الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لحية جيفارا ولحية الاخوان

محمد السيد محسن

2012 / 3 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


منذ انطلاق الاحتجاجات التونسية ومن بعدها المصرية واليمنية والسورية وقبلها الليبية رفعت الجماهير المحتجة والمطالبة بالتغيير صورة تسي جيفارا الثائر الشيوعي والانساني العالمي كشعار لثورتها متأسية بموقف رجل شجاع اتخذ من قضية تحرير الشعوب من الاستبداد اساسا لحياته التي قضاها مناضلا لم يلق سلاحه حتى استشهاده

وبعد انجلاء الموقف ونجاح بعض المحتجين في التغيير مع الاخذ بنظر الاعتبار قيمة النجاح للاحتجاجات التي قام بها الثوار واستكمال ثورتهم الاحتجاجية على انظمة جثمت على صدور قرارات دولهم على مدى عقود نرى ان الموقف انجلى للحية اخرى استبدلها الواقع وفق نتائجه وهي لحية متشددة انها لحية الاخوان المسلمين والمتشددين الذين لايمتون الى ثورات التحرير بشيء بل ولا يمتون الى رؤية الحلم الديمقراطي الذي سعى المحتجون لتحقيقه بشيء

عندها بدأت مرحلة التساؤل عن قضيتين اساسيتين في هذه الثورات وحركة الاحتجاجات التي قام بها شباب وجيل يؤمن بالتغيير اساسا لاصلاح المجتمعات من خلال المناداة بالتغيير للوصول الى الحريات العامة وممارستها على ارض بلدانهم التي احسوا ان ارادتهم مغتصبة طيلة وجود دكتاتوريات متقادمة في بلدانهم …. الاولى هي وقت الاحتجاج والثانية الجهات التي حولت مسارات الثورة لصالحها
فاما الاولى فان المحتجين وجدوا ان الظرف المناسب للاحتجاج هو انتهاز المرحلة والثورة على الطغاة ولكن سرعان ما تمت التدخلات في الثورات كي تستحيل الى ازمة مستديمة في هذه البلدان حيث تحولت الممارسة الديمقراطية الى بوتقة للمتشددين يرمون بها انتهازهم للمرحلة والاستفادة من اخذ حقوقهم المغتصبة طيلة تحدي الدكتاتوريات لهم وابعادهم عن المشهد السياسي ولا نغالي اذا قلنا ان الاسلاميين المتشددين كانوا اعداء للدكتاتوريات وللمحتجين معا فما كان من هذه الدكتاتوريات الا معالجة الموضوع من خلال رؤية استبدال السيء بالاسوأ ومعاقبة هؤلاء الثائرين

كان درسا امريكيا بامتياز بدأ من خلال سقوط نظام بغداد الاستبدادي واحلال اسلاميين شيعة سكن مناضلوهم الاوائل سجون بغداد طيلة عقود ومورس بحقهم وعائلاتهم اشد واشنع انواع التنكيل والتعذيب حتى اذا انجلى الموقف وهرب صدام حسين ورجالاته من القصر الرئاسي ومقرات حزب البعث وصل الى الحكم من لم يناضلوا – ولا اشمل الجميع - وجاء من كانوا يعتاشون على فتات دول الجوار ويتباكون بالام العراقيين التي لم تكن في الحقيقة تعنيهم مثلما يعنيهم الوصول الى سدة الحكم وتنفيذ ما يامرهم به من اووهم طيلة فترة معارضة سلطة بغداد , فاخذوا ناصية الحكم وغيروا تركيبة الواقع السياسي العراقي وحلت الطائفية بدلا من القومية واستبدلت الدكتاتورية الفردية بدكتاتورية فكرية ولم يختلفوا عن نظام صدام حسين فهم لايؤمنون بالاخر ولا يعطون مجالا للتفاعل المجتمعي من خلال البناء وانما من خلال الاجتثاث حلا لابد منه من خلال الانتقام والضغينة التي يحملها هؤلاء الاسلاميون على فترات حكم شمولية فردية عاقبتهم على اعتناق افكار عدها المجتمع هدامة واستفاد منها الطغاة ولم يسمحوا بتسويقها خوفا على عروشهم وليس حبا بنظرية بناء الدولة والمحافظة على نظامها المجتمعي
جائت رياح التغيير بما لم تشته سفن الثائرين فتحولت ثورتهم الى ثورة ارتدادية وصعب عليهم المطال , ففي الوقت الذي ثاروا فيه على دكتاتوريات حكمت بلغة الحركات الانقلابية ترى ان الثائرين يحاربون نتائج الديمقراطية وما اسفرت عنه لعبة صناديق الاقتراع في دولهم بعد التغيير وهم بهذه الحالة وقعوا في تهمة عدم احترام الاحتكام لصندوق الاقتراع لكنهم يستندون الى طريقة التنمية القافزة للعديد من المراحل حيث ان صندوق الاقتراع يحتاج الى تنمية روح المواطنة قبل الدخول في الديمقراطية وبرزت بعد ذلك اشكالية الديمقراطية القافزة دون الدخول في مراحل تنميتها والقفز هنا هو ان الجماهير التي استفاقت في صباح ثوري دون حاكم اسس رؤية استباحية لافكار شعب على مدى اجيال بدأت تطبق نظرية من اعلى هرمها دون المرور بمراحلها التي تمهد لاستكمال دورتها الطبيعية , فهل يمكن ان يقارن المواطن العراقي في وعيه الانتخابي مع المواطن الامريكي وهنا استذكر ما قاله العلامة والمفكر الاجتماعي علي الوردي في كتابه " دراسة في طبيعة المجتمع العراقي " وهو مثال يمكن تطبيقه على الواقع العربي اليوم في رياح تغييره او ما حاول البعض تلميعه فاسموه "الربيع العربي" وهو في الحقيقة كما اسلفنا في مقالات سابقة خريف سيسقط كل اوراق النضج ويضع الشعوب امام حالة اشبه بالتسامي في لغة الكيمياء التي تقفز فيها المادة من الحالة الصلبة الى الحالة الغازية دون المرور بالحالة السائلة , فيقول علي الوردي ان افضل طريقة للتعامل في اية دراسة للمجتمع العراقي هي طريقة ماكس فايبر لان المجتمع العراقي يحاول دائما ان يقدح في طريقة التعامل بين المواطن والحكومة : ويرسم لها ابعاد لاتنفك عن نظرية التامر … الى ان يصل الوردي الى نتيجة مؤداها ان " الطريقة الامريكية فهي غير ملائمة , وقد تورطنا في مشكلات نحن في غنى عنها . ومهما يكن الحال فاننا نرجئ هذه الطريقة الى ان يصبح المجتمع العراقي كالمجتمع الامريكي قلبا وقالبا . وهذا امر بعيد " . والمقصود هنا بلاشك الانفصام عن التاريخ الذي تشتهر به امريكا وحالة التأمرك التي تحاول ان تصدرها الى العالم

اذن نحن مدعوون اليوم لمناقشة القفز على المراحل واعطاء كل ذي حق حقه , فالمواطن العربي يحتاج الى عدالة سياسية خطوة قبل الانصهار في بوتقة الديقراطية وتطبيق افكارها من اعلاها دون المرور بمراحلها التنموية ونحتاج اليوم الى تفعيل روح المواطنة ودخول المواطن في مرحلة الاحساس بالوعي وتطبيق الوعي كي تتأسس لديه رؤية واعية تنظر الى الغد دون العيش في مضمار اليوم والارتكاء الى الماضي في قياس كل همومه واشكالياته وكذلك كي لايتم التحول المجتمعي مستندا الى اشكاليات مرحلية عاشها المواطن . ولا اشك هنا ان هذه افضل حجة بالغة يحتج بها الثائرون في البلدان التي شملتها رياح التغيير والتي الت امور سلطة قرارها للاسلاميين من الاخوان ومن لف لفهم, ونستذكر هنا ما طالبت به قبل ايام نائبة برلمانية مصرية مجلس الشعب المصري للتحقيق بالتمويل الذي يحصل عليه الاخوان الذين اخذوا نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان المصري وصادروا ثورة المصريين وهم لم يشاركوا بها حيث اثبتت ادبيات الثورة ان قيادات الاخوان وحتى قبل تنحي حسني مبارك بيومين لم يكونوا قد قرروا بعد المشاركة بالاحتجاجات ام لا وبرزت اصوات اسلامية في مصر رافضة لطلب النائبة فيما عادت الامور الى ماقبل اكثر من تسعين عام حيث كان الاخوان دائما يرفضون الافصاح عن مصادر تمويلهم , ويحولون اجابتهم المفروضة الى تساول وقح وهو من يمتلك دليلا على تمويل الاخوان من الممكن ان يضعهم في اطار سلبي فليقدمه. وذات المشكلة اليوم هي التي تعطل اصدار قانون الاحزاب بالعراق حيث يجب ان يفصح كل حزب في العراق عن مصادر تمويله ولو باثر رجعي
كلنا يعرف ان الاحزاب في الحقب الماضية كانت تستعين بقواعدها الجماهيرية لدفع بدل للاشتراك في الحزب في العراق او غيره من البلدان التي كانت تحتكم لقوانين ثابتة حيث نص دستور عام ١٩٢٥ في العراق على تحديد مصادر التمويل لكل حزب وذات الامر نصت عليه دساتير الكثير من البلدان التي عانت من رياح التغيير واليوم اختلف الامر حيث اصبحت الاحزاب معنية بقواعدها الجماهيرية من خلال انقلاب جهة الدعم وبات على الحزب ان يمول قواعده الجماهيرية كسبا لها والا فهي ستنتقل الى جهات اخرى
هذه التساؤلات تثير مخاوف الثائرين قبل غيرهم ولكنها تحتاج الى انماء للعقل الجماهيري العربي كي يشارك بفاعلية وقوة في تثبيت اركان الدولة على اسس صحيحة وناجعة وغير هشة

وفي هذه البرهة من حق المواطن المصري مثلا ان يتساءل ولو ببراءة عن دفاع القيادات الامريكية عن بعض الذين حرفوا وعي الناخب من خلال استغلال تواجدهم في منظمات رفعت يافطة الدفاع عن الحرية والديمقراطية لكن التحقيقات اثبتت انهم تدخلوا لنصرة لحية الاخوان على غيرهم وساهموا الى حد مؤثر فاتت نتائج الانتخابات على غير ما توقعها الثائرون الذين احتلوا الشارع المصري احتجاجا اسهم في تخليص مصر من نظام حركة انقلابية امتدت من اقصاء الملكية ولحد تنحي حسني مبارك , كذلك على المواطن المصري والعربي ايضا ان يتساءل عن السبب الذي دفع القضاة المصريين ترك التحقيق في قضية هؤلاء الذين نفذوا خطة امريكية ساهمت في دعم الاخوان للحصول على هذا العدد الكبير من المقاعد في البرلمان المصري والتساؤلات كبيرة ومن اهمها
هل من المعقول ان نأخذ ثورات بشكل جدي تحاول الوصول الى الديمقراطية والحرية وهي مدعومة جهارا من قبل السعوديين والقطريين وهم ابعد ما يكون عن الديمقراطية حيث ان البلدين يمثلان اسفل الهرم في التقييم المجتمعي من خلال حكم العائلة على مقدرات الشعب وارضه وثرواته
هل من المعقول ان نتحفز مع ثورات شعبية تاتي نتائجها الى اسلاميين مدعومين مباشرة من سفارات دول غربية كما هو الحال مع اسلاميي المغرب والتي اشارت تقارير وكالة الانباء العالمية رويترز ان قياداتهم كانت على صلة وثيقة مع السفارة الفرنسية لدى الرباط
انها بحق تساؤلات تجعلنا نبكي على جيفارا رجلا وشعارا ونتخوف من الاخوان لحية وانتهازية









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا على المقال
ناديه احمد ( 2012 / 3 / 1 - 08:09 )
الا ليت اللحى كان حشيشا ... فنطعمها خيول المسلمينا


2 - ولك يا عمي
جورج كارلن ( 2012 / 3 / 1 - 16:49 )
الشعب العربي شعب جاهل لا يفقه شيء إلا حب الهلاك في سبيل حياة مجهولة وعالأغلب مو موجودة. الإنسان الفاشل هو من يتعلق بأمجاد الغزاة الأجداد بالمستقبل الموعود في الجنة, وكلاهما لا وجود حقيقي له سواء الماضي أو المستقبل. ويهرب من الحاضر الملموس والمحسوس . رفع صور ل المناضل غيفارا في معظم البلدان العربية . ( حتى في اليمن هههههه) هي عبارة عن كذبة حاول أن يقنع الناس بها أنفسهم أنهم فعلاً ثوّار ضد الظلم . وما أن تزول هذه الأنظمة حتى يعود معظم الشعب ( الغنم ) إلى حظيرة الإسلام التي لم يتعلّموا غيرها بسياسة قمع وتخويف من عقوبة الله في حال عصيانها . فلذلك ترى أنه لا مشكلة لدى الشعب اليمني في جلد مواطنة أمام العلن فقط لإنها لبست الجينز ولا يعتبرون هذا ظلم بل يهللون ويفرحون مثل القبائل الطوطمية البداية التي تنهال على فريستها من العدو ويوجد نماذج مماثلة في جميع بلدان البعير العربية . كل ما هو معارض للإسلام, من العدل قتله . وكل ما هو اسلامي معارض لغيره هو العدل بعينه . فلا أسف عليهم وسينقرض العرب بإيديهم لا بأيدي غيرهم . واتمنى أن اشهد هذا الحدث أنا قبل أحفادي.

اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير