الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- الثورة لحظة لا يعلمها أحد - حافظ البرغوثي: - نهاية الدكتاتور مأساوية والدكتاتوريون متشابهون دائما-

توفيق العيسى

2012 / 2 / 26
الادب والفن


هي لحظة ما، منازلة بين الشعب والموت، لحظة يفتح الشعب فيها صدره لكل أنواع الموت، بعد خوف ومذلة، عندها لن يفلح الدكتاتور مهما تفنن وابدع من رد الشعب عن ارادته، قبل عام أو يزيد كتبنا في ذات الصفحة عن تشابه بين بطل رواية " سعيد الاول والواحد والعشرون" لحافظ البرغوثي وحاكم كازاخستان، وكان التساؤل في المقال عمن قرا الآخر، الروائي أم الدكتاتور، خاصة أن تصريحات الحاكم جاءت بعد صدور الرواية بفترة ، وفي ما تشهده المنطقة العربية من سقوط لدكتاتوريات وانكشاف قصص أقرب إلى الخيال، نلمس تشابها بين خيال الروائي وما يروى حاليا، فكان لقاؤنا مع الروائي حافظ البرغوثي رئيس تحرير جريدة الحياة الجديدة، لنرى إن كان تفاجأ بما سمع وقرأ أم لا.
****
* في ظل ما يحدث في العالم العربي وسقوط ديكتاتوريات، هل تفأجات مما حدث؟
- لا لم أتفاجأ كثيرا، لأني عالجت في رواية " سعيد الأول والواحد والعشرون" سيرة ديكتاتور، كيف نشأ وكيف حكم وكيف انتهى، ودائما نهاية أي دكتاتور تكون مأساوية عبر التاريخ، وبالتالي انتهى سعيد النهاية المأساوية.
* عن نشأة الدكتاتور " سعيد". اذا كانت نهاية الدكتاتور واحدة وهي المأساوية، فهل النشأة أو البداية أيضا واحدة أو متشابهة؟
- ظهور الدكتاتور عادة تكون مفاجأة، وغير متوقعة، لو تتبعنا تاريخ أي دكتاتور سنجد أنه يصل إلى السلطة بطرق ملتوية، ويتحكم في البلاد والعباد بطرق ملتوية أيضا ليبقى في الحكم، الصدفة تلعب دورا مهما مثلما لعبته مع القذافي نفسه، وتتهيأ ظروف داخلية أو خارجية لدعمه، كوجود ثروات مثلا يمكن أن يشتري بها ذمم ورضا شرائح معينة من الشعب، ودولا أخرى، مثلما فعل القذافي أيضا، وأردت أن أقول في الرواية إن الدكتاتور لا يصنع نفسه، نحن الذين نصنعه، كما قلت تهيأت ظروف ما اضافة إلى وجود الثروات فيتسابق الناس في مدحه واضفاء الألقاب عليه والكرامات، ومع الزمن يشعر بأنه أصبح فوق بشري، يغير الدساتير يقتل خصومه يفرض على الناس انتخابه كما حدث في كثير من البلدان بنسبة 99.99%.
* في روايتك " سعيد الأول والواحد والعشرون" ونحن كتبنا عن هذا الموضوع سابقا، كان الكثير من فصول الرواية أو المشاهد المتخيلة، حقيقية حدثت في كثير من البلدان، فإلى ما تعزو هذا التشابه؟
- من خلال الأحداث الأخيرة، تفاجأت أن كثيرا من هذه المشاهد التي تتحدث عنها لم تكن خيالا، انكشف لي بعد سقوط القذافي، أن ما يسمى بكتيبة راهبات الثورة، لم تكن مهمتها عسكرية، بل مظهرية ولأهداف شهوانية، تصورت في الرواية أن سعيد الأول أراد تدريب شعبه على الديمقراطية، بأن أجرى انتخابات لاختيار احدى زوجاته، واعتبر أن هذه مقدمة للديمقراطية، واستطاع الادعاء أنه يمارسها، بأن جعل الناس يختارون له زوجته، من طالبات المعاهد والمدارس الثانوية، بهذه الجزئية فوجئت بحديث لاحدى حارسات القذافي في لوموند الفرنسية، وتدعى صفية، فتاة في العشرين من العمر تقول كيف تم اختيارها لتكون محظية للقذافي، حيث حضر إلى مدرستها وكان عمرها 15عاما، فأعجب بها، ووضع يده على رأسها ونظر إلى احدى حارساته التي فهمت الاشارة، فجندت هذه الفتاة فيما بعد وتم تعليمها الرقص وتجميلها لتكون للقذافي، والكثير من هذه القضايا كنت أعتقد أنها خيالية.
* وحتى قبل هذه الأحداث، بعد نشر الرواية، كان لحاكم كازاخستان تصرفات تشبه تصرفات سعيد بطل الرواية....
- سلطان نزار باييف، حاكم كازاخستان، قال لعلماء بلاده وفي البرلمان " لقد دعوتكم أكثر من مرة لاجراء أبحاث علمية لاطالة العمر حتى أواصل حكمكم" فهو هنا يفترض أن الناس يريدونه أن يبقى خالدا، سعيد ذهب إلى أبعد من ذلك، ركز في البداية على أبحاث الشيخوخة، وكان أكثر حرصا من حاكم كازاخستان، وهناك ابحاث علمية تؤكد أن اطالة عمر الانسان ممكنة، ثم استنسخ نفسه على مدى عشرين جيلا، وأقام مركزا لأبحاث الخلود، ومركزا لإستنساخ الروح وليس فقط الجسد، فمن حبه للسلطة وعدم قدرته على تركها، وكان الاستنساخ الجسدي، منه هو على أمل أن يتم استنساخ الروح فيما بعد ويعود جسدا وروحا، وهذا على أرض الواقع موجود، ليس عند حاكم كازاخستان فقط، برلسكوني رئيس وزراء ايطاليا لديه مركز لاطالة العمر وهو يقول أن بوسعه أن يعيش 120سنة، وهو رجل أعمال وسياسة ولديه المليارات ويستطيع ان يصرف على هذه الأبحاث، لكن لم يدر بخلدي أن حاكما سيطلب من الشعب ذلك.
* بهذا يكون قد تجاوز الدكتاتورية بمراحل، إلى الفرعونية...
- سعيد لم يستطع أن يتخيل وهو لا ينجب أنه سيترك الحكم، لذلك أراد أن يستنسخ نفسه إلى مالا نهاية حتى يتم استنساخ الروح.
* ومن ضمن الصور والأفكار المتشابهة قصة الحي الهادئ في الرواية...
- كنت أعتقد انها رشوة المثقفين والكتاب والمبدعين، مجرد خيال، - أي الحي الهادئ- ويحدث في العالم العربي ذلك أن يتم رشوتهم أو تدجينهم عن طريق المال، سعيد أنشأ للمبدعين حيا خاصا لهم اسمه الحي الهادئ، بشرط أن يتم التركيز عليه، أن يكتبوا عنه ويؤلفوا الأغاني والتماثيل ونسبه إلى أحسن الأصول، وغير ذلك، وكثير من الزعماء العرب حاولوا نسب أنفسهم إلى بيت النبي، الملك فاروق مثلا حاول أن ينتسب إلى آل البيت في منافسة بينه وبين الملك عبدالله، صدام حسين نسبوه إلى علي بن أبي طالب، كل هذه محاولات لإضفاء الشرعية الالهية على الحاكم، ويتطوع الكثير من المنافقين مقابل المال والجاه ليكتبوا الكثير من هذه الكتب، بعد صدور الرواية قرأت عن حاكم تركمنستان وهي دولة نفطية على بحر قزوين " قربان محمدوف صابر مراد نيازوف" وكان يسمي نفسه زعيم الترك أو " الترك باشي"، وكان لديه جنون العظمة وعبادة الفرد، فعل كما فعل القذافي، غير أسماء الأشهر وأيام الأسبوع، وأقام لنفسه تماثيل من الذهب في الميادين العامة، ودعا مثقفي ومبدعي دولته للكتابة عنه والغناء له، ومع الأسف كان يكتب شعرا وعلى مدى ساعات يقرأ شعره للناس على شاشة التلفزيون، مثلما كان الأمر في ليبيا حيث الكتاب الأخضر يقرأ على الناس، وكان " ترك باشي" لا يوقع عقدا نفطيا مع أي دولة قبل أن تطبع شركة النفط ديوانه بلغتها وتوزعه في بلادها.
فالدكتاتور عندما يمتلك الثروة، يمتلك قوت الناس، ويخلق حوله طبقة مستفيدين ومنتفعين، ليكونوا أذرعه، ثم يأتي على الطبقة المثقفة، القادرين على التفكير، ليشتريهم ويرشوهم لما يشكلونه من خطر عليه، القذافي كان يعقد مؤتمرات ويدعوا كتابا ومثقفين من كل العالم ليمدحوه ويتكلموا عنه، وهناك العديد من المفكرين العرب الكبار ممن يدعون الثورية والقومية الذين كذبوا على أنفسهم، وتكلموا عن الكتاب الأخضر بكلمات أكبر منه، فما كنت أظنه خيالا وإذ بي اكتشف أنه واقع، ويمارس حتى الآن.
* المجتمع هو الذي يصنع الدكتاتوريات، ولا ينزلون علينا من السماء، هذا يعني أن هناك خللا في ثقافتنا نحن؟
- هناك خلل في الفهم الديني من جهة، وأخرى في الفهم القومي، هناك خطأ في الفهم، الدين يفهمونه قشورا وبطريقة ضيقة، والاجتهادات الدينية تقاتل نفسها، الجهادي ضد الوسطي، الاخونجي ضد الآخرين، مفهوم السلفي يختلف عن الاخونجي، والسلفي الجهادي تتختلف عن السلفي غير الجهادي، وكلهم يدعي أنه يمثل الدين، مأزق الدين لدينا هو أن كل الخلاف هو خارج نطاق القرآن، يتركون القرآن وهو الجوهر وينصبون على تفاسير أئمة ورجال افتاء، وأحاديث، وأحيانا حديث يلغي الآخر، في الفكر القومي، الممارسات التي أساءت لها وحولتها إلى قومية فاشية، كحزب البعث في سوريا والعراق، يتسترون بالقومية ويمارسون عكسها، يضرب رقاب العباد ويفرط بالبلاد باسم القومية، النظام السوري تنازل عن لواء الاسكندرونة عندما هددته تركيا، ولا يطالب بالجولان، ويحكم باسم القومية ويقولون نحن ممانعة، ممانعة ضد من؟ أنت لا تقاتل من أجل الجولان أو الاسكندرونة، هذا الفكر هو الذي يخلق الدكتاتوريات، الناس يريدون فكرة يمشون وراءها، من يحمل تلك الفكرة يمشون وراءه، الناس يريدون التغيير، حماس مثلا قالت أنا أمثل المقاومة، ليلحق بها الناس، وحاليا في غزة لا مقاومة ولا الناس يعيشون بشكل طبيعي، والدكتاتور لا تهمه مصلحة الناس، أي تيار اسلامي يمسك بالحكم يرى نفسه فقط، اذا كنت من جماعتهم فأهلا بك وإن لم تكن فأنت كافر، ولا غضاضة أن يفعلوا بك ما يشاؤون، فالتضييق للمفهوم الديني والقومي أدى إلى ظهور الدكتاتوريات، ولا الدين في جوهره متعصب ولا القومية فاشية، فالقومية تتسع للجميع، والدين يتسع للجميع ولا تضارب بينهما.
* عودة إلى سعيد الأول، سعيد من ضمن صفاته وهي الثقافة فقد قرأ الكواكبي على سبيل المثال...
- هو لم يكن مثقفا، لكنه اضطر لقراءة الكواكبي عندما كان طالبا في الجامعة، لكنه لم يمتلك صفات القيادة منذ البداية، تهيأت له ظروف جعلت الناس تدفعه للأمام، وبالتالي نجح وتعلم، ويشعر أن حياته في خطر إن لم يفعل كذا وكذا فيقدم على خطوات ما، الخطوة الأولى أقتل شخصا تصبح قاتلا إلى ما لا نهاية، اعدم معارضا تعدم بعده الآلاف ولا يرف لك جفن، والدول التي لا تعتمد العنف ضد المعارضة هي الأقل تعرضا للعنف الداخلي، اي نظام يسفك دم معارضيه ستنقلب عليه الأيام ويسفك دمه، فالدم يجر الدم، ولهذا السبب حذرنا منذ بداية الثورات العربية، من عدم الانتقام، حتى لو كان الدكتاتور جزارا وسفاحا، دعوا القانون يحكم، العراق الآن لا يحكمه قانون، لماذا؟!، الثورة ضد الملكيين جاءت بالدم، وبالسحل، وكل الذين حكموا من بعدهم انتهوا بنفس الطريقة، ليبيا الآن مهيأة للدم مع الأسف، تونس خرجت من هذه الدائرة، نجحت بالانتقال خطوة إلى الأمام، وربما لو كانت تونس تمتلك نفطا لتغير الوضع فيها فالتدخل الخارجي يأتي من أجل النفط، فلقد رحمهم الله بأنهم لا يمتلكون ثروة نفطية، بالمحصلة الدكتاتور يصنعه أهله، وكل فرد يساهم في صناعته، لو قيل له لا منذ البدء لما بقي، وهذا كله يعود للثقافة، فالمجتمع العربي ما زال في طور التكوين، تقسيم الوطن العربي كان خاطئا وجاء بمجتمعات جديدة، فرض عليها هوية جديدة، ولهجات جديدة، حتى التداخل بين اللهجات العربية في المناطق الحدودية يؤكد أن هذا التقسيم غير طبيعي، سايكس – بيكو هو تقسيم المنطقة والثروات وخلق مجتمعات استهلاكية تبقى على حالها، ومن يفكر بالنهوض يضرب، ضرب عبدالناصر وصدام حسين رغم دكتاتوريته، وبمساعدة منه أيضا، وقبل ذلك ضرب محمد علي ومشروعه والشرق كله ضرب بالصليبيين فجاء الاتراك على أرض خاوية، فسهل التهامها وتركت مهمشة أربعة قرون، وبعد كل ذلك نجح النظام الاقليمي العربي بترسيخ نفسه، وصار الثراء وطنا للأثرياء والفقر وطن للفقراء.
* ولذلك ضرب أي حراك ديمقراطي ووحدوي...
- في المجتمعات التي تصل فيها نسبة الأمية إلى نسب عالية جدا، الجهل سيد الموقف، الديمقراطية ليست أن تذهب إلى صندوق الاقتراع فقط، هي ثقافة، لذلك الانتخابات في البلدان العربية لا تفرز الأصلح، ينجح فيها ابن العشيرة والغني فاختيار الشخص المناسب هو ثقافة مجتمعية، مصر مثلا سينتخب الناس امرأة لا يعرفونها تضع بدل صورتها صورة وردة، أو انتخبو زوجة فلان، ثقافة الديمقراطية لم تكتسب في اوروبا بين يوم وليلة، ولكن عبر قرون من الفكر والصراع والحروب الأهلية، لتصبح طريقة حياة، ليستطيعوا بعد ذلك أن يفرزوا الأصلح، والسؤال هل المجتمع العربي ناضج لتقبل الديمقراطية؟.
* ما يحدث في العالم العربي لا يمكن أن نسميه ديمقراطية؟
- لماذ تخلى الأميركان عن نشر الديمقراطية في العالم العربي واستبدلوها بفكرة الفوضى الخلاقة، وجدوا من خلال دراساتهم أن أي حراك ديمقراطي حقيقي سيأتي بأنظمة ضد أمريكا ومشروعها، فأوجدوا الفوضى الخلاقة، بدعم مؤسسات مجتمع مدني ليغير المجتمع نفسه، ويدعمون القوة المنظمة الوحيدة وهي الاخوان، طالما اعتدلت ووافقت على شروطهم، كاحترام معاهدات السلام مع اسرائيل، ونبذ العنف وضرب التيارات الجهادية التي لم تستطع أميركا القضاء عليها، فجاءوا بشيوخ مثلهم للقضاء عليهم،على قاعدة لا يفل الحديد إلا الحديد، فكان التحالف مع الاخوان، والفوضى الخلاقة ستأتي لنا بهذه الأحزاب شئنا أم أبينا، فهي أحزاب تاريخيا منظمة تستطيع أن تعمل وتكيف نفسها، هادنت انظمة في السابق وكانت أذرعا لتلك الأنظمة، وشاركت الأنظمة العربية بضرب التيارات القومية واليسارية والديمقراطية، وما ضرنا أن التيار القومي ضرب من قبل القوميين، فاختفى ولن يسمح له بالظهور، لأنه ينشا من خلال الصدام المباشر مع الاستعمار، وانتهوا منه منذ عبدالناصر، الذي كان يمثل القومية الحقيقية.
* الدكتاتوريون متشابهون وتجمعهم صفات واحدة عادة...
- عدة الدكتاتور هو شخص نذل ويقاتل بغيره حتى الموت، ومن صفاتهم انهم انتهازيون يتصيدون الفرص، وعندما يصل إلى الحكم يقتنص الناس، والجبناء والأنذال مثله، لأنهم ينفذون ما يريد، وعند الهرب يهرب وحده، ولا يمتشق السلاح حتى الموت، كل من كانوا حول صدام حسين استسلموا استسلاما، وبعضهم يعرف أنه ذاهب إلى حبل المشنقة، صدام كان حالة أخرى لأنه خدر، القذافي بقي وحده في الشارع وهو يحمل مسدسه، الذي لم يقاتل به، لأنه لا يؤمن بقضية، ويناضل من أجلها، فالدكتاتور نذل يحيط نفسه بانذال مثله ويوجد متوالية من الأنذال، وأمام الشعب تكون لهم رهبة وهيبة من الزعيم وحتى المخبر..
* وهذا موجود أيضا بالثقافة الشعبية الخوف من رجال السلطان والرهبة منهم..
- عندما كنا نسافر إلى مصر كنا نعرف أن كل من نلتقيهم هم مخبرون حتى سائق التاكسي، والزبال والحارس، ولكن كل ذلك لم يشفع للنظام، فكثرتهم لا تعني حماية النظام، في لحظة من اللحظات لا يعلمها الا الله يخرج الشعب ويثور، قبل الانتفاضة الفلسطينية الأولى كان مجرد مرور شرطي عربي يحمل نجمة داوود يرهب رام الله كلها، في ليلة من الليالي قام الناس وفتحوا صدورهم للموت، وهكذا حدث في تونس ومصر وليبيا و سوريا وغيرها، فحركة الشعوب غير متوقعة،ولكن كيف تفرز هذه الحركة شيئا ايجابيا وديمقراطيا،هنا يكون التحدي، فالحراك الجماهيري لا يمكن تسميته بثورة، بل انتفاضة، الثورة لها قيادة وايدولوجية، وأدوات تنفيذية عندما تستلم تنفذ، والمعضلة العربية حاليا هي ان الشعب بلا قيادات، الصراع الحالي في مصر على القيادات، في تونس قلنا استطاعوا أن ينجزوا لعدم وجود تدخل خارجي مباشر، في مصر هناك تدخلات خارجية، في سوريا يربأون عن التدخل لأنهم يعلمون جيدا أن أي نظام قادم مهما كان عميلا وممسوخا سيفرض عليه أن يكون قوميا، لأن أرض سوريا محتلة، فأي نظام مقبل في سوريا سيطالب بالجولان،
* اذا كانوا يربأون بانفسهم عن التدخل فكيف نقرأ تصريحات أميركا بخصوص سوريا؟
- الولايات المتحدة تريد لسوريا ما لا نريده نحن لها، هم يريدونها مقسمة، ولديهم الخطط، وكذلك يريدون لمصر التقسيم والفتنة، والضمانة في مصر حاليا هو الجيش الذي بقي متماسكا، واذا تقسمت سوريا ستكون كارثة عظمى على المنطقة العربية، ستصل يد اسرائيل حتى لدول الخليج، في الحراك الشعبي العربي تناسوا البعد القومي للجماهير فكان الاتجاه للتيار الديني المتحالف مع الغرب، واستبدال نظام غربي بحزب غربي.
* هذا ما يفسر حالة الفوضى الموجودة حاليا؟
- بعد سقوط أي دكتاتور تنشأ حالة فوضى، عند سقوط شاه ايران قال " سيكون بعدنا الطوفان" وكان طوفانا، زياد بري في الصومال قال نفس الشيء؟، من بعدي الطوفان وكان الطوفان، القذافي وابنه هددوا الشعب الليبي بالحرب الأهلية والنزاعات، وها هي بدأت تظهر بوادرها الآن، في مصر أيضا سيكون، لذلك على القوى أن تكون ذكية، لو كنت مكان الاخوان المسلمين لمددت يدي إلى جميع القوى المصرية للتحالف، وأعتقد أن هناك تيارا داخل الاخوان في مصر يحذر من التوجه للغرب بهذه الصورة، ويحذر من السلطة المطلقة، لأنهم لن يستطيعوا مواجهتها كما لم يستطع الحزب الوطني في السابق أن يواجه المشاكل وحده، في تونس ولأنهم أذكياء بدأوا بتحالفات مع قوى أخرى، لن يستطيع أحد أن يحكم الناس كلها دون تحالفات حتى لو كان حكما ربانيا كما يدعون، الرسول ( صلى الله عليه وسلم)، كان يشاور الناس وهو نبي ورسول.
* منذ حكم بني أمية ومرورا بكل المشاريع العربية من محمد علي باشا وعبدالناصر وحتى الآن، كل هذه المشاريع ضربت، وكان للدكتاتورية دور في تسهيل ضربها، ألم يتعلم الحكام من التاريخ؟
- الجلوس على الكرسي لم أجربه ولكنه يصنع شيئا بالشخص، وهذا ما لم أستطع تفسيره، تخيل حاكم 42 سنة على الكرسي تصور نفسه " ربكم الأعلى" فلن يستطيع أن يتركه، فمهما حاولت كمثقف أو كاتب أن تتخيل، تستطيع تخيل أشياء كثيرة ولكن لا نستطيع أن نتخيل أنفسنا على كرسي، لمدة أربعين سنة، ما هي مشاعر من يبقى بالحكم كل هذه السنوات، لماذا لا يستطيع تركه،
* ولذلك هم يسيرون على ذات الطريق يكررون نفس السيناريو، خطاب بن علي كخطاب حسني مبارك والقذافي وبشار الأسد كلهم قالوا نفس الخطاب...
- هناك سر وسحر في الكرسي لا يعرفه إلا من ابتلي به، لو قال مبارك في خطابه الأول ما قاله بن علي في خطابه الأخير لبقي حتى الآن، ولو قال صالح ما قاله مبارك في خطابه الأخير لبقي أيضا، القذافي قال ليبيا ليست مصر ولا تونس، وكذلك قال بشار الأسد، وسيأتي غيره ليقول جمهورية " قردستان " تختلف عن دولة " سعدانستان" وهلم جرا، لا يريدون أن يصدقوا أنهم بعد كل هذه السنين مكروهون لهذه الدرجة، ما أقوله لا يمكن لدكتاتور أن يدعي أنه لم يرتكب جرائم، فلا بد أنه ارتكب جرائم ليستمر في الحكم، وبالتالي مصيره سيكون مأساويا.
* لماذا اذا أدخلت سعيد الأول الى مستشفى المجانين؟
- رحمة به، انتهى بالصدفة كما جاء بالصدفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا


.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني




.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم


.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي




.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع