللحية يمكن أن يعبر عن هوية ليس من الصحى إبرازها فى أوساط الشرطة أو الجيش، حيث قد يكون بابًا لفتن لا يعلم إلا الله مداها».

وضرب الكاتب الإسلامى الكبير أمثلة لهذه «الأمور التافهة» من قبيل الحديث عن مصير المايوه البكينى فى ظل الوضع الجديد، أو تغطية شخص لتمثال فى الإسكندرية، أو وصف أحد قادة السلفيين للتماثيل الفرعونية بأنها «من مخلفات حضارة عفنة»، أو وصف نجيب محفوظ بما لا يليق، أو رفع الأذان للصلاة فى أثناء انعقاد جلسة مجلس الشعب، أو اتهام محامٍ مجهول عادل أمام بازدراء الأديان وصدور حكم بالحبس ثلاثة أشهر على الفنان الكبير ليس إدانة له ولكن بسبب الغياب.

ويمكن أن نضيف قائمة طويلة بغير ذلك من التوافه وسفاسف الأمور، ليس من جانب أفراد ينتسبون لتيار الإسلام السياسى فقط، وإنما من جميع التيارات والمؤسسات والمجالس.
والإلحاح على «تفجير» هذه التفاهات طول الوقت يوحى بأن ذلك لا يحدث فى معظم الأوقات نتيجة ضيق أفق أو تزمت أو تطرف أو ارتباك فى فهم الأولويات، وإنما يبدو - بالأحرى - أن هناك عقلاً جهنميّا يخطط لذلك بهدف التشتيت وحرف الأنظار عن القضايا الجوهرية حتى يتسنى تمرير سيناريوهات بعينها تحت جنح الظلام، بينما الجميع منشغلون بتلك المعارك الوهمية التافهة.

وحتى فى أسلوب تناول القضايا الجوهرية، يجدر بعقلاء هذه الأمة - أو بالأحرى من تبقى فيها من عقلاء - أن يرتقوا بالحوار حولها. وهذا يعنى الابتعاد عن لغة «التخوين» من جهة و«التكفير» من جهة أخرى، فضلاً على لغة السباب والتجريح الشخصى الهابط. وللأسف الشديد نشهد مثل هذا الإسفاف بعد أن قمنا بواحدة من أرقى الثورات التى عرفها العالم، وأكثرها تحضرًا.

لكن يبدو أن أعداء هذه الثورة المجيدة لا يتورعون عن اللجوء إلى أكثر الأساليب دناءة للحيلولة دون تحقيق أهدافها.. والمؤسف أكثر أن يبتلع بعضنا الطعم وينساق وراء تلك المعارك الصغيرة التافهة. فيتحدث اليوم عن حق ضابط الشرطة فى إطلاق اللحية ثم غدًا فى ارتداء الجلباب أو وضع العمامة على الرأس بدلاً من «الكاب».. وكل يوم تقليعة جديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي